الأحد، 11 نوفمبر 2012

المسجد النبوي

المسجد النبويموضع منبره، وجوار مقبره، ومقام مصلاه، ودار إخوته وأولاده، وبجانبه حجرته المعظمة التي ضمت أعظمه، ولله در القائل:
خير من دفنت في البقاع أعظمه *** فطاب من طيبهن البقاع والأكم
نفسي الفداء لقبر أنت ساكنـه *** فيه العفاف وفيه الجود والكـرم
قال أنس: قدم رسول الله فنزل في علو المدينة، في حي يقال لهم: بنو عمرو بن عوف، فأقام فيهم أربع عشرة ليلة، ثم إنه أرسل إلى ملأ بني النجار، فجاءوا متقلدين سيوفهم، فكأني أنظر إلى رسول الله على راحلته وأبو بكر ردفه، وملأ بني النجار حوله، حتى ألفى بفناء أبي أيوب. قال: وكان يصلي حيث أدركته ويصلي في مرابض الغنم، ثم أنه أمر بالمسجد فأرسل إلى ملأ بني النجار فجاءوا، فقال: "يا بني النجار، ثامنوني بحائطكم هذا". فقالوا: لا والله ما نطلب ثمنه إلا إلى الله تعالى. قال أنس: (وكان فيه نخل وقبور المشركين، وخرب، فأمر النبي بالنخل فقطع، وبقبور المشركين فنبشت، وبالخرب فسوِّيت، قال: فصفُّوا النخل قبلة المسجد، وجعلوا عضادتيه حجارةً، قال: فكانوا يرتجزون ورسول الله معهم وهم يقولون: اللهم لا خير إلا خير الآخرة، فانصر الأنصار والمهاجرة.
وروي عن الشفاء بنت عبد الرحمن الأنصارية قالت: كان رسول الله حين بنى المسجد يؤمه جبريل إلى الكعبة، ويقيم له القبلة.
قال السهيلي: بُني مسجد رسول الله ، وسقّف بالجريد، وجعلت قبلته من اللبن، ويقال: بل من حجارة منضودة بعضها على بعض، وحيطانه من اللبن، وجعلت عمده من جذوع النخل، فنخرت في خلافة عمر فجددوها، قال أبو سعيد الخدري : كان سقف مسجد النبي من جريد النخل، وأمر عمر ببناء المسجد، وقال: أَكِنَّ الناسَ من المطر، وإياك أن تحمِّر أو تصفِّر، فتفتن الناس.
قال الحافظ أبو عبد الله الذهبي: كانت هذه القبلة في شمالي المسجد، وكان صلى ستة عشر شهرًا أو سبعة عشر شهرًا إلى بيت المقدس، فلما تحولت القبلة بقي حائط القبلة الأولى مكان أهل الصفة.
توسعة مسجد الرسول في عهد الخلفاء الراشدين
المسجد النبويوعن عبد الله بن عمر أن المسجد كان على عهد رسول الله مبنيًّا باللبن وسقفه بالجريد وعمده خشب النخل، فلم يزد فيه أبو بكر شيئًا، وزاد فيه عمر، وبناه على بنيانه في عهد رسول الله باللبن والجريد وأعاد عمده خشبًا، ثم غيره عثمان فزاد فيه زيادة كبيرة وبنى جداره بالحجارة المنقوشة والقصة، وجعل عمده من حجارة منقوشة وسقفه بالساج.
وعن عكرمة قال: قال لي عبد الله بن عباس ولابنه علي: انطلقا إلى أبي سعيد فاسمعا من حديثه. فانطلقنا فإذا هو في حائط يصلحه، فأخذ رداءه فاحتبى، ثم أنشأ يحدثنا حتى أتى على ذكر بناء المسجد فقال: كنا نحمل لبنة وعَمَّار لبنتين لبنتين، فرآه رسول الله فجعل ينفض التراب ويقول: "ويح عمار تقتله الفئة الباغية! يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار".
قال: يقول عمار: أعوذ بالله من الفتن.
وزاد معمر في جامعه أن عمارًا كان ينقل لبنتين لبنتين، لبنة عنه ولبنة عن رسول الله ، فقال النبي : "للناس أجر ولك أجران، وآخر زادك من الدنيا شربة لبن، وتقتلك الفئة الباغية".
عن خارجة بن زيد -أحد فقهاء المدينة السبعة- قال: بنى رسول الله مسجده سبعين ذراعًا أو يزيد، فلما كان عثمان وزاد فيه جعل طول المسجد مائة وستين ذراعًا وعرضه مائة وخمسين، وجعل أبوابه ستًّا كما كانت في زمن عمر، وامتدت الزيادة إلى أن دخلت بيوت أمهات المؤمنين فيه، ومنها حجرة عائشة، وهي التي دفن فيها رسول الله وصاحباه رضي الله عنهما، ثم بنوا على القبر حيطانًا مرتفعة مستديرة حوله لئلاّ يظهر في المسجد فيصلى إليه العوام، ويؤدي إلى المحذور الذي نهى عنه رسول الله من اتخاذ المساجد على القبور، ثم بنوا جدارًا من ركني القبر الشماليين حرفوهما حتى التقيا، كل ذلك حتى لا يتمكن أحد من استقبال القبر، ولهذا قالت عائشة رضي الله عنها: ولولا ذلك أُبْرِزَ قَبْرُهُ، غير أنه خشي أن يتخذ مسجدًا.
ثم إن الوليد بن عبد الملك زاد فيه فجعل طوله مائتى ذراع وعرضه من مقدمه مائتين، وفي مؤخره مائة وثمانين، ثم زاد فيه المهدي سنة ستين ومائة من جهة الشام فقط دون الجهات الثلاث، ثم زاد فيه المأمون سنة ثلاثين ومائتين، وأتقن بنيانه، ونقش فيه: هذا ما أمر به عبد الله المأمون... في كلام كثير.
تنبيه مهم
قال العلامة أبو زكريا النووي رحمه الله: (فينبغي للمصلي أن يعتني بالمحافظة على الصلاة فيما كان في زمنه ، فإن الحديث الصحيح عن رسول الله : "صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام"، إنما يتناول ما كان في زمنه لأنه هو الذي حصلت الإشارة إليه، لكن إذا صلى في جماعة فالتقدم إلى الصف الأول ثم إلى ما يليه أفضل، فليتفطن لذلك).
وذرع ما بين المنبر ومقام النبي الذي كان يصلي فيه حتى توفي أربعة عشر ذراعًا وشبرًا، وذرع ما بين المنبر والقبر ثلاثة وخمسون ذراعًا وشبرًا.
المصدر: موقع الحج والعمرة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق