الخميس، 11 أبريل 2013

في إعادة كتابة التاريخ الإسلامي ج2 الصحابة والقتل / مجيد محمد / ج2 الصحابة والقتل.فقد كان وراء قتل خالد لمالك وقومه دافع وباعث آخر وهو أنه كان زوجاً لأم متمم وهي من أجمل نساء الجزيرة العربية، قيل إنها كانت صاحبة أجمل ساقين حتى كان يضرب بها المثل فيقال: (أجمل من ساقي أم متمم)، وكما هو معروف عند العرب فإن جمال ساقي المرأة دليل على أنها تعطي المتعة الجسدية الكاملة، وذُكر أن ابن الوليد قبل الإسلام كان يعشقها ويتمنى وصالها وما إن قتل زوجها وقبل أن يستبرئ رحمها، وعلى خلاف ما جرى عليه العرف المستقر منذ (الجاهلية عدم وطء الأسيرات في أرض المعركة)، وكانت أوامر محمد صريحة وقاطعة في عدم مفاخذتهن دون انتظار حيضهن، هرع خالد فامتطى أم متمم محققاً بذلك حلمه القديم، غير عابئ بأي عرف أو بأحاديث محمد الحاسمة في هذا الشأن.

في مستهل الباب الثاني من كتابه شدو الربابة بأحوال مجتمع الصحابة، يتناول خليل عبد الكريم جانباً آخر من حياة المجتمع الإسلامي المتكون حديثاً على أنقاض إرثٍ من العادات والتقاليد والطبائع الاجتماعية الخشنة. فبعد أن أوضح ما كان الصحابة عليه في تعاملاتهم باللسان والكلمة والقول من سوء لفظ وخشونة وصفٍ وقذفٍ وسبٍ درجوا عليه في أيامهم التي سبقت دعوة محمد في قريش، ينتقل بنا إلى محور آخر وهو ينصب على ما كان الصحابة يفعلونه في معاملاتهم بالفعل والعمل مستشهداً بحوادث وردت في كتب السيّر والتواريخ ودواوين السنة ومؤلفات (معرفة الصحابة)، والتي كما قلنا في الجزء الأول من دراستنا هذه أنها  أوردت كل صغيرة وكبيرة في التاريخ الإسلامي وخاصة تاريخ صدر الإسلام، ولكننا نعلم أن مؤسسة السلطة وما أنتجته من مؤسسة دينية رديفة يشرف عليها ما يسمى (فقهاء السلطان) حاولت أن تأخذ ما ورد في هذه الكتب ما هو ناصع وجميل وقيّم متجاهلة ما ورد في هذا التاريخ من أحداث يستهول الكثيرون ورودها أو حتى حصولها ويستبشعونه ومن ثم يستبعدونه.
كل هذا يصب في مصلحة مؤسسة السلطة والتي حكمت باسم الدين لفترات مديدة، معتمدة على إخفاء حتى الاحتكاكات البسيطة بين الصحابة لحساب التعظيم والتفخيم والتبجيل المتوهم. وهذا منهج أقل ما يقال عنه أنه خاطئ من الناحية العلمية ويضر بالمصداقية التاريخية للأحداث ذاتها، ولا يخدم موضوعية البحث وما توجبه أمانة العلم.
الصحابة والقتل
نورد هنا أمثلة لأفعال وأعمال قام بها الصحابة الأوائل وقد ذكرنا آنفاً أنها وردت في كتب السيّر والدواوين والتواريخ تفضي عن أحداث قاتمة حدثت بين من سنحت له الفرصة بلقاء محمد والتعلم على يديه فيما يخص دينهم ودنياهم.

-    قتل مالك بن نويرة
بعد وفاة محمد وبمدة وجيزة ارتدت العرب عن الإسلام وخاضت الجيوس الإسلامية حروباً ضد من ارتدوا عن الدين الحنيف ومن الحوادث الشهيرة في هذا السياق قتل مالك بن نويرة على يد خالد بن الوليد، فقد كان خالد بن الوليد أحد قادة الجيوش التي حاربت المرتدين، فلما مر بديار مالك بن نويرة بعث سرية تتحرى حقيقة أمرهم، فاختلف أصحاب السرية فيهم، وكان منهم أبو قتادة الصحابي المشهور الذي شهد مع آخرين أن جماعة أو رهط من مالك مسلمون: أذّنوا وأقاموا وصلّوا وكانت علامة التفريق بين الحيّ المسلم والحيّ المرتد الأذان وإقامة الصلاة – وكان على خالد أن يتثبت ويتأنى حتى يتأكد ويصير تحت يديه دليل كالشمس الساطعة على ردة مالك وحيّه، ولكنه لم يفعل وأمر بقتله وإياهم جميعاً وربما إحراقهم أيضاً لأن صيغة الأمر (دفئوا أسراكم) تشي بذلك وخاصة وأن تعليمات رأس الدولة أبو بكر كانت صريحة وواضحة في كيفية معاملة المرتدين: الحرق، الرمي من شواهق الجبال، التنكيس في البيار... إلخ.
فقد كان وراء قتل خالد لمالك وقومه دافع وباعث آخر وهو أنه كان زوجاً لأم متمم وهي من أجمل نساء الجزيرة العربية، قيل إنها كانت صاحبة أجمل ساقين حتى كان يضرب بها المثل فيقال: (أجمل من ساقي أم متمم)، وكما هو معروف عند العرب فإن جمال ساقي المرأة دليل على أنها تعطي المتعة الجسدية الكاملة، وذُكر أن ابن الوليد قبل الإسلام كان يعشقها ويتمنى وصالها وما إن قتل زوجها وقبل أن يستبرئ رحمها، وعلى خلاف ما جرى عليه العرف المستقر منذ (الجاهلية عدم وطء الأسيرات في أرض المعركة)، وكانت أوامر محمد صريحة وقاطعة في عدم مفاخذتهن دون انتظار حيضهن، هرع خالد فامتطى أم متمم محققاً بذلك حلمه القديم، غير عابئ بأي عرف أو بأحاديث محمد الحاسمة في هذا الشأن.
ولما سمع عمر بن الخطاب هرع وهرول إلى أبو بكر طالباً توقيع حدّي القتل والزنا على خالد ابن الوليد. (عن ابن أبي عوف وغيره أن خالد بن الوليد، أن مالك بن نويرة ارتد بكلام بلغه عنه فأنكر مالك ذلك وقال: أنا على الإسلام ما غيّرت ولا بدلت، وشهد له أبو قتادة وعبد الله بن عمر، فقدمه خالد وأمر ضرار بن الأزور الأسدي فضرب عنقه وقبض خالد أم متمم فتزوجها، فبلغ عمر بن الخطاب، قتله مالك بن نويرة وتزويجه امرأته فقال لأبي بكر، إنه قد زنى فارجمه، فقال أبو بكر: ما كنت لأرجمه تأول فأخطأ، قال: إنه قتل مسلماً فاقتله، ما كنت لأقتله تأول فأخطأ، قال: فأعزله قال: ما كنت لأغمد سيفاً سلّه الله عليهم أبداً). وعندما حضر خالد إلى المدينة وقدم إلى أبو بكر – بعد استدعائه ليحقق في الأمر قابله ابن الخطاب وصاح في وجهه (يا عدو الله قتلت إمرئً مسلماً ثم نزوت على امرأته، لأرجمنّك).
-    قتل حُجر بن عديّ وجماعته
حجر بن عديّ الكندي يكنى أبا عبد الرحمن، كوفيّ (كان من فضلاء الصحابة .... وكان على كندة يوم صفيّن وكان على الميسرة يوم النهروان في جانب علي)، ويزيد ابن الأثير الجزري تعريفاً به (المعروف بحُجر الخير... وفد على النبي هو وأخوه هانئ وشهد القادسية، وكان من فضلاء الصحابة وكان على كندة بصفيّن وعلى الميسرة يوم النهروان وشهد الجمل أيضاً مع علي وكان من فضلاء أصحابه). ولما استتب الأمر لمعاوية ولى زياد أخاه على البصرة ثم جمع له معها الكوفة بعد وفاة المغير بن شعبة فكان يقيم في هذه نصف العام والأخرى في النصف الآخر، وأظهر في كليهما الغلظة وسوء السيرة. وفي إحدى سفراته عن الكوفة خلف عليها عمر بن حريث العدوي فقعد له حُجر وأصحابه فحصبوه وهو يخطب على المنبر... فكتب إلى زياد الذي أسرع بالعودة وقبض على حُجر وأصحابه وحبسهم وأرسلهم إلى معاوية وأرجلهم في سكك الحديد مع مائة رجل من الجند. وكل جريرة حُجر وأصحابه انتقاداتهم لممارسات زياد بن أبيه والي المصرين القاسية ومعاملته الجائرة للرعية. وتعدد الروايات عن وصولهم إلى معاوية (عن محمد بن سيرين أن معاوية لما أتى بحُجر بن الأدبر قال: السلام عليكم يا أمير المؤمنين قال: أو أمير أنا اضربوا عنقه). أما المسعودي فيروي أنه عندما وصل حجر ومن معه مرج عذراء على اثني عشر ميلاً من دمشق أرسل لهم رجلاً أعور خاطب حُجراً بقوله: (إن أمير المؤمنين قد أمرني بقتلك يا رأس الضلال ومعدن الكفر والطغيان والمتولى لأبي تراب وقتل أصحابك إلا إن ترجعوا عن كفركم وتلعنوا صاحبكم وتتبرأوا منه). ثم قتلهم.
وقد قال معاوية في ذلك (قد كنت هممت بالعفو عنهم إلا إن كتاب زياد ورد إلي يعلمني أنهم رؤساء الفتنة وأني متى إجثثتهم، إجثثت الفتنة من جذورها).
-    سمّ الحسن بن علي
تصالح الحسن بن علي مع معاوية ووضعت الحرب الأهلية التي استمرت سنوات أوزارها وسمّي ذلك العام بـ (عام الجماعة) ومن بين شروط الصلح أن يولى الحسن الخلافة بعد معاوية والحسن لم يكن قد بلغ الخمسين بعد، ومعاوية لا يريد أن يخرج الملك من بني أمية كوصية والده أبي سفيان.
روي عن الحسن البصري (أن أبا سفيان دخل على عثمان حين صارت الخلافة إليه فقال: قد صارت إليك بعد تيم وعديّ فأدرها كالكرة وفي رواية فتزقّفوها تزقّف الكرة، واجعل أوتادها بني أمية فإنما هو الملك وما أدرى ما جنة ولا نار؟ فصاح به عثمان قم فعل الله بك وفعل).
وكان معاوية يكبر الحسن بعشرين عاماً أي أن احتمال تولي الحسن الخلافة كبير، وبذلك سوف تفلك الخلافة من بني أمية وتنتقل إلى بني هاشم فماذا يفعل وهو الخبير العريف بطرق قشع خصوم الدولة؟ اتصل في إحدى زوجات الحسن وتدعى جعدة بنت الأشعث بن قيس الكندي (إنك إن احتلت في قتل الحسن وجهت إليك بمائة ألف درهم وزوجتك من يزيد، فكان الذي بعثها على سمّه فلما مات وفىّ لها معاوية وأرسل إليها إنا نحب حياة يزيد ولولا ذلك لوفينا لك بتزويجه).
ويؤكد ابن الأثير الجزري قيام جعدة بسمّ الحسن (وكان سبب موته أن زوجته جعدة بنت الأشعث بن قيس سقته السمّ). ويؤكد هذا أيضاً ابن عبد البر والمقريزي. كما أن أقوال الحسن عند احتضاره لا تدع مجالاً للشك في نسبة السم إلى معاوية إلا أنه لم يشأ أن يصرّح باسمه لئلا تشتعل الحرب من جديد بين شيعة أبيه وبين معاوية لأنه كان رجل سلم وسلام (ولما اشتد مرضه قال لأخيه الحسين يا أخي سقُيت السم ثلاث مرات ولم أسق مثل هذه إني لأضع كبدي؟ قال الحسين: من سقاك يا أخي؟ ما سؤالك عن هذا تريد أن تقاتلهم؟ أكلهم إلى الله عز وجل).
فأطراف هذه الواقعة هم
•    الأمر بالقتل عن طريق السم هو صحابي معاوية.
•    التي باشرت بالقتل بدس السمّ هي ابنة صحابي جعدة بنت الأشعث.
•    المقتول سمّاً هو صحابي ابن صحابي الحسن بن علي وكان ريحانة محمد وابن أحب بناته إليه بل إنها ربما أحب خلق الله إليه.
-    سمّ عبد الرحمن بن خالد بن الوليد
أدرك عبد الرحمن بن خالد النبي ورآه، وقد كان من فرسان قريش وشجعانهم وكان له فضل وهدى وحسن وكرم وكان مع أبيه يوم اليرموك وكان من أعوان معاوية الأوفياء شهد معه صفيّن وكان يستعمله على غزو الروم وله معهم وقائع. وكان واليه على حمص وكان فيها محمود السيرة حسن الخصال قال عنه أهلها (كان يدنو شريفنا ويغفر ذنبنا ويجلس في أفنيتنا ويمشي في أسواقنا ويعود مرضانا ويشهد جنائزنا وينصف مظلومنا).
ولما أراد معاوية البيعة ليزيد ابنه خطب أهل الشام فقال: يا أهل الشام كبرت سني وقرب أجلي وقد أردت أن أعقد لرجل يكون نظاماً لكم وإنما أنا رجل منكم فأصفقوا – أي اتفقوا – بعبد الرحمن بن خالد بن الوليد – فشق على معاوية وأسرها في نفسه – ثم إن عبد الرحمن مرض فدخل عليه ابن أتال النصراني فسقاه سمّاً فمات – فقيل إن معاوية أمره بذلك. والخبر عينه رواه ابن عبد البر مع تحوير في ديانة الطبيب الذي تولى التسميم أنه كان يهودياً. ويؤكد الرواية ابن الأثير واليعقوبي.

المراجع:
عبد الكريم، خليل: شدو الربابة بأحوال مجتمع الصحابة (الصحابة والصحابة)، 1997، ط1، دار سينا للنشر، القاهرة، م

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق