الثلاثاء، 30 أبريل 2013

اسرائيل . ضربة لمواقع عسكرية

  هل عادت العلاقات بين باراك اوباما، الرئيس الامريكي وبنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الاسرائيلي الى ما كانت عليه قبل زيارة اوباما الاخيرة لاسرائيل، نهاية الشهر الماضي؟ سؤال تطرحه صحيفة ‘التايمز′ التي تقول ان البرودة لها علاقة بالموقف الامريكي من استخدام السلاح الكيماوي، وعدم تحرك اوباما بناء على معلوماتها التي قدمتها لاوباما اثناء زيارته الاخيرة، من ان نظام بشار الاسد استخدم الاسلحة الكيماوية في حلب ودمشق وحمص.
فقد اشارت الصحيفة الى الضغوط التي تمارسها اسرائيل على باراك اوباما كي يحترم خطه الاحمر الذي حدده بنفسه، وان لم يقم بالتحرك ووقف النظام السوري فان هذا سيكلفه الكثير ليس في سورية، ولكن في الموضوع الكيماوي، حسبما قال نائب وزير الخارجية الاسرائيلي زئيف ايلكين.
وقالت الصحيفة ان الحنق الذي يبديه الجانب السياسي والعسكري الاسرائيليين من باراك اوباما ادى الى اثارة تكهنات من قيام اسرائيل بتوجيه ضربة عسكرية لبعض المواقع الكيماوية، قد تكون رمزية او يمكن ان يضرب منشآت دفاعية في تكرار لما قامت به مقاتلات الجو الاسرائيلية في كانون الثاني (يناير) الماضي بضرب ما قيل انه قافلة عسكرية كانت في طريقها لحزب الله.
ومن هنا فالاجواء مهيأة لضربة خاصة في ظل تحذيرات بنيامين نتنياهو الشهر الماضي من وقوع الاسلحة الكيماوية في يد الجماعات الجهادية حيث قدم لاوباما اثناء زيارة الاخير لاسرائيل تقارير امنية عن استخدام السلاح في دمشق وحمص وحلب، كما ان ما اوردته صحف الاحد البريطانية عن قتال شرس حول واحد من المواقع الكيماوية بين جبهة النصرة المصنفة ارهابيا والجيش السوري سيعزز هذه التكهنات.
وتقول الصحيفة ان الحكومة الاسرائيلية هي التي اوعزت على ما يبدو الاسبوع الماضي لرئيس وحدة الابحاث الامنية الجنرال ايتاي برون للحديث عن الاسلحة الكيماوية واستخدامها.
وفي الوقت الذي اكدت فيه الادارة الامريكية انها بحاجة لادلة قوية تثبت من قام بالهجمات وان كانت الاسلحة الكيماوية قد وقعت في ايدي جماعات المقاتلين فان التأخير في التحقيق يعطي المخططين العسكرين الفرنسيين والبريطانيين الفرصة لمراجعة خياراتهم العسكرية، خاصة ان كلفة اي تدخل عسكري باهظة. ونقل عن الجنرال سير ديفيد ريتشارد، قائد القوات البريطانية قوله انه حتى اقامة منطقة عازلة وتدخل محدود في سورية يحتاج الى عملية انتشار واسعة.
ولدى العسكريين الامريكيين نفس مظاهر التحفظات، لكن الصحيفة تقول ان العلاقات التي انفرجت بين اوباما ونتنياهو وادت لحل الملف التركي – الاسرائيلي عادت الى ما كانت عليه من توتر بعد الانتقاد الاسرائيلي، خاصة ان نتنياهو حصل، حسبما تقول الصحيفة على تعهد من اوباما بعدم التضحية بمصالح اسرائيل الامنية بتجاهل المخاطر الاقليمية. وتعرض الرئيس اوباما لانتقادات حادة من النائب الجمهوري جون ماكين الذي يطالب بتسليح المعارضة والتدخل العسكري حيث قال في برنامج ‘لقاء الصحافة’ ان اوباما يعطي الاسد الضوء الاخضر للهجوم على المقاتلين حيث قال ان ‘الرئيس وضع خطا احمر على الاسلحة الكيماوية معطيا الاسد الضوء الاخضر لعمل اي شيء اقل من ذلك اي استخدام سكود والمروحيات الحربية والغارات الجوية والاعدامات الجماعية’.
وعلى الرغم من عدم التأكيدات حول الكيفية التي تم فيها فحص التراب واكتشاف اثار غاز السارين فيه، الا ان هناك دعوات بعدم تكرار درس العراق. وتتعرض الحكومة البريطانية لضغوط من النواب كي تقدم معلومات حول الادلة التي قالت انها حصلت عليها بعد استخدام موسع للسلاح الكيماوي في سورية. ونقلت صحيفة ‘ديلي تلغراف’ عن نواب في حزب المحافظين الحاكم دعوتهم للتأكد بشكل قطعي من الهجمات قبل اتخاذ اي فعل عسكري حاسم.
ونقلت عن العضو الليبرالي مينزي كامبل قوله ان ‘عدم قطعية المعلومات تضعنا في وضع صعب كي نشكل ردا’. وتنبع عدم الثقة من العينات التي تم فحصها، فالبريطانيون فحصوا في مخبر بورتون داون في منطقة ويلترشاير عينات تربة، اما الامريكيين فبنوا نتائجهم على فحص شعر وعينات دم لمصابين، ويقول خبراء الاسلحة الكيماوية ان هناك معلومات غير مكتملة حول من ‘قام بالعمل وامتلك السلاح’ وكيف وصل للاجهزة الامنية الغربية.

دروس ليبيا

وفي تعليق على الوضع السوري كتب روبرت فيسك مستحضرا ابيات المتنبي ‘اذا رأيت انياب الليث بارزة فلا تظنن ان الليث يبتسم’ والعبارات التي كتبت عن السلطان قلاوون، قاهر على قلعة حلب وتقول ‘حضرة السلطان الاعظم، الملك الاشرف، العالم، العادل، المظفر، المغوار، حامي الحدود، المنجد، الناصر، قاهر المرتدين…اسكندر عصره’، معلقا ان دعاية حزب البعث السوري لا تستطيع التفوق على ذلك!. الخارجين وحامي حمى البلاد، واسكندر زمانه’. ويضيف ان بشار الاسد لم يقمع بعد المقاتلين، وان بدأ جيشه قد بدأ يحقق تقدما لكن المعارضة لم تنهزم بعد. وعن كونه حامي حمى سورية فقد خسر الاسد كل حدودها باستثناء معبر واحد مع تركيا.
والسؤال هو اين نقف من سورية اليوم؟ ويجيب ما حدث في ليبيا ربما كان هو ما حمى سورية ونظامها، ‘فالناتو دعم المقاتلين الذين قتلوا القذافي ثم حولوها الى اقطاعيات اسلامية حيث كان بالامكان قتل حتى السفير الامريكي، واستمع لما قالته مسؤولة بارزة في الحزب الديمقراطي يوم الاحدـ نانسي بيلوسي ‘هذه ليست ليبيا، السوريون يملكون قدرات مضادة للطائرات مما يجعل الذهاب الى هناك امرا مليئا بالتحديات’.
ويقول فيسك انه لمن لا يتذكر فقد ضربت امريكا سورية في لبنان في الثمانينات من القرن الماضي حيث اسقطت طائرة في سهل البقاع وقتل احد افرادها اما الاخر فاعتقل في دمشق حتى تدخل القس جيسي جاكسون. وعليه فالناتو لن يقوم بضرب دبابات النظام السوري. ويشير الى دعم السعوديين والقطريين للمقاتلين باسلحة تجعلهم لا يخسرون ولا ينتصرون في الوقت نفسه. ويتساءل ان كان هذا ينطبق على الروس الذي يزودون النظام بالاسلحة الثقيلة. ويقارن بين قلاوون الذي قهر الصليبين والاعداء الاقليميين مثل ايران فبشار تقف اليوم الى جانبه ايران لكن لديه اعداء كثر، امريكا والاتحاد الاوروبي وملوك وامراء. ولكن التاريخ هو رفيق غريب كما يقول حيث يشير الى المشهد الجامد في سورية وادعاء كل طرف بالنصر، فالجيش الحر تحدث عن انشقاقات جماعية بعشرات الالاف، والتي لم يصله منها الا الالاف، وهلل العالم عندما انشق مناف طلاس، اين ذهب لم يسمع احد منه، رئيس الوزراء انشق واستبدل باخرـ وزير دفاع قتل وجاء اخر. قوات الاسد تنهار في حلب.
في الجانب الاخر قال له احد الجنرالات في الصيف الماضي انه قادر على استعادة حلب في غضون عشرة ايام، ولم يزل لم ينفذ اقواله، واذا صمدت حلب فلماذا لن تصمد دمشق. ثم جاء خط اباما الاحمر، والسلاح الكيماوي، حيث قال اوباما انه سيفعل شيئا لكنه قال انه لا يزال يحاول التأكد من المعلومات اي انه لن يفعل شيئا. لم يتغير شيء قبل عامين هل يعني اننا امام عامين اخرين؟ التاريخ سيد قاس، فالنقش التذكاري لقلاوون على قلعة حلب دمرته قذيفة من المقاتلين، وهذا ما حصل لحامي الحمى وقاهر المتمردين!

الاكراد والجيش الحر

وما دام الحديث هو عن حلب وقلعتها فصحيفة ‘التايمز′ تعرضت الى المقاتلات الكرديات اللاتي يقاتلن الى جانب المقاتل الاسلامي الملتحي. ولا يتوقف الامر عند هذا فالمقاتلة هذه تدخن السجائر الفرنسية وتقرأ ارسطو ونتيشة. اسمها كما تقول صحيفة ‘التايمز′ روكين وهي قائدة مجموعة من المقاتلات الكرديات من اربعين امرأة ممن يقدمن مظهر مختلفا، كما تقول الصحيفة عن مظهر الاسلمة الذي يشهده شمال سورية. ونقلت عن روكين قولها ‘بالنسبة لي هذه ليست معركة الشعب فقط ولكن معركة المرأة ايضا’.
ويقول التقرير ان المنطقة التي يعيش فيها الاكراد في الشيخ مقصود ظلت هادئة وبعيدة عن القتال حتى الشهر الماضي. فالميليشيا التي تنتمي اليها روكين ‘واي بي جي’ هي جزء من حزب العمال الكردستاني ‘بي كي كي’ والذي اتخذ موقفا محايدا من الحرب حتى وقت قريب.
وفي نهاية شهر اذار (مارس) انقلب المقاتلون الاكراد على الميليشيات التابعة للنظام والتي كانوا يسمحون لها بالقيام بهجمات على مواقع المعارضة، حيث قام المقاتلون الاكراد باخراج مسلحي النظام من حي الشيخ مقصود واندمجوا معهم في معركة حامية انضم اليها مقاتلوا الجيش الحر.
ويقول التقرير ان بعض مقاتلي الحر شعروا بالدهشة لانهم وجدوا انفسهم يقاتلون الى جانب النساء الكرديات ‘غير المحجبات’. وتقول روكين ان هناك شعورا متجذرا لدى المقاتلين الاسلاميين ان المرأة لا يمكنها القتال او يجب ان لا تعبر عن قوتها’. واضافت ‘الكلاشينكوف هو من اجل القتل، وقد قتلت واحدا، لم يصدق الجيش الحر الامر ولكنهم الآن يحترمونني. ويقول التقرير ان التحالف الجديد بين الاكراد والعرب على الاقل في حلب، لقتال نظام الاسد جاء على الرغم من التناقضات في العلاقة بين الغالبية العربية والاقلية الكردية. فالاكراد منقسمون على انفسهم من ناحية الولاء بين حزب العمال الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني في شمال العراق. وعلى الرغم من الخلافات بين الجيش الحر ومقاتلي الكرد حيث اشتبك الطرفان في السابق فان التحالف الجديد من المتوقع ان ينتشر الى القامشلي في شمال – شرق سورية. ففي الاسبوع الماضي هاجم مقاتلون اكراد قافلة عسكرية سورية كانت في طريقها لتعزيز قاعدة منخ الجوية، ورد الجيش بغارات على القرى الكردية حيث ادى الى مقتل سبعة.
ويقول المقاتلون ان تراجع العلاقة مع النظام يعود الى غياب الثقة بالنظام وبسبب المفاوضات الجارية بين زعيم الاكرادعبدالله اوجلان والحكومة التركية لانهاء الحرب الجارية منذ اكثر من ثلاثين عاما. وتقول مصادر في العراق ان اكثر من 1500 من مقاتلي بي كي كي انسحبوا من جنوب تركيا ودخلوا سورية لتأمين المناطق الكردية. ونقل عن مسؤول الميليشيا في حلب خالص افرين ان ‘الاسد يرى ان الشرق الاوسط كله يتغير نتيحة للمحادثات بين اوجلان وانقرة’، وعليه فقد بدأ النظام ‘بضربنا خوفا من قوتنا المتزايدة’.

يرحلون عن دمشق

يبدو ان لعبة الانتظار لم تعد تنفع في دمشق، فبعد عامين على الحرب الاهلية في سورية، بدأ الكثير من الدمشقيين، من اصحاب المهن العالية، والاساتذة والاطباء والمحامين والتجار الذين يشكلون عصب الاقتصاد بالرحيل عن العاصمة، حيث لم يكونوا يتخيلون انهم سيغادرون المدينة التي ولدوا وعاشوا وعملوا فيها.
وجاء قرار الكثيرين منهم المغادرة بعد ان فقدوا الامل في حدوث تحسن على الاوضاع. والرحيل على ما يبدو ليس مرتبطا بالحديث الذي طال عن قرب معركة دمشق، والحسم ونهاية النظام بل بالمشاكل اليومية التي اصبحت الحرب تفرضها عليهم حيث قالت ندا التي تحضر لمغادرة سورية للبنان ان ‘لا شيء يتحسن، كل شيء يسوء، الامن والتحرك، ولا تسأل عن غلاء الاسعار والحياة اليومية’، وقالت ندا كما نقلت عنها صحيفة ‘لوس انجليس تايمز′ ‘ظللت اقول لن نغادر من هنا ابدا، لكننا لا نستطيع العيش هنا اكثر من هذا’، ومثل بقية اهل دمشق فكرت هي زوجها ان هناك حل ما يمكن التوصل اليه للازمة التي دخلت عامها الثالث، فالحرب التي كانت بعيدة عن اهل دمشق وصلت اليهم ولاشهر مضت وهم يستمعون الى اصوات القصف والغارات التي تقوم بها المقاتلات الحربية على معاقل المقاتلين حول العاصمة، وفي داخلها حيث لم يصل المقاتلون بعد هناك عمليات اختطاف، وسيارات مفخخة واطلاق نار عشوائي على الحواحز العسكرية التي تنتشر في كل مكان، وتقول ندا انها استقالت من عملها في شركة خاصة كي تتجنب المخاطر اليومية، حيث عانت من الاحباط والملل، في الوقت الذي كان يقضي فيه من بقوا في اعمالهم اليوم كله وهم يحاولون تجنب نقاط التفتيش او اجتيازها.
ومع الملل هناك المشاكل الناجمة عن انقطاع الكهرباء ونقص غاز الطبخ وارتفاع اسعار المواد الاساسية. وتقول ندا ان الطريق احيانا لعمل زوجها غير آمن وعليه يظل في البيت حيث يجلسان بدون عمل او كهرباء. ونظرا للمخاطر اليومية قرر زوجها ايضا الاستقالة من عمله كاستاذ في الكيمياء في الجامعة. وتشير الصحيفة ان النقطة التي غيرت حياة الدمشقيين جاءت الشهر الماضي حيث بدأت قنابل الهاون والقذائف الصاروخية تنهمر بشكل يومي على وسط العاصمة.
وفي بعض الاحيان سقطت القنابل على الشوارع المزدحمة وفي الحدائق العامة حيث يلعب الاطفال. وفي واحد من الهجمات قتلت قنبلة هاون صاحب محل حلاقة وامرأة كانت تقضي بعض حوائجها. وفي الوقت الذي يتبادل فيه المقاتلون والحكومة الاتهامات حول مسؤولية الهجمات فالكثير من اهل دمشق لا يعنيهم هذا الكلام فهم كما تقول ندا مثل ‘البط في البحيرة ينتظر سقوط القنبلة القادمة’.
وتخطط ندا وزوجها للسفر اولا لبيروت ومن ثم ينتظرون التأشيرة لاوروبا حيث قدما طلبا لواحدة من السفارات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق