الأربعاء، 24 أكتوبر 2012

الاسد يقتل شعبه ويدمر تاريخه وثراثه ..انه مجرم حرب بامتياز..

تراث يُدمَّر وتُدمَّر معه روح شعب
> في الأمس أحرقت أسواق حلب التاريخية، والقلعة التي صمدت قروناً في المدينة مهدّدة. روائع الفن الأموي مهدّدة في أرجاء الوطن. الشواهد اليونانية والرومانية والبيزنطية في أفاميا تحت رحمة اللصوص. معرّة النعمان، بلدة أبي العلاء المعرّي وتاريخها الإسلامي والعربي المجيد، تئنّ تحت الضربات القاسية التي لا ترحم لا بشراً ولا حجراً. القصف متواصل على قلاع الحصن وشيزر والمضيق. عمليات النهب لكنوز تدمر وحماة وإدلب متواصلة من دون رقيب، والهضبة الكلسيّة حيث الكنائس القديمة أرض سائبة. سورية بلد رائع جميل أرضاً وشعباً وآثاراً.. على أرضها آثار تحكي قصّة حضارة عظيمة تمتدّ جذورها آلاف السنين في عمق التاريخ البشري، منذ عصوره الأولى المسمّاة بعصور ما قبل التاريخ وحتى العصر الحديث. هذه الحضارات المتعاقبة وهبت المجتمع السوري تنوّعه، وصاغته خلال آلاف السنين كالفسيفساء، وربّت البنية الروحية السورية على الاعتداد بالنفس وبتماسك النسيج الاجتماعي والتسامح.. هذه الذاكرة الحضارية التاريخية مستمدّة من الشواهد المادية التي تعرض في المتاحف، وتكمن في المواقع الأثرية السورية، يجسّدها الشعب السوري الذي ورث روحها العظيمة، كما ورث التنوّع الذي تتلاحم فيه المكوّنات السورية في جسد قومي وطني، وتتجسّد فيه العلاقة بين التراث الحضاري والبنية الإنسانية.
هذا التنوّع الأثري الفريد في خطر ومهدّد بالضياع، بسبب طغمة حاكمة تحارب شعبها، وتستخدم كل آلات الدمار لهدم الحجر والفتك بالبشر. كل شيء معرّض للقصف بالمدافع والدبّابات والطائرات الحربية. فهل من يقتل شعبه يتورّع عن تدمير آثار بلده؟!
وكما تنزف دماء الأبرياء ينتهك التراث الأثري السوري ولا يجد من يدافع عنه أو حتى يذرف دمعة عليه، والمؤكّد أن حجم الكارثة لن يعرف إلا بعد أن تشرق شمس جديدة على سورية.  في الأمس نهب متحف بغداد والتراث العراقي الغني، واليوم جاء دور سورية. فما حدث في العراق على يد الغزو الأنغلو سكسوني في العام 2003 يتكرّر في البلد الجار. العراق فقد متحفه الوطني، وأحرقت الكتب الأثريّة في المكتبات. ويفيد أثريّون سوريون بأن المدن الرومانية الأثرية، التي تعود للعصر البرونزي، تمّ تدميرها. آثار تاريخية عظيمة تسوّى بالأرض، شواهد تاريخية لا تتكرّر تمحى عن بكرة أبيها، لوحات الفسيفساء البديعة تقطّع بالمناشير، تحف نادرة تضيع، كنوز تنهب وتهرّب الى خارج الحدود، لصوص يتسابقون على متاحف حماة وحلب وإيبلا، كما تسابقوا على متاحف بغداد وبابل وسامرّاء.
في سورية ستة مواقع على لائحة التراث العالمي، وهي أحياء دمشق القديمة، وحلب القديمة، وقلعة المضيق وقلعة الحصن، ومدينة بصرى القديمة، ومدينة تدمر، والقرى الأثريّة شمالي سورية. هذه الآثار السورية تكتسب أهميّة استثنائية، من حيث أنها شاهدة على التطوّر البشري. سورية تشهد على نشوء القرى الأولى في التاريخ. هذه الآثار التي كانت عنواناً للاهمال في ظلّ الحكومات السورية المتعاقبة هي الآن عرضة للدمار والنهب. تاريخ سورية يتعرّض لخطر، فالقلاع الصليبية والمساجد الأثرية والكنائس الرومانية تتعرّض يومياً للخراب والدمار على أيدي القوّات الحكومية والمسلّحين. قلعة كرك، التي وصفها «لورانس العرب» بأنها أجمل قلعة في العالم، والتي فشل صلاح الدين الأيّوبي في اقتحامها، تعرّضت لدمار لا يمكن إصلاحه.  كل هذا مهدّد. تراث يُدمَّر وتُدمَّر معه روح شعب والهويّة. تاريخ سورية يدمّر مثلما يدمّر مستقبلها. هذا التراث ليس ملكاً لا لحكومة ولا لرئيس، إنه ملك لكل السوريين، وملك أيضاً للبشرية جمعاء، حافظوا عليه فهو غالٍ كالحرّيّة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق