قال شيخ الإسلام في "منهاج
السنة النبوية" (ج 4 / ص 219):
"ولهذا كان من مذاهب أهل السنة الإمساك عما شجر بين الصحابة
فإنه قد ثبتت فضائلهم ووجبت موالاتهم ومحبتهم وما وقع منه ما يكون لهم فيه عذر يخفى على الإنسان ومنه ما تاب صاحبه منه ومنه ما يكن مغفورا فالخوض فيما شجر يوقع في نفوس كثير من الناس بغضا وذما ويكون هو في ذلك مخطئا بل عاصيا فيضر نفسه ومن خاض معه في ذلك كما جرى لأكثر من تكلم في ذلك فإنهم تكلموا بكلام لا يحبه الله ولا رسوله إما من ذم من لا يستحق الذم وإما من مدح أمور لا تستحق المدح".
وقال رحمه الله في "منهاج السنة النبوية " (ج 6 / ص 118):
"والمقصود أن الفتن التي بين الأمة والذنوب التي لها بعد الصحابة أكثر وأعظم ومع هذا فمكفرات الذنوب موجودة لهم وأما الصحابة فجمهورهم وجمهور أفاضلهم ما دخلوا في فتنة
قال عبد الله بن الإمام أحمد حدثنا أبي حدثنا إسماعيل يعني ابن علية حدثنا أيوب يعني السختياني عن محمد بن سيرين قال هاجت الفتنة وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة آلاف فما حضرها منهم مائة بل لم يبلغوا ثلاثين وهذا الإسناد من أصح إسناد على وجه الأرض ومحمد بن سيرين من أورع الناس في منطقة ومراسيله من أصح المراسيل
وقال عبد الله حدثنا أبي حدثنا اسماعيل حدثنا منصور بن عبد الرحمن قال قال الشعبي لم يشهد الجمل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم غير علي وعمار وطلحة والزبير فإن جاءوا بخامس فأنا كذاب.
وقال عبد الله بن أحمد حدثنا أبي حدثنا أمية بن خالد قال قيل لشعبة إن أبا شيبة روى عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال شهد صفين من أهل بدر سبعون رجلا فقال كذب والله لقد ذاكرت الحكم بذلك وذاكرناه في بيته فما وجدناه شهد صفين من أهل بدر غير خزيمة بن ثابت.
قلت هذا النفي يدل على قلة من حضرها وقد قيل إنه حضرها سهل بن حنيف وأبو أيوب وكلام ابن سيرين مقارب فما يكاد يذكر مائة واحد.
وقد روى ابن بطة عن بكير بن الأشج قال إما إن رجالا من أهل بدر لزموا بيوتهم بعد قتل عثمان فلم يخرجوا إلا إلى قبورهم"انتهى كلامه .
قال الشيخ عثمان الخميس في كتابه "حقبة من التاريخ" ص 189 : "الصَّحَابَةُ الَّذِينَ شَهِدُوا « الْجَمَلَ »، أَوْ « صِفِّينَ » هُمْ: عَلِيٌّ، الزُّبَيْرُ، طَلْحَةُ، عَائِشَةُ، ابْنُ الزُّبَيْرِ، الْحَسَنُ، الْحُسَيْنُ، عَمَّارٌ، ابْنُ عبَّاسٍ، مُعَاوِيَةُ، عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ، قَيْسُ بْنُ سَعْدٍ، الْقَعْقَاعُ ابْنُ عَمْرٍو، جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، خُزَيْمَةُ بْنُ ثَابِتٍ، أَبُو قَتَادَةَ، أَبُو الْهَيْثَمِ بْن التَّيِّهَانِ، سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ، جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ، الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ، جَارِيَةُ بْنُ قُدَامَةَ، فُضَالَةُ بْنُ عُبَيْدٍ، النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ.
وَالَّذِينَ امْتَنَعُوا وَلَمْ يُشَارِكُوا هُمْ: سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ، عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، مُحمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ، أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، أَبُو هُرَيْرَةَ، زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ، أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، أَبُو بَكْرَةَ الثَّقَفِيُّ، الْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ، أَبُو أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيُّ، أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ، أَبُو مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيُّ، الْوَلِيدُ بْنُ عُقْبَةَ، سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ، عَبْدُ اللهِ بْنُ عَامِرٍ، عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَبُو بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيُّ، أُهْبَانُ بْنُ صَيْفِيٍّ، سَلَمَةُ بْنُ الْأَكْوَعِ، بَلْ جُلُّ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَأَرْضَاهُمْ"انتهى .
وقال شيخ الإسلام تغمده الله برحمته في "منهاج السنة النبوية" (ج 6 / ص 155):
"والثاني أن الخلاف ما زال بين بني آدم من زمن نوح واختلاف الناس قبل المسلمين أعظم بكثير من اختلاف المسلمين".
وقال أيضا رحمه الله في "منهاج السنة النبوية" (ج 6 / ص 116):
" والصحابة رضي الله عنهم كانوا أقل فتنا من سائر من بعدهم فإنه كلما تأخر العصر عن النبوة كثر التفرق والخلاف".
عن عائشة أن النبي صلى الله عليه
وسلم قال:" يا عثمان إنه لعل الله يقمصك قميصا فإن أرادوك على خلعه فلا
تخلعه لهم " رواه الترمذي وقال : هذا حديث حسن غريب وصححه الألباني .
عن ابن عمر قال ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنة فقال:" يقتل فيها هذا مظلوما لعثمان"
رواه الترمذي وقال : هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه من حديث ابن عمر . وحسن الألباني إسناده .
عن أبي الأشعث الصنعاني:" أن خطباء قامت بالشام وفيهم رجال من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام آخرهم رجل يقال له مرة بن كعب فقال لولا حديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قمت وذكر الفتن فقربها فمر رجل مقنع في ثوب فقال هذا يومئذ على الهدى فقمت إليه فإذا هو عثمان بن عفان قال فأقبلت عليه بوجهه فقلت هذا قال نعم" رواه الترمذي وقال :هذا حديث حسن صحيح . وصححه الألباني .
عن إسماعيل بن أبي حازم قال : قال علي للزبير : أما
تذكر يوم كنت أنا و أنت في سقيفة قوم من الأنصار فقال لك رسول الله صلى
الله عليه و سلم : " أتحبه فقلت : و ما يمنعني ؟ قال : إنك ستخرج عليه و
تقاتله و أنت ظالم" قال فرجع الزبير" أخرجه الحاكم و قال الذهبي في قي
التلخيص : الحديث فيه نظر وقد صححه الألباني لطرقه في " السلسلة الصحيحة " 6
/ 339 رقم 2659.
عن زر بن حبيش قال استأذن ابن جرموز على علي رضي الله عنه وأنا عنده فقال علي رضي الله عنه: "بشر قاتل ابن صفية بالنار" ثم قال علي رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول: "إن لكل نبي حواري وحواري الزبير" رواه أحمد وقال الأرنؤوط :إسناده حسن . وصحح إسناده الحافظ في الفتح .
عن قيس بن أبي حازم أن عائشة رضي الله عنها قالت لما أتت على الحوأب سمعت نباح الكلاب فقالت:" ما أظنني إلا راجعة إن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال لنا : " أيتكن تنبح عليها كلاب الحوأب" فقال لها الزبير ترجعين عسى الله عز وجل أن يصلح بك بين الناس" رواه أحمد وصححه الألباني والأرنؤوط .
وأما ما يذكره البعض أنه حينئذ شهد طلحة والزبير أنه ليس هذا ماء الحوأب ، وخمسون رجلًا إليهما ، وكانت أول شهادة زور دارت في الإسلام فهو من الأكاذيب .
عن أبى رافع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلي بن أبي طالب :" إنه سيكون بينك وبين عائشة أمر قال أنا يا رسول الله قال نعم قال أنا قال نعم قال فأنا أشقاهم يا رسول الله قال لا ولكن إذا كان ذلك فارددها إلى مأمنها" رواه أحمد وقال الأرنؤوط في تحقيق المسند : إسناده ضعيف الفضيل بن سليمان النميري عنده مناكير انتهى . وحسن إسناده الحافظ في الفتح .
قال شيخ الإسلام في "منهاج السنة النبوية في " - (ج 6 / ص 173):
"وأما الحرب التي كانت بين طلحة والزبير وبين علي فكان كل منهما يقاتل عن نفسه ظانا أنه يدفع صول غيره عليه لم يكن لعلي غرض في قتالهم ولا لهم غرض في قتاله بل كانوا قبل قدوم على يطلبون قتله عثمان وكان للقتلة من قبائلهم من يدفع عنهم فلم يتمكنوا منهم فلما قدم علي وعرفوه مقصودهم عرفهم أن هذا أيضا رأيه لكن لا يتمكن حتى ينتظم الأمر فلما علم بعض القتلة ذلك حمل على أحد العسكرين فظن الآخرون أنهم بدأوا بالقتال فوقع القتال بقصد أهل الفتنة لا بقصد السابقين الأولين ثم وقع قتال على الملك".
قال صلى الله عليه وسلم : "
وَيْحَ عَمَّارٍ ، تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ ، عَمَّارٌ
يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ وَيَدْعُونَهُ إِلَى النَّارِ " رواه البخاري .
قال الحافظ في فتح الباري (ج 2 / ص 178):
"فَإِنْ قِيلَ كَانَ قَتْله بِصِفِّينَ وَهُوَ مَعَ عَلِيّ وَاَلَّذِينَ قَتَلُوهُ مَعَ مُعَاوِيَة وَكَانَ مَعَهُ جَمَاعَة مِنْ الصَّحَابَة فَكَيْف يَجُوز عَلَيْهِمْ الدُّعَاء إِلَى النَّار ؟ فَالْجَوَاب أَنَّهُمْ كَانُوا ظَانِّينَ أَنَّهُمْ يَدْعُونَ إِلَى الْجَنَّة ، وَهُمْ مُجْتَهِدُونَ لَا لَوْم عَلَيْهِمْ فِي اِتِّبَاع ظُنُونهمْ ، فَالْمُرَاد بِالدُّعَاءِ إِلَى الْجَنَّة الدُّعَاء إِلَى سَبَبهَا وَهُوَ طَاعَة الْإِمَام ، وَكَذَلِكَ كَانَ عَمَّار يَدْعُوهُمْ إِلَى طَاعَة عَلِيّ وَهُوَ الْإِمَام الْوَاجِب الطَّاعَة إِذْ ذَاكَ ، وَكَانُوا هُمْ يَدْعُونَ إِلَى خِلَاف ذَلِكَ لَكِنَّهُمْ مَعْذُورُونَ لِلتَّأْوِيلِ الَّذِي ظَهَرَ لَهُمْ".
عن أبي غادية قال قتل عمار بن ياسر
فأخبر عمرو بن العاص قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن
قاتله وسالبه في النار فقيل لعمرو فإنك هو ذا تقاتله قال إنما قال قاتله
وسالبه " رواه أحمد وقال الأرنؤوط : إسناده قوي. وقد صححه الألباني في
السلسلة الصحيحة رقم 2008.
عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ
قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- " تَمْرُقُ مَارِقَةٌ
عِنْدَ فُرْقَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَقْتُلُهَا أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ
بِالْحَقِّ " رواه مسلم .
قال شيخ الإسلام في "منهاج السنة النبوية "(ج 1 / ص 279):
"والمنصوص عن أحمد وأئمة السلف أنه لا يذم أحد منهم وأن عليا أولى بالحق من غيره أما تصويب القتال فليس هو قول أئمة السنة بل هم يقولون إن تركه كان أولى".
قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم:" ألا أحدثكما بأشقى الناس رجلين (قلنا بلى يا رسول الله) قال : أحيمر
ثمود الذي عقر الناقة والذي يضر بك يا علي على هذه يعني قرنه حتى تبتل هذه
من الدم يعني لحيته " أخرجه الحاكم وصححه الألباني .
قال الشيخ عثمان الخميس في " حقبة من التاريخ" ( ص198):
" فَطَعَنَ ابْنُ مُلْجِمٍ عَلِيًّا، وَهُوَ خَارِجٌ لِصَلَاةِ الْفَجْرِ بِخِنْجَرٍ قَدْ سَمَّهُ أُسْبُوعًا، وَقَالَ عَلِيٌّ لَـمَّا طُعِنَ إِنْ أَنَا شُفِيْتُ فَأَنَا حَجِيجُهُ، وَإِنْ أَنَا مِتُّ فَاقْتُلَاه بي (يُخَاطِبُ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ).
فَقَالَ ابْنُ مُلْجِمٍ: لَا وَاللهِ فِإِني سَمَمْتُهُ جُمُعَةً (يُرِيدُ سَبْعَةَ أَيَّامٍ).
فَلَـمَّا مَاتَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ جَاءُوا فَقَطَعُوا يَدَيِ ابْنِ مُلْجِمٍ وَسَمَلُوا عَينَيْهِ وَهُوَ ثَابِتٌ لَمْ يَجْزَعْ، فَلَـمَّا أَرَادُوا قَطْعَ لِسَانِهِ خَافَ قَالُوا: الْآنَ؟ قَالَ: إِنِّي أَخْشَى أَنْ أَعِيشَ فَتْرةً لَا أَذْكُرُ اللهَ فِيهَا!.
سُبْحانَ اللهِ!! هَذَا هُوَ الضَّلَالُ الْـمُبِينُ وَالْعِيَاذُ بِاللهِ، يَسْتَبِيحُ دَمَ وَلِيٍّ مِنَ الْأَوْلِيَاءِ ثُمَّ يَخْشَى أَنْ تَـمُرَّ عَلَيْهِ لَحْظَةٌ لَا يَذْكُرُ اللهَ فِيهَا!"انتهى.
قال النبي صلى الله عليه و سلم "
ابني هذا [ يعني الحسن ] سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين "
رواه البخاري .
قال شيخ الإسلام رحمه الله في "منهاج السنة النبوية " - (ج 4 / ص 264)
"وهذا كله مما يبين أن ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم من الصبر على جور الأئمة وترك قتالهم والخروج عليهم هو أصلح الأمور للعباد في المعاش والمعاد وأن من خالف ذلك متعمدا أو مخطئا لم يحصل بفعله صلاح بل فساد ولهذا أثنى النبي صلى الله عليه وسلم على الحسن بقوله إن ابني هذا سيد وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين ولم يثن على أحد لا بقتال في فتنة ولا بخروج على الأئمة ولا نزع يد من طاعة ولا مفارقة للجماعة وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم الثابتة في الصحيح كلها تدل على هذا كما في صحيح البخاري من حديث الحسن البصري سمعت أبا بكرة رضي الله عنه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر والحسن إلى جنبه ينظر إلى الناس مرة وإليه مرة ويقول إن ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأنه سيد وحقق ما أشار إليه من أن الله يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين
وهذا يبين أن الإصلاح بين الطائفتين كان محبوبا ممدوحا يحبه الله ورسوله وأن ما فعله الحسن من ذلك كان من أعظم فضائله ومناقبه التي أثنى بها عليه النبي صلى الله عليه وسلم ولو كان القتال واجبا أو مستحبا لم يثن النبي صلى الله عليه وسلم على أحد بترك واجب أو مستحب ولهذا لم يثن النبي صلى الله عليه وسلم على أحد بما جرى من القتال يوم الجمل وصفين فضلا عما جرى في المدينة يوم الحرة وما جرى بمكة في حصار ابن الزبير وما جرى في فتنة ابن الأشعث وابن المهلب وغير ذلك من الفتن ولكن تواتر عنه أنه أمر بقتال الخوارج المارقين الذين قاتلهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه بالنهروان بعد خروجهم عليه بحروراء فهؤلاء استفاضت السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم بالأمر بقتالهم ولما قاتلهم علي رضي الله عنه فرح بقتالهم وروى الحديث فيهم واتفق الصحابة على قتال هؤلاء وكذلك أئمة أهل العلم بعدهم لم يكن هذا القتال عندهم كقتال أهل الجمل وصفين وغيرهما مما لم يأت فيه نص ولا إجماع ولا حمده أفاضل الداخلين فيه بل ندموا عليه ورجعوا عنه"انتهى كلامه.
قال صلى الله عليه وسلم " قام من عندي جبريل
قبل فحدثني أن الحسين يقتل بشط الفرات "رواه أحمد وصححه الألباني في
السلسلة الصحيحة .
و في "صحيح ابن حبان" - (ج 15 / ص 142) عن ثابت عن أنس بن مالك قال : استأذن ملك القطر ربه أن يزور النبي صلى الله عليه و سلم فأذن له فكان في يوم أم سلمة فقال النبي صلى الله عليه و سلم : ( احفظي علينا الباب لا يدخل علينا أحد ) فبين هي على الباب إذ جاء الحسين بن علي فظفر فاقتحم ففتح الباب فدخل فجعل يتوثب على ظهر النبي صلى الله عليه و سلم وجعل النبي يتلثمه ويقبله فقال له الملك : أتحبه ؟ قال : ( نعم ) قال : أما إن أمتك ستقتله إن شئت أريتك المكان الذي يقتل فيه ؟ قال : ( نعم ) فقبض قبضة من المكان الذي يقتل فيه فأراه إياه فجاءه بسهلة أو تراب أحمر فأخذته أم سلمة فجعلته في ثوبها
قال ثابت : كنا نقول : إنها كربلاء "
قال شعيب الأرنؤوط : حديث حسن وقال عنه في تحقيق المسند : إسناده ضعيف .
قال الشيخ عثمان الخميس في حقبة من التاريخ (ص 257 ) : "النَّاسُ فِي قَتْلِ الْحُسَيْنِ عَلَى ثَلَاثِ طَوَائِفَ:
الطَّائِفَةُ الْأُولَى: يَرَونَ أَنَّ الْحُسَيْنَ قُتِلَ بِحَقٍّ وَأَنَّه كَانَ خَارِجًا عَلَى الْإِمَامِ وَأَرَادَ أَن يَشُقَّ عَصَا الْـمُسْلِمِينَ، وَقَالُوا: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : "مَنْ جَاءَكُم وَأَمْرُكُم عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ يُرِيدُ أَنْ يُفَرِّقَ جَمَاعَتَكُمْ فَاقْتُلُوهُ كَائِنًا مَنْ كَانَ "[ صَحِيح مُسلِم: كِتَاب الْإِمارة، بَاب حُكمِ مَن فَرَّقَ أَمرَ الْـمُسلِمينَ وَهُوَ مُجتَمِعٌ حَدِيث رقم (1852)]. ، وَالْحُسَيْنُ أَرَادَ أَنْ يُفَرِّقَ جَمَاعَةَ الْـمُسْلِمينَ وَالرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " كَائِنًا مَنْ كَانَ " اقْتُلُوهُ فَكَانَ قَتْلُهُ صَحِيحًا، وَهَذَا قَوْلُ النَّاصِبَةِ, الَّذِينَ يُبْغِضُونَ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ رَضِي اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَنْهُ وَعَنْ أَبِيهِ.
الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ: قَالُوا: هُوَ الْإِمَامُ الَّذِي تَجِبُ طَاعَتُهُ، وَكَانَ يَجِبُ أَنْ يُسَلَّمَ إِلَيْهِ الْأَمْرُ. وَهُوَ قَوْلُ الشِّيعَةِ.
الطَّائِفَةُ الثَّالِثَةُ: وَهُم أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ قَالُوا: قُتِلَ مَظْلُومًا، وَلَمْ يَكُنْ مُتَوَلِّيًا لِلْأَمْرِ أَي: لَمْ يَكُنْ إِمَامًا، وَلَا قُتِلَ خَارِجِيًّا رَضِيَ اللهُ عَنْهُ بَلْ قُتِلَ مَظْلُومًا شَهِيدًا، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:
" الْحسَنُ وَالْحُسَيْنُ سَيِّدا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ " [ أخرجه الترمذي].
وَذَلِكَ أَنَّهُ أَرَادَ الرُّجُوعَ أَوِ الذَّهَابَ إِلَى يَزِيدَ فِي الشَّامِ وَلَكِنَّهُم مَنَعُوهُ حَتَّى يَسْتَأْسِرَ لِابْنِ زِيَادٍ"انتهى
"ولهذا كان من مذاهب أهل السنة الإمساك عما شجر بين الصحابة
فإنه قد ثبتت فضائلهم ووجبت موالاتهم ومحبتهم وما وقع منه ما يكون لهم فيه عذر يخفى على الإنسان ومنه ما تاب صاحبه منه ومنه ما يكن مغفورا فالخوض فيما شجر يوقع في نفوس كثير من الناس بغضا وذما ويكون هو في ذلك مخطئا بل عاصيا فيضر نفسه ومن خاض معه في ذلك كما جرى لأكثر من تكلم في ذلك فإنهم تكلموا بكلام لا يحبه الله ولا رسوله إما من ذم من لا يستحق الذم وإما من مدح أمور لا تستحق المدح".
وقال رحمه الله في "منهاج السنة النبوية " (ج 6 / ص 118):
"والمقصود أن الفتن التي بين الأمة والذنوب التي لها بعد الصحابة أكثر وأعظم ومع هذا فمكفرات الذنوب موجودة لهم وأما الصحابة فجمهورهم وجمهور أفاضلهم ما دخلوا في فتنة
قال عبد الله بن الإمام أحمد حدثنا أبي حدثنا إسماعيل يعني ابن علية حدثنا أيوب يعني السختياني عن محمد بن سيرين قال هاجت الفتنة وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة آلاف فما حضرها منهم مائة بل لم يبلغوا ثلاثين وهذا الإسناد من أصح إسناد على وجه الأرض ومحمد بن سيرين من أورع الناس في منطقة ومراسيله من أصح المراسيل
وقال عبد الله حدثنا أبي حدثنا اسماعيل حدثنا منصور بن عبد الرحمن قال قال الشعبي لم يشهد الجمل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم غير علي وعمار وطلحة والزبير فإن جاءوا بخامس فأنا كذاب.
وقال عبد الله بن أحمد حدثنا أبي حدثنا أمية بن خالد قال قيل لشعبة إن أبا شيبة روى عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال شهد صفين من أهل بدر سبعون رجلا فقال كذب والله لقد ذاكرت الحكم بذلك وذاكرناه في بيته فما وجدناه شهد صفين من أهل بدر غير خزيمة بن ثابت.
قلت هذا النفي يدل على قلة من حضرها وقد قيل إنه حضرها سهل بن حنيف وأبو أيوب وكلام ابن سيرين مقارب فما يكاد يذكر مائة واحد.
وقد روى ابن بطة عن بكير بن الأشج قال إما إن رجالا من أهل بدر لزموا بيوتهم بعد قتل عثمان فلم يخرجوا إلا إلى قبورهم"انتهى كلامه .
قال الشيخ عثمان الخميس في كتابه "حقبة من التاريخ" ص 189 : "الصَّحَابَةُ الَّذِينَ شَهِدُوا « الْجَمَلَ »، أَوْ « صِفِّينَ » هُمْ: عَلِيٌّ، الزُّبَيْرُ، طَلْحَةُ، عَائِشَةُ، ابْنُ الزُّبَيْرِ، الْحَسَنُ، الْحُسَيْنُ، عَمَّارٌ، ابْنُ عبَّاسٍ، مُعَاوِيَةُ، عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ، قَيْسُ بْنُ سَعْدٍ، الْقَعْقَاعُ ابْنُ عَمْرٍو، جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، خُزَيْمَةُ بْنُ ثَابِتٍ، أَبُو قَتَادَةَ، أَبُو الْهَيْثَمِ بْن التَّيِّهَانِ، سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ، جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ، الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ، جَارِيَةُ بْنُ قُدَامَةَ، فُضَالَةُ بْنُ عُبَيْدٍ، النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ.
وَالَّذِينَ امْتَنَعُوا وَلَمْ يُشَارِكُوا هُمْ: سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ، عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، مُحمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ، أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، أَبُو هُرَيْرَةَ، زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ، أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، أَبُو بَكْرَةَ الثَّقَفِيُّ، الْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ، أَبُو أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيُّ، أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ، أَبُو مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيُّ، الْوَلِيدُ بْنُ عُقْبَةَ، سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ، عَبْدُ اللهِ بْنُ عَامِرٍ، عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَبُو بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيُّ، أُهْبَانُ بْنُ صَيْفِيٍّ، سَلَمَةُ بْنُ الْأَكْوَعِ، بَلْ جُلُّ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَأَرْضَاهُمْ"انتهى .
وقال شيخ الإسلام تغمده الله برحمته في "منهاج السنة النبوية" (ج 6 / ص 155):
"والثاني أن الخلاف ما زال بين بني آدم من زمن نوح واختلاف الناس قبل المسلمين أعظم بكثير من اختلاف المسلمين".
وقال أيضا رحمه الله في "منهاج السنة النبوية" (ج 6 / ص 116):
" والصحابة رضي الله عنهم كانوا أقل فتنا من سائر من بعدهم فإنه كلما تأخر العصر عن النبوة كثر التفرق والخلاف".
قتل عثمان مظلوما
عن ابن عمر قال ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنة فقال:" يقتل فيها هذا مظلوما لعثمان"
رواه الترمذي وقال : هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه من حديث ابن عمر . وحسن الألباني إسناده .
عن أبي الأشعث الصنعاني:" أن خطباء قامت بالشام وفيهم رجال من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام آخرهم رجل يقال له مرة بن كعب فقال لولا حديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قمت وذكر الفتن فقربها فمر رجل مقنع في ثوب فقال هذا يومئذ على الهدى فقمت إليه فإذا هو عثمان بن عفان قال فأقبلت عليه بوجهه فقلت هذا قال نعم" رواه الترمذي وقال :هذا حديث حسن صحيح . وصححه الألباني .
علي والزبير
عن زر بن حبيش قال استأذن ابن جرموز على علي رضي الله عنه وأنا عنده فقال علي رضي الله عنه: "بشر قاتل ابن صفية بالنار" ثم قال علي رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول: "إن لكل نبي حواري وحواري الزبير" رواه أحمد وقال الأرنؤوط :إسناده حسن . وصحح إسناده الحافظ في الفتح .
معركة الجمل
عن قيس بن أبي حازم أن عائشة رضي الله عنها قالت لما أتت على الحوأب سمعت نباح الكلاب فقالت:" ما أظنني إلا راجعة إن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال لنا : " أيتكن تنبح عليها كلاب الحوأب" فقال لها الزبير ترجعين عسى الله عز وجل أن يصلح بك بين الناس" رواه أحمد وصححه الألباني والأرنؤوط .
وأما ما يذكره البعض أنه حينئذ شهد طلحة والزبير أنه ليس هذا ماء الحوأب ، وخمسون رجلًا إليهما ، وكانت أول شهادة زور دارت في الإسلام فهو من الأكاذيب .
عن أبى رافع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلي بن أبي طالب :" إنه سيكون بينك وبين عائشة أمر قال أنا يا رسول الله قال نعم قال أنا قال نعم قال فأنا أشقاهم يا رسول الله قال لا ولكن إذا كان ذلك فارددها إلى مأمنها" رواه أحمد وقال الأرنؤوط في تحقيق المسند : إسناده ضعيف الفضيل بن سليمان النميري عنده مناكير انتهى . وحسن إسناده الحافظ في الفتح .
قال شيخ الإسلام في "منهاج السنة النبوية في " - (ج 6 / ص 173):
"وأما الحرب التي كانت بين طلحة والزبير وبين علي فكان كل منهما يقاتل عن نفسه ظانا أنه يدفع صول غيره عليه لم يكن لعلي غرض في قتالهم ولا لهم غرض في قتاله بل كانوا قبل قدوم على يطلبون قتله عثمان وكان للقتلة من قبائلهم من يدفع عنهم فلم يتمكنوا منهم فلما قدم علي وعرفوه مقصودهم عرفهم أن هذا أيضا رأيه لكن لا يتمكن حتى ينتظم الأمر فلما علم بعض القتلة ذلك حمل على أحد العسكرين فظن الآخرون أنهم بدأوا بالقتال فوقع القتال بقصد أهل الفتنة لا بقصد السابقين الأولين ثم وقع قتال على الملك".
عمار قتلته الفئة الباغية أي الخارجة عن طاعة الإمام
قال الحافظ في فتح الباري (ج 2 / ص 178):
"فَإِنْ قِيلَ كَانَ قَتْله بِصِفِّينَ وَهُوَ مَعَ عَلِيّ وَاَلَّذِينَ قَتَلُوهُ مَعَ مُعَاوِيَة وَكَانَ مَعَهُ جَمَاعَة مِنْ الصَّحَابَة فَكَيْف يَجُوز عَلَيْهِمْ الدُّعَاء إِلَى النَّار ؟ فَالْجَوَاب أَنَّهُمْ كَانُوا ظَانِّينَ أَنَّهُمْ يَدْعُونَ إِلَى الْجَنَّة ، وَهُمْ مُجْتَهِدُونَ لَا لَوْم عَلَيْهِمْ فِي اِتِّبَاع ظُنُونهمْ ، فَالْمُرَاد بِالدُّعَاءِ إِلَى الْجَنَّة الدُّعَاء إِلَى سَبَبهَا وَهُوَ طَاعَة الْإِمَام ، وَكَذَلِكَ كَانَ عَمَّار يَدْعُوهُمْ إِلَى طَاعَة عَلِيّ وَهُوَ الْإِمَام الْوَاجِب الطَّاعَة إِذْ ذَاكَ ، وَكَانُوا هُمْ يَدْعُونَ إِلَى خِلَاف ذَلِكَ لَكِنَّهُمْ مَعْذُورُونَ لِلتَّأْوِيلِ الَّذِي ظَهَرَ لَهُمْ".
قاتل عمار في النار
طائفة علي أولى بالحق
قال شيخ الإسلام في "منهاج السنة النبوية "(ج 1 / ص 279):
"والمنصوص عن أحمد وأئمة السلف أنه لا يذم أحد منهم وأن عليا أولى بالحق من غيره أما تصويب القتال فليس هو قول أئمة السنة بل هم يقولون إن تركه كان أولى".
حكم الخارجي الذي قتل عليا
قال الشيخ عثمان الخميس في " حقبة من التاريخ" ( ص198):
" فَطَعَنَ ابْنُ مُلْجِمٍ عَلِيًّا، وَهُوَ خَارِجٌ لِصَلَاةِ الْفَجْرِ بِخِنْجَرٍ قَدْ سَمَّهُ أُسْبُوعًا، وَقَالَ عَلِيٌّ لَـمَّا طُعِنَ إِنْ أَنَا شُفِيْتُ فَأَنَا حَجِيجُهُ، وَإِنْ أَنَا مِتُّ فَاقْتُلَاه بي (يُخَاطِبُ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ).
فَقَالَ ابْنُ مُلْجِمٍ: لَا وَاللهِ فِإِني سَمَمْتُهُ جُمُعَةً (يُرِيدُ سَبْعَةَ أَيَّامٍ).
فَلَـمَّا مَاتَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ جَاءُوا فَقَطَعُوا يَدَيِ ابْنِ مُلْجِمٍ وَسَمَلُوا عَينَيْهِ وَهُوَ ثَابِتٌ لَمْ يَجْزَعْ، فَلَـمَّا أَرَادُوا قَطْعَ لِسَانِهِ خَافَ قَالُوا: الْآنَ؟ قَالَ: إِنِّي أَخْشَى أَنْ أَعِيشَ فَتْرةً لَا أَذْكُرُ اللهَ فِيهَا!.
سُبْحانَ اللهِ!! هَذَا هُوَ الضَّلَالُ الْـمُبِينُ وَالْعِيَاذُ بِاللهِ، يَسْتَبِيحُ دَمَ وَلِيٍّ مِنَ الْأَوْلِيَاءِ ثُمَّ يَخْشَى أَنْ تَـمُرَّ عَلَيْهِ لَحْظَةٌ لَا يَذْكُرُ اللهَ فِيهَا!"انتهى.
ثناء الرسول على الحسن في موقفه من الفتنة
قال شيخ الإسلام رحمه الله في "منهاج السنة النبوية " - (ج 4 / ص 264)
"وهذا كله مما يبين أن ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم من الصبر على جور الأئمة وترك قتالهم والخروج عليهم هو أصلح الأمور للعباد في المعاش والمعاد وأن من خالف ذلك متعمدا أو مخطئا لم يحصل بفعله صلاح بل فساد ولهذا أثنى النبي صلى الله عليه وسلم على الحسن بقوله إن ابني هذا سيد وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين ولم يثن على أحد لا بقتال في فتنة ولا بخروج على الأئمة ولا نزع يد من طاعة ولا مفارقة للجماعة وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم الثابتة في الصحيح كلها تدل على هذا كما في صحيح البخاري من حديث الحسن البصري سمعت أبا بكرة رضي الله عنه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر والحسن إلى جنبه ينظر إلى الناس مرة وإليه مرة ويقول إن ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأنه سيد وحقق ما أشار إليه من أن الله يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين
وهذا يبين أن الإصلاح بين الطائفتين كان محبوبا ممدوحا يحبه الله ورسوله وأن ما فعله الحسن من ذلك كان من أعظم فضائله ومناقبه التي أثنى بها عليه النبي صلى الله عليه وسلم ولو كان القتال واجبا أو مستحبا لم يثن النبي صلى الله عليه وسلم على أحد بترك واجب أو مستحب ولهذا لم يثن النبي صلى الله عليه وسلم على أحد بما جرى من القتال يوم الجمل وصفين فضلا عما جرى في المدينة يوم الحرة وما جرى بمكة في حصار ابن الزبير وما جرى في فتنة ابن الأشعث وابن المهلب وغير ذلك من الفتن ولكن تواتر عنه أنه أمر بقتال الخوارج المارقين الذين قاتلهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه بالنهروان بعد خروجهم عليه بحروراء فهؤلاء استفاضت السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم بالأمر بقتالهم ولما قاتلهم علي رضي الله عنه فرح بقتالهم وروى الحديث فيهم واتفق الصحابة على قتال هؤلاء وكذلك أئمة أهل العلم بعدهم لم يكن هذا القتال عندهم كقتال أهل الجمل وصفين وغيرهما مما لم يأت فيه نص ولا إجماع ولا حمده أفاضل الداخلين فيه بل ندموا عليه ورجعوا عنه"انتهى كلامه.
قتل الحسين ظلما
و في "صحيح ابن حبان" - (ج 15 / ص 142) عن ثابت عن أنس بن مالك قال : استأذن ملك القطر ربه أن يزور النبي صلى الله عليه و سلم فأذن له فكان في يوم أم سلمة فقال النبي صلى الله عليه و سلم : ( احفظي علينا الباب لا يدخل علينا أحد ) فبين هي على الباب إذ جاء الحسين بن علي فظفر فاقتحم ففتح الباب فدخل فجعل يتوثب على ظهر النبي صلى الله عليه و سلم وجعل النبي يتلثمه ويقبله فقال له الملك : أتحبه ؟ قال : ( نعم ) قال : أما إن أمتك ستقتله إن شئت أريتك المكان الذي يقتل فيه ؟ قال : ( نعم ) فقبض قبضة من المكان الذي يقتل فيه فأراه إياه فجاءه بسهلة أو تراب أحمر فأخذته أم سلمة فجعلته في ثوبها
قال ثابت : كنا نقول : إنها كربلاء "
قال شعيب الأرنؤوط : حديث حسن وقال عنه في تحقيق المسند : إسناده ضعيف .
قال الشيخ عثمان الخميس في حقبة من التاريخ (ص 257 ) : "النَّاسُ فِي قَتْلِ الْحُسَيْنِ عَلَى ثَلَاثِ طَوَائِفَ:
الطَّائِفَةُ الْأُولَى: يَرَونَ أَنَّ الْحُسَيْنَ قُتِلَ بِحَقٍّ وَأَنَّه كَانَ خَارِجًا عَلَى الْإِمَامِ وَأَرَادَ أَن يَشُقَّ عَصَا الْـمُسْلِمِينَ، وَقَالُوا: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : "مَنْ جَاءَكُم وَأَمْرُكُم عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ يُرِيدُ أَنْ يُفَرِّقَ جَمَاعَتَكُمْ فَاقْتُلُوهُ كَائِنًا مَنْ كَانَ "[ صَحِيح مُسلِم: كِتَاب الْإِمارة، بَاب حُكمِ مَن فَرَّقَ أَمرَ الْـمُسلِمينَ وَهُوَ مُجتَمِعٌ حَدِيث رقم (1852)]. ، وَالْحُسَيْنُ أَرَادَ أَنْ يُفَرِّقَ جَمَاعَةَ الْـمُسْلِمينَ وَالرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " كَائِنًا مَنْ كَانَ " اقْتُلُوهُ فَكَانَ قَتْلُهُ صَحِيحًا، وَهَذَا قَوْلُ النَّاصِبَةِ, الَّذِينَ يُبْغِضُونَ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ رَضِي اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَنْهُ وَعَنْ أَبِيهِ.
الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ: قَالُوا: هُوَ الْإِمَامُ الَّذِي تَجِبُ طَاعَتُهُ، وَكَانَ يَجِبُ أَنْ يُسَلَّمَ إِلَيْهِ الْأَمْرُ. وَهُوَ قَوْلُ الشِّيعَةِ.
الطَّائِفَةُ الثَّالِثَةُ: وَهُم أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ قَالُوا: قُتِلَ مَظْلُومًا، وَلَمْ يَكُنْ مُتَوَلِّيًا لِلْأَمْرِ أَي: لَمْ يَكُنْ إِمَامًا، وَلَا قُتِلَ خَارِجِيًّا رَضِيَ اللهُ عَنْهُ بَلْ قُتِلَ مَظْلُومًا شَهِيدًا، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:
" الْحسَنُ وَالْحُسَيْنُ سَيِّدا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ " [ أخرجه الترمذي].
وَذَلِكَ أَنَّهُ أَرَادَ الرُّجُوعَ أَوِ الذَّهَابَ إِلَى يَزِيدَ فِي الشَّامِ وَلَكِنَّهُم مَنَعُوهُ حَتَّى يَسْتَأْسِرَ لِابْنِ زِيَادٍ"انتهى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق