الثلاثاء، 12 فبراير 2013

زوجة أشهر معتقلي الرأي في السعودية . سارة آل زعير.. نصبرة برجة البيضاء -- باريس

زوجة أشهر معتقلي الرأي في السعودية تعدّ الساعات و"تغرّد"‏
د.مبارك بن زعير
د.مبارك بن زعير
-
نصبرة برجة البيضاء  -- باريس ـ  - السجن عذاب لذوي المعتقل، فما بالك عندما يغيب عن سارة آل زعير زوجها وابناها في ‏غياهب الزنزانات؟
- تقضي سارة ما تبقى من العمر تندب حظها وتعدّ الساعات. فزوجها، سعيد بن ‏زعير، سجين الرأي الأشهر في السعودية، وابنها سعد ملازمان معتقل ‏المباحث بـ"الحاير"، وابنها مبارك قابع في سجن "الملز" يعاني الأَمَرَّينِ في ‏زنزانة انفرادية. وثلاثتهم اعتقلوا ثلاث مرات، ولهم أسر وأطفال. فتنفّس "أم ‏عبدالله" عن كربها على "تويتر". ‏"1715 يوما غاب فيها د.سعيد بن زعير عن أسرته وأطفاله ولا يزال منذ ‏اعتقاله منتصف العام 1428هـ (1995م)، وبالساعات 41160 ساعة بين ‏جدران السجن وزنازينه"، هذه احدى تغريدات سارة في 25 ديسمبر في ‏موقعها على "تويتر" الذي أطلقته في غرّة نوفمبر ليكون نافذتها الوحيدة على ‏العالم الخارجي.‏

مبارك وسعد وسعيد بن زعير
مبارك وسعد وسعيد بن زعير
حكاية آل زعير مع السجن


د.سعيد، أستاذ في جامعة الإمام محمد بن سعود الاسلامية بالرياض والذي ‏يتميز بمواقفه المنادية بالإصلاح، لم يعرف طعم الحرية منذ عدّة سنوات ‏بسبب ممارسة حقه في حرية التعبير. يعيش حاليا عامه الخامس في زنزانة ‏بسجن "الحاير" المخصّص لسجناء الرأي وأمن الدولة وقضايا الإرهاب.‏

نجله المحامي سعد بدأ رحلته مع السجن مبكّرا ودفع غاليا ثمن مشاركاته في ‏قناة "الجزيرة" ووسائل اعلام بريطانية وأميركية للدفاع عن والده. أعتقل ‏آخر مرّة في يونيو 2006 ولم يمض على زواجه اكثر من عشرين يوما، إثر ‏مداخلة له بـ"الجزيرة" بعد مقتل "أمير الإستشهاديين" ابو مصعب الزرقاوي. ‏

أما د.مبارك، الأستاذ الجامعي والناشط الحقوقي، فقد فتح هو الآخر صفحة ‏مبكرة من التعامل مع الاعتقال. فقد اعتقل في 2004 فور مطالبته عبر ‏‏"الجزيرة" بضرورة "المواجهة الموضوعية لظاهرة العنف" وألا تكتفي الدولة ‏بالمواجهة المسلحة وحدها. ‏

وكان آخر اعتقال له بدون مبرر حقيقي في 20 مارس 2011 بعد أن ذهب الى ‏وزارة الداخلية مع وفد من أهالي المساجين للاستفسار عن سبب اعتقال ‏ذويهم.‏

الـ"تويتر" والشعر كـــــــــ"ملاذ"

ابو الليث
ابو الليث
لم يبق لسارة سوى التغريد: "غدًا زيارة ابني سعد، أما والده سعيد فلم نره ‏منذ اعتُقل"، "غداً الجلسة الرابعة لمحاكمة زوجي"، "انتهت محاكمة زوجي ‏والجلسة القادمة بعد اسبوعين"، "اشتقت لأبني مبارك الذي غاب عني عشرة ‏أشهر"، "غدًا محاكمة ابني مبارك فك الله أسره وأبيه وأخيه وجميع أسرى ‏المسلمين"، "يمر العيد، فلا نحس بطعمه"، "نذهب أنا وبناتي إلى بيت الله ‏فندعو لهم وعلى من ظلمهم". وهكذا دواليك.‏

ولم يبق لمبارك (ابو الليث) سوى الأشعار التي تنضح بالعواطف لمناجاة ‏والدته الممنوعة من زيارته. فهو يلقيها في مسامعها كلما تمكّن من الاتصال ‏بها. وهي تنشر بعض أخباره وأشعاره بين فترة وأخرى. ‏

قبل عدّة أشهر، كان ابو الليث قد سرّب قصيدة ملؤها الحزن والأسى بمناسبة ‏عيد الأضحى من "الملز"، وهو من أقدم السجون في المملكة ويعجّ بآلاف ‏الموقوفين من مختلف القضايا الجنائية، كالقتل والسطو والخطف والمخدرات ‏والاغتصاب، يعيشون في أوضاع مأساوية، كما يبدو من صور مسربة ‏ومنشورة على اليوتيوب.‏

التواصل المحرّم

ويضمّ "الملز"، وهو من أقدم السجون في المملكة، كذلك عددا من معتقلي ‏الشيعة، من ضمنهم الشيخ توفيق العامر.‏

‏"وبالطبع ليس هناك تواصل بين مبارك ووالده وأخيه. والمثير للقهر والألم ‏القاتل لمعاني الإنسانية أن الشيخ سعيد وابنه سعد لا يوجد بينهما أي تواصل ‏من أي نوع كان ولم يلتقيا على الإطلاق رغم أنهما في نفس المعتقل منذ ‏خمس سنوات"، كما أكد لـ"ميدل ايست أونلاين" ناشط حقوقي طلب عدم ذكر اسمه.‏

وكان أبو الليث قد سرّب في أبريل الماضي رسالة وجهها لـ"الجمعية الوطنية ‏لحقوق الإنسان" يتحدث فيها عن "معاملة مهينة في زنزانة الانفرادية هي ‏عبارة عن (حمام) ضيق قذر تفوح منه روائح المجاري العفنة النتنة طوال ‏الوقت"، وهي "نموذجا لامتهان البشر وعدم احترام كرامتهم الإنسانية".‏

"اتهامات فضفاضة"‏

بدأ ثلاثتهم يمثلون أمام المحاكم دون أن تبلّغ أسرهم بشكل رسمي بتواريخ ‏المحاكمة ولا بالتهم المنسوبة إليهم.‏

لكن "ميدل ايست أونلاين" علمت من نفس المصدر أن د.مبارك متهم ‏بـ"الافتئات على ولي الأمر والخروج عن طاعته، وحضور مظاهرة غير ‏مرخصة وإثارة الفتنة وعدم الالتزام بالتعليمات والأنظمة وعدم الاعتداد بفتوى ‏هيئة كبار العلماء".‏

وحضر الجلسة الثانية التي عقدت في 8 يناير بعض أعضاء فريق الدفاع ‏المكوّن من ستة محامين. وأجلت الجلسة لأجل غير محدد. ‏

وحسب المصدر، "قدّم د.مبارك خلال الجلسة طلبا قانونيا بالإفراج عنه مستندا ‏إلى أن التهم المنسوبة له لا تندرج ضمن الجرائم الموجبة للتوقيف"، مضيفا ‏أن "الإتهاماتها التي تُليت عليه فضفاضة، خالية من الأدلة وتقوم على  ‏التضخيم".‏

وعن وضعه الصحّي، يقول المصدر أن د.مبارك يعاني من آلام شديدة في ‏ركبتيه من آثار عمليات جراحية سابقة، تضاعفت بسبب سوء الوضع العام ‏من حيث التغذية الرديئة، وقلّة النّوم بسبب سوء نظافة العنبر حيث تكثر ‏الحشرات والصراصير،  والحرمان من والرياضة والمشي ومن التعرض ‏لأشعّة الشّمس".‏

"الإمتياز"

ومن "حسن حظ" أم عبدالله أنها درست في كلية الشـريعة في جامعة الإمام ‏ولها معرّف في فيسبوك وتويتر. فهذا امتياز لا يتوفر لذوي سجناء الرأي ‏ونشطاء حقوق الإنسان والموقوفون على ذمة التجمعات والتظاهرات ‏والاعتصامات، والذين يصعب حصرهم ولكن يقدّرون بالآلاف.‏

باستطاعة أم عبدالله أن تحكي معاناتها وتكتب بعض أخبار سعيد وسعد ‏ومبارك، وبالخصوص من حيث ظروف اعتقالهم ووضعهم الصحّي، وتتحاور ‏مع مفكرين ومعارضين ومحامين ونشطاء حقوقيين، من أمثال د.عبدالله ‏الحامد ووليد أبو الخير و بهية سليمان الرشودي، احدى النساء اللاتي اعتقلن ‏في سجن الحاير.‏

وفي مقابلة مع قناة "الحوار"، ترسل أم عبدالله بنداء استغاثة إلى العاهل ‏السعودي الملك عبدالله، "ملك الإنسانية"، متوسّلة الإفراج عن زوجها ‏وأولادها.‏

وتزعم أم عبدالله أنها أرسلت "كثيرا من الخطابات" لولي العهد ووزير ‏الداخلية، الأمير نايف بن عبدالعزيز، والأمير سلمان بن عبدالعزيز، وزير ‏الدفاع، مطابة الإفراج عن زوجها وأولادها. ‏

وتضيف "وما جاءنا رد".‏

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق