الجمعة، 19 أكتوبر 2012

الطائفة العلوية..مستعدة للقتال مع الاسد لا حبا به ولكن خوفا على نفسها


قال المبعوث البريطاني الخاص لدى المعارضة السورية جون ويلكس ان حكومة بلاده بدأت خطى حثيثة للاتصال بمعارضة الداخل وتزويدها بمواد غير قتالية، كجزء من مساعدتها في الحرب المستمرة وتعزيز قدرتها على ادارة المناطق الواقعة تحت سيطرتها حالة سقوط نظام بشار الاسد.
وقال السفير السابق في اليمن ان بريطانيا تتعامل مع المعارضة التي تشارك البريطانيين القيم الديمقراطية والرؤية لانشاء دولة حديثة يعمل فيها جميع السوريين معا، اي سورية للسوريين.
وكان ويلكس يتحدث لصحيفة 'التايمز' التي قالت ان اول مساعدة بريطانية من الاجهزة والمواد الصحية ستصل الى سورية خلال اسبوع تقريبا، حيث ستنقل الى الدول المجاورة لسورية ومنها ستهرب الى مناطق المقاتلين في حمص وحلب ودير الزور. وتقول الصحيفة ان المساعدة اللوجيستية البالغ قيمتها 800 الف جنيه استرليني هي جزء من محاولة للحكومة البريطانية بناء اتصالات مع مناطق المعارضة التي تدار من خلال مجالس عسكرية. وينظر للخطوة البريطانية على انها تخل عن جهودها لتوحيد المعارضة السورية في الخارج والبحث عن بدائل في الداخل. وتقول الصحيفة ان السفير ويلكس والذي يتحدث العربية بطلاقة اتصل مع عدد من قيادات الداخل عبر سكايب' حيث قال ان الشحنة القادمة من المساعدات ستذهب الى دمشق وحماة ودرعا.

تدريب في فنادق

ومعظم المساعدات هي جزء من الميزانية التي رصدها وزير الخارجية ويليام هيغ (خمسة ملايين جنيه) لمساعدة المعارضة السورية. وبالتعاون مع الولايات المتحدة بدأت الحكومة بتدريب ناشطين سوريين في دول الجوار، حيث تعقد جلسات التدريب في فنادق ويتلقى المتدربون دروسا عن الديمقراطية، وكيفية التخطيط للمرحلة الانتقالية ما بعد الاسد، والتنسيق مع العالم الخارجي وكيفية تقديم الخدمات الاساسية.
وكان الناشطون في سورية قد اشتكوا من قلة الدعم الغربي لهم. وحتى الان اقتصر الدعم البريطاني على اجهزة اتصال وتدريب ناشطين على كيفية توثيق انتهاكات النظام السوري لحقوق الانسان. وعن التواجد البريطاني على الارض نفى ويلكس وجود اي مسؤول او جندي بريطاني على الارض وان بريطانيا لن تزود المقاتلين بالسلاح حيث قال 'قلنا لهم وبشكل واضح اننا لا نريد ان نغوص في الحرب الاهلية'.

50 جهاديا

وينبع الموقف البريطاني هذا من خشيتها من وقوع الاسلحة بيد الجهاديين الذين يتدفقون على سورية من كل مكان فقد اشارت نفس الصحيفة الى جهادي بريطاني من اصل بنغالي قدم للقتال في سورية. وقالت في اشارة الى استمرار تدفق المقاتلين الاجانب لسورية ان الجهادي في العشرينات من عمره. وتقول انه مرتبط بتنظيم دولي مكرس نفسه للجهاد. ووصفته بالملتزم ومن سكان لندن، ويقوم بتجنيد الشباب المثاليين الباحثين عن مغامرة. وتقول ان الشرطة البريطانية صادرت اجهزة كمبيوتر وهواتف نقالة من عدد من البيوت وتقوم بتحليل موادها. وتعتقد الشرطة ان عدد المقاتلين البريطانيين في سورية يصل الى 50 وهم جزء من جيش من المتطوعين القادمين من الباكستان والشيشان وليبيا وتونس والاردن والسعودية ودول اوروبية مثل فرنسا.
وتعود اصول المقاتلين البريطانيين الى شمال افريقيا وجنوب آسيا وبعض البيض ممن اعتنقوا الاسلام وقلة من المسلمين من اصول افرو- كاريبية. ويصل المقاتلون هؤلاء الى سورية عبر تركيا او يسافرون للعراق ومنها يدخلون الى سورية. وتضيف ان الاجهزة البريطانية تشعر بالقلق من اثر المقاتلين في سورية على الامن الداخلي اكثر مما تعاملت مع المقاتلين البريطانيين الليبيين الذين قاتلوا للاطاحة بنظام القذافي حيث قالت ان هؤلاء كانوا مدفوعين بحب الوطن اكثر من الجهاد.

الحرب على ابواب المدينة

في سياق اخر، يتساءل تقرير عن دمشق وهل وصلت الحرب اليها؟ ويقول ان اهالي العاصمة اخذوا يستفيقون على حالة الحرب التي تعيشها البلاد وانهم لم يعودوا بمأمن عنها. وبدأ اهالي العاصمة بالتساؤل عن القادم والى اين هم سائرون 'هل سنكون حلب الثانية' وكم بقي من الوقت حتى تقصف اسواقنا وبيوتنا، تقول مواطنة في العاصمة. الحرب بعيدة عن العاصمة لكن مظاهرها منتشرة في كل مكان، بين كل ميل وميل نقطة تفتيش، اكياس رمل ومتاريس تنتشر على مداخل الشوارع والمباني الحكومية، جنود لا يكتفون بالنظر الى بطاقات الهوية بل والتفتيش الدقيق لكل من يمر على حاجزهم. الحياة الاعتيادية التي يحاول النظام واجهزته الاعلامية تقديم مظاهرها لم تعد تقنع السكان، فهم يخشون الخروج من بيوتهم في الليل، فان لم يكن ينجح بركان دمشق الذي اعلنه مقاتلو المعارضة في الصيف فهناك شعور بأن الحرب قادمة لا محالة.
وتقول صحيفة 'نيويورك تايمز' ان الموالين للنظام انفسهم يتحدثون عن حتمية الحرب فيما يقول المعارضون انهم يضيقون الخناق على العاصمة. وتقول الصحيفة ان دمشق المعروفة بحياتها الليلية، مقاهيها ونواديها، لا يخرج الا القليل من سكانها للسهر، خاصة ان عمليات الخطف منتشرة ولعدم توفر وقود السيارات، كما ان السهر لم يعد اهتمامهم الاول فهم قلقون من غلاء الاسعار وقلة المواد الغذائية والوقود اللازم لتدفئة البيوت والشتاء على الابواب. وتقول ان حالة النكران انتهت، بعد ان تظاهر الدمشقيون ان ما يحدث في بقية البلاد امر بعيد عنهم ولا يخصهم، حيث واصلوا طوال الصيف حفلاتهم ونشاطاتهم الاجتماعية وحفلات الاستقبال في السفارات قبل ان يهجرها السفراء وحفلات الاوبرا،لكن حالة الاختناق بدأت مع دخول الخريف عندما كثرت حواجز التفتيش. واصبح الحديث عن مصير اللاجئين المنتشرين في المدارس والساحات العامة جزءا من النقاشات اليومية.
وتنقل الصحيفة الانطباع الذي نقله قاله صحافي مقيم في باريس سمحت له السلطات الدخول وتغطية الوضع بحرية عن العاصمة وانها تعيش حالة حصار، سكانها خائفون لا يعطون الا الاسم الاول خشية الملاحقة. وتشير الصحيفة الى قصة ابنة رجل اعمال في المزة التي اختطفت وطالب خاطفوها بفدية دفعها والدها (395 الف دولار) حيث اعادوا الفتاة بعد اغتصابها وتعذيبها. ويلوم الناس عمليات الاختطاف على جماعات داخل الجيش الحر، فيما لا يعرف اخرون من يلومون. وما يخشاه السكان هو انهيار المجتمع، حالة انهيار نظام الاسد، ويتحدثون عن اشباح البوسنة والعراق، فالتعايش بين الاقليات والغالبية اصبح محل مساءلة واصبح الكل غرباء عن بعضهم البعض.
والشك ليس المشكلة الوحيدة التي يواجهها السكان فهناك نقص العملة وعدم القدرة على تلقي الاموال من الخارج، وزيادة الاسعار بسبب الحصار، حيث تضاعفت اسعار المواد الغذائية، فيما تنتشر السوق السوداء. وعن الجيش الحر نقلت عن قيادي اسمه ابو خليل قوله انهم يعملون على حصار العاصمة مع انهم يخشون من قوة النظام الضاربة، وقال انهم اصحاب القرار وليس كحلب حيث يتلقى المقاتلون الاوامر من تركيا. وتبدو الصورة في دمشق قاتمة والحياة مشلولة. كما يعاني الجيل الشاب من ازمة علاقات، وصداقات تنهار، دراسة معلقة، والكل في انتظار المجهول. ويختم التقرير بالقول ان القانون السوري يحتم على كل مواطن التبرع بالدم عندما ينهي دراسته الثانوية او الجامعية، مما يعني ان دم السوريين مختلط، ولو اندلعت الحرب الاهلية فهذا يعني ان الاخ سيقتل اخاه وليس ابن بلده.

الطائفة تتململ

دمشق ليست الوحيدة التي باتت تهتز تحت قدمي الرئيس السوري بشار الاسد، بل الطائفة العلوية التي ينظر اليها كواحد من الاعمدة المهمة لبقاء نظامه، فهناك حنق متزايد في داخل الطائفة مما يشكل تهديدا له. فالطائفة وان وقفت وراء الاسد خوفا على المستقبل من نظام تحكمه الغالبية السنية، لكن اصواتا وهمسات بدأت تسمح داخل ابناء الطائفة وفي مراكز تجمعهم حول المصير الذي يقودهم اليه بشار. وترى صحيفة 'واشنطن بوست' الى حادث اطلاق نار في بلدة القرداحة التي جاءت منها عائلة الاسد الشهر الماضي، واعتقال ناشط علوي بارز يمكن اعتبارهما اشارة عن مظاهر عدم الارتياح لدى قطاع من ابناء الطائفة التي لم تتخل بعد عن دعمها للنظام.
وتعترف الصحيفة انه وان لم تظهر اية بوادر عن تغير في موقف الطائفة وانها على حافة الانضمام للمعارضة المتشرذمة التي لم تقم بجهود للترحيب بهم، بل ان من دعم الاصلاح من ابنائها في بداية الانتفاضة غير موقفه ودعم النظام بعد عسكرة الانتفاضة واستهداف الجماعات السلفية لهم. ومع ذلك فهناك اشارات من ان الانتفاضة التي مضى عليها 19 شهرا بدأت تترك اثرها على الطائفة. ونقلت عن باحث في الجامعة الامريكية ببيروت قوله ان العلويين يرون ان بقاء الاسد في الحكم مرتبط بدعمهم له، ولكنهم يشعرون انه يجرهم لنزاع لا يمكنهم الانتصار فيه.
وتنقل عن جوشوا لانديز الباحث في جامعة اوكلاهوما والمتزوج من علوية مما يعطيه القدرة على رصد ما يحدث في الطائفة، قوله ان الاسد تدخل شخصيا في حادث القرداحة، ويقول ناشط ان الخلاف بين محمد الاسد (شيخ الجبل) وشاكر عثمان كان على تجارة تهريب للسجائر وغيرها من البضائع مؤكدا ان تحميل الحادث اكبر مما يحتمل امر عبثي. ومع ذلك تقول الصحيفة ان الشكوك حول دوافع الخلاف تنبع من ان اطلاق النار حدث في مقهى يعود لعائلة الخير التي تعتبر من اكبر المنافسين لعائلة الاسد وجاء بعد ايام من اعتقال قيادي بارز في العائلة وهو عبدالعزيز الخير، الذي كان ضمن وفد من التنسيقيات الذين اعتقلوا فور وصولهم لمطار دمشق بعد رحلة الى الصين وروسيا، وتنقل عن ناشط في دمشق قوله ان الاعتقال جاء بسبب شك النظام من ان روسيا كانت تهيىء الخير للعب دور بارز في حكومة ما بعد الاسد. ويعتقد الناشط ان الحادث يشير الى شق في الطائفة.

حزب الله خائف ايضا

وليست الطائفة العلوية هي الخائفة على مصيرها، فحزب الله اللبناني يدافع ايضا عن النظام السوري ونفسه كذلك. فقد قالت صحيفة 'ديلي تلغراف' ان الحزب ينجر شيئا فشيئا للحرب الاهلية في سورية، ويتهم باستخدام قواعده العسكرية في سهل البقاع لضرب مواقع المعارضين للاسد في داخل سورية. ونقلت عن مواطن لبناني في قرية قريبة من الحدود مع سورية قوله ان الحزب يركز هجماته على القرى التي يتجمع فيها الجيش السوري الحر من اجل اضعافه قبل ان يشن هجوما بريا عليها.
واكد ابو عبيدة هذا انه شاهد الصواريخ التي تطلق من داخل لبنان، وقال مراسل الصحيفة انه زار الهرمل ومناطق حزب الله حيث سمع اصوات قاذفات الصواريخ. وتضيف ان رجال حزب الله يقومون بحراسة الطرق في سياراتهم (سوف) بحثا عن اي شخص يراقبهم. واشار ابو عبيدة الى عمارة استطلاع يستخدمها حزب الله كنقطة لتخزين الصواريخ كما زعم.
ويأتي الحديث عن قصف حزب الله في ظل احاديث عن مقاتلين لحزب الله يقاتلون الى جانب الجيش السوري. ويقول محلل لبناني ان حزب الله لا يقاتل لحماية النظام السوري بل لحماية نفسه، وان الحزب يقوم بحماية طريق التهريب لنقل الاسلحة القادمة من ايران
.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق