السبت، 3 نوفمبر 2012

«عزة» التي حاولت مساعدة «الفتاة المسحولة»: سأقاضي «العسكري» أمام «العدل الدولية»

ذات الرداء الأحمر، أو رمز النخوة، إنها عزة هلال، «45 عاما»، المرأة التى انتفضت، ولم تتحمل مشهد تعرية فتاة مصرية على قارعة الطريق، دون أن يقدم شخص على تغطيتها، فاتخذت القرار بأن تغطيها بجسدها لتتحمل هراوات قوات الأمن التى أفقدتها الوعى، وتسببت فى كسر جمجمتها.
فى مستشفى قصر العينى الفرنساوى، لم تتوقف الزيارات المترددة على حجرتها، سيدات ورجالاً، أعضاء فى حركات سياسية وشباباً لا صلة لهم بالسياسة من قريب أو بعيد، أخوات وسلفيات، الكل يريد الاطمئنان عليها، ليستمدوا منها القوة لمواصلة الثورة، بينما تستقبلهم عزة بابتسامة مشرقة تحاول بها التغلب على الآلام، تحمل فى يديها وردة أهداها إليها أحد زوارها، وهى تردد جملة واحدة: «سننتصر، وكلنا حناخد حقنا والثورة مستمرة».
حكت عزة تفاصيل واقعة الفتاة المسحولة، التى لم تكن تعرف عنها شيئا حين غامرت بتغطيها، وتلقت الضرب بدلا منها، قالت: «العنف كان شديدا جدا فى اليوم ده، شفت بلطجية بيحدفوا طوب بأحجام كبيرة على الناس، والجيش بيهجم عليهم بعصيان وطوب، شفت بنت عدموها العافية، وضربوها لحد ما بقت جثة على الأرض، أنا معرفهاش شخصيا، لكن المنظر وجعنى قوى، حاولت أنا وواحد زميلى اسمه إيهاب نغطيها ونشيلها بس فوجئنا بالضرب نازل علينا، حاولت أقول لهم: حرام عليكم اللى بتعملوه ده، لكنى غبت عن الوعى بعد ما ضربونى على رأسى، ومحستش غير بأنى متألمة جدا ومش دريانة بحاجة».
فقدت عزة الوعى لعدة أيام، لم تكن تدرك شيئا عما يدور حولها، باستثناء الآلام المبرحة التى تنتشر فى كل أنحاء جسدها، كانت تردد من شدة الألم: «حرام عليكم كفاية ضرب»، وبعد أيام قليلة استعادت وعيها لتبعث الأمل فى نفوس كل من يأتى لزيارتها.
قالت «عزة»: «الحادثة دى قوتنى جدا، أنا لازم أقوم عشان أرجع حقى وحق كل واحد أصيب، لازم ناخد حقنا من المجلس العسكرى والشرطة ومن كل اللى بيدبحوا فينا،أنا حرفع قضية على المجلس العسكرى وححاكمهم دوليا أمام محكمة العدل، حدفع أى قرش معايا، لكن مش حسيب حقى، وحق الناس اللى انضربت». وأضافت: «قوات الجيش كانت تستهدف النساء والرجال على السواء، وكانت تتعامل معهم بعنف شديد».
لم يكن من السهل عليها أن ترى جنوداً من الجيش يعتدون بالضرب والسحل على المعتصمين، خاصة أن ذلك يتنافى مع كل ما تعلمته داخل أسرتها، التى ينتمى أغلب أفرادها إلى الجيش المصرى، فوالدها واثنان من أعمامها واثنان من إخوانها ضباط فى الجيش، وتصفهم بـ«محترمين، ويحبوا البلد».
ووجهت رسالة إلى الإخوان والسلفيين الذين لم يصدر منهم أى رد فعل يدين حادث تعرية الفتيات قائلة: «إزاى بتتكلموا عن الدين، وبتسكتوا على اللى بيحصل؟، فين الضمير والإحساس والرجولة؟ أنتم لا تنتمون للدين، بل هو مجرد شعار ترفعونه».
وقال العميد أركان حرب، أحمد هلال، شقيق «عزة»، إنها إنسانة بسيطة جدا، تنتمى إلى الطبقة الوسطى ، وكانت سعيدة الحظ، لأن والدنا كان يتمنى أن يرزق ببنت، بعد أن رزقه الله بـ4 أولاد، ولا تنتمى لأى حزب أو تيار سياسى أو منظمة نسائية، ولم يكن لها دور فى العمل الاجتماعى، باستثناء عملها مع بعض الجمعيات الأهلية المعنية بأطفال الشوارع.
وأضاف «هلال» وقد أوشك على البكاء متذكرا اللحظات الأولى لأخته فى المستشفى، ومشاهد الدماء التى تغطى سريرها فى كل مرة يحاول نقلها إلى سرير الأشعة: «مشاعرى تجمدت وبقيت كل شوية أقرب منها أشوف النبض عشان أطمن إنها لسه عايشة، حتى اكتشف الأطباء أن مصدر الدماء جرح رئيسى فى قاع الجمجمة».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق