المفهوم القبلي هو السائد حتى الآن , إذ انتكس مفهوم الدولة - الجامعة
لكل الأعراق والأجناس والألوان - التي جاء الإسلام ليضعها دون تمايز في
إطار إنساني واحد , وحال المفهوم القبلي دون عالمية الإسلام الذي يحصل غير
المسلم بمقتضاها على حقوق لا "يفرضها " له غير الإسلام . ويقوم النظام
النيابي على مسؤولية الحاكم وسلطة الأمة , وطوال تاريخنا الإسلامي- حُكم
الخلافة - لم يكن الحاكم مسؤولا قط أمام شعبه "لا يُسأل عما يفعل وهم
يُسألون" , ولم يكن للأمة أي سلطة إذ يفعل بها السلطان ما يشاء . وإذا كان
الزنا بمعنى من المعاني هو استحلال الحرام والتمتع بدون وجه حق بما للغير
مما لا يجوز حيازته والاستمتاع به , بهذا المعنى يكون الملوك المستبدون قد
زنوا بالأمة كلها نساء ورجالا , وإذا كان اقتراف الفاحشة يثبت بشهادة أربعة
شهود عدول فإن عبث المستبد بشرف الأمة لا تثبته شهادة الأمة بأسرها إذ سقط
حقها في الدفاع عن عرضها وشرفها , ومشايخ السلطان جاهزون بفتاواهم لدرء
الحدود عن ولى النعم .
وظن مشايخ المنابر أنهم ينافحون عن الفضيلة بالدعوة إلى حظر الاختلاط ,
وتوعُّد من تتطيب بالعطر , إذ انحصر فهمهم للشرف على دائرة الجنس واشتهاء
المرأة , ولم يعْنِهم في كثير أو قليل شرف الأمة بأسرها وقد أهدره الفرعون
وجنوده على مرأى ومسمع من الكهنة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق