الأحد، 27 مايو 2012

السلفيون خدعوا ابوالفتوح.. و'اللهو الخفي' انتخب شفيق.. ومرسي يحتفل بـ'عزومة استاكوزا' في الهيلتون 'الدراما الرئاسية' تطغى على احاديث المصريين: حكم العسكر ام حكم المرشد؟


طغت النتائج المفاجئة وربما الصادمة للانتخابات الرئاسية على احاديث المصريين وسط مشاعر وتكهنات متضاربة، فيما تراجعت الروح الاحتفالية التي صاحبت اول انتخابات ديمقراطية في تاريخ البلاد.
وعلى مقهى وادي النيل الشهير في ميدان التحرير تشكلت حلقة مناقشة لم تقل سخونة عن حرارة الطقس التي قاربت الاربعين، خاصة انها جمعت كوادر من جماعة 'الاخوان' وشبابا من حركة 6 ابريل، وسلفيين، ومواطنين غير مسيسين، فيما كان انصار للمرشح الخاسر حمدين صباحي يتجمعون في وسط الميدان رفضا للنتائج.
ويبدو ان خيبة الامل لم تستثن كوادر جماعة 'الاخون' نفسها رغم صعود مرشحها محمد مرسي لجولة الاعادة، اذ ان الجماعة كانت اعلنت ثقتها في انه سيفوز من الجولة الاولى، الا انه لم يحصل الا على نحو خمسة وعشرين بالمئة.
وقال كادر اخواني جمع حوله عددا من شباب الحملة الانتخابية 'كنت محبطا لاننا لم نفز من الجولة الاولى ولكن عندما رأيت ردود الافعال في الشارع قلت رب ضارة نافعة'.
ويبدو ان السلفيين خدعوا المرشح الخاسر عبد المنعم ابو الفتوح، اذ وعدوه بدعمه الا ان اغلب اصواتهم ذهبت الى مرشح الاخوان محمد مرسي.
ويقول احد شباب السلفيين من اتباع الشيخ فوزي السعيد وهو من كبار الدعاة السلفيين في القاهرة' اؤكد لك ان السلفيين في القاهرة وكثير من المحافظات صوتوا لمرسي بالرغم من قرار الدعوة السلفية وحزب النور بتأييد ابو الفتوح'. اما السبب فهو 'انهم يخافون الله ويعتبرون ان مرسي هو من سيطبق شرعه' حسب تعبيره.
وهنا يتدخل الكادر الاخواني مؤكدا ' اعرف ان مسؤول الدعوة السلفية في الاسماعيلية كان عنده توكيل رسمي من ابو الفتوح الا انه اقام مؤتمرا شعبيا لدعم مرسي'. ويضيف ' كان بعض السلفيين الذين يضعون صور ابو الفتوح على زجاج سياراتهم يأتون الينا ونحن نعمل السلسلة البشرية تأييدا لمرسي ويقفون معنا ويشجعون الناس معنا لانتخاب مرشحنا'. وفسر ذلك 'بأن شباب السلفيين التزموا حزبيا فقط بدعم ابو الفتوح وهذا التزام لايسألون عنه امام الله، اما شباب الاخوان فتربوا من صغرهم على الطاعة التنظيمية التي هي جزء من طاعة الله'.
اما عن اسباب تراجع الجماعة في عدد من معاقلها الرئيسية ومنها محافظة الشرقية التي هي مسقط رأس محمد مرسي، فيقول ' الشرقية هي مسقط رأس المرشح احمد شفيق ايضا، ومعه عدد من كبار رجال الاعمال وكوادر الحزب الوطني ولذلك تصدر فيها'.
واذا ما كانت هناك اخطاء او تقصير من جانب الجماعة اسهمت في فقدانها نصف الاصوات التي حصلت عليها في الانتخابات التشريعية قبل شهور قليلة، اعتبر انه 'ربما انشغلت الجماعة بالمعارك الاعلامية اكثر مما يجب، كان علينا ان نركز على الشارع'.
ويسخر كادر اخواني اخر من استطلاعات الرأي التي كانت تضع مرسي في المركز الرابع او الخامس، ويقول ' كوادرنا في الصعيد، يملك الواحد منهم الفا او عدة الاف من الاصوات. يوجد شيء اسمه (بدنة) هذه اكبر من العائلة والقبيلة. انها مكونة من مئات العائلات وترجع لاصل واحد. وربما تكون بينهم حروب وثارات الا انها تتبع كبيرها وتحترم كلمته في الانتخابات'.
اما بشأن تراجع الجماعة في هذه الانتخابات فيقول ' اذا حصل 'الاخوان' على اصوات اعضائهم فقط لما حصدوا اكثر من مليون صوت. هؤلاء هم الذين نعتبرهم مثل عائلتنا. وينطبق عليهم قوله تعالى (اذا خضت البحر لخضناه معك). واما الانصار والمتعاطفون معنا فيختلف عددهم حسب الظروف'.
وحرص اعضاء 'الاخوان' على عدم ابداء مشاعرهم تجاه نتائج الانتخابات حرصا على عدم استفزاز شباب التيار الثوري المستفز اصلا بسببها، وهو الذي لم يتورع عن استخدام الفاظ قاسية في توصيفها، اذ قال احدهم في مداخلة تلفزيونية ' مطلوب مني في الجولة الثانية ان اختار بين من قتل الثوار ومن اخفى سلاح الجريمة، لهذا سأقاطع'. وذهب اخر الى القول ' سأقاطع الجولة الثانية لانه لا يوجد انسان عاقل يختار بين الاصابة بمرض السرطان ووباء الكوليرا'.
اما الناشطة نوارة نجم فصرحت بانها لا يمكن ان تنتخب مرسي لان 'كرامتها لا تسمح لها بانتخاب مرشح استبن' اي احتياطي، اما من ينوي ان ينتخب المرشح احمد شفيق فدعت عليه بالموت حرقا انتقاما لدماء الشهداء.
ويعبر احد شباب 'الاخوان' عن صدمته وخيبة امله العميقة من فوز شفيق بالمركز الثاني ويقول 'بصراحة اشعر ان الشعب الذي ينتخب شفيق هو شعب لا يستحق ما فعلناه من اجله' الا ان الكادر المخضرم يتدخل بسرعة ويسكته، مؤكدا ثقته في ان الشعب سيختار مرشح 'الاخوان' في الجولة الثانية.
وبعكس كوادر 'الاخوان' فقد اقام محمد مرسي احتفالا سريا بصعوده للجولة الثانية مع العشرات من قيادات الجماعة والحزب بعزومة فطور فخم في فندق الهيلتون رمسيس القريب من ميدان التحرير، وكان الطبق الرئيسي في الوليمة هو (الاستاكوزا) رغم ان الحفل اقيم في الصباح ، ما اثار استغراب العاملين في الفندق. وحسب ادارة الفندق فإن سعر الطبق الواحد يبلغ ثلاثمائة جنيه (خمسين دولارا).
اما المواطنون الذي يفطرون الفول والطعمية، وهم الاغلبية الساحقة من المصريين، فعندما تسألهم عمن انتخبوه فيقولون في حسرة (انتخبنا حمدين صباحي) بمن في ذلك بعض الاقباط وخاصة من الشباب. والسبب انه 'الوحيد الذي يشعر بالفقراء'، الا انهم يلومونه وابو الفتوح لان طمع كل منهما في المنصب والرئاسة مما سيجعل مصر تقع في ايدي حكم العسكر او حكم المرشد.
ويقول احدهم ' لم انتخب الاخوان لأني رأيتهم بشترون الاصوات في حي عين شمس الشعبي بالقاهرة، الصوت بمائة جنيه (17 دولارا).
ومن النادر ان تلتقي بشخص انتخب احمد شفيق حتى ان بعضهم اكد ان 'اللهو الخفي' اوالطرف الثالث (بلغة المجلس العسكري) المتهم بقتل المتظاهرين طوال العام الماضي من دون ان يضبطه احد هو نفسه من انتخب الفريق الذي تعهد امس الاول باعادة 'الثورة الى من فجروها'.
ويعترف سيد محمد سائق التاكسي انه واحد ممن انتخبوا شفيق، ويقول ان تعهده باعادة الامن خلال اربع وعشرين ساعة 'كان له فعل السحر عند المصريين' الذين عانوا كثيرا من التدهور الامني خلال الفترة الاخيرة، ويقول 'احنا متعودين على الفقر لكن السرقة والدم وقلة الادب لأ'.
ويسخر ممن يقولون ان شفيق سيعيد النظام القديم، ويقول 'اذا تولى حسني مبارك شخصيا الحكم لن يستطيع اعادة النظام القديم. الشعب المصري تغير، واي رئيس هيلعب بديله هيلاقي نفسه في سجن طرة'.
اما حسابات التحالفات والتربيطات تمهيدا للجولة الثانية، فاخماس واسداس يتركها عامة المصريين لنخبتهم العاجزة عن مجرد الحوار ناهيك عن التوافق، والتي غاب فيما يبدو عن بعضها مفهوم (انكار الذات) الذي كان كفيلا بتأمين موقع متقدم لمرشح موحد للثورة في انتخابات الرئاسة.. ولهذا حديث آخر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق