الأحد، 17 فبراير 2013

وماخلقت الجن والإنس إلا ليعبدون

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ..

أما بعد ،،

خلقنا الله سبحانه وتعالى لنعبده ، والدليل السمعي قوله تعالى: (وماخلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) ويعبدون :أي يوحدون الله ويمتثلون أوامرهِ ويجتنبون نواهيه .

التوحيد هو أعظم ما أمر الله به وهو توحيد الله في ربوبيته والوهيته واسمائه وصفاته

أما العقل فقد دل عليه قوله تعالى : أم خلقوا من غير شيءٍ أم هم الخالقون .
ففي هذه الآية دليل عقلي أنه لابد من خالق . والقسمة العقلية تقتضي ثلاثة أمور :

الأول: أننا خلقنا بدون خالق ، وهذا لايمكن ، لأن الخلق لابد أن يتعلق بخالق ، كالتحريك يتعلق بمحرك .

الثاني: إننا خلقنا أنفسنا ، وهذا أشد فسادا مما قبله ، لأننا معدومون ، والمعدوم لايمكن أن يكون قادرا على إيجاد نفسه ، لأن العدم نقص ، والخلق كمال ، فكيف يكون الناقص كاملا . هذا لايمكن .

الثالث:وهو أن لابد لنا من خالق وهو الرب القادر ، ولهذا قال تعالى : أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون . الأمرين تضمنته الآية . أما الأمر الثالث لم تكذره الآية لأنه إذا أمتنع المسلم العاقل عن الأمرين ، فسيتعين الأمر الثالث.(1)

يا أسفا على من أشترى الدنيا بالآخرة
وأسف على حال بعضا من الشباب الذين يمضون أوقاتهم في الشتم والسب واللعب المفرط ومعاكسة الفتيات ، وفي الجانب الآخر أرى الشباب مفرطون للصلاة التي هي عمود الدين ، والصحيح أن الشباب أحبَ ملذات الدنيا وقدموها على طاعة الله ، فأي جنة تنتظرهم بعد فعلهم هذا ؟ وأي نجاة من النار تنتظرهم بعد فعلهم هذا ؟

إلى متى التمادي في الباطل ؟

- يدرك الشباب إن مايقوم به من معاصي لاترضي الله وقد تقوده هذه المعاصي إلى النار ولكن يتمادى أكثر وأكثر في الباطل معتقداً إن هذا مصدر للسعادة مثل الذي يتمتع بالفتيات والله المستعان.
- يدرك الشباب أن ترك الصلاة كفر ولكن مع ذلك يعرضون عنها !

يا حسرتاه من اشترى الدنيا بالآخرة.
أخي العزيز لاتشتري الدنيا بالآخرة فالآخرة ستنتهي وملذاتها ستنقطع ولكن حياة الآخرة هي المستحقة لشرائها ، والسعادة الحقيقة ليست في ملذات الدنيا كلا ، إنما السعادة الحقيقة في جنات النعيم .

والله سبحانه قد بين لنا في كتابه حال الذين يتحسرون على أنفسهم فقال: يقول ياليتني قدمت لحياتي.أي: ياليتني عملت للجنة .

كل السعادة في طاعة الله
أخي العزيز اعلم إن السعادة في طاعة الله والابتعاد عن معصيته ولايزين لك الشيطان عمل الفحشاء ويقول لك السعادة في معاكسة البنات وفي المرح واللعب المفرط .

فآدم وحواء هما خير دليل ـ قال لهما الشيطان اللعين هل أدلكم على شجرة الخلد وملك لايفنى ؟

فالشيطان ليس هو بالغبي فهو يصبر على إغواء الإنسان ويتدرج معه فإغواء الشيطان لها مراتب عدة . فقال: (فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلا عبادك المخلصين)
أقسم الشيطان بعزة الله إنه يقوي العباد أجمعين إلا المخلصين

أتعلم أخي من المخلصين ؟
المخلصين الذين جاهدوا أنفسهم الأمارة بالسوء لـ طاعة الله ورسوله .

لاتهرب من الحقيقة !
أخي العزيز مادمت تعرف حقيقة أمرك المخزي فتوب إلى الله وأستغفر وبشراك الجنة .

أخي توب إلى الله ـ ولاتقول سأتوب سأفعل ـ التسويف من الشيطان.

ولك بشارات أيها التائب

البشارة الأولى
أن الله عز وجل يقبل التوبة من العبد ويغفر ذنبه وزللَه وإجرامه مهما بلغ عظم ذلك الذنب حتى لو كان كفراً وشركاً بالله يا من أسرفت على نفسك بالمعاصي اسمع إلى الكريم سبحانه الحليم ماذا يقول لك : {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ }

(إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا) (إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا) هنيئاً لك يا مذنب يا عاصي بتوبة الله عليك إذاأقبلت عليه .

البشارة الثانية
أبشر يا صاحب التوبة بأن التوبة طريق الفلاح والرشاد كما قال ربك ومولاك {فَأَمَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَعَسَى أَن يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ} فلاح عام في دنياك وأخراك في كل مأمورك تفلح وترشد وتسدد فهذا كله من بركات التوبة {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (31) التوبة مجلبة للخيرات ورضا رب الأرض والسماوات يقول سبحانه {وَأَنْ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَه}ُ (5) سورة هود ويقول ربنا جل وعلا عن هود عليه السلام : {وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلاَ تَتَوَلَّوْاْ مُجْرِمِينَ} (52) سورة هود.

البشارة الثالثة
أبشر يا صاحب التوبة إن باب التوبة مفتوح لا يغلق في وجهك أبداً فأنت تتعامل مع الكريم الغني الذي لا يرد يدي عبده صفراً ليلا ونهارا سرا وجهارا لا تحتاج إلى وسائط بل ارفع يديك إلى مولاك وأعلنها مدوية في الملأ الأعلى أستغفر الله وأتوب إليه فقد جاء في صحيح مسلم عَنْ أَبِي مُوسَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا ، وربنا ينزل إلى السماء الدنيا في كل ليلة ويقول ( هل من مستغفر فأغفر له )،واعلم أن الأمم السابقة قبلنا كبني إسرائيل كانت إذا أرادت أن تتوب كانت تقتل نفسها حتى تتوب إلى الله فاللهم لك الحمد ما أكرمك وما أحلمك عن عبادك .

البشارة الرابعة أبشر يا صاحب التوبة أن من بركات التوبة أن الله يبدل كل عظائمك وجرائمك ومعاصيك وفواحشك ولياليك التي بارزت الله فيها بالحرام يبدلك الله عنها حسنات يا الله ما أكرمك ما أكرمك يا كريم يا حليم ما أعظمك وما اشد تقصيرنا في حقك (وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69) إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا (70) } سورة الفرقان.

البشارة الخامسة
التوبة تجب ما قبلها وتهدم ما قبلها و لا عيب عليك بعدها وقد تكفل الإسلام بحفظ حقك وتمارس حياتك بكل شموخ وإباء ولا خجل ولا حياء بل تعيش مرفوع الرأس عزيزاً كريماً لأن حياة المعصية حياة الذلة والمسكنة وحياة الطاعة حياة الرفعة والعزة فقد جاء في البخاري :ِ (أَنَّ امْرَأَةً سَرَقَتْ فِي غَزْوَةِ الْفَتْحِ فَأُتِيَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ أَمَرَ بِهَا فَقُطِعَتْ يَدُهَا قَالَتْ عَائِشَةُ فَحَسُنَتْ تَوْبَتُهَا وَتَزَوَّجَتْ وَكَانَتْ تَأْتِي بَعْدَ ذَلِكَ فَأَرْفَعُ حَاجَتَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ )

البشارة السادسة
إذا صدقت توبتك ييسر الله لك أمرك ويحسن ختامك على الخير وعلامة صدقك ترك رفاق السوء وكل ما يذكرك بالمعصية فإن الله عز وجل إذا علم صدقك ألان لك الحديد وسخر لك الجبال الرواسي وكل الكون معك أيها التائب الحبيب

فقد جاء في الحديث الصحيح عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ رَجُلٌ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ إِنْسَانًا ثُمَّ خَرَجَ يَسْأَلُ فَأَتَى رَاهِبًا فَسَأَلَهُ فَقَالَ لَهُ هَلْ مِنْ تَوْبَةٍ قَالَ لَا فَقَتَلَهُ فَجَعَلَ يَسْأَلُ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ ائْتِ قَرْيَةَ كَذَا وَكَذَا فَأَدْرَكَهُ الْمَوْتُ فَنَاءَ بِصَدْرِهِ نَحْوَهَا فَاخْتَصَمَتْ فِيهِ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ وَمَلَائِكَةُ الْعَذَابِ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى هَذِهِ أَنْ تَقَرَّبِي وَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى هَذِهِ أَنْ تَبَاعَدِي وَقَالَ قِيسُوا مَا بَيْنَهُمَا فَوُجِدَ إِلَى هَذِهِ أَقْرَبَ بِشِبْرٍ فَغُفِرَ لَهُ.

البشارة السابعة
أبشر يا صاحب التوبة يا من أقبلت على الله أن من وقع في الموبقات نزع منه الإيمان فإن تاب عاد إليه إيمانه الذي في القلب ، فيا لله ما أعظمها من نعمه ولو افتديت بها كل ما تملك ،فقد جاء في الحديث في البخاري عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَزْنِي الْعَبْدُ حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلَا يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلَا يَشْرَبُ حِينَ يَشْرَبُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلَا يَقْتُلُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ قَالَ عِكْرِمَةُ قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ كَيْفَ يُنْزَعُ الْإِيمَانُ مِنْهُ قَالَ هَكَذَا وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ ثُمَّ أَخْرَجَهَا فَإِنْ تَابَ عَادَ إِلَيْهِ هَكَذَا وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ

البشارة الثامنة
أن الله الغني الكريم يفرح فرحاً عظيماً بتوبتك ، والله لو لم يكن فضل وشرف للتوبة إلا فرح الله بها لكفى بها لك حافزاً للمبادرة إلى التوبة ،فقد جاء في البخاري ومسلم واللفظ له عن أنس بن مالك قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ حِينَ يَتُوبُ إِلَيْهِ مِنْ أَحَدِكُمْ كَانَ عَلَى رَاحِلَتِهِ بِأَرْضِ فَلَاةٍ فَانْفَلَتَتْ مِنْهُ وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ فَأَيِسَ مِنْهَا فَأَتَى شَجَرَةً فَاضْطَجَعَ فِي ظِلِّهَا قَدْ أَيِسَ مِنْ رَاحِلَتِهِ فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ إِذَا هُوَ بِهَا قَائِمَةً عِنْدَهُ فَأَخَذَ بِخِطَامِهَا ثُمَّ قَالَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ.

البشارة التاسعة
أبشر يا صاحب التوبة أنتحبيب الله قال سبحانه { إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} (222) سورة البقرة

البشارة العاشرة
التوبة هجرة لا تنقطع قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: " المهاجر من هجر الخطايا و الذنوب)البخاري

(وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق