لم تعد صنوف التعذيب وأساليب التحقيق القاسية التي تمارسها سلطات الاحتلال الإسرائيلي في السجون والمعتقلات حكرا على الكبار فقط بل طالت في الآونة الأخيرة حتى الأطفال الصغار.
وكشف تسجيل مصور نشر مؤخرا عن تعرض الأطفال الفلسطينيين لأساليب قاسية أثناء اعتقالهم والتحقيق معهم في السجون الإسرائيلية، فيما أكدت شهادات أطفال اعتقلوا حديثا تعرضهم للتهديد لانتزاع اعترافات منهم بالتهم الموجهة إليهم.
وأظهر تسجيل نشر مؤخرا على مواقع إنترنت الطفل الفلسطيني إسلام دار أيوب (14 عاما) من قرية النبي صالح، شمال غرب مدينة رام الله، وهو يخضع لتحقيق مطول استمر لسبع ساعات من قبل عدة محققين وأفراد من الشرطة الإسرائيلية وذلك أثناء فترة اعتقاله قبل نحو عام.
وأكد إسلام -في حديث للجزيرة نت- تعرضه للضرب من قبل جنود الاحتلال إضافة إلى التهديد بالصعق الكهربائي والكلاب البوليسية أثناء فترة التحقيق.
وعن تجربته، يقول الطفل أيوب إن جنود الاحتلال دهموا منزله قرابة الساعة الثانية من فجر 23 يناير/كانون الثاني 2011، وقاموا باعتقاله وتقييد يديه وعصب عينيه، ثم اقتادوه إلى مستوطنة حلميش القريبة، وأبقوه فيها حتى التاسعة صباحا.
وأضاف أنه نقل بعد ذلك إلى مستوطنة "معاليه أدوميم" شرقي القدس، وأن عدة محققين تناوبوا على التحقيق معه رغم حرمانه من النوم لساعات، ثم نقل إلى سجن عوفر مع الأسرى الكبار، وبعدها إلى سجن الرملة مع نحو ثمانين طفلا أسيرا.
ويروي إسلام كيف أمضى في سجن الرملة أكثر من ثلاثة أشهر، ثم أُفرج عنه بعدها بكفالة بعد خمس جلسات لمحاكمته شريطة الإقامة الجبرية في المنزل، وأكد أنه شعر أثناء التحقيق معه بالقلق والخوف الشديدين، وظن أن المحققين يريدون قتله.
واشتكى الطفل من الإقامة الجبرية التي حرمته من الدراسة لثلاثة أشهر متتالية، وأوضح أن محامين تدخلوا لدى القضاء حتى سمح له بالتوجه إلى المدرسة، مع الاستمرار في حضور جلسات المحكمة لحين انتهاء القضية.
ولم يتوقف الاحتلال عند فرض الإقامة الجبرية على الطفل إسلام منذ نحو تسعة شهور، بل عاد واعتقله مجددا قبل ثلاثة أسابيع، مما دفعه لمطالبة المؤسسات الحقوقية ببذل قصارى جهدها لضان الحصول على قرار بالسماح له بحرية الحركة، وإلغاء قرار الإقامة الجبرية بحقه.
من جهته، أوضح المحامي في الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال خالد قزمار أنه ووفق التعريف الدولي للتعذيب فإن كل طفل فلسطيني يعتقل يتعرض لصنف أو أكثر من أصناف التعذيب، ضمن سياسة ممنهجة وواسعة الانتشار تمارسها مختلف الجهات الإسرائيلية.
وأضاف أن التعذيب يصنف جريمة حرب أو جريمة ضد الإنسانية لا تسقط بالتقادم، وتقتضي من أي دولة ترفع قضايا من هذا القبيل أمام محاكمها أن تنظر فيها وتلاحق مرتكبيها، محملا المجتمع الدولي والدول الأوروبية مسؤوليتها في متابعة هذه الجرائم لسكوتهم عنها.
وأكد قزمار أن عشرات القضايا التي رفعت لم تنته إلى شيء، وأوضح أن 95% من الملفات التي قدمها ذوو الأطفال المعذبين أغلقتها الشرطة الإسرائيلية تحت مبرر أنه لا يوجد انتهاك، وما فتح منها انتهى بادعاء عدم وجود إثباتات مادية تصلح للمحاكمة.
وقال إنه يعمل في مجال المحاماة في قضايا الأطفال منذ 15 عاما، ولم يحاسب أي جندي بسبب تعذيب الأطفال، غير حالة واحدة لم تستطع المحكمة التغاضي عنها لوضوحها وبشاعتها.
من جهتها أفادت منظمة "بتسيلم" الحقوقية الإسرائيلية أن قاضية في المحكمة العسكرية قبلت قبل أيام الاعترافات التي أدلى بها الضحية "أ.د"، وهو نفس الطفل على الأرجح، وأضافت أنه تم التحقيق مع الطفل لسبع ساعات وتم فيه المس بحقوقه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق