الأحد، 6 مايو 2012

عودة الى الارهاب المحلي

عودة الى الارهاب المحلي
تسفي برئيل


بعد سنة من تصفية اسامة بن لادن، لا تزال معلقة صوره في بعض من قواعد طالبان في افغانستان، وفي اليمن يواصل نشطاء القاعدة التخطيط للعمليات، والسعودية تواصل الصراع الداخلي ضد الحركات الراديكالية التي نسقت بعضها نشاطاتها مع القاعدة، وفي سيناء تعمل خلايا مشبوهة بالانتماء للمنظمة.
الارهاب الدولي الذي يعود مصدره الى المنظمة وإن كان قل بشكل كبير، إلا ان شبكات القاعدة في معظم الدول العربية لا تزال قائمة وتهدد الانظمة. وحسب استطلاع أجراه معهد 'بيو' الامريكي في عدة دول اسلامية يتبين ان التأييد الجماهيري لبن لادن قبل بشكل واضح، ولكن لا ينبغي الاستخلاص من ذلك بأن ذات الجمهور مستعد لأن يقبل التواجد الامريكي في الدول العربية أو أنه يقبل استراتيجية مكافحة الارهاب الامريكية.
من المهم ان نميز بين التقدير لبن لادن، وبين نشاط منظمة القاعدة، وبينهما وبين نشاطات الارهاب التي أسسها محلية. من الصعب القول ان تصفية بن لادن قللت مدى الاعجاب به كرمز في اوساط تلك الحركات التي تبنت عقيدته. بعض من المحللين العرب حتى يعتقد بأنه مع تصفيته ارتفعت هالته كقدّيس قاتل ضد القوة العظمى الغربية، أوقع بها مصيبة هي الأشد في تاريخها ونجح في جرها الى حربين كبيرتين، في العراق وفي افغانستان 'وهزيمتها' في كلتيهما. وفي نفس الوقت، فان تصفية بن لادن وقعت عندما احتدمت الثورات في الدول العربية، وأُطيح في بعضها أو أُطيح بالحكم، وفي بعضها استولت الحركات الاسلامية على الحكم. النتيجة هي انه يحتمل ان يكون الربيع العربي بالذات، أكثر من تصفية بن لادن، هو الذي ساهم على الأقل في المستوى الايديولوجي في إزالة أحد الدوافع المركزية لنشاط القاعدة.
لقد أقام بن لادن طريقه لبناء الأمة الاسلامية الموحدة على القتال في قناتين: ضد العدو البعيد الدول الغربية، وضد العدو القريب الانظمة العربية التي هي في نظره انظمة كافرة. وقد تنقل بين القناتين الواحدة الى الاخرى حسب مدى التوافق مع مصالحه وحسب قدرته على العمل. وهكذا مثلا تعاون مع الـ 'سي.آي.ايه' في كفاحه ضد الاحتلال السوفييتي في افغانستان بين اعوام 1979 و1988 ولاحقا في القتال في البوسنة. وما ان انتهى الاحتلال السوفييتي حتى تفرغ بن لادن للعمل بالتوازي ضد النظام السعودي وضد التواجد الامريكي في الخليج، والذي في وقت لاحق رحب به عندما قاتل التحالف الدولي ضد احتلال العراق للكويت.
في العراق غير بن لادن تكتيكه القتالي عندما بدأ ببناء فروع اعتمدت على السكان أكثر مما على 'تصدير' المقاتلين، وفي وقت لاحق بدأت خصخصة المنظمة، وهكذا مثلا أقام الفرع في اليمين، والذي أغلب الظن بقي الفرع الأنشط وهكذا ايضا الفرع في دولة المغرب والذي يستند الى منظمات محلية عملت ضد الانظمة في المغرب، الجزائر وتونس ومثلها ايضا الفرع الأضعف الذي أُقيم في مصر. في هذه الدول حظيت المنظمة بتأييد جماهيري ساعدها في نشاطها ضمن امور اخرى لأن جزءا من الجمهور رأى في الحرب ضد الانظمة سببا مناسبا ليس بالضرورة على خلفية دينية يبرر ايضا اعمال الارهاب. ولكن ما ان بدأ يتبين مدى النجاح السياسي لحركات دينية مثل النهضة في تونس، الاخوان المسلمين والسلفيين في مصر، وعندما بدأت اليمن العصيان المدني العنيف ضد نظام علي عبد الله صالح، كان بوسع المنظمة ان ترى في ذلك انجازا بل وتدعي بأنها شريكا في النجاح.
في اليمن ايضا تمتع نشطاء القاعدة بالحرية وذلك لأن قوات النظام كانت منشغلة بقمع الثورة. في العراق قرر السنة، الذين كانوا مخزون التجنيد للمنظمة في سنوات الاحتلال الاولى، التعاون مع الحكومة. في بعض من هذه الدول يبدو ان المواطنين حققوا على الأقل أحد الأهداف الأساس لبن لادن اسقاط الانظمة الطاغية والعلمانية وعندما لم تتبلور بعد طبيعة حكم الحركات الدينية، يبدو ان المنظمات الراديكالية العنيفة ايضا مستعدة لأن تمنحها فترة تجربة. احدى النتائج هي انه في الاشهر الاخيرة يبدو نشاط ارهابي أقل مصدره منظمة القاعدة، مقابل الارهاب الذي مبرره المحلي مثل العمليات في باكستان وافغانستان والتي أسبابها سياسية. ولكن خبو المبرر للعمل ضد الانظمة المحلية لا يزال يُبقي على حاله المبرر الثاني، القتال ضد الغرب، كدافع لمواصلة وجود القاعدة، وضد هذا الدافع لا يمكن لتصفية بن لادن ان تجدي نفعا.

هآرتس 3/5/2012

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق