الخميس، 18 أبريل 2013

علم النفس الاستعجالي في تدبير الكوارث Psychologie d’urgence dans la gestion des catastrophes.الاستاذة: نصيرة برجة محمد يحي يبيطش اخصائية نفسية باريس

- 
  1 .
تعريف علم النفس الاستعجالي / Définition  

2-    منهجية علم النفس الاستعجالي / Méthodologie
3-    علم النفس الاستعجالي وتصنيف ردود فعل ( العرضية)
ما بعد الصدمة الكارثية / Classification
4-    تقنيات تدخل علم النفس الاستعجالي
 في مختلف مظاهر الظواهر الكارثية / interventiontechnique d
1-          تعريف علم النفس الإستعجالي:

يسعى علم النفس الإستعجالي إلى أن يتبوأ مكانة فرع مستقل من فروع علم النفس الحديث والتطبيقي، لكي يستجيب لرغبة ملحة تطرحها الحالات الطارئة لمجموعة من السلوكيات النفسية الناتجة عن ردود الفعل، التي تخلفها مظاهر الأزمات والكوارث والعنف: [ كالعنف الإنساني والأزمات والصدمات النفسية الناتجة عن أعمال إجرامية وحوادث السير والاعتداءات الإرهابية والنزاعات المسلحة والكوارث الطبيعية من زلازل وفيضانات وانجراف التربة وإشعال النيران الغابوية وانفجار غازات المنازل إلخ...]

ويستمد علم النفس الإستعجالي شرعيته من علم النفس العيادي الذي يهتم بدراسة الحالات النفسية العادية أو المرضية قصد التشخيص والعلاج، والتي قد لا تتسم بطابع الاستعجال على الإطلاق ( كما نجد في حالة بعض السلوكيات النفسية العصبية مثلا) .
وكذلك علم الضحية باعتباره أحد فروع علم الإجرام الذي يوجه دراسته للشخص الذي تحمل أذى بشكل إرادي أو غير إرادي من طرف الغير أو ناتج عن أزمة أو كارثة طبيعية، رغم أن تدخل علم الإجرام وخاصة العيادي يبقى محدودا في إطار الإصابة الجسمية والنفسية الناتجة عن العنف الذي يسببه الشخص ( أو الفاعل أو المجرم) لغيره .
وانطلاقا من هذه المرجعيات العلمية لعلم النفس العيادي وعلم الضحية، وكذا نواقصهما التطبيقية يستمد علم النفس الإستعجالي إطاره النظري والمنهجي والتطبيقي للإحاطة بكل مظاهر الإشكاليات التي تطرحها الحالات الإستعجالية والتي تتطلب تدخلا نفسيا طارئا.
إن تطور التدابير النفسية للضحية باعتباره مجالا نفسيا يفسر بالأساس ردود الفعل الناتجة عن اثر الفعل الإجرامي وكذا الديناميكية الإجرامية أو أي نوع من طبيعة العوامل التي ساهمت في إنتاج هذه الضحية، حيث يستدعي هذا وفي الوقت الراهن تقنيات وتر سنة علمية نفسية لمواجهة الحاجيات الطارئة التي تتطلبها الضحية، كما هو سائد في الطب الإستعجالي والطب النفسي الإستعجالي إلخ .
إن تطور أساليب العمل والتدخل النفسي للفريق المتعدد الاختصاصات في الدور السائرة في طريق النمو أو النامية، إلى جانب الأشخاص ضحايا العنف أو الإرهاب أو الكوارث الطبيعية أو غيرها، جعلنا نفكر بعمق في مسألة استحداث " تقنية التدخل النفسي الإستعجالي" والذي يجد مرجعيته النظرية والتطبيقية فيما سميناه " علم النفس الإستعجالي"، وهذا الفرع من علم النفس يجد تبريره المنطقي والنفعي فيما يسمى بفرنسا ودول أخرى: "بالفريق الطب – النفسي الإستعجالي المتنقل" الذي اتسعت دائرة تدخله في مجال المؤسسات الاجتماعية التي تتكفل بالحالات النفسية الطارئة كالنساء ضحايا العنف أو الاستغلال الجنسي للأطفال... إلى الفضاء العام الذي اصبح يفرز ظواهر أخرى كالأشخاص ضحايا العنف الإجرامي أو ألجنحي والأشخاص ضحايا الإدمان إلخ.
وانطلاقا من هذه الحاجة النفسية والعادية الملحة التي فرضتها " وضعية وصيرورة الضحية: كيفما كانت الأسباب التي أفرزتها، يمكن تعريف علم النفس الإستعجالي بكونه أحد تخصصات علم النفس الذي " يسعى لدراسة حالات فردية أو جماعية محدودة والتي تأخذ شكلا استعجالا ناتجا عن جميع أنواع ومظاهر الإجرام والإرهاب والحوادث والكوارث والحروب إلخ وذلك قصد التشخيص والإسعاف النفسيين".
 2- منهجية علم النفس الإستعجالـي :
مقابلة استعجالية
 موجهة

مقابلة استعجالية نصف



 

 موجهة


يعتمد علم النفس الإستعجالي في منهجيته على مجموعة من التقنيات العيادية الطارئة التي يتقاسم بعضها مع علم النفس الإكلينيكي المرضي وعلم الضحية، ويمكن تلخيصها فيما يلي :
1- المقابلة التشخيصية الإستعجالية

2-          الملاحظة الإستعجالية

3-         تقنية الاستشارة الإستعجالية: تعتمد على إبداء النصيحة قصد مساعدة الحالة على التعبير النفسي وجمع المعلومات.
4-          تقنية التوجيه: أداة تمكن من الاقتراب من الحالة وفهم تعاطف أعمق لطلبها المستعجل قصد الإرشاد والتوجيه.
5-          تقنية المرافقة: أداة تحتمل موقف الإسعاف النفسي ومرافقة الحالة للتغلب على صعوباتها والتخفيف من وقع الصدمة.
6-          المساعدة النفسية: اعتماد تقنية المساعدة النفسية الآنية والحمل على تجاوز القلق والتخفيف من أثر وثقل الأزمة والمساعدة على تغيير الأفكار والاعتماد على الذات .
7-          تقنية التتبع الطولي النفسي: يعتمد على التتبع النفسي والاجتماعي المستمرين للحالة المستعجلة لتجاوز خلافاتها النفسية وحملها على الاستقلالية في التكفل بذاتها.
3- علم النفس الإستعجالي وتصنيف ردود فعل (العرضية) ما بعد الصدمة الكارثية :
v1- مقاييس التشخيص الإستعجالي لأعراض ما بعد الصدمة :
1-    كل شخص تعرض لحدث صادم الذي يتضمن حضور عنصرين:
vأ : يكون الشخص قد عاش أو تعرض أو شاهد حدثا أو أحداثا توفي فيها مجموعة من الأفراد أو جرحوا فيها أو مهددين بالموت أو تعرضوا فيها لأضرار بالغة، والتي من خلالها تكون وحدته الجسمية والنفسية كما هو الشأن بالنسبة للآخرين معرضة للتهديد .
vب : تترجم ردود فعل الشخص حيال الحدث بالأعراض التالية: الخوف الكثير- الشعور بعدم القدرة- الفز والرعب إلخ...
أما بالنسبة للأطفال، فيلاحظ عندهم سلوك عدم التنظيم أو إثارة مفرحة يمكن أن تصاحب هذه الأعراض أو هذه التمظهرات.
2-          غالبا ما يتم إعادة عيش الحدث بطريقة أو بطرق مختلفة
ذكريات متكررة ومستحوذة للحدث والتي تفرز شعور الضيق (détresse) ويتضمن صورا وأفكارا أو إدراكات مؤلمة.
عند الطفل يمكن أن يظهر على شكل لعب متكرر يعبر عن موضوعات أو أشكال الصدمة
الحلم المتكرر للحدث والذي يفرز الضيق:
عند الطفل يمكن أن تظهر أحكام مخيفة بدون مضامين معروفة ( عبارة عن أحلام مزعجة أو مرعبة).
ظهور انطباعات أو تصرفات مهيجة مفاجئة، وكأن الحدث الصادم سوف يقع من جديد (ويتضمن شعور إعادة معايشة الحدث وتوهمات وهلاوس ودورات عدم الترابط (épisodes dissociatifs) التي تظهر أثناء اليقظة أو التسمم) 
عند الطفل : ظهور إعادة بناء خاص للحدث على مستوى اللعب أو التصرفات أو التخيلات والتماثلات
شعور كبير بضيق النفس عندما يتعرض الفرد لأحداث صادمة مشابهة أو تثير أحاسيس مؤلمة كالتي تبلوره أثناء الصدمة.
بروز أنشطة فيزيولوجية ونفسية أثناء التعرض لمؤشرات داخلية أو خارجية يمكن أن تثير أو تتشابه مع أحد مظاهر الحدث الصادم .
vج:  التجنب المستمر للمثيرات التي لها بالصدمة وإنهاك التنشيط العام وهو ما يدل على حضور اكثر من ثلاث أعراض كالتالي :
ü  مجهودات كبيرة لتجنب الأفكار والشعورات أو الحديث التي لها علاقة بالصدمة
ü        مجهودات قصد تجنب الأنشطة والأماكن والأشخاص الذين يثيرون ذكريات لها علاقة بالصدمة
ü        عدم القدرة على تذكر المظاهر المهمة للصدمة
ü        تراجع واضح في الأهمية التي لها علاقة بالأنشطة المهمة أو تراجع في المشاركة ضمن هذه الأنشطة
ü        بلورة شعور الابتعاد عن الآخرين وأن يتحول إلى أجنبي بالنسبة إليهم
ü        تقيد عاطفي مثل عدم القدرة في إبداء شعور المحبة للآخر
ü        بلورة شعور عدم الاستثمار النفسي مثل : عدم القدرة على بناء المستقبل وعدمن القدرة على الزواج والإنجاب والنجاح في مهمة من المهام ومشكل الانخراط في السير العادي للحياة.
v                       د: استمرارية وجود أعراض تترجم الأنشطة العطبية الداخلية للجسم وذلك بحضور على الأقل ثلاثة أعراض :
 صعوبات في النوم أو النوم المتقطع
 الغضب أو التطور نحو السخط
 صعوبات في التركيز والانتباه
 الحذر الزائد
 ردود فعل الرجفة المبالغ فيها
vهـ: إضطرابات الأعراض: ب وج ود ، قد تستمر أكثر من شهر
v و: تؤدي هذه الإضطرابات إلى معاناة عيا دية دالة أو إلى تحولات سلبية في الوظيفة الاجتماعية والمهنية ومجالات مهمة أخرى للفرد.
وحسب CIM10   و DCM 6 ، ويجب تحديد الخصوصيات العيادية التالية:
1-          حادة : إذا كانت فترة الأعراض أقل من ثلاثة أشهر.
2-          مزمنة : إذا كانت فترة الأعراض أكثر من ثلاثة أشهر وأكثر.
3-          الظهور المؤجل: عندما تكون بداية الأعراض على الأقل بعد ستة أشهر ما بعد الصدمة.
4-          تقنيات تدخل علم النفس الإستعجالي في تدبير الظواهر الكارثية الطبيعية والإنسانية.
4-1 تعتمد هذه التقنية على المقابلة الشخصية الإستعجالية نصف الموجهة والتي يمكن إدارتها من " وسيط" مهيأ لهذه المهمة التي تحتمل هدفين لا يمكن الفصل بينهما في نفس الوقت:
أ‌-              التشخيص الإستعجالي قصد التوجيه والرعاية
ب‌-        التشخيص الإستعجالي قصد المساعدة والإسعاف النفسيين.
4-2 الأخلاقيات والشروط المتوفرة في الوسيط أو المسعف:
1-          أن يكون جاهزا لهذه المهمة
2-          عدم التوتر النفسي ويشمل الانضباط والهدوء
3-          الاستعداد النفسي والشخصي لإدارة المقابلة
4-          إبداء موقف الإصغاء والانتباه والملاحظة والإخلاص والصدق والتفهم.
5-          التحكم في طريقة التدخل لمساعدة الضحية على التعبير وتخفيف الألم.
6-          الطمأنة المبكرة للضحية وعدم التسرع في تأويل الأفكار لأنها قد تعيق التعبير عن الأحاسيس والألم
7-          مسايرة وثيرة الضحية في الحوار والمقابلة
8-          محاولة اقتسام شعور الألم (إشراك الضحية في ألـمها)
9-          الحياد في إبداء الرأي
10-   جر الضحية للالتزام وتحمل المسؤولية
11-   الليونة في المواقف
12-   استعمال لغة مفهومة ومبسطة
13-   كثمان الأسرار
14-   تكوين في العلوم الاجتماعية والنفسية والسعي إلى التكوين المستمر.
4-3 رغبة الضحية في المعاملة أثناء المقابلة والاستشارة والتوجيه والتتبع.
1-   أن تعامل كإنسان وليس كرقم أو صنف اجتماعي أو مرضي أو عرقي إلخ...
2-   أن تعبر عن أحاسيسها وشعورها كيفما كانت سلبية أو إيجابية
3-    أن تحترم كيفما كانت درجة عدم استقلاليتها وأخطائها أو ضعفها أو درجة مسؤوليتها في الجريمة إلخ.
4-   أن تجد تفهما فيه تعاطف وأجوبة للأسئلة المطروحة.
5-   ألا تكون موضوع أحكام قبلية نظرا لصعوباتها.
6-   أن تجد ثقة وكتمانا للأسرار التي أفشتها
7-   أن تبلور اختياراتها وتقرر في مصيرها لتصبح مستقلة فيما بعد.
4-4 خطوات المقابلة الشخصية كتقنية للتدخل النفسي الإستعجالي في مجال الكوارث.
1-          الانفرادية: وجوب إجراء المقابلة على انفراد وتجنب طرح الأسئلة المباشرة ( فيه اعتراف وتفهم لخصوصية كل حالة على حدى – توفير الإطار الملائم والمناخ الهادئ – الطمأنة – التماثل لشخصية الوسيط- التعاطف المسبق مع الضحية إلخ)
2-          تسهيل التعبير والتحويل : ضرورة التواصل في هذه العلاقة الحيوية والودية- تسهيل وتمكين الضحية من التعبير مع الأفكار والصدمة لأنها تحتمل التخفيف من المعاناة – جر الضحية إلى التحويل الإيجابي للإفصاح عن مكامن العقدة النفسية وهذه العملية تهدف إلى :
إزالة القلق والتوتر عند الضحية 
فهم أكثر عمقا لشخصية الضحية
الإصغاء والفهم والانتباه يتضمنون مساعدة نفسية ومعنوية للضحية
مناسبة لتعميق الثقة المتبادلة بين الوسيط والضحية
تجنب الإثارة والاستفزاز
تجنب تعزيز سلوكيات المقاومة والكف النفسيين وتشجيع تغيير الأفكار والسلوكيات الناتجة عن الصدمة والعنف
تعزيز الثقة في النفس وإرجاع الاعتبار النفسي الرمزي
3-          الإجابة على التساؤلات المطروحة: تبني موقف الحذر في الأجوبة على الأسئلة – التحكم في الأجوبة الانفعالية – الصرامة في الأجوبة –إبداء التفهم – التحكم في مسار الأسئلة – تجنب التحويل المضاد – عدم التسرع في تأويل الشعور والأحاسيس والأفكار والمواقف المتضمنة في الأسئلة إلخ
4-          مبدأ القبول رغم الاختلاف : رغبة مساعدة الضحية تنبع من درجة قبوله حقيقة – شعور الضحية بأنها مرغوبة ومقبولة من قبل الوسيط أو الفريق المتعدد الاختصاصات – القبول لا يعني الاستسلام لكل مواقفه وسلوكا ته – مبدأ القبول هو التخفيف- العلاج – قبول الضحية رغم ما يمكن تسجيله من اختلاف ثقافي عرقي اجتماعي في المواقف والأفكار والتصرفات – الرفض هو التهميش والإبعاد – تجنب التماثل المفرط – عدم الخنوع لكل مطالب الضحية – التمييز بين القبول والتأييد والإقرار والرضى – إبداء مبدأ الإحترام للضحية إلخ
5-          مبدأ تجنب الأحكام المسبقة : كما هو الشأن في جميع المهن إبداء موقف رفض الحكام القبلية – هذا المبدأ يتضمن على المستوى المعرفي والعاطفي رفض تقييم درجة مسؤولية الضحية في المرور إلى الفعل – ولكن هناك ضرورة لتقييم ردود الفعل والمقاييس التي أبدتها الضحية – هذا المبدأ يجب إدراكه من قبل الضحية- سلطة الحكم تمتلكها الجهات الإدارية المسؤولة- صدور أحكام من قبل أشخاص لا يتوفرون على تفويض سلطوي يعتبر خرقا لحقوق الإنسان الأساسية- الضحية بحكم حساسيتها المفرطة وشعورها بالذنب يمكن أن تدرك الأحكام المسبقة على أنها أحكام وعقوبات بالدرجة الأولى.
6-     مبدأ احترام استقلالية الضحية: عدم التأثير على الضحية- احترام آرائه وأفكاره- مساعدته على صياغة طلبه بوضوح- احترام اختياراته ومشارعه- احترام استقلالية الضحية تقف عند قدرتها على بلورة قرارات إيجابية وبناءة لتستقل بذاتها وتتحمل مسؤوليتها وترجع ثقتها في نفسها وتجاوز صعوباتها- يحتاج هذا المبدأ إلى:
مساعدة الضحية على التعامل مع مشكلتها بوضوح وواقعية وموضوعية إلخ.
 تمكين الضحية من استعمال مواردها النفسية الشخصية والاجتماعية
 إشعارها بتحمل المسؤولية في حل المشاكل ولعب دور أساسي
 عدم الاقتناع السلطوي
 حدود مبدأ احترام الاستقلالية مقرون في عجز اتخاذ القرارات والسن القانوني والأخلاقي والنفسي.
7- مبدأ احترام السر المهني: الحفاظ على سرية الأفكار والمعلومات التي أفشتها الضحية – احترام هذا المبدأ واجب أخلاقي  وديني ومهني – احترام هذا المبدأ يشجع الضحية على تعزيز ثقتها بالوسيط- على الاستمرارية على التعامل معه- يمنع إنشاء السر المهني لأن القانون يعاقب من شهر إلى 5 سنوات مع غرامة مالية في الفصل 447 من القانون الجنائي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق