الاثنين، 12 نوفمبر 2012

الجزائر.ارتفاع حدة التوتر مع المغرب

التقارير والتعليقات التي صدرت بالرباط والجزائر حول جولة المبعوث الدولي للصحراء الغربية كشفت عن ارتفاع حدة التوتر بين المغرب والجزائر بدل تخفيفه والدفع نحو المزيد من التطبيع بين البلدين الشقيقين الجارين اللدودين دون ان تفتح افاق تحريك عملية السلام الصحراوي المتجمدة.
وأنهى كريستوفر روس الممثل الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة الصحراء المغربية، جولته في منطقة المغرب العربي التي بدأت يوم 27 تشرين الاول (اكتوبر) الماضي وشملت المغرب والجزائر وموريتانيا، وزار الرباط والعيون والجزائر العاصمة ومخيمات تندوف حيث التجمع الرئيسي لجبهة البوليزاريو بالاضافة الى نواكشوط.
رسميا، في كل محطاته، اعاد روس تصريحا مكتوبا حول مأزق عملية السلام الصحراوي وفشل المفاوضات المباشرة وغير المباشرة التي اجريت طوال السنوات الاربع الماضية تحت رعايته مع تأكيده على اهتمامه بالاوضاع الانسانية للاجئين الصحراويين في تندوف وسياسيا امكانية ان يساهم في تحسين العلاقات الجزائرية المغربية، لاعتقاده ان ذلك يساهم جديا في امكانية تحقيق سلام للنزاع المتفجر منذ 37 عاما.
واولى المغرب اهتماما للفقرة المتعلقة بعلاقاته مع الجزائر ودور الامم المتحدة في تحسينها التي وردت ايضا على لسان الامين العام للامم المتحدة بان كي مون في محادثة هاتفية مع العاهل المغربي الملك محمد السادس في اب (اغسطس) الماضي، الا ان تصريحات المسؤولين وتعليقات الصحف في البلدين تظهر ان العلاقات تدهورت بدل ان تتحسن.
الصحف المغربية نقلت عن مصادر اعلامية جزائرية ان كريستوفر روس اخبر ممثلي الكتل البرلمانية الجزائرية أنه تباحث مع الرئيس بوتفليقة في ملف العلاقات الثنائية مع المغرب، وأن 'الرئيس عبر له عن قلقه من خطر المخدرات التي تأتي عبر حدودنا مع المغرب، كما ألح بوتفليقة أمام ضيفه المبعوث الأممي على ضرورة تخفيف الطرف المغربي من لهجته الدبلوماسية تجاه الجزائر، وأطلعه على تكثيف تبادل الزيارات الرسمية بين البلدين قريبا'.
ونقلت عن روس انه ابلغ المسؤولين الجزائريين أنه ''غير مقتنع بالطرح الفرنسي والتخوف المغربي من كون تقرير الصحراويين لمصيرهم سيؤدي آليا إلى إنهيار العرش الملكي''.
وتطرق العاهل المغربي الملك محمد السادس مرتين للجزائر في خطاب القاه يوم الثلاثاء الماضي بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء حيث اشار الى محادثاته مع بان كي مون الذي يشجع على تطوير العلاقات المغربية الجزائرية التي كما قال 'ما فتئ المغرب يدعو إلى تطبيعها بما فيها فتح الحدود وذلك في تجاوب مع عدد من الدول والمنظمات الدولية.' الا انه حمل الجزائر مسؤولية مأساة اللاجئين الصحراويين في مخيمات تندوف داخل التراب الجزائري 'حيث يسود القمع والقهر واليأس والحرمان بأبشع تجلياته في خرق سافر لأبسط حقوق الإنسان'.
ووجه العاهل المغربي نداء للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين للقيام 'بحكم مسؤولياتها في مجال الحماية والالتزامات الدولية للجزائر باعتبارها بلد الاستقبال بتسجيل وإحصاء سكان المخيمات تطبيقا لقرارات مجلس الأمن لسنتي 2011 و2012'.
وتداولت وسائل الاعلام المغربية اتهام مسؤول جزائري كبير المغرب بإفشال مساعي التطبيع والتقارب بين الجزائر والمغرب، ووصف الخطاب الذي ألقاه الملك محمد السادس بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء، بأنه خطاب 'استفزازي' يهدف إلى نسف تقارب العلاقات بين البلدين.
ونسبت صحيفة 'الشروق' الجزائرية الى نفس المسؤول، ردا على خطاب محمد السادس، قوله 'يحقّ لنا اليوم، أن نتساءل إذا كان في نهاية المطاف، الهدف من وراء الإبقاء على الوضع الراهن، هو السعي حقـّا إلى مواصلة الضغط على بلدنا، عن طريق استدعاء رغبات عدد من البلدان والمنظمات -استنادا إلى نص خطاب الملك- وفي كل ما تقول، عليك أن تدرك أن المملكة تدعو إلى مغرب عربي جديد، قوامه التضامن والتكامل والاندماج.. هي مجرّد كلمات، لأنها، للأسف تفتقر إلى صدق الالتزام وحسن العمل والإيمان'.
وقال في رد عنيف على الملك المغربي 'نقول بهدوء، دون خبث، وبعيدا عن منطق المرافعات التي تعوّدنا عليه، فإن المغرب نسف عملية تطبيع العلاقات بين بلدينا، في حين كانت الجزائر تشارك في بناء عميق وجاد لتنظيف ودفع العلاقات الثنائية'.
وقال السؤول انه بعد الاتهامات التي أطلقها محمد السادس، في خطابه أنه منذ البداية، كان الجانب الجزائري يحث دائما جيراننا على ضرورة بناء الديناميكية المنتظرة في العلاقات، على الصدق وحسن النية، بما يؤدي إلى تطبيع كامل لا رجعة فيه، بما في ذلك إعادة فتح الحدود البرية المغلقة منذ 1994.
واضاف 'للأسف، أدركنا، خلال الأشهر الأخيرة، تزامنا مع تبادل الزيارات الوزارية الرفيعة المستوى بين الجزائر والرباط، تزايد قرائن ومؤشرات تكرس انخراط الجانب المغربي ضمن المشاركة في أنشطة تتعارض مع روح دفع العلاقات والتقارب المتفق عليه، سرا وجهرا، مشيرا إلى التوجه المغربي نحو مجموعة من الأفعال.
وحمل المسؤول الجزائري المغرب مسؤولية استمرار تسريب وتهريب كميات هائلة من المخدرات نحو التراب الجزائري، عبر المغرب، علما أن حجم الكميات المحجوزة، يكشف أنها تتجاوز الفعل الانفرادي والمعزول، وبالتالي لا بدّ من التساؤل عن الذين يقفون وراء هذا الاعتداء الذي يستهدف على نطاق واسع الجزائر وشبابها.
وعدم احترام الاعلام المغربي ل'الهدنة' بين البلدين حيث سُجل عدم توقف الحملة الصحافية ضد الجزائر، من طرف الصحافة المغربية، على الرغم من الوعود المتكررة للمسؤولين المغاربة الذين انخرطوا في هذه الحملة الصحافية بما لا يُمكن تبريره.
وبالنسبة للنزاع الصحراوي قال بعدما وافقت السلطات المغربية، على السماح للأمم المتحدة بتحمّل مسؤولياتها وفقا لعقيدتها وللقانون الدولي، فقد قرر جيراننا المغاربة، في خرجة مفاجئة وغير متوقعة ولا مبرّرة، تغيير موقف المملكة كلية، والتنصل من خطة وجهود الممثل الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، في محاولة يائسة لتغيير قواعد اللعبة لصالح الموقف المغربي، في حين للجزائر نهج قانوني ثابت بشأن هذه المسألة.
واعرب المسؤول الجزائري عن الاعتقاد بأن الجانب المغربي مازال بعيدا عن الصدق والنية والثقة والإرادة، في إنجاح مسعى التقارب بين العلاقات الثنائية، في ظلّ النداءات المتكررة لتعزيزها بين المغرب والجزائر، وأكد، أنه لا يمكن ترسيخ هذا التقارب، عن طريق حلقة حزينة فضحها التعامل المغربي البائس مع زيارة رئيس الحكومة الجزائرية إلى المغرب، في حزيران/ يونيو 2005، والتي أطلق بشأنها جيراننا تصريحات 'غير لائقة'، وبالتالي تورطهم في العمل على نسف عملية التقارب التي لم تبخل الجزائر، ولم تتردّد في الإعلان عن إرادتها وجاهزيتها لتوفير كلّ الظروف العملية قصد تحقيق التقارب بين الشعبين الشقيقين، والإحياء الفعال لاتحاد المغرب العربي.
من جهة اخرى نقل موقع 'كود' عن مصادر حقوقية أن الحكومة المغربية وافقت على طلب الزيارة الذي تقدم به المقرر الأممي الخاص بحرية الرأي والتعبير 'فرانك لارو' الذي من المنتظر أن يحل بالمغرب يوم الجمعة القادم في زيارة تستمر اسبوعا.
وحسب نفس المصادر فإن المسؤول الأممي سيركز في اجتماعاته سواء في الرباط أو العيون على الهيئات والأفراد الذين يشتغلون على قضايا حرية التعبير والرأي وعلى رأسها وزارة الاتصال والمجلس الوطني لحقوق الانسان بالاضافة للجمعيات الحقوقية ونقابة الصحافيين. كما أعلنت مصادر حقوقية أن وفدا عن منظمة مراقبة حقوق الانسان الأمريكية 'هيومان رايتس ووتش' سيحل بمدينة العيون فاتح كانون الاول/ ديسمبر القادم حيث سيباشر مجموعة من اللقاءات مع ناشطين حقوقيين من بينهم امنتو حيدر المؤيدة لجبهة البوليزاريو.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق