الأربعاء، 28 نوفمبر 2012

الكويت .الشباب الكويتي يطالب بدور في ادارة البلاد وثروتها.. وكلما تجاهلت الحكومة اصواتهم كبرت المشكلة


المتظاهرون في الكويت الذين يجتمعون كل يوم في احتجاجا على القانون الانتخابي الذي اصدره امير البلاد لا يطالبون بالاطاحة برأس الحكم ولكنهم يتظاهرون لان القانون يقلل من صلاحيات مجلس الامة وبالتالي يؤثر على المعارضة التي تقود حربا على الفساد في الحكومة.
والتظاهرات التي تراقبها دول الخليج الاخرى بقلق خشية ان ينتقل 'الربيع الكويتي' الى اراضيها لا يقودها الاخوان المسلمون كما يقول معارض كويتي معروف في مقال له بصحيفة 'الغارديان' بل تشارك فيها قطاعات متعددة من الشعب الكويتي.
وكما لاحظ تقرير ايان بلاك، مراسل الصحيفة ان المتظاهرين الذي يتجمعون في التظاهرات هم خليط من النساء بالعباءات السود وبالجينز والرجال بالثوب الكويتي 'والغترة'.
وفي هذه المدينة الغنية كما يقول يتظاهر الناس احتجاجا على القانون الانتخابي ويدعو المتحدثون في التظاهرات الكويتيين مقاطعة الانتخابات النيابية يوم السبت القادم.
ويلاحظ ان هناك انقساما عميقا داخل الامارة الغنية وقلق حول النتائج التي ستنتهي اليها.
وينقل عن متظاهر شاب قوله ان قرار الامير كان الشعرة التي قصمت ظهر البعير. وقال ان عائلة الصباح تحتاج لان تتغير من الداخل وان رصيدها الشعبي بين الناس يتناقص شيئا فشيئا.
وتشير الصحيفة الى ان الكويت تعتبر من اكثر الدول الخليجية ديمقراطية، وربيعها يعود الى عام 2006 اي قبل فترة طويلة من الانتفاضات التي اطاحت بالانظمة الديكتاتورية في تونس ومصر وليبيا. ففي العام الماضي اجبر رئيس الوزراء على الاستقالة بسبب اتهامات تتعلق بتلقي نواب في البرلمان رشاوى كي يدعموا الحكومة، الامر الذي ادى لاندلاع المظاهرات وبالتالي حل البرلمان.
وتتشكل المعارضة لنظام آل الصباح من تحالف يضم الاسلاميين ومشايخ القبائل الناقمين والشباب الذين يضع بعضهم شريطا برتقاليا على ثوبه في اشارة الى ما عرف بالثورة البرتقالية الاوكرانية، كما وتلعب وسائل التواصل الاجتماعي دورا في تحريك المعارضة وتنظيمها حيث ترسل عبر التوتير تغريدات عن 'كرامة وطن'، ويعبرون عن تظاهراتهم بانها تظاهرات الارادة.

ليست ثورة
وتنقل عن الباحث في العلوم السياسية شفيق الغبرا قوله انه ان نظرت الى الشعارات، وقوة القواعد الانتخابية وبروز المجتمع المدني 'فنعم نحن جزء من الربيع العربي'، حيث يضيف ان الناس يطالبون بالكرامة والمشاركة السياسية والمساواة امام القانون لكن 'لا توجد ثورة هنا' يقول.
وعلى الرغم من ان السكان لا يشكون الفقر والجوع حال سكان الدول التي انتفضت على حكامها، حيث لم تبخل الحكومة عليهم، ونظام الرفاه الاجتماعي تنفق عليه منذ الاستقلال، والكويتيون لا يدفعون الضرائب ومع ذلك فالنظام يعاني من الفساد ومن المحسوبية، الواسطة.
وهناك على الرغم من الاحتجاجات من يعارضها لانها لا تؤثر على حياة الناس ومعاشاتهم حيث يقول رجل اعمال ان المجتمع الكويتي مجتمع ثري وعليه فهناك الكثير الذي سيخسره المواطنون، ولهذا تدعم فئة كبيرة منهم الوضع القائم.

لا تنمية

واشار بلاك الى النقاشات السياسية في الديوانيات التي تركزت على قانون الصوت الواحد، حيث كان المواطن يمكنه التصويت لاربعة مرشحين عن العشر الدوائر الانتخابية التي ينتخب اعضاء مجلس الامة منها. وترى المعارضة في القانون الجديد محاولة من الحكومة لتفصيل برلمان على مقاسها ويخدم اهدافها.
ويقول بلاك ان النظام السياسي الهجين المنصوص عليه في الدستور، يعاني من حالة من الاختلال الدائم مما يعني مواجهة دائمة بين البرلمان والامير، وقد ادى هذا لتعويق التنمية، ففي الوقت الذي يتسيد برج الكويت المعروف المدينة الا ان الحكومة لم تبن مستشفى جديدا ومنذ عقود فيما يعتبر المطار الدولي اثرا قديما من الستينيات مقارنة مع المطارات الجميلة في الدول المجاورة.
ولا تزال الدولة تعتمد في ميزانيتها ونفقاتها على النفط الذي تشكل عائداته 90 بالمئة من الميزانية ولم تقم الحكومة بجهود من اجل تخفيف اعتماد الحكومة عليه وتنويع مصادر الدخل، وتشجيع القطاع الخاص وتخفيف الدعم الحكومي، والاستثمار في الداخل.

الفساد
وفوق كل هذه المشاكل هناك انعدام ثقة بالنظام وحنق على الفساد المستشري وغياب المحاسبة للوزراء والمسؤولين. وعليه يقول المحتجون ان التلاعب بالنظام الانتخابي لن يساعد طالما ظلت جذور الازمة واسبابها بدون حل.
ويقول مهندس ان الحكومة تلقي باللوم على المجلس الوطني لكن ما تريد الحكومة فعله هو تحويله الى عرض فردي خاص بهم. ويعتقد الغبرا ان النتيجة الواضحة هي انه 'طالما لم تستمع الحكومة للمواطنين طالما كبرت المشكلة'. ولعل من اهم اسباب الاضطرابات هي التحولات الاجتماعية العميقة التي شهدتها الكويت، فالقبائل التي جاءت من السعودية في السبعينات من القرن الماضي ضاعف المشاكل بينهم وبين المجتمعات المدنية التي يعود ابناؤها الى تجار اللؤلؤ.
ويقول معارض انهم ضد فساد المؤسسات التي يديرها شيوخ ورجال اعمال لخدمة مصالحهم، وهناك سبب اخر للتوتر ان نصف السكان (1.2) مليون نسمة هم من الشباب المتعلمين في الخارج وعلى حساب الحكومة.
ولهذا فمراعاة الاصول والعادات التي فرضها الاباء تتلاشى حيث كان الشباب يعلمون من الاباء ان مكانهم في الديوانيات معروف، اي في الصفوف الخلفية، وكلما ابتعد الشاب عن مركز الحوار كلما تكلم اقل، لكن كل هذه العادات تتراجع ولم تعد مهمة بسبب قوة التويتر ووسائل التواصل الاجتماعي التي تعطي الفرصة لكل شخص التكلم وابداء رأيه.

صفع بدون تعذيب

ويظل القمع الرسمي في الكويت للمعارضة اقل مقارنة بدول اخرى، حيث يتم التعرف بسهولة على عملاء المخابرات الذين يتواجدون في ساحة التظاهرات.
ويقول ناشط ان بعض المعارضين المعتقلين يتلقون صفعات احيانا ويحبسون في غرف انفرادية لكن لا يوجد هناك تعذيب.
ولكن استمرار التظاهرات يمتحن صبر الحكومة حيث قامت الحكومة باعتقال المعارض مسلم البراك لمدة عشرة ايام بعد توجيهه تحذيرا لامير البلاد واتهامه الاردن بارسال قوات مرتزقة لقمع المتظاهرين.
وتتزامن احتجاجات الشهر الحالي مع الاحتفالات الوطنية بمرور خمسين عاما على المصادقة على الدستور الكويتي (11 نوفمبر 1962)، حيث جاءت الاحتفالات باذخة حيث دخلت الكويت موسوعة جينس للارقام القياسية في عرضها للالعاب النارية الذي كلف 15 مليون دولار حيث استخدم فيه 77282 قطعة العاب نارية.
ويتحدث الكاتب عن مشكلة المعارضة نفسها التي توصف بالقديمة، حيث تتسم احتجاجاتها بالوقاحة حسب مرشحة في الدائرة الثالثة، ويوجه المعارضون الاتهامات لبعضهم البعض بالخيانة، وتتسم الخلافات بالنبرة الطائفية حيث يتهم الشيعة بالوقوف الى جانب الحكومة فيما يوصف البدو بالمتخلفين.
وتقول سيدة اعمال ان رأيها في المعارضة تغير من اليسار الى اليمين حيث قالت انها ضد الطريقة التي تتصرف فيها المعارضة، ومع تفهمها احتجاج المعارضة على قانون الصوت الواحد الا انها تقول ان البلد لا يزال يدار بعقلية قبلية حيث يتم تطبيق الفانون بطريقة انتقائية.

الاخوان هم الهدف
ولعل اكثر الجماعات التي تتعرض للهجوم هم الاخوان المسلمون الذين يعرفون في الكويت بالحركة الدستورية الاسلامية، ويتهمون بانهم يحاولون اقامة خلافة اسلامية حيث يتبعون اوامر من اخوان مصر، ويبدو ان هذه الاتهامات مبالغ فيها حيث يرفضها الدبلوماسيون الغربيون. ويقول طالب ذو نزعة علمانية ان هناك تواجد اسلامي في الكويت لكنهم يتسمون بالراغماتية.
ويضيف ان الحكومة الكويتية تهاجمهم لانها تريد دعم دول الخليج لها. وفي النهاية فالمشاركة في الانتخابات يوم السبت ستكون مهمة لانها ستحدد طبيعة مجلس الامة الجديد وفيما ان كان سيحصل على الاعتراف والشرعية او يكون بعبارة متشكك 'مجلس ميكي ماوس'.
وايا كان الحال فالكويت مختلف عن بقية الدول العربية الثورية لكنه ليس معزولا عما يحدث في العالم العربي. وهناك اعتراف ان ازمة ثقة بالنظام الحاكم حيث ظلت عائلة الصباح تحكم من خلال الاجماع.

الحق في توجيه النقد
وفي مقال كتبه مسلم البراك في نفس الصحيفة تحدث فيه عن اعتقاله والتحقيق معه حيث قال اثناء التحقيق معه ان من حقه توجيه الحديث مباشرة لرأس الدولة والتعبير عن رأيه بسياساته والقرارات التي يتخذها. ولكن المحقق رد ان هذا التصرف يعتبر جريمة عقوبتها عشرة ايام سجن مع استمرار التحقيق.
وبسبب هذا اندلعت مظاهرات واسعة تطالب باطلاق سراحه على الرغم من محاولات الشرطة منع المتظاهرين باطلاق الغاز المسيل للدموع، والقصة معروفة حيث افرج عنه بكفالة ومنع من السفر خارج البلاد مع استمرار التحقيق في الاتهام.
ووصف التظاهرات التي تحدث في الكويت بالحاشدة حيث شارك في تظاهرات هي الاضخم في تاريخ الكويت شارك فيها 100 الف شخص قبل اعتقاله وبعد الافراج عنه.
ويتساءل عن السبب الذي يدعو الكويتيين للتظاهر وهم يعيشون حياة فارهة وبلدهم من اغنى الدول في العالم، فلماذا نحتج وماذا نريد؟ ويجيب انها على التغيير غير الدستوري في قانون الانتخابات ويرى في القانون الجديد محاولة من الحكومة لتحجيم دور المجلس الوطني، ويمنح الحكومة القدرة على التحكم بنتائج الانتخابات وهو ما يؤثر على الشرعية الديمقراطية.
وعلى المستوى الاعمق يقول البراك ان الكويتيين يعارضون الحكم الفردي وهو ما رفضوه منذ زمن طويل.

الشعب سينتصر
ويقول ان الدستور الذي صودق عليه عام 1962 والذي يحدد سلطات الحكومة- نص على حق فرض الرأي على الامير من خلال برلمان منتخب وهو الحق الذي ترفضه السلطات الحاكمة اليوم. ويعتقد ان المعركة الحالية هي معركة على السلطة، هل السلطة التي نص عليها الدستور هي للشعب ام للامير.
ويضيف ان الشعب يعتقد ان الحكومة التي تمثل العائلة الحاكمة ليست جادة في معركتها ضد الفساد، وفي الحقيقة فالناس مقتنعون ان الحكومة تقوم برعايته، كما يقول. لان هذا الاعتقاد كان وراء حل البرلمان عام 2012 والتغيير في قانون الانتخابات وذلك بعد قيام المعارضة بالكشف عن تحويل اموال لحسابات خاصة في لندن وجنيف ونيويورك والكشف ايضا عن رشاوى دفعتها الحكومة لشراء النواب في المجلس.
ويواصل بالقول ان الحكومة تحاول نزع الدعم عن المعارضة من خلال تصوير التظاهرات انها من عمل الاخوان المسلمين الذين يريدون الاطاحة بالنظام، ويقول ان هذه الاتهامات مفبركة، فالاخوان ليسوا الا واحدة من الجماعات المشاركة في التظاهرات التي يقودها الشباب.
ويقول انه من غير المستغرب ان تثير التظاهرات في الكويت مخاوف الدول الخليجية الجارة التي تخشى من انتشارها الى بلادها ولهذا عبر قادة مجلس التعاون الخليجي عن تضامنهم مع الامير في اكثر من مناسبة، ويختم بالقول انه حتى تقوم الحكومة بتعزيز دور المجلس الوطني وتحتكم للدستور فالتوتر سيستمر.
ويشير الى ان المادة الرابعة من الدستور الكويتي الحالي تنص على ان يكون الامير من عائلة الصباح فيما تنص المادة السادسة على ان تكون الحكومة ديمقراطية والسيادة بيد الشعب. ومع ان الشعب لا يجادل في في حق ال الصباح بالامارة لكن العائلة تجادل في حق ادارة الدولة وثروتها. وفي النهاية سينتصر الشعب الكويتي كما يقول البراك.

الامير في لندن
وبعيدا عن اضطرابات البلاد حل الشيخ صباح الاحمد الصباح ضيفا على الملكة اليزابيث ويضم برنامج الزيارة استقبالا في قلعة ويندسور وعشاء ملكيا على شرفه وزيارة للاكاديمية الملكية العسكرية في ساندهيرست.
وسيقابل الشيخ صباح الاحمد رئيس الوزراء ديفيد كاميرون ورجال الاعمال. وتعتبر الكويت رابع دولة في الخليج تقيم بريطانيا علاقات تجارية واسعة معها حيث بلغت الصادرات البريطانية للكويت عام 2009 1.1 مليار جنيه استرليني.
وتعتبر بريطانيا 'شريكا مختارا' للكويت حيث تسهم بريطانيا في تطبيق خطة السبعين مليار جنيه من اجل بناء عدد من مشاريع البنية التحتية بما فيها شبكة خطوط انفاق التي ستكلف 4.6 مليار جنيه ومشروع بناء مطار دولي والذي صممه المعماري المعروف لورد فوستر، وقد تم تعويق تطبيق الخطة بسبب الازمة السياسية المستمرة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق