الأحد، 11 نوفمبر 2012

بيوت النبي ومسجد قباء

 
قال السهيلي: كان بيوت النبي تسعة، بعضها من جريد مطين بالطين، وسقفها جريد، وبعضها من حجارة مرضومة بعضها على بعض، مسقفة بالجريد أيضًا.
مسجد القباءقال الحافظ أبو عبد الله الذهبي رحمه الله: لم يبلغنا أنه بنى له تسعة أبيات حين بنى المسجد، ولا أحسبه فعل ذلك، إنما كان يريد بيتًا واحدًا حينئذ لسودة أم المؤمنين، ثم لم يحتج إلى بيت آخر حتى بنى بعائشة في شوال سنة اثنتين، وكان بناها في أوقات مختلفة، والله أعلم.
وقال الحسن بن أبي الحسن: كنت أدخل بيوت النبي وأنا غلام مراهق، فأنال السقف بيدي، وكان لكل بيت حجرة، وكانت حجره أكسية من شعر مربوطة من خشب عرعر.
وفي تاريخ البخاري أن بابه كان يقرع بالأظافير، أي لا حلق له. ولما توفي أزواجه خلطت البيوت والحجر بالمسجد، وذلك في خلافة عبد الملك بن مروان، فلما ورد كتابه بذلك ضج أهل المدينة بالبكاء كيوم وفاته.
قال السهيلي: وهذا يدل على أن بيوته إذا أضيفت إليه فهي إضافة مُلْك، لقوله تعالى: {لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ} [الأحزاب: 53]، وإذا أضيفت إلى أزواجه كقوله: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} [الأحزاب: 33] فليست إضافة ملك، وذلك أن ما كان ملكا فليس هو موروث عنه.
مسجد قباء
ذكر ابن إسحاق أن رسول الله أسسه لبني عمرو بن عوف، ثم انتقل إلى المدينة.
وذكر ابن أبي خيثمة أن رسول الله حين أسسه كان هو أول من وضع حجرًا في قبلته، ثم جاء أبو بكر بحجر فوضعه، ثم جاء عمر بحجر فوضعه إلى جنب أبي بكر، ثم أخذ الناس في البنيان.
وذكر الخطابي عن الشموس بنت النعمان قالت: كان رسول الله حين بنى مسجد قباء يأتي بالحجر قد صره إلى بطنه، فيضعه، فيأتي الرجل يريد أن يُقِلَّهُ فلا يستطيع، حتى يأمره أن يدعه ويأخذ غيره.
قال السهيلي: هذا أول مسجد بني في الإسلام، وفي أهله نزلت: {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا} [التوبة: 108] فهو على المسجد الذي أسس على التقوى، وإن كان قد روى أبو سعيد الخدري أن رسول الله سئل عن المسجد الذي أسس على التقوى، فقال: "هو مسجدي هذا". وفي رواية أخرى قال: "وفي الأرض خير كثير". وقد قال لبني عمرو بن عوف حين نزلت {لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا} [التوبة: 108]: ما الطهور التي أثنى الله به عليكم؟ فذكروا له الاستنجاء بالماء بعد الاستجمار بالحجارة، فقال: "هو ذاكم فعليكموه".
قال السهيلي: وليس بين الحديثين تعارض، كلاهما أسس على التقوى، غير أن قوله سبحانه: {مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ} يقتضي مسجد قباء؛ لأن تأسيسه كان في أول يوم من حلول النبي دار هجرته، والبلد الذي هو مهاجره.
قال القاسم بن عبد الرحمن: عمار بن ياسر أول من بنى مسجدًا لله يُصلى فيه. رواه أبو عروبة، وذكر ابن إسحاق هذا الحديث عن عمار في خبر بناء مسجد المدينة.
قال السهيلي: إنما عنى بهذا مسجد قباء؛ لأنه هو الذي أشار على النبي ببنائه، وهو الذي جمع له الحجارة، فلما أسسه رسول الله استتم بنيانه عمّارٌ.
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما (أن رسول الله كان يزور قباء راكبًا وماشيًا فيصلي فيه ركعتين). متفق عليه. وفي رواية: كان يأتي مسجد قباء كل سبت راكبًا وماشيًا، وكان ابن عمر يفعله.
المصدر: موقع الحج والعمرة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق