الجمعة، 5 أكتوبر 2012

ضربة استباقية في الاردن رأي القدس




في خطوة استباقية، وبهدف تنفيس الاحتقان السياسي الذي يسود البلاد حاليا، اصدر العاهل الاردني الملك عبدالله الثاني مرسوما ملكيا بحل البرلمان والدعوة الى انتخابات عامة مبكرة، مما يعني استقالة حكومة فايز الطراونة التي اثارت استياء الكثيرين وذلك بصورة آلية.
العاهل الاردني يدرك جيدا ان عدم اتخاذ خطوة كهذه قبل بدء المسيرة الكبرى التي ينظمها التيار الاسلامي اليوم يمكن ان يؤدي الى حدوث صدامات دموية، خاصة ان جبهة العمل الاسلامي تعهدت بحشد خمسين الف متظاهر في ساحة النخيل دعما لمطالبها الاصلاحية.
المسيرة التي تحمل شعار 'انقاذ الوطن' ستلتئم وان كان من المتوقع ان يكون عدد المشاركين فيها اقل عددا لسببين رئيسيين: الاول هو صدور الارادة الملكية بحل البرلمان، والثاني المخاوف من حدوث صدامات بين الموالاة والمعارضة.
الحكومة الاردنية نجحت في اقناع احزاب الموالاة بتأجيل مسيرة مضادة دعما للعرش الهاشمي، ومعارضة للتيار الاسلامي، ولكن هذا لا يعني ان احتمالات الصدام غير واردة خاصة ان بعض الجماعات الموالية مصرة على تنظيم مسيرتها.
حل البرلمان قد يؤدي الى تنفيس بعض الاحتقان، ويحل جزءا من المشكلة وقد يكون بداية توتر من نوع آخر، لان التيار الاسلامي قرر مقاطعة الانتخابات التي من المتوقع ان تجرى بداية العام المقبل لمعارضته لقانون الانتخاب الجديد.
المشكلة تكمن في غياب الاصلاحات السياسية التي يريدها الاصلاحيون في الاردن وعلى رأسهم جبهة العمل الاسلامي، اي ان تكون الانتخابات حرة نزيهة تؤدي الى برلمان جديد يكون المرجعية لتشكيل حكومات تنطلق من رحم البرلمان وتتمتع بصلاحيات تنفيذية واسعة.
مقاطعة الاسلاميين للانتخابات تعني انهم سيظلون خارج البرلمان، والنظام السياسي بالتالي، ويلجأون الى الشارع للتعبير عن مظالمهم التي يتحدثون عنها وهذا يعني ان اي برلمان جديد سيكون ناقص التمثيل، ويستثني قطاعا كبيرا ومؤثرا من الشعب.
لا نعرف ما هي الاعتبارات والمخاوف التي دفعت بالعاهل الاردني الى عدم تلبية الجزء الاكبر من مطالب الحركة الاسلامية، ولكننا يمكن ان نتحسس الاخطار المترتبة على بقاء هؤلاء خارج قبة البرلمان.
السلطات التي تجاوزت اعصار الربيع العربي وثوراته تبنت سياسات مرنة، وقدمت تنازلات كبيرة للاصلاحيين من بينها حل البرلمان وتعديل الدستور، وبما يؤدي الى تقليص بعض صلاحيات الحاكم وتعزيز صلاحيات البرلمان في المقابل.
من الصعب استباق الامور واصدار احكام تتسم بالتسرع، ولكن ما يمكن التأكيد عليه هو ان الاردن الذي يواجه ازمات اقتصادية حادة، وجوارا اقليميا ملتهبا من كل الجوانب، يحتاج الى استقرار ومصالحة وطنية كطريق اساسي للوصول اليه اي الاستقرار.
مسيرة اليوم وكيفية التعاطي معها امنيا، وحجم المشاركة الشعبية فيها، كلها عوامل يمكن ان تحدد ملامح المرحلة المقبلة في الاردن، وهي من غير المستبعد ان تكون مرحلة صعبة مشوبة بالقلق ومفتوحة على كل الاحتمالات.
Twier: @abdelbariatwan

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق