الأربعاء، 1 مايو 2013

الحركة الوهابية تنطوي على تناقض جوهري أبدي مع الديموقراطية والشورى، بسبب رفضها الاعتراف بالأمة الإسلامية على أساس الشهادتين، وإصرارها على النظر إلى الناس من خلال منظار الشيخ محمد بن عبد الوهاب الضيق للإيمان والإسلام

إغلاق باب الشورى أغلقت أبواب الاصلاح والتغيير السلمي في داخل النظام السعودي، ولم يعد حتى للوهابيين الحق في الاعتراض أو المطالبة بالمشاركة في القرار السياسي، أو إدارة الدولة والمجتمع، ولم يعد أمامهم سوى سلوك طريق التغيير العسكري والجهاد المسلح ضد الدولة التي اعتبرها بعضهم خارجة عن الإسلام وعن الطريق المستقيم، فكانت حركة جهيمان في مطلع القرن الرابع عشر الهجري في الحرم الحرام، والتي قدم خلالها جهيمان العتيبي زميله (محمد بن عبد الله القحطاني) كمهدي منتظر ومخلص يحاول بناء الدولة الإسلامية من جديد. إن الحركة الوهابية تنطوي على تناقض جوهري أبدي مع الديموقراطية والشورى، بسبب رفضها الاعتراف بالأمة الإسلامية على أساس الشهادتين، وإصرارها على النظر إلى الناس من خلال منظار الشيخ محمد بن عبد الوهاب الضيق للإيمان والإسلام، وهو ما يجعلها دائماً أقلية في المجتمع تلجأ إلى العنف وتضطر للتحالف مع قوة عسكرية وتعتمد الجهاد ضد بقية المسلمين وتقيم نظاماً سياسياً على أساس القهر والغلبة.
ولا يمكن للحركة الوهابية أن تخرج من هذه الأزمة المستعصية إلا بإحداث ثورة ثقافية تعيد فيها النظر إلى التصور الوهابي للإسلام والإيمان الذي قدمه الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وتتخلى عن سياسة التكفير لعامة المسلمين. بالإضافة إلى إعادة النظر في الفكر السياسي لابن تيمية والذي يجيز فيه حكومة القاهر المتغلب. وبكلمة أخرى لا يمكن للحركة الوهابية أن تتقدم على طريق الشورى أو الديموقراطية إلا بالتخلي عن الوهابية. وهو ما يقوم به فعلاً عدد غير قليل من أبناء الحركة السلفية الذين بدأوا يعيدون النظر في شروط الإيمان المتشددة وفي مقولة الديموقراطية. ويعترفون بإطار الأمة الإسلامية الواسع. وربما كان رفض النظام السعودي لاستخدام اسم (الوهابية) محاولة منه للتحرر من تركة الفكر الوهابي المتطرف، والعودة إلى رحاب الإسلام. وقد أصدر وزير الأوقاف السعودي عبد الوهاب بن أحمد عبد الواسع، بتأريخ 12 / 5/ 1409هـ تعليماته إلى الخطباء للدعوة إلى التآلف والتآخي بين المسلمين والتشاور فيما بينهم على ما يصلح أحوالهم الدينية والدنيوية، وعدم الدعاء بالهلاك على اليهود والنصارى والطوائف الأخرى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق