الاثنين، 25 فبراير 2013

مصر: العصيان المدني في بورسعيد يدخل اسبوعه الثاني وتوقعات بانتشاره في محافظات اخرى بسبب تردي الاحوال


دخل العصيان المدني الذي أعلنته قوى وحركات ثورية محتجة على النظام المصري وعلى حُكم الرئيس محمد مرسي بمحافظة بورسعيد الساحلية أسبوعه الثاني، ليجسِّد المشهد السياسي القائم بالبلاد، والذي يؤكد يوماً بعد يوم أنه يشهد استقطاباً حاداً بين فريق قوى الإسلام السياسي التي تمثل النظام، وبين قوى المعارضة الليبرالية واليسارية والقومية.
وبدأ الإضراب في بورسعيد (الواقعة على المدخل الشمالي لقناة السويس على البحر المتوسط) احتجاجاً على مقتل عشرات وإصابة مئات خلال مصادمات عنيفة مع قوات الأمن اعتراضاً على على إدانة 21 مواطناً بجريمة قتل مشجعي كرة قدم قبل عام، فيما يُعرف إعلامياً بـ 'مجزرة بورسعيد'، وتحويل أوراقهم إلى مفتي الديار المصرية ما يعني الحكم بإعدامهم.
وقال النائب السابق في البرلمان المصري عن بورسعيد، البدري فرغلي، 'نحن متمسكون بشروطنا التي حددناها لإنهاء العصيان وفي مقدمتها تقديم الرئيس مرسي اعتذاراً رسمياً واضحاً عن أحداث العنف التي ارتكبتها قوات الأمن وراح ضحيتها المئات بين شهداء ومصابين، واعتبار شهداء بورسعيد ضمن شهداء ثورة 25 يناير من دون النظر إلى ما إذا كان بعضهم قد ارتكب جريمة في السابق'.
وأضاف فرغلي، الذي مثَّل بورسعيد في مجلس الشعب (البرلمان المصري) لمدة 20 عاماً، أنه 'يجب كذلك الإفراج عن جميع المعتقلين من أهالي بورسعيد على خلفية الأحداث الأخيرة، وتطبيق لائحة السجون على المدانين في قضية مجزرة بورسعيد في جميع مراحل القضية حتى يتم البت نهئياً في القضية من جانب محكمة النقض مع عدم ترحيلهم إلى القاهرة'.
وكشف عن أنه تم اللقاء مع قادة الجيش الثاني الميداني لبحث مسألة إنهاء العصيان المدني والاحتجاجات التي تشمل بورسعيد، 'فأكدنا لهم تمسكنا بتلك الشروط وعدم التراجع عنها مهما كانت الظروف'.
وأعرب فرغلي عن قناعته أن العصيان المدني 'ليس رد فعل على استشهاد أبناء بورسعيد بقدر ما يُمثل معركة من أجل استرداد الوطن من جماعة الإخوان المسلمين التي استولت عليه ولا تعترف بمصر وطناً، فهي جماعة أممية وليست وطنية'، مهدَّداً برفع درجة العصيان المدني وترقيته حتى تتحقق مطالب أهالي بورسعيد.
وفي غضون ذلك بدأ العصيان المدني ببورسعيد يتخذ، اعتباراً من نهاية الأسبوع الأول للاعتصام أمس السبت، منحى جديداً حيث بدأت تسريبات من عناصر أمنية تحذِّر المشاركين في العصيان من محرضين على إفشال عصيانهم واعتصام بدأه عدد كبير منهم بمنطقة شرق التفريعة الحيوية.
وكشف مصدر حقوقي ببورسعيد للوكالة عن أنه إلى جانب تلك التسريبات، فإن 'حرب دعاية حقيقية تدور بين مؤيدي الاعتصام والمشاركين فيه، وبين منتمين لجماعة الإخوان المسلمين وقوى إسلامية أخرى ومؤيدين لهم، محذِّراً من العصيان المدني بتلك الصورة ربما يصل إلى مستوى الصدام بين الجانبين'.
وما يعزِّز من فرضية الصدام هو توقف العمل بشكل شبه تام في منطقة الاستثمار ببورسعيد التي تشمل أكثر من 100 مصنع يتراوح عدد المهندسين والعمال والفنيين والإداريين فيها نحو 25 ألف شخص، إلى جانب توقف حركة شحن وتفريغ البضائع في مرفأ بورسعيد.
ويبدو العصيان المدني الذي دخل أسبوعه الثاني في بورسعيد ككرة ثلج يزداد حجمها بالوصول إلى محافظات أخرى، فالعصيان الذي يمارسه المصريون للمرة الثانية في تاريخهم الحديث والمعاصر (بعد أن قاوموا به خلال الاحتلال البريطاني لبلادهم قبل نحو قرن من الزمان إبان ثورة 1919)، بدأ الأحد الفائت بتظاهرة احتجاجية خرجت من مدرسة بورسعيد الثانوية العسكرية حيث حمل الطلاب في صبيحة ذلك اليوم صورة زميلهم أحمد سامي الذي قتل بالرصاص في مصادمات مع قوات الأمن يوم 26 يناير/كانون الثاني الفائت.
ولم يمض يومان على بدء حالة العصيان في المحافظة حتى تضامن نشطاء من محافظة الإسماعيلية المجاورة معلنين العصيان قبل أن تنتشر الدعوى في محافظات عدة أبرزها الغربية والأسكندرية والقاهرة والشرقية.
كما بدأ العصيان في العاصمة المصرية القاهرة يتخذ شكلاً أكثر تنظيماً حيث كشف نشطاء معارضون في نقاشات ، عن دعوات للاضراب عن العمل داخل المنشآت الصناعية والمؤسسات الحكومية ووسائل النقل العام، مع بدء إضراب مواز عن الدراسة في المدارس والجامعات والمعاهد، والامتناع عن سداد فواتير الكهرباء والغاز والمياه والقمامة بشكل جماعي مع عدم إجبار من لا يرغب في المشاركة بالعصيان.
واعتبر مدير المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة ناصر أمين، ليونايتد برس انترناشونال، أن العصيان المدني يمثل تطوراً طبيعياً لحالة الغضب السائدة في مصر من النظام الحاكم بسبب سوء إدارة شؤون البلاد في مناحي شتى أهمها الاقتصادية فضلاً عن استهانة النظام بالقضاء وافتئاته عليه.
وأضاف أمين أن العصيان المدني، وهو أحد آليات التعبير السلمي عن الرأي وفقاً للعهد الدولي لحقوق الإنسان، يعكس كذلك رد فعل من جانب المعارضة خاصة شباب القوى الثورية على خروج النظام على القانون والشرعية الدستورية وتحدي السلطة القضائية والاعتداء عليها، مشيراً إلى الصمت الرسمي الذي يصل إلى حد المباركة لمحاصرة المحكمة الدستورية العُليا وكذلك الصمت حيال قتل المتظاهرين السلميين بمحيط قصر الاتحادية الرئاسي.
ورأى أن الأزمة القائمة في البلاد ليست ناجمة عن العصيان المدني ولكنها 'وبالقطع ناشئة عن سياسات وإجراءات ومخالفات وانتهاكات ارتكبها النظام أدت إلى العصيان'، مؤكداً أن الأزمة ستمتد ومرشحة للتصاعد في حال لم يتعامل النظام مع مسببات تلك الأزمة والاكتفاء بمحاولة علاج نتيجة الأزمة على غرار مشروع القانون الذي طرحته مؤسسة الرئاسة وأقره مجلس الشورى (الغرفة الثانية من البرلمان المصري) بـ 'تخصيص 400 مليون جنيه من عائدات قناة السويس لتنمية محافظات القناة بورسعيد والاسماعيلية والسويس وتوفير فرص عمل جديدة للشباب'.
وتشير معطيات الأوضاع في مصر في شقيها السياسي والميداني إلى أن العصيان المدني مرشح للانتشار في محافظات أخرى بسبب انتشار البطالة وتردي الاحوال الاقتصادية، فيما تبقى الفترة الزمنية المتبقية حتى موعد إجراء الانتخابات البرلمانية المقبلة في أواخر نيسان/أبريل اختباراً حقيقياً لقدرة النظام الحاكم في التعامل مع الأزمات الحالية ونزع فتيلها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق