الأحد، 6 مايو 2012

عبد الباري عطوان يحاضر في عمان .إعداد. نعمان عبد الله الشطيبي

عبد الباري عطوان يحاضر في عمان: المخيم مثل جمهورية أفلاطون الفاضلة لأنه يجعل الجميع 'متساوون' في المعاناة!
2012-02-24

http://www.alquds.co.uk/data/2012/02/02-24/24qpt989.jpg

عمان ـ 'القدس العربي' ـ من سميرة عوض: 'الوطن البديل لفلسطين هو فلسطين، ولن يكون الأردن هو الوطن البديل'، بهذه العبارة اختتم الكاتب عبد الباري عطوان رئيس تحرير جريدة 'القدس العرب' اللندنية كلمته في حفل توقيع كتابه 'وطن من كلمات' الذي أقيم مساء أمس في قاعة الرشيد في مجمع النقابات المهنية، بحضور استثنائي زاد عن مقاعد القاعة التي تتسع لزهاء ألف شخص، عدا عن الوقوف الذين احتشدت بهم القاعة.
وزاد عطوان 'الأردن هو البلد الشقيق، ودائما هو في صف فلسطين، وكان ولا يزال يحتضن كل من يحتاج للأمن، فهذا البلد الذي منحني جواز سفر مؤقتا، مما سهل حياتي، شكرا للأردن من كل قلبي'.
واستذكر عطوان في الأمسية التي قدمه فيها د.ربحي حلوم، بحضور فتحي البس مدير دار الشروق منظمة الحفل، 'المحمودين'، المرحوم محمود الكايد الإنسان العظيم، والشاعر الراحل محمود درويش، وشيخ المناضلين بهجت أبو غربية، وكان المصاب برحيلهم كبيرا، وصعب عليّ فقد هؤلاء الأعزاء.
وبين عطوان أن 'لعمان نكهة خاصة' لديه، مستعيدا لقاءاته مع الراحل الملك حسين، ودماثته، مستذكرا حكاية قديمة تعود للعام 1967 حين جاء للأردن استعدادا للدراسة في القاهرة فيما بعد، وجاءت والدته لزيارته، وأخذت تتأمل أكبر مباني شارع الملك فيصل في وسط البلد، معتقدة أنه قصر الملك الحسين، فما كان من عطوان إلا أن قص الحكاية للملك الراحل، الذي وجه دعوة لوالدة عطوان لرؤية القصر، وظل يذكر عطوان بها كلما التقاه، إلا أن والدته توفاها الله والحلم لم يتحقق.
من جهة أخرى أوضح عطوان أن كتابه المترجم والممتد على زهاء 500 صفحة اشتمل على فصول جديدة، فضلا عن توسعه في السرد في فصول أخرى، بسبب ان اللغة الانجليزية لا تحتمل الإطالة، خصوصا وأنه كتب للمنتشرين في المهاجر من الأجيال العربية والفلسطينية.
وسرد عطوان بعض الحكايا الطريفة والغريبة أيضا، مما صادفه في رحلته من المخيم إلى الصفحة الأولى لصحيفة 'القدس العربي'، معترفا انه 'شخص محظوظ'، كما لعبت في حياته المهنية شخصيتان هما: الشهيد صدام حسين، والشهيد أسامة بن لادن، كما قال.

سيرة غنية

من جهته قال د.ربحي حلوم في معرض تقديمه لعطوان 'عبد الباري غني عن التعريف ولكن حري أن يُعرف بما لا يعرفه عنه الكثيرون والكثيرات، فهو قفز عن 62 سنة ببضعة أيام، فقد ولد عبد الباري عطوان سنة 1950 في مخيم للاجئين بمدينة دير البلح في قطاع غزة وهو واحدٌ من أحد عشر طفلاً لعائلة تنحدر من أسدود.
بعد الإنهاء من الدراسة الابتدائية في مخيم دير البلح للاجئين في غزة، انتقل إلى الأردن بعد عدوان عام 1967، ثم إلى مصر، وفي عام 1970 التحق بجامعة القاهرة، تخرج بتفوق من كلية الآداب قسم الصحافة، ثم حاز دبلوم الترجمة من الجامعة الأمريكية بالقاهرة، بعد التخرج عمل لجريدة 'البلاغ' في ليبيا، ثم جريدة 'المدينة' في السعودية. وفي عام 1978 انتقل إلى لندن، حيث استقر، ليعمل في جريدة 'الشرق الأوسط' ومجلة' المجلة' السعوديتين الصادرتين في لندن. في عام 1980 أنشأ مكتب لندن لجريدة 'المدينة'، وفي عام 1984 عاد إلى جريدة الشرق الأوسط حيث عمل مديرا لتحريرها ولمجلة المجلة أيضا.
وفي عام 1989 تم تأسيس جريدة 'القدس العربي' في لندن وعـُرض على عبد الباري عطوان رئاسة تحريرها، ومنذ ذلك الحين يقوم برئاسة تحريرها. أثناء حرب الخليج 1990/1991، نالت 'القدس العربي' شهرة واسعة بمعارضتها للهجوم الأمريكي. وبالرغم من أن الجريدة لم تؤيد ضم العراق للكويت، إلا أن الجريدة رأت التدخل الدولي تدخلاً في الشؤون العربية. وفي 1996 أجرى عبد الباري عطوان مقابلة صحافية مع أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة. ولإجراء المقابلة فقد سافر عبر الجبال متخفياً في زي أفغاني. فيما بعد، وصف عطوان رحلته بأنها 'الأكثر إخافة'، وانطباعه عن الشيخ بن لادن بأنه ظاهرة، ومتطرف.
وهكذا وثق عطوان في كتابه 'وطن من كلمات' رحلته في الشتات ابتداء من المخيم، وصولا للندن، وأكثر الحوادث رمزية في رحلة معاناته هي توجيهه ذات يوم رسالة إلى الرئيس جمال عبد الناصر، وتلقى ردا من ذلك الرئيس في حينه، والكتاب ينقل بؤس المخيمات ومعاناتها في رحلة عبد الباري بحثا عن العدالة والقلق الدافع لصناعة وطن، ليكتشف أن الوطن هو الكلمات، وهو ينتمي إلى وطن فلسطيني مفترس، كما ختم حلوم.

في عمان بعد غياب 10 سنوات

أمسيكم بالخير جميعا..
حقيقة غمرتمونا بمجيئكم ومحبتكم، وشرف كبير أن أكون أمام الوجوه الطيبة التي تعكس اهتمامكم.. اشكر الأصدقاء ودار الشروق. عمان عزيزة علي كثيرا، فبعد غياب 10سنوات أجد نفسي في هذه القاعة وهذا المجمع لكي أخاطب أخوات وأخوة.

ما أريد قوله، أنني في كل مرة كنت آتي إلى عمان التقي بالمحمودين: محمود الكايد الإنسان العظيم، والشاعر الكبير محمود درويش، كما كنت احرص دائما على لقاء شيخ المناضلين بهجت أبو غربية، وبفقدانهم المصاب كبير بالنسبة لي لفقد هؤلاء الأعزاء.

لتعريف الأجيال الجديدة معنى اللجوء

وقال: عندما كتبت هذا الكتاب باللغة الانكليزية كان الناشر يلح علي أن اكتب بهذه اللغة لان عشرات الملايين من العرب والمسلمين يتواجدون في المهاجر. قائلا: علينا أن نوثق ونؤرخ لهم تجربة المخيم الفلسطيني والقضية الفلسطينية، فكان هذا الكتاب رحلة من دير البلح إلى عمان، القاهرة، ليبيا، فالسعودية ومن ثم لندن، لتعريف الأجيال الجديدة معنى التشرد معنى اللجوء، معنى المعاناة.. حقق الكتاب نجاحا كبيرا على المستوى العالمي وكنت سعيدا بالملاحظات والرسائل التي تلقيتها على موقع 'أمازون دوت.كم'.
زدت على النسخة المترجمة من 5 إلى 6 فصول بعضها يتعلق بالرئيس ياسر عرفات والشاعر محمود درويش والمفكر ادوارد سعيد، كما وسعت فصولا أخرى (فليس كل ما يصلح بالعربية يصلح للانكليزية)، بدأت بالمخيم حيث ولدت واحدا من قبيلة (11 شقيقا)، والدي توفي عن ثلاث وأربعين سنة، ولو عاش أكثر لصرنا (45) خاصة وانه كانت لديه نوايا للزواج، كنت الأوسط بين احد عشر أخا، مع أنني لا أحبذ الوسط - إما الهجوم أو لا- إنها صدفة غير عادية، اذكر حجم المعاناة في المخيم ،ولكنه بالنسبة لي كان مثل جمهورية أفلاطون الفاضلة، لأننا كنا 'متساوين'، مثل أسنان المشط، ففي موسم الملوخية يأكل الجميع ملوخية، وفي موسم البامية، وفي موسم السردين أيضا يأكل الجميع السردين، فقطاع غزة على البحر، فحتى في موسم الأنفلونزا يصاب الجميع بها، الكل متساو في المخيم، إنها المساواة في المعاناة.

والدي كان فقيرا ومريضا بقرحة المعدة، حياتنا بؤس وعشنا على المساعدات، وكالة الغوث، كل سنة يوزعون علينا الملابس، وكثيرا ما كان يحدث أن يحصل احدنا على فردتي حذاء شمال، فيلف المخيم بحثا عن فردتي اليمين، أو نرى رجلا بشنب يلبس معطفا نسائيا (زهريا) ويمشي بكل ثقة في المخيم...

حكايا المخيم في ذاكرتي

حقيقة كانت تجربة رائعة أرخت للمقاومة الوطنية، وفي تلك الطفولة كان عندنا قضية مؤلمة. مما رسخ في ذاكرتي أولهما: اذكر انه كان في القرية طفل أصم وأبكم - نسميه الشيخ تحببا- كان اسمه الشيخ محمد وكنا نحسده كونه لا يذهب إلى المدرسة، وفي يوم من الأيام بعد الاحتلال الإسرائيلي وكان وقتها يفرضون حظر التجول لمدة 22ساعة في اليوم، ساعتان فقط للحركة، في منتصف الليل خطر في بال الشيخ محمد أن يذهب لأرملة كانت تعطف عليه، فخرج في منتصف الليل ليذهب اليها، وكانت الدورية الإسرائيلية تصرخ به: قف ..قف.. لكنه لم يقف، فهو أصم لا يسمع إطلاق النار عليه، فاستيقظ المخيم على بركة من الدماء يسبح فيها الشيخ محمد.
والحادثة الثانية أذكر أن جدتي لأمي كانت تسكن جانبنا في مخيم رفح، وتذهب والدتي للعناية بوالدتها صباح كل يوم، وفي احد الأيام ذهبت أمي إلى والدتها فوجدت باب الزينكو مغلقا وبه ثقوب كثيرة فوجدت جدتي في بحيرة دم، وعمرها فوق الثمانين، وكان الإسرائيليون دقوا بابها، ولأنها بطيئة الحركة، أطلقوا النار عليها ظنا منهم أن في البيت حركة غير طبيعية، وكانوا وقتها يبحثون عن ابن خالتي الفدائي، فأصيبت بطلقة في جبينها.


عمان لها نكهة خاصة

يقول عطوان: 'عمان لها نكهة خاصة'. جئتها وأنا في السابعة عشرة من عمري، إذ كان يعتقد أهلي أنني النابغة الذبياني، وكانوا يريدونني أن أتعلم فأحضروا ثروة العائلة، وذهبوا إلى امهر إسكافي في المخيم، ليضع الثروة في حذائي، ومقدارها ثلاثون جنيها مصريا، وكنت امشي بحذر كما طلب الاسكافي، لئلا يُخزق الحذاء وتضيع الثروة، وحينما وصلت عمان اكتشفت أن هذه الثروة لا شيء، ونمت في الفندق العربي، وكان أفضل مكان للنوم هو السطح، فنمت على سرير زنبرك، وكانت لدي مشكلة أنني امشي وأنا نائم، وأوصتني أمي أن لا أنام على السطح أبدا، خصوصاً أن السطح بلا سور تماما، فربطت قدمي بالسرير بمنديل كان معي لئلا أمشي.. ويحدث لي مكروه.
وكان لي ابن عم سبقني إلى عمان، فقال لي: عليك أن تعمل، كانت عمان آنذاك تموج بالنازحين، وهذا يشكر للأردن، فهذا البلد كان دائما عطوفا ودودا لكل النازحين، من كل مكان، فلسطين، غزة، العراق، سورية، الأردن قلب كبير للباحثين عن الأمان، ووقتها عملت في مصنع البندورة في ماركا، كنت احمل الصناديق والعلب، كما عملت في أمانة العاصمة على سيارة رش، ثم على سيارة نفايات، وكانت انها كثيرة الخراب، وكنت أحب السرعة بالسيارة، حتى لو كانت سيارة نفايات، كما عملت مع ناشد إخوان، كما عشت مرحلة نهوض المقاومة الفلسطينية، وأجمل لحظة عشتها كانت يوم معركة الكرامة عام 68 بعد سنة من هزيمة 67 بثقلها، فجاء الانتصار عظيما مجسدا لحمة الشعب الواحد الفلسطيني والأردني، وضعوا الدبابات قرب أمانة العاصمة ليرى الناس النصر على الإسرائيلي، مما أعاد لنا الكرامة.
وفي تلك المرحلة جاءت أمي لزيارتي وكنا نمشي في وسط البلد شارع الملك فيصل، وكانت تنظر إلى عمارة كبيرة مقابل البنك العربي، وان اطلب منها أن تمشي فتقول لي:'يما استنا بشوف قصر الملك حسين، مش هاي اكبر عمارة في البلد، والملك حسين أعظم واحد في البلد'.
لاحقا عندما رأيت الملك حسين رويت له الرواية قال احضر الوالدة لترى القصر على حقيقته، ورأيته أكثر من مرة، ويقول لي لازم تجيب الوالدة، وللأسف لم تتحقق الأمنية.

أنا إنسان محظوظ

الحظ لعب معي دورا كبيرا في حياتي إذ كنا تربينا عروبيين وقوميين، والآن احزن على الأجيال الجديدة، فنحن كان نشهد حالة نهوض عروبي.
وأنا كنت مضروبا من الأستاذ ومن الوالد، وفي احد الأيام جاء مدير المدرسة ومعه ثلاثة أساتذة إلى صفي، وكنت أنا المعني بحضورهم، وكان لدي أنيميا دائمة، كنت ضعيفا جدا وأتلقى تغذية إضافية، فسألوني وقتها: من أين تعرف الرئيس جمال عبد الناصر؟.
إذ كنت كتبت رسالة إلى الرئيس جمال عبد الناصر ونسيت أمرها، كتبت له فيها:
'
الرئيس جمال عبد الناصر..
أنا احبك.. وأحب الثورة المصرية'، ووضعتها في مغلف كتبت عليه اسم الرئيس، وعنونته القاهرة، ودفعت قرشا لإرسال الرسالة وكان طلبي للإدارة بسبب رسالة رد من الرئيس جمال عبد الناصر، كتب على الظرف (عبد الباري عطوان/ المدرسة الابتدائية للاجئي مخيم دير البلح 'ـ وكان في المغلف كتب منها كتاب فلسفة الثورة الذي يوضح ادبيات ثورة الثالث والعشرين من تموز/ يوليو، وصور له، وكانت تلك أول مرة استفيد من الكتابة، وكانت رسالة الرئيس عبد الناصر تحمل توقيعه وهي اجمل رسالة تلقيتها في حياتي. كما تعرفت وقتها وللمرة الأولى على الرقابة الأبوية إذ كانت الإدارة فتحت الظرف.

من صحافي محلي إلى صحافي عالمي

ووصف عبد الباري كيف تحول من صحافي محلي إلى صحافي عالمي، مستذكرا أول مقالة كتبها في ليبيا منتصف سبعينيات القرن الماضي، بسبب حاجته للمال، وذلك بعد رفض توظيفه كمحرر في الصحف الليبية، وكانت حول شاه إيران، الذي تدعمه أمريكا، واستفدت من لغتي الانكليزية بأخذ مقتطفات من صحيفة 'التايمز'، ونشرت المقالة، على الصفحة الأولى من جريدة 'البلاغ' بتوقيع الكاتب الكبير عبد الباري عطوان، كما عرضها التلفزيون، والإذاعة، وبعد هذه المقالة انضممت لأسرة كتاب الصحيفة، ومنهم الصديق خالد محادين، وكانت هذه الصدفة الأولى.
وجاءت الصدفة الثانية في عملي الصحافي، تركت ليبيا وتعاقدت ومررت على شقيقي في السعودية فقال لي لتبقى ولا تذهب للإمارات فبقيت وتقدمت لطلب في جريدة 'المدينة' قال لي مديرها العام نحن لا نؤمن في الشهادات بل نؤمن في العمل، فأرسلني إلى محرر سوداني اسمه سباعي عثمان، ليختبر لغتي الانكليزية وسرعان ما تم تعييني كمحرر ومترجم، لأكتشف لاحقا انه لا يعرف كلمة واحدة بالانكليزية، وأخبرني أنني حصلت على الوظيفة بسبب لغتي العربية الجيدة وليس بسبب لغتي الانجليزية.
ثم انتقلت إلى لندن للعمل في صحيفة الشرق الأوسط عام 78، وكان هناك وقتها ثلاث صحف عربية راسخة منها 'الشرق الأوسط '، و'الحياة'، وعندما جاءت 'القدس العربي' لاحقا، وظهر العدد الأول في 26 نيسان ابريل 89، مضت الأعداد دون أن ينتبه لها احد، ولكن بسبب أخذنا موقفا نقديا ضد التدخل الأمريكي في البلاد العربية، وقت اجتياح صدام حسين للكويت، أصبحت 'القدس العربي' تحظى بالأفضلية، لدرجة أن احدى المكتبات في لندن صارت تطلب 600 نسخة يوميا، فيما كانت تكتفي بـ6 نسخ قبل ذلك.
وعندما قابلت زعيم القاعدة في تورا بورا، أمضيت معه ثلاثة أيام، وأمضيت مع حركة طالبان عشرة أيام، هذه المقابلة رفعتني من صحافي محلي عربي إلى صحافي دولي.
كما تحدث عن الصدمة الثقافية التي واجهها لدى وصوله إلى لندن في آذار 'مارس' 1978، الأمر الذي استدعى 'تغيير قصة شعري وطريقة لبسي'.
مرارا، قال 'لم اخذ أوسمة في حياتي، لكن أهم وسام هي الرسالة التي نقلها لي محامي صدام حسين ودود شمس الدين الذي التقاه قبل استشهاده بقليل، وكانت رسالة صدام لي للشكر على وقفتي مع العراق والشعب العراقي، وقال لي 'امةً فيها عبد الباري عطوان أمة لا تهزم'.

الوطن البديل لفلسطين.. فلسطين

ووسط تصفيق قاطع كلمة عطوان مرارا، استذكر علاقته بالشاعر محمود درويش وتواصله اليومي معه، كذلك علاقته الوطيدة بياسر عرفات وادوارد سعيد مؤكدا على حق العودة لفلسطين، فهو حق مقدس.

كلام كثير يقال عن الوطن البديل، الوطن البديل لفلسطين هو فلسطين، الأردن هو البلد الشقيق لفلسطين، ولن يكون الأردن بديلاً عنه، والأردن كان دوما إلى جانب فلسطين، ونظرتنا دائما إلى حيفا ويافا وعكا. شكرا للأردن من كل قلبي، فهو الذي منحني جواز سفر مؤقتا سهل حياتي.
وقال عطوان: نحن نعيش أسوأ أيام القضية الفلسطينية، لأننا تحولنا لشعب متسول لمساعدات الدول المانحة، لا أقول نريد ربيعا فلسطينيا، بل أقول نريد ثورة فلسطينية، فأولويات الشعب الفلسطيني تختلف عن أولويات الشعوب الأخرى، فنحن نريد تحرير أرضنا، لا نريد رئيساً.. ولا نريد ديمقراطية، ولا نريد لا مركزية... ولا نريد انتخابات نزيهة تجرى برعاية الاحتلال الإسرائيلي.. نريد استعادة كرامتنا.. فلا وطن بديل.. وأنا أدعو لعصيان وطني يتظاهر فيه الفلسطينيون في رام الله ليسمعوا أصواتهم للعالم.. وليستردوا وطنهم وكرامتهم.

وطن من كلمات
وكانت صدرت عن دار الساقي للنشر في لندن الطبعة الثانية من مذكرات عبد الباري عطوان 'وطن من كلمات'. كما وضع عطوان عنوانا آخر يوجز مضمونه وهو: 'رحلة فلسطينية من مخيم اللاجئين إلى الصفحة الأولى'. ويهدي عبد الباري رحلته التي بدأت مصاعبها القاسية بقسوة صقيع الشتاء في مخيم دير البلح، في قطاع غزة إلى 'الأطفال اللاجئين في العالم كله، خصوصا أطفال المخيمات في فلسطين والمنافي'. كما يخص بإهدائه في الوقت نفسه الكاتبة الراحلة مي غصوب، إذ 'لولا إلحاح مي غصوب وإقناعها لما كان لهذا الكتاب أن يصدر'. ويقع الكتاب في 494 صفحة يسجل فيه عطوان محطات بارزة في رحلته الصعبة من مخيم دير البلح للاجئين الفلسطينيين، في قطاع غزة، إلى المشاركة في صنع الصفحة الأولى لصحف عربية عدة، من 'البلاغ' الليبية، إلى 'المدينة' السعودية، ثم 'الشرق الأوسط' اللندنية، حتى 'القدس العربي'، اللندنية أيضا التي أمضى فيها تسعة عشر عاما في تجربة مهنية وإعلامية متميزة. 'وطن من كلمات' موجه إلى جمهور يقرأ بالانكليزية، لذا يقول عطوان إن تفاصيل مهمة من مذكراته سوف تتضمنها النسخة العربية التي لا يعرف متى سترى النور. أما بالنسبة للنسخة الإنكليزية فهناك ثلاث دور نشر عالمية، كندية وفرنسية، وإسبانية، أبدت اهتماما بشراء حقوق النشر. الغلاف الأخير للكتاب شهادة من الكاتبة بولي توينبي تتفق فيها مع تصور الكاتب لما قدمه في كتابه، تقول: 'إن هذا التصوير للحياة والأوقات التي عاشها صحافي مميز، يوفر رؤية داخلية للعالم كما يراها شخص ولِد وتربى في معسكر لاجئين فلسطينيين في غزة. إن الصوت الموثوق لعبد الباري عطوان، وكتابته التصويرية الحادة، يعيدان إلى الحياة طفولة مليئة بالأحداث وسط صعاب وأحداث مأساة منطقة الشرق الأوسط'.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق