الثلاثاء، 30 أبريل 2013

بين الجزائر والمغرب.. تفاؤل وتناقض GINA.



علم المغرب والجزائر (GINA)
تتأرجح العلاقات المغربية الجزائرية منذ أربعة عقود بين تصريحات دبلوماسية ناعمة، ومواقف سياسية متناقضة، بسبب قضية الصحراء الغربية، وهو ما يعكسه إغلاق الحدود البرية بين البلدين منذ
عام 1994.
وبعد أن بدأ مسؤولو البلدين مؤخرا بتبادل لغة متفائلة بشأن تحسين علاقاتهما السياسية -ترجمها تصريح صحفي سابق بالرباط لوزير الداخلية الجزائري دحو ولد قابلية، أكد فيه أن حل قضية الحدود بينهما سيتم "في وقت ليس ببعيد"-  تفاجأت الأوساط السياسية المغربية بطرح الجزائر بطريقة غير رسمية لشروط فتح الحدود.
وتتمثل تلك الشروط -وفقا لما نقلته صحيفة (الشروق) الجزائرية عن مصدر مسؤول لم يكشف هويته- "في الوقف الفوري لحملة التشويه الإعلامي، والموقف العدواني المتنامي حيال الجزائر" وكذا "التعاون الكامل، والعملي، والفعال، لوقف الهجوم الضخم في حق الجزائر بتهريب وتسريب المخدرات"، إضافة إلى "وجوب اعتراف المغرب نهائيا بأن الجزائر لديها موقف ثابت ولا رجعة فيه بشأن مسألة الصحراء الغربية".
ولم يصدر عن المغرب لحد الآن أي تعليق على "الشروط" الجزائرية، خصوصا وأنها تأتي مباشرة بعد تأكيد رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران في تصريح سابق للجزيرة نت بنواكشوط أن الاتصالات لم تنقطع بين البلدين بشأن فتح الحدود، وأن البلدين تبادلا رسائل مطمئنة في هذا الاتجاه.
مسؤولية كاملةيأتي هذا بينما حمّل وزير الخارجية المغربي سعد الدين العثماني مؤخرا -بشكل ضمني- الجزائر المسؤولية الكاملة في إبقاء الحدود مغلقة، قائلا في تصريح صحفي سابق إنه "لا يعلم أسباب إبقاء الحدود البرية بين المغرب والجزائر مغلقة منذ 19 سنة"، مضيفا أنه "لو كان يعرف الأسباب الحقيقة لعجّل بحلها".
في المقابل، لاحظ المتتبعون أن الشروط الجزائرية تجاه المغرب تزامنت مع التصريحات القوية السبت الماضي لرئيس المجلس الشعبي الوطني الجزائري (البرلمان) العربي ولد خليفة، التي أكد فيها أن بلاده لن تتنازل عن حق تقرير المصير بالنسبة لقضية الصحراء.

ولتأكيد موقفه، أضاف ولد خليفة أن السجال الدبلوماسي الذي انتهى بسحب الولايات المتحدة لمقترح توسيع مهمة بعثة الأمم المتحدة حول الاستفتاء في الصحراء الغربية (المينورسو) يشكل "إنذارا قويا لسلطات الاحتلال سيكون له ما بعده"، في إشارة إلى المغرب.
وتأتي هذه التطورات في وقت دعت فيه أطراف دولية البلدين إلى إصلاح ما بينهما، وتسوية قضية الحدود، من ذلك الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الذي ناشد مؤخرا المغرب والجزائر "لفتح الحدود لما فيه مصلحة المنطقة والمجتمع الدولي ككل".
واعتبر عضو مجلس رئاسة حزب التقدم والاشتراكية -المشارك في الحكومة- امحمد أكرين أنه بغض النظر عن مضمون الشروط، فإن مجرد مبدأ طرحها يعتبر تحولا ومؤشرا على أن الجزائر "مستعدة لفتح الحدود، باعتبار أن البلدين الشقيقين لديهما قضايا أمنية" تتطلب تعاونا ثنائيا.
امحمد إكرين: مجرد طرح الجزائر شروطا لفتح الحدود يعد تحولا (GINA)
استمرار العلاقاتوعن مضمون الشروط أوضح أكرين في تصريح للجزيرة نت أنها لا تطرح أي مشكلة بالنسبة للرباط، باعتبار أن "المغرب لم يقم رسميا بأي حملة إعلامية ضد الجزائر"، كما أن موقفه من تعاطي الجزائر مع قضية الصحراء "لا يطرح أي إشكال"، بدليل استمرار علاقاتهما الدبلوماسية منذ سنوات، رغم مواقف الجزائر تجاه الرباط.
كما نفى أكرين اتهام المغرب بتشجيع تهريب المخدرات إلى الجزائر، معتبرا أن من شأن إعادة فتح الحدود "المساعدة على مراقبتها وضبطها، ومكافحة كافة أشكال التهريب التي تمس بأمن البلدين".
في المقابل، لم يتردد علي الشعباني أستاذ العلوم السياسية في وصف شروط الجزائر بالـ"وهمية"، موضحا أن العلاقات بين البلدين تحكمها إشكالات متعددة، من بينها التاريخي المرتبط بمشكل الحدود الموروث عن الاستعمار الفرنسي، إضافة إلى ما أسماها بـ"عقدة هزيمة الجزائر عسكريا أمام المغرب" عام 1963 في المواجهة المعروفة بحرب الرمال.
وشرح في تصريح للجزيرة نت أن قول الجزائر بوجود حملات إعلامية من قبل المغرب ضدها "مسألة مفتعلة"، ويجب أن يكون شرط إيقاف الحملات "شرطا متبادلا"، مضيفا أن مسألة تهريب المخدرات "مطية ترغب الجزائر في الركوب عليها" لأن المطلوب هو التنسيق الأمني بين البلدين لمراقبة الحدود.
واعتبر الشعباني قضية الصحراء الإشكالية التي لا يمكن للمغرب التنازل عنها، بعد أن قدم "تنازلات لجزائر ما بعد الاستقلال في عدة مناطق بالحدود، التي لم ترسم بعد بينهما"، مشددا على أن ذلك ينطلق من مبدأ الوحدة الترابية للبلاد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق