السبت، 13 أكتوبر 2012

دعوة المرشد العام للجهاد في فلسطين رأي القدس


غابت قضية فلسطين من ادبيات ثورات الربيع العربي، التي انطلقت قبل عامين تقريبا، ولذلك كانت مفاجأة سارة للكثيرين الذين يؤمنون بعدالة هذه القضية وحجم الظلم الواقع على اهلها، عندما قرأوا ما ورد في الرسالة الاسبوعية للسيد محمد بديع المرشد العام لحركة الاخوان المسلمين التي وجهها الى اعضاء الحزب والمسلمين جميعا يوم امس الاول.
المرشد العام دعا الى الجهاد من اجل تحرير القدس من ايدي المحتل الاسرائيلي، وعبر عن قناعته بان 'استرداد المقدسات وصون الاعراض والدماء من ايدي اليهود لن يتم عبر اروقة الامم المتحدة، ولا عبر المفاوضات، لان الصهاينة لا يعرفون غير اسلوب القوة ولن يرجعوا عن غيهم الا اذا اخذوا على ايديهم'.
مثل هذه الدعوة الى الجهاد باتت عملة نادرة في الوطن العربي هذه الايام، بل انها باتت مقترنة بتهم الارهاب التي تطارد كل من يطلقها او يتبناها بعد تغول اسرائيل وسيطرتها على الاعلام الغربي، بل ومعظم الاعلام العربي تخويفا وترهيبا.
وليس صدفة ان هذه الدعوة الى الجهاد، التي وجهها المرشد الاعلى لحركة الاخوان، تتزامن مع حملة اعلانات مكثفة تنشر ملصقات في محطات مترو انفاق نيويورك تعتبر الجهاد عملا همجيا، وتتزعم هذه الحملة منظمة صهيونية متطرفة تدعو الى تأييد اسرائيل باعتبارها قلعة الحضارة في المنطقة.
اهمية دعوة السيد بديع هذه تأتي من كونها تصدر عن مرجعية اسلامية سنية لها وزنها في مصر والعالمين العربي والاسلامي، فمعظم الدعوات المماثلة صدرت عن مرجعيات شيعية، مثل السيد حسن نصرالله زعيم حزب الله او المرشد الاعلى للثورة الايرانية علي خامنئي، بينما ابتعدت عن الدعوة الى الجهاد، او استخدام القوة لتحرير المقدسات في فلسطين معظم المرجعيات السنية، مثل الازهر الشريف، او هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية، الا فيما ندر.
الدعوات الى الجهاد تتركز هذه الايام في معظمها على الجهاد في سورية لتغيير النظام فيها، وقبل ذلك في ليبيا وافغانستان عندما كانت تحت الاحتلال السوفييتي، وفي العراق بعد غزوه واحتلاله من قبل القوات الامريكية والقادمين على ظهور دباباتها.
المرشد العام للاخوان المسلمين يتربع على قمة حركة فازت بأغلبية المقاعد البرلمانية في الانتخابات المصرية الاخيرة التي جرى ابطالها، ومرشح هذه الحركة الفائز في انتخابات الرئاسة الدكتور محمد مرسي هو رئيس مصر حاليا ولاربع سنوات قادمة على الاقل، وهو بهذه الدعوة للجهاد، والتوعد بالانتقام من الصهاينة لكل قطرة دم ازهقوها في مجازرهم التي ارتكبوها في دير ياسين والحرم الابراهيمي، وقانا في جنوب لبنان، ودماء اسرى سيناء وهضبة الجولان، وفي قطاع غزة والضفة الغربية، انما يرسم سياسة مصر في المرحلة المقبلة ويعيد تصحيح مؤشر بوصلتها نحو العدو الحقيقي للامة والعقيدة، بعد ان جرى حرفها طوال السنوات الماضية عبر سياسات الاستسلام والخضوع والتودد للاسرائيليين والتطبيع معهم، واستجداء السلام معهم من خلال ما يسمى بمبادرة السلام العربية.
من المؤسف ان هذه الرسالة القوية من قبل المرشد قوبلت بالتشكيك من بعض القوى المصرية المعادية لحركة الاخوان، باعتبارها كلمات دون اي مضمون حقيقي، بالنظر الى موقف الحركة الذي لا يطالب بالغاء كامب ديفيد او تعديلها، وفي تقديرنا ان هذا التشكيك يبدو متسرعا، فتجربة الرئيس مرسي في الحكم لا يزيد عمرها عن مئة يوم فقط، وهو يواجه سلم اولويات داخلية حافلا بالقضايا المعقدة مثل الامن والاقتصاد والبطالة والتعليم والصحة، ومن المنطقي اعطاؤه فرصة كافية من الوقت ثم الحكم عليه وادائه في السلطة.
قضية فلسطين واحتلال مقدساتها واضطهاد شعبها وحرمانه من حقوقه المشروعة تظل القضية المركزية الاسلامية الاولى، وهذا لا يعني مطلقا التقليل من القضايا الاخرى، فالعدوان الاسرائيلي على المقدسات هو التحدي الحقيقي للامتين العربية والاسلامية الذي يجب ان يواجه من خلال الوحدة والتصميم وحشد كل اسباب القوة.
Twier: @abdelbariatwan

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق