الثلاثاء، 13 نوفمبر 2012

ليبيا.. هل يمكن احتكار الثورة؟ عبدالواحد حركات

منذ البدء تورطت حكومة 'زيدان' في مأزق الترنح والمشي الحذر على خيط رفيع بين رغبات ثوار فبراير ومصالحهم الفئوية وبين مصلحة الشعب الليبي بأكمله.. ما بين بناء ليبيا دولة الديمقراطية 'المؤسسات والقانون والحقوق' وبين هدمها بمعاول الثوار الذين حرروها من الظلم لتغدو رهينة استحقاقات ثورجية ومطامح شبابية واصحاب حق وسيلتهم البندقية.
ثوار فبرايراخذوا معهم قسوتهم على الظلم من جسد 'القذافي' الى بني وليد ومنها الى قاعة المؤتمر الوطني وشوارع العاصمة .. وفقدوا تماسكم ورأفتهم وهم يسيرون والبنادق على اكتافهم تمتلكهم نشوة النصر وشهوة الانتقام، لقد حملوا ضغائنهم القديمة وسكبوها على رؤوس الجميع بلا استثناء ولوهلة تحولوا بأنظار البسطاء الضعفاء الي رجال بيض لا منتمين في مجتمع تعمه الطيبة وتحتل قلوب قاطنيه، ومحشو بمآسي حقبة استعمار البيض لوطنهم حتى مداه الاقصى.
الثورة بدأت منذ سنين .. واستكملت في فبراير..!!
الثوار المسلحون فصيل قتالي لثورة شعب بأكمله.. حركتهم الاصوات الداعية لإنهاء الظلم واسقاط الديكتاتورية.. ثوارنا امتلكهم سلاحهم وتوغل بعضهم في وحل الظلم والانتهاكات ونسوا او تناسوا طهارة الثورة وانسانيتها.. وانكشف الملمس الحـــريري والظاهر الانساني للثورة عن جوهر القسوة وقبضة فولاذية همها تشريع الظلم ووأد الحقوق واجهاض الاستقرار في أولى لحظاته.
ادمان العنف ومياومته .. سيحقق رؤى 'سيف القذافي' ويحول ليبيا الى عراق جديد .. كما حول 'المردوم' الى تاورغاء ثانية.
الصراع على السلطة يمثل جــــوهر وحقـــيقة كل احداث العنف في ليــــبيا .. واباطـــرة المال وعاشـــقي السلطة يبحثون عن امتيـــازات ومناصـــب تضـــعهم داخل جسد السلطة وتمكنهم بأي طريقة من الحكم.. وإن تلـــطف الصراع وهدأت وتيرته بعد جلوس الكثير من المعارضين الراديكاليين على مقاعد المؤتمر الوطني بعدما كانوا ضيوف فضائيات عديدة في اوروبا طوال احداث الثورة.. وهبوا فور انتصارها عائدين يملأهم الحنين الى ليبيا بعد غربة طويلة.. ويملأهم الاغتراب عن حياة الليبيين الذين قبعوا تحت الظلم اربعين عاماً فلم يمكنهم من التواصل مع الجموع.
ازمة ليبيا .. فقدان ثورة فبراير لإيدلوجيا صريحة، وعدم توجهها لخدمة اجندات وطنية شامــــلة لليبيين وتــــورطها في تطهير الوطن من الموالين للنظام السابق اقحمها في اعتداءات علنية على حقوق الانسان واستثناءات صريحة للحريات واقصاء التـــراحم والعفو وانتهاج سياسة رد الفعل .. كل هذا احدث انقسام حقيقي بين الثوار المسلحين والساسة .. واحدث انقسام اخر بين الثوار انفسهم .. فقد اصبحت صفة الثورة ضبابية .. واخذنا ننجرف بطريقة ما الى ذات المفاهيم والمؤسسات التي ثار الشعب لسحقها .
ضباط سبتمبر 69 'المتحركين' ظلوا يتقاسمون الوطن وخيراته لأربعين عاما .. وعندما داهمهم العجز وأنهكتهم السنون بدأوا يرسخون لأبنائهم 'ابناء المتحركين' مواطئ السلطة ويورثونهم ارزاق ليبيا .. وجعلوا أنفسهم فئة متميزة عن باقي الليبيين.. وهذا يحدث اليوم ويرسخه ثوار فبراير بذات الاسلوب.. اذ يمتازون عن باقي الليبيين باحتكارهم للثورة دون سواهم.
الماضي .. كومة دروس ينبغي ان نستفيد منها، لا أن نعادي من يتدارسونها ونقتلهم ..
العفو مفتاح كل مشاكل ليبيا.. واعلان اتحاد ثوار ليبيا قرار عفو عام.. وتحوله الي مؤسسة مدنية سيعيد ثورة فبراير الى مسارها الصحيح .. وسيعيد للثورة قيمتها الانسانية التي سحب 'اشباه الثوار' جزءاً كبيراً منها .. ولا يفترض أن يكافأ الثوار شيئاً .. فانضمامهم وجهادهم كان وسيظل من اجل ليبيا .. وليس من اجل مغانم وارباح وفوائد ومكافآت .. والثوار الحقيقيون لم ولن يبحثوا عن جزاء مادي لكفاحهم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق