التلازم بين الإصلاح الديموقراطي والاجتماعي ووطنية الأهداف وقوميتها
حسن خليل غريب
لا شك بأن هناك مسافة زمنية تفصل بين مشروعين رئيسين في مصر: أسلمة الدولة
أم علمنتها، وهي المسافة الزمنية التي تفصل تاريخياً بين انطلاقة حركة
الإخوان المسلمين في أوائل الثلاثينيات من القرن العشرين وانطلاقة الناصرية
في أوائل الخمسينيات من القرن ذاته.
فإذا كانت المسافات التاريخية تشكل فاصلاً زمنياً قد لا تفسِّر مسارات
الدول نحو التغيير فإن المسافات الإيديولوجية هي التي تضع مسار التفسير
والتأويل والتعليل والنتائج في موقعه الصحيح.
من الحقائق الماثلة في ذاكرتنا التاريخية هي أن انطلاقة حركة الإخوان
المسلمين جاءت ردة فعل على إلغاء الخلافة الإسلامية، بعد انهيار
الإمبراطورية العثمانية في الحرب العالمية الأولى، وجواب الحركة آنذاك كان
تأسيس مشروع سياسي على رأس أهدافه استعادة عصر تلك الخلافة.
ومن الحقائق الأخرى، وعلى ضوء فشل الدولة الدينية طوال قرون عديدة، أن
الناصرية، جاءت بخطابها الجديد لتحدد مسارات بناء دولة قومية عربية على
قواعد علمانية، فكان الخطاب الناصري، ولو بشكل غير مباشر، استئنافاً
لأيديولوجيا حزب البعث العربي، وإن بوسائل سياسية مختلفة. الحزب الذي تأسس
قبل سنوات قليلة من اندلاع ثورة 23 تموز / يوليو من العام 1952.
وبهذا تكون المسافة الزمنية التي مضت من عمر تأسيس حركة الإخوان، وقبل نضج
الحركة القومية ووضعها بصيغة مشاريع كانت قابلة للتطبيق، ملأى بمشاريع
فكرية وسياسية تقف بالضد من مشروع حركة الإخوان. ومنذ تلك اللحظة أخذت
ظاهرة الصراع تنمو بين الحركتين الإسلامية والقومية.
كانت الحركة القومية، منذ الأربعينيات من القرن الماضي، قد بلغت شأناً
كبيراً خاصة بعد أن تقاسم جناحاها: البعث والناصرية الأنظمة السياسية في
دول ثلاث، مصر وسورية والعراق. وإن كانت التجارب الثلاث لا تخلو من ضرورة
نقدها، إلاَّ أن العامل الوحدوي القومي قد خطا من خلالها خطوات واسعة وذات
شأن على شتى الأصعدة. ومنذ تلك اللحظة، ولأن تلك التجارب جاءت من أجل
الانقلاب على أيديولوجيا اتفاقية (سايكس بيكو) التقسيمية أحسَّ الذين
وضعوها أن هناك ما يُنبئ بخطر شديد على مخططات الاستعمار والصهيونية، خاصة
على جوهر تلك الاتفاقية المبنية على عدائية واضحة لأي وحدة عربية. فلم
ينحصر الصراع ساعتئذ بين مشاريع أسلمة دولة الوحدة أم قومنتها بين الإخوان
والحركة القومية، بل امتدَّ ليأخذ أبعاداً خارجية يقودها التحالف الصهيوني –
الاستعماري من أجل إحباط ليس المشاريع الوحدوية العربية فحسب بل لمحاربة
كل فكر وحدوي عربي أيضاً. ولذلك وقع البعث والناصرية في مقدمة الأهداف
الاستعمارية لأنهما شكَّلا العائق الأكبر في إعاقة مسارات تلك القوى من
جهة، ولأن حركة الإخوان المسلمين نظرت إلى الحركة القومية عبر تناقضين،
وهما: العلمنة كنقيض لما أسموه (حكم الله)، والدولة القومية كنقيض لما
أسموه إحياء الخلافة الإسلامية، وفي التناقضين ما يحول دون بناء دولة
إسلامية.
في تلك المرحلة حصد التحالف المعادي نتائج متقدمة في محاربة البعث
والناصرية، بلغت أهم نتائجها وأسوأها بعد انقلاب أنور السادات على الناصرية
منذ أوائل السبعينيات. وفيها أحرز التحالف أكبر انتصاراته عندما حقق خرقاً
جغرافياً وفكرياً استراتيجياً بعزل مصر عن عمقها القومي، بما تمثل من ثقل
نوعي في حراك الأمة العربية، فكانت اتفاقية كامب ديفيد هي الوسيلة التي
أحرز فيها التحالف نقلة نوعية في المواجهة مع التجربة القومية في الحكم.
في مرحلة حكم السادات كان من أكثر التحولات لفتاً للنظر هو احتضان التحالف
للحركة الإسلامية في مصر، وفي المقدمة منها حركة الإخوان المسلمين، عبر
بوابتين رئيستين، مصر والسعودية. وإذا كان من المطلوب حينذاك أن يقاتل
التحالف الحركة القومية ويصارعها بأيدي الحركة الإسلامية، كان من أهم أهداف
حركة الإخوان أن تُسقط الأنظمة العلمانية كتمهيد لتطبيق مشروعها في
استعادة عصر الخلافة الإسلامية، وهذا ما يفسر الكراهية الشديدة التي تكنها
تلك الحركة لكل نظام عربي سواءٌ أكان قومياً أ م كان علمانياً. وقد طوَّعت
النص الإسلامي وأصدرت فتاوى التكفير بالقوميين والعلمانيين.
وتصاعدت عرى العلاقات بين التحالف الاستعماري والحركة الإسلامية بشكل عام،
باستثناء من يعتبرون أنه (إذا ذُلَّ العرب، ذُلَّ الإسلام)، فبلغت شأواً
متقدماً خاصة في العراق بعد الاحتلال الأميركي. وهذه الحركة الإسلامية
الآن، بعد نجاح ثورتيْ تونس ومصر، تقطف نتائج كبرى لم تكن لتحلم بقطفها بعد
الثورة، وهي سائرة في معركتها في أكثر من ساحة ما تسمى بساحات (الربيع
العربي)، للوصول إلى ترؤوس الأنظمة الجديدة التي تتوالد نتيجة هذا
(الربيع).
وإذا كنا لسنا في موقع الاعتراض على وصول من وصل، أو من سيصل إلى كرسي
الحكم، عن طريق صناديق الاقتراع، فلأنها الطريقة الوحيدة المُتاحة لممارسة
الديموقراطية الشعبية، يبقى من حقنا الديموقراطي أن نستشرف الطريقة التي ستُدار
بها أنظمة الحكم السياسية تحت إدارة تلك الحركات، وما هي النتائج التي
ستحصدها الجماهير الشعبية من جهة، والنتائج التي ستحصدها حركة التحرر
القومي العربي من جهة أخرى.
وفي هذا الإطار ستكون مضامين إيديولوجيا الإخوان المسلمين، أو الحركات
الإسلامية الأخرى، معاييرنا للتحليل واستشراف النتائج. فما هي مضامين تلك
الإيديولوجيا؟
بما لا يقبل الشك، أن من أهم ثوابت تلك الإيديولوجيا ثابتان أساسيان، وهما:
-الثابت الأول، وهو فكر العداء للقومية العربية، وخاصة هدف الوحدة
السياسية، زعماً من الحركات الإسلامية (أن القومية ما وُجدت إلاَّ لمحاربة
الإسلام).
-الثابت الثاني، وهو عامل العداء لأي نظام علماني، زعماً بأنه يتناقض مع
التشريعات الإسلامية، وهو ما يُعبرون عنه بأنه مخالف للشرع (الإلهي)، ومن
أهم نصوصهم تلك القاعدة الفقهية التي تقول (لا حكم إلاَّ لله).
وإذا كانت هذه المقدمة قد اعتنت بتفسير طبيعة العلاقة بين الحركتين القومية
والإسلامية بشكل عام. وإذا كنا لن نتوسع بأسباب عناية التحالف الاستعماري –
الصهيوني بتصعيد العلاقة وتمتينها مع شتى الأصوليات، بدءاً مع إيران
(ولاية الفقيه)، ومروراً بتركيا أردوغان (الطُرُقية الصوفية)، وصولاً إلى
صياغة علاقات حوار وتعاون مع من يصل من أطرافها وأطيافها إلى الحكم في بعض
الأقطار العربية التي شملها (الربيع العربي) بعطاياه، عبر ما تسمى
بالانتخابات الديموقراطية، فإننا سنحصر اهتمامنا بما يجري في مصر بعد وصول
حركة الإخوان المسلمين إلى رئاسة أكبر قطر عربي وأكثره تأثيراً بحكم قربه
الجغرافي من أرض فلسطين المحتلة، لعلنا بحصر اهتمامنا هناك نستطيع أن نحدد
آفاق الواقع الموجود واستشرافنا للأمل المنشود مما يجري في مصر الآن.
وإنه طالما أن الإخوان، كحركة سياسية، قد وصلوا إلى الحكم عن طريق صناديق
الاقتراع، فليس لنا إلاَّ أن نعترف بشرعية حكمهم، سواءٌ أكانوا يمثلون ربع
عدد السكان أم أقل أم أكثر، فلأنه لا طريقة أخرى لدينا تشكل معياراً
ومكيالاً لشرعية نظام سياسي أم لا شرعيته. وطالما أن مكيال الانتخابات هو
السائد فاعترافنا بشرعية نظام حكم الإخوان لمصر لا يعني أننا نعتقد
بإمكانية نجاحهم في قيادة حكم وطني من جهة، أو أنهم من جهة أخرى سينجحون في
إحداث تغيير ثوري يستجيب لمصالح أوسع الجماهير التي ثارت ضد نظام حسني
مبارك.
وهنا سيكون منطلقنا في التحليل التركيز على مجموعة من الثوابت الأساسية
التي لا نحسب أن هناك معايير ومكاييل يمكن أن تسهم في بناء دولة حديثة من
دونها، ويجمع هذه الثوابت مبدأين:
-مبدأ إصلاحي مطلبي يعنى بحقوق المصريين السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
-ومبدأ قومي يحدد علاقات مصر ودورها في القضايا القومية.
أولاً-على المستوى الإصلاحي:
يزعم الإخوان أن في الإسلام تشريعات تتضمن الحلول لكل المشاكل (في كل عصر
وفي كل مصر)، لذا فهم لا يعترفون بأي تشريع آخر لأنه كما يزعمون مخالف
لـ(شرع الله). كما أنهم تناسوا أن التشريعات التي تُدار بها دولة إسلامية
فيها ما يتناقض مع دولة متعددة الأديان والمذاهب. وحتى يمثل نظام الحكم
مصالح كل المواطنين لا بدَّ من أن تكون ثوابته مما يضمن مصالحهم كافة. فهل
في إيديولوجيا الإخوان المسلمين ما يشكِّل تلك الضمانة؟
لا نعتقد أن مبدأ (أهل الذمة)، الذي يشكل جوهراً أساسياً من أصوليات الحكم
السياسي للإخوان، يصلح لبناء مجتمع مصري وطني تتساوى فيه حقوق جميع
المصريين وواجباتهم. ليس ذلك فحسب، بل لما في هذا المبدأ من خطورة على
النسيج الاجتماعي للمصريين أيضاً.
كما لا نعتقد أن أيديولوجيا الإخوان تشكل عاملاً يوحِّد المسلمين، لأنهم
يزعمون بأنهم يعبِّرون وحدهم عن الإسلام الصحيح على قاعدة (الفرقة الوحيدة
الناجية من النار). وإذا عرفنا أيضاً أن الأصوليات الإسلامية الأخرى
للمذاهب الأخرى، كأيديولوجيا (ولاية الفقيه) تنطلق من الزعم ذاته، لكان
علينا أن نستنتج بأن في أيديولوجيا الإخوان ما يعيق ليس بناء مجتمع وطني
موحَّد فحسب، بل فيه ما يعيق بناء مجتمع إسلامي موحَّد أيضاً.
إن مسألة التكفير والتكفير المضاد سائد على قدم وساق بين الأصوليات
المتعددة، كما بين الأصوليات ذات المنبت المذهبي الواحد. وهذا يشمل العلاقة
بين تيارات الإخوان المسلمين أنفسهم. وتتأكد هذه الحقيقة بالعودة إلى
ثوابت كل تيار منهم، ليرى ما فيها من تناقض يحمل في طياته الكثير من حالات
الاحتراب والتقاتل.
وهنا لا بدَّ من التذكير أيضاً بأن كل ما يُشاع عن عقد طاولات لتوحيد
المسلمين، والتي يشارك فيها الإخوان المسلمون، ليس أكثر من مرحلة يمارس
فيها أصحاب كل مذهب (التقية) مع المذهب الآخر. ونعتقد أنَّ ما يدفعهم إلى
ممارسة ما نسميه (التحالفات الشاذة) ليست أكثر من تحالفات مؤقتة لن تعيش
كثيراً، لأن ما يوحِّدهم الآن هو إقصاء خصومهم المشتركين، ويأتي القوميون
في طليعة هؤلاء.
وإذا كان هذا الأمر يمثل الجانب السياسي في عقائد الإخوان، فهل يمتلكون
بالجوانب الاقتصادية والاجتماعية أسساً وقواعد لبناء اقتصاد يوفر فرص
العدالة الاجتماعية، وعدالة توزيع الدخل الوطني بين شتى طبقات المجتمع؟
وهم إذا زعموا ذلك، فلا تتعدى خططهم حدود الفتاوى والاجتهاد الفردي لنخب من
رجال الدين منهم، أو فلنقل فتاوى علمائهم، ممن يفتقدون الثقافة العلمية في
الاقتصاد والاجتماع والسياسة. وهنا لا يجوز أن ننسب الفتاوى التي يصدرها
هؤلاء (العلماء) إلى ما يسمونه (شرع الله)، وإذا كان (شرع الله) مقدساً،
فهل يجوز اعتبار الفتاوى التي يصدِّرها بشر هي مما يجوز تقديسه؟
إن من أهم ما سيقوم عليه الاقتصاد الإسلامي، في عقائد الإخوان المسلمين، هو
الاعتراف بشرعية تكديس التجار للرساميل، وبالتالي تشكيل طبقة ممن يشجعون
الظواهر الاستهلاكية على حساب الحقائق الإنتاجية. وبالتالي سيشجعون ظاهرة
الصدقات وحصرها بين أيدي بعض المؤسسات الدينية، أو بين أيدي أفراد منها،
لتقوم بوظيفة الدولة الحديثة التي من واجبها أن تجمع عائدات الدولة المالية
على أسس ضريبية ملزمة لإعادة توزيعها بعدالة على جميع المواطنين على شكل
مشاريع تنموية وخدمات من أهمها بناء المصانع وتأهيل البنى التحتية والعمل
على توفير الضمان الصحي والاجتماعي ومجانية التعليم وتوفير الوظائف
للعاطلين عن العمل....
ولما كانت مراحل بناء الدولة الحديثة قد قطعت شوطاً منذ ثورة 23 يوليو من
العام 1952، فهل ستحمل لنا المراحل القادمة مشاريع الانقلاب على تلك الأسس
تحت فتوى أنها لم تستند إلى (حكم الله) والتشريع (الإلهي)؟
وهل في المستقبل ما يُنبئ بأن حكم الإخوان سيعيد بناء الدولة الحديثة في
مصر عشرات السنين إلى الوراء؟
وهل مستقبل مصر في المراحل اللاحقة سيتحول إلى حقل تجارب يختبر فيها
الإخوان المسلمون تشريعاتهم وفتاويهم التي ستتضارب الرؤية حولها ليس مع
التيارات العلمانية فحسب، بل ستتضارب بين تياراتهم المختلفة أيضاً.
-على المستوى الوطني المصري والقومي العربي:
وإذا كان التحالف الاستعماري – الصهيوني لا يكترث بجنس النظام الاقتصادي
بأكثر من أن ينتمي إلى اقتصاد السوق، أي الاقتصاد الممنوع من أن يكون
اقتصاداً منتجاً، فإنه يأخذ بعين الاعتبار مواقف الحركات الإسلامية، ومن
أهمها حركة الإخوان المسلمين، من الفكر القومي كون تلك المواقف متَّسمة
بالعداء والتكفير. والتكفير مبني على نصوص دينية ليس من الصعب على المسلم
الذي تستند معرفته على (التواكلية والتقليد) من الاقتناع بها وتقليدها
والعمل بمضمونها.وفي ظل حكم الإخوان المسلمين في مصر تحت سقف هذه الثوابت
(المقدسات) علينا أن نتصور منذ الآن مدى الأذى الذي سيلحق بالتيارات
القومية والعلمانية، ومدى حدود الصراع التي ستعيق ليس الحركة الفكرية
القومية العربية فحسب، بل كم ستعيق حركة بناء دولة حديثة أيضاً.
وهنا لا يفوتنا التساؤل التالي: هل سيعود الصراع الأصولي الإسلامي ضد
القومي العلماني إلى الواجهة من جديد؟ وهل سيعود هذا الصراع هذه المرة
ومقاليد الحكم والسلطة بيد تلك الحركات، مُسلَّحة بأوامر (إلهية) سيوفها
مشحوذة على مسنَّات (التكفير والتفسيق والتبديع)؟ وهل ستبقى شعارات (الوحدة
والحرية والاشتراكية)، حسب حزب البعث، أو (الحرية والاشتراكية والوحدة)،
حسب الناصرية، مسموحاً بها، تداولاً وتحزباً وتفكراً؟
-على مستوى الصراع العربي – الصهيوني:
ولهذا المستوى مكاييل على أساسها سنقوم باستشراف آفاق مستقبل الصراع العربي
– الصهيوني على أرض فلسطين. وهو المكيال الذي على أساسه يدل على مدى
العلاقة التي سيحددها النظام الجديد مع القضايا القومية. وحيث إنَّ الموقف
من اتفاقية كامب ديفيد هو ذلك الكيال الأساسي، فلم يحدد الرئيس محمد مرسي
حتى الآن مصير تلك الاتفاقية.
وإذا كان الرئيس المصري، في مواقفه الأولى، دعا إلى إيلاء القضية
الفلسطينية الأهمية القصوى. هذه القضية التي تحمل في تصوره مشاكل بالغة
الأهمية، مثل:مستقبل القدس والأماكن المقدسة، وموضوع المستوطنات، ومسألة
غزة وتوحيدالموقف الفلسطيني. إلاَّ أن الإعلان العام يدل على شيء من
الخطورة حيث حصر المشكلة واختزلها بقضايا تفصيلية دعا إلى تسويتها، وبذلك
كأنه تناسى أن القضية الفلسطينية ليست أكثر من قضية حدود بدل أن تكون قضية
وجود. وعلى جميع الأحوال نعتبر من السابق لأوانه التوسع باستشراف هذه
القضية قبل أن تستقر أوضاع الرئيس الجديد ويفتح ملفاته الأساسية، هذا مع
التحفظ على ما تتناقله الأخبار عن ربط موقف الرئيس من اتفاقية كامب ديفيد
بمصير المساعدة الأميركية لمصر. والخوف من اختزال الموقف من اتفاقية كامب
ديفيد وربطها بمساعدة مادية، وليس كموقف من اغتصاب أرض فلسطينية.
وعلى العموم، وإذا كنا قد أسهمنا في استشراف مستقبل مصر على ضوء النهج
الأيديولوجي للأخوان المسلمين، فهذا سيكون من دون جدوى إذا لم تأخذ القوى
القومية والعلمانية دورها في تحديد خطط عملها كطرف أساسي في المعارضة، آخذة
بعين الاعتبار أن مهمتها لن تكون من السهولة، بحيث تتداخل في مصر الآن
المهمات الإصلاحية الداخلية مع ضرورة التركيز على الثوابت القومية التي إذا
لم تُأخذ بعين الاعتبار نكون كمن يدق المسمار الأخير في النعش الذي
سنشيِّع فيه جثة الأمة العربية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق