الخميس، 4 أكتوبر 2012

لماذا هذه الحملة المسعورة على الاسلام من الغرب؟

لماذا هذه الحملة المسعورة على الاسلام من الغرب؟ اذا أردنا ان نعقل الأمور بلا تأويل نقول ان ثمّة شهوة لضرب الاسلام بسخرية وثأر واضح. لماذا التحرّش بالمسلمين اليوم وكأن هناك اوركسترا تنسق بين ناس من مختلف الآفاق كلمات عدائية.
ابتدأت القصة مع الصور الدانماركية حتى وصلت الى هذا الفيلم المسيء الذي شاهدت مقطعا منه أقل ما يقال فيه انه بذيء لطعنه بوضوح في الرسول العربي.
أذهلتني ايضا الطعون في الصحافة الفرنسية ولست أفهم هذا الإكثار من محاربة الإسلام وخصوصاً ان الدنيا تبحث عن السلام وان الجو السجالي بين الأديان لم يبقَ له أثر منذ فترة من الزمن طويلة. هل هناك قوى سياسية معيّنة لمكافحة الإسلام؟ ما هو واضح عند المتابعين للشأن الديني في العالم ان الكنائس أخذت بالانفتاح على الديانات الأخرى ولها في هذا الأمر وثائق.
أنت ترى الآن كليات اللاهوت المسيحي في هذا البلد وغيره تعلم الإسلام بطريقة علميّة كاملة كما يعلّمه المسلمون ولا تناقش ولا تساجل. ويعلّم الحضارة العربية الإسلامية في الجامعة اللبنانية مسلمون او مسيحيون. خلال سنوات قمت في الجامعة بهذه المسؤولية ولم يعترض على ذلك احد بقوله انّى لرجل دين مسيحي ان يعلّم مادة الاسلاميّات باعتبارها قسمًا من الحضارة العربية.
ماذا في عقليّة منتجي الأفلام السينمائية او مقالات الصحف ليهاجموا الإسلام؟ كيف بدت هذه الظاهرة؟ جلّ ما أقوله ان المذاهب المسيحية وانا أتابع نشاطها الفكري والعملي ليست مجندة إطلاقا ضد العقيدة الإسلامية. استنتج من هذا ان الرئاسات الروحية المسيحية ليست هي التي أوحت بهذا التحرّك الجنوني الذي رأينا بعض مظاهره في الصحافة او السينما. والقيادات الروحية او الفكرية في الإسلام العربي تعرف ذلك.

***
نحن شاكرون لله ان علماء المسلمين العرب واجهوا هذه الحملات على دينهم بهدوء. بعض من هذا يعود الى ثقتهم بالمسيحيين العرب الذين يبغون العيش مع المسلمين في سلام وفهم.
لست أريد ان أعود الى هذا الفيلم المؤذي الذي طعن في الرسول وانا الذي قرأت سيرة النبي العربي جيدا تيقّنت ان ما عُرض ليس واردا في حياة محمد وان ما ظهر في هذه الآونة الأخيرة ان هو إلاّ افتراء لست أعرف مصادره. العمل لا أثر فيه للعلم وتاليا لا يبقى لي ان أقول انه نشاط سياسي استخباري كامل.
شأن المسلمين بعد ان أظهروا غضبهم المحق ان يتصرفوا بحكمة ولا يعوز قادتهم هذا. وعلى المسيحيين في دنيانا العربية وفي الغرب ان يناصروا المسلمين لكون المؤمنين بالمسيح يبغون الحق والسلام الديني في بلادنا وفي العالم.
البدء هو في العيش الواحد بما فيه الاحترام الكامل لعقيدة الآخر ضمن الاختلاف العقلي المشروع. أمنيتي ان يفهم كل أهل الغرب الذين يؤلّفون المجتمع المدني ان الحروب الصليبيّة قد ولّت ولو كانت الحرب الحاضرة لا علاقة لها بالصليب.
نحن المسيحيين العرب قررنا منذ الفتح ان نعيش مع المسلمين في سلام ووحدة مجتمعية مع حرية للجميع كاملة. نحن طلاب حرية لجميع المواطنين وأعني بها الحرية المسؤولة عن الآخر والمحبة له.
هي كل أنواع الحرية وتعابيرها ومظاهرها الى ان يسود الدنيا حكم الله وعدله ورعايته. أن تطمئن الى الآخر يعني في ما يعني ان تقبله ممارِسًا لدينه والصورة المجتمعية لدينه وحقّه في الدعوة والصلاة وتربية عائلته وحقّه في كلامه رافضًا في هذا كل ما خالف التهذيب والأخوّة.
منطقتنا تعرف هذا الجو الودّي اذ نعيش الصداقات بين العائلات والأفراد وأصحاب المهن ونتقارب في المودّات ولا نفرّق بين الناس ولكنّا نفرّق بين الفاضل والسيّئ من الناس.
***
المجتمع الطاهر الصادق يتخطى كل التطلّعات الذهنية البحتة. انه معطى إلهيّ يضاف إليه جهد بشريّ موصول اذ لا يأتي السلام عفوا ولكن يجب صقله واذا صقلته تنسكب عليك نعمة الله.
لست أقول ان قدرنا ان نعيش معا ولكن خيارنا ان نعيش معا. المسيحية والاسلام حاضران معا في أمة الله والله راعي أهلهما بانعطافه الدائم حتى الساعة الأخيرة من أزمنة الناس. هذا كله يقتضي صبرا طويلا وإرادة مساكنة طيبة مع الحنان الإلهي.
لا تخلو الدنيا من العصبيات الطارئة يبررها هذا وذاك، لكنا نعرف ان هذه ناتجة من وسوسات الشيطان وان مشيئة الرب ان نتحابّ فنتقابل والفاهمون لهم ان يتناقشوا في ما هو عقلي وفي ما يتجاوز العقل، لكنك لا تستطيع ان تكلّم الآخر الا اذا استطبت كيانه اي قلبه وعمله.
لا نستطيع ان نغضّ النظر عن وجود الآخر او ننسى انه هنا وثمّة ونعترف انه قائم معنا في المدى وفي القلب ولعلّ كل مدانا هو القلب. وفي قراءتي هو عرش الله واذا كان الله إلهي وإله المسلم ففي صورة يعرفها ربك نحن واحد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق