أحلام..لم يبق لها من اسمها سوي حلم واحد ..أن
يمر يوم واحد علي ابنتها دون صرخة ألم.. في البداية
راودها الأمل في شفاء الصغيرة ..تحاملت علي نفسها و
تناست جرح خيانة زوج طفش بمجرد إصابة الصغيرة بالداء
اللعين .
أحلام..لم يبق لها من اسمها سوي
حلم واحد ..أن يمر يوم واحد علي ابنتها دون صرخة
ألم.. في البداية راودها الأمل في شفاء الصغيرة ..تحاملت
علي نفسها و تناست جرح خيانة زوج طفش بمجرد إصابة
الصغيرة بالداء اللعين ..في رحلة هروبه بحثا عن حياة
جديدة و طفل آخر معافي سقطت أحلام و الصغيرة من
ذاكرته..في زمن بعيد وفيما كانت أمها تعقد شريطا أبيض في جدائلها تمنت علي الله أن تراها عروسا فقاطعتها أحلام لا محامية.. في نفس الركن وفي ذات البيت الذي عادت إليه بصغيرة مريضة, تمشط أحلام بقايا تاج فقدته حبة القلب.. تخفي عن عينيها خصلات تهاوت بين يديها تغسلها دموعها عندما يغلب النوم عيني صاحبة التاج المفقود.. تزين ما بقي من التاج بشرائط ملونة وتتمتم في صوت مسموع بدعاء أن تعيش لتراها دكتورة قد الدنيا فيما يهمس القلب بدعاء ألا تعاودها نوبة الألم من جديد وأن تنعم بنوم هادئ ولو لليلة واحدة..
بمساعدة ما تبقي من أجل الخير في زماننا هذا, تمكنت أحلام من الحصول علي وظيفة عاملة نظافة باليومية وبدأت رحلتها للبحث عن علاج للصغيرة.. راودها حلم شفاء الحبيبة و تمنت علي الله أن يتم تثبيتها لتكمل قرة عينيها مشوارا أجبرتها ظروف الحياة أن تقطعه..
مع تحول الصغيرة لحقل تجارب في المستشفيات و تدهور حالتها تلاشي حلم الشفاء والفرحة بالشهادة الكبيرة و لم يبق سوي تضرع لله أن يخفف آلام حبة القلب..مع الفجر تهب أحلام من نومها المتقطع لتنظف الصغيرة و تغير كيس إخراج فضلاتها الذي تعلمت التعامل معه مثلما تعلمت تنظيف ذلك الجرح الذي لا يندمل في جسد حبة القلب..تضاحكها و تقبلها لتتناول دواء مسكنا فقد فاعليته بطول الاستخدام ..تمنيها بألم يزول و شفاء تعرف أنه في حكم المستحيل..
ما أن تلوح لعينيها معالم المبني الشاهق الذي أصبحت تنتمي إليه رسميا بعد تثبيتها ,حتي تكفكف دموعا ترقرقت في عينيها منذ واربت باب غرفتها علي صغيرة تتناوم كي لا نعطل راعيتها عن السعي علي رزقهما..علي درجة السلم الأخيرة و قبل أن تذوب داخل المبني الشاهق ترفع عينيها للسماء و تتمتم قادر ربنا
أم إسماعيل.. أمينة .أم ابتسام..أحلام..رقية..فاطمة.. أسماء مستعارة لملايين الشخصيات الحقيقة التي تعيش بيننا وتدب علي الأرض من حولنا.. ستات مصر.. الراعيات.. ستات بلا رتوش ولا مكياج.. ستات يظلل عيونهن كحل توارثنه من الجدات, فكحل عيونا لم يخب بريقها أو يفقد جمالها ..عيون وأن سكنها الحزن والألم, لا يزال بريقها يروي قصصا لحب وعطاء بلا نهاية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق