السبت، 26 مايو 2012

مؤتمر المرأة المسلمة:«الخلافة نموذج مضيء لحقوق المرأة ودورها السياسي»


العددين 304-303، السنة السادسة والعشرون ، ربيع الثاني وجمادى الاولى 1433هـ ، آذار ونيسان2012م

الدّكتورة نزرين نواز

في 10 مارس 2012م، استضافت نساء حزب التحرير مؤتمراً دولياً وتاريخياً في تونس عن المرأة، لعرض نظام الخلافة المنشود باعتباره النموذج الشرعي للحكم في الإسلام، والذي يتميز بكونه وحده المؤهل فعلاً لضمان كرامة وحقوق المرأة في العالم الإسلامي؛ فيما يسطع كمنارة لتحرير المرأة من القهر والظلم على الصعيد العالمي.

جمع هذا الحدث الرائد الذي لم يسبق له مثيل مئات النساء من مختلف أنحاء العالم بما في ذلك صحفيات بارزات وناشطات سياسيات وكاتبات وزعيمات لجاليات وممثلات لمنظمات؛ لبيان كيفية تقديم الخلافة الحلول العملية والصحيحة لمختلف المشاكل السياسية والاقتصادية والتربوية والقانونية والاجتماعية التي تواجه المرأة في كافة أنحاء المنطقة. وقد اكتظت قاعة المؤتمر بمندوبات عن الحزب من مصر والسودان واليمن وليبيا وعُمان وتركيا وإندونيسيا ولبنان والمملكة المتحدة وكندا وأستراليا وبلجيكا والولايات المتّحدة، كنّ ضمن الحضور. إضافة لما قدمته نساء من حزب التحرير من فلسطين والأردن وسوريا من رسائل بالفيديو إلى الحضور لأنهن منعن من دخول البلاد من قبل السفارات التونسية في بلادهنّ.
أبرز المؤتمر أنه خلال القرن المنصرم، منذ القضاء على الخلافة، فشلت كلّ نماذج الحكم الأخرى، سواء أكانت ملكية أم دينية أم قبلية، وسواء أكانت ديمقراطية علمانية أم دكتاتورية ، بشكل مزرٍ في ضمان الكرامة والحقوق التي تستحقها المرأة. وقد أجمعت كافة المناقشات والمحاورات بشكل صريح على رفض الدعوى القائلة بأنه يمكن ضمان مستقبل أفضل للمرأة من خلال النظام الرأسمالي العلماني الليبرالي الديموقراطي الذي جرى تجربته وفشله، وأدى إلى تسليع المرأة بدل حمايتها. وقد أوضحت المتكلمات كيف تم تسويق هذا النظام كمنقذ للمرأة في العالم الإسلامي، مع أنه أخفق في حماية المرأة أصلاً في الغرب، بل وأدى إلى إنتاج مزيد من حالات العنف والاستغلال الجنسي والاغتصاب التي تواجه ملايين النساء في الدول الديمقراطية العلمانية الليبرالية في الغرب والشرق.
كما أوضح المؤتمر بشكل لا لبس فيه بأن السياسات الإسلامية الفريدة هي التي تضمن الحفاظ الدائم على كرامة المرأة، بالإضافة إلى حماية تآلف العائلة وإيجاد علاقة صحّيّة وسليمة بين الرجال والنساء في المجتمع. كذلك أبرزت الكلمات المقدمة في المؤتمر أيضاً الطبيعة الصحيحة للنظم السياسية والاقتصادية الإسلامية التي تضمن بأن يكون لحقوق المرأة السياسية والتربوية والاقتصادية المنصوص عليها في القانون معنى حقيقي في حياة النساء العاديات بدلاً من أن تكون مجرد شعارات فارغة تحشر في الدساتير.
وعندما وصفت المتكلمات كيف تقدم الخلافة رؤية سياسية جديدة لنساء المنطقة، وكيف أنه من خلال تطبيق منهج الله سبحانه وتعالى وأحكامه فحسب يمكن أن يتحقق التحرير الحقيقي من الظلم والعبودية التي يمارسها البشر، وقد انفجرت حناجر الحضور «بالتكبير»، تلا ذلك الهتافات المتتالية والمتعالية بتأييد الخلافة مما سبب اهتزاز القاعة، ومنها «الأمة تريد الخلافة الإسلامية».
لقد كان شغف النساء الحاضرات ورغبتهن الكاسحة في العيش في ظل الحكم الإسلامي ملموساً، ويقدم نموذجاً عما تريده المرأة المسلمة حقاً، مما يهدم الأكاذيب القديمة التي تروج من قبل الحكومات والساسة الغربيين ومنظريهم من أن المرأة المسلمة تنظر للإسلام كمضطهد لها، وبأنها ترفض الحكم الإسلامي، وأنها تريد التحرر من خلال النظام العلماني الليبرالي الديمقراطي. وكل ذلك إفك وافتراء.
لقد قدّمت الكلمة النهائية في ذلك اليوم باسم حزب التحرير لأبين كيف أنه كحزب يجسّد المواصفات اللازمة لتقديم تغيير حقيقي للعالم الإسلامي. ناقشت الكلمة كيف يحمل الحزب القواعد المفصّلة، والسياسات والقوانين لكيفية المعالجة الفعلية للمشاكل التي تؤثر على المنطقة، كما تعرض رؤية واضحة لكيفية أداء الخلافة فيما يتعلق بالأنظمة الحكومية والاقتصادية والاجتماعية والتربية والقضاء، بالإضافة إلى سياستها الخارجية. وكل ذلك مفصل بشكل شامل في ثقافة الحزب الواسعة، وتتضمنه مسودّة دستور الدولة الذي تم نشره بشكل واسع وهو جاهز للتطبيق في الحال. كان النشاط السياسي العالمي الشامل لنساء حزب التحرير أحد الموضوعات التي عرضتها تلك الكلمة أيضاً. وانتهى المؤتمر بدعوة النساء المسلمات للانضمام إلى الحزب ودعم عمله في إقامة الخلافة وإنجاز هذه الفريضة الإسلامية الهامّة.
تكلم الكثيرون، ولمدة طويلة، نيابة عن قطاع كبير من نساء العالم الإسلامي، موضحات كيف يتم تهميش وجهات نظر الغالبية الساحقة من المسلمات، وكيف يتم إهمال النداءات المتصاعدة باستمرار بين نساء المنطقة والداعية للحكم الإسلامي في إطار الصحوة العارمة التي تعيشها أمتنا في رحلة عودتها للإسلام. والآن، وبهذا المؤتمر التاريخي، أصبحت أصوات وآراء قطاع واسع وعريض من نساء العالم الإسلامي واضحة. فقد صدعن وبصوت واحد -أنهن يرين في الإسلام وحده خلاصهن من الظلم، وأنهنّ يرين في الخلافة التي يؤمنّ بها، الحارس لهنّ- لأنه النظام الوحيد الذي سيجلب التغيير الحقيقي في تحسين حياة الأمة وفي المقدمة النساء.
لقاء مع مشرفة مؤتمر شابات حزب التحرير في تونس: « الخلافة نموذج مضيء لحقوق المرأة ودورها السياسي»
أجرت «الوعي» الحوار التالي مع الأخت الكريمة المشرفة على المؤتمر الأستاذة أم أنس اليعقوبي كي نتوقف فيه على أهم أهداف ومجريات هذا المؤتمر:

ما هي مناسبة المؤتمر؟

انعقد المؤتمر تزامناً مع اليوم العالمي للمرأة في إطار حملة عالمية تقوم بها شابات حزب التجرير بعنوان «الخلافة: نموذج مضيء لحقوق المرأة ودورها السياسي» تسلط الضوء على الواقع المرير الذي تحياه النساء في كل الاأقطار في ظل ماهو مطبَّق اليوم من أنظمة وضعية، لتلفت نظر العالم إلى نظام الخلافة، وكيف تناول حقوق وحياة المرأة فأنصفها.

لماذا تم اختيار تونس لعقده؟

لطالما أشيع أن المرأة التونسية نموذج لتحرر المرأة وتمتعها بحقوقها، فيما الواقع عكس ذلك، لذلك أردنا أن ينعقد المؤتمر هنا في تونس لنكشف زيف هذا الادعاء، حيث تعيش المرأة أوضاعاً صعبة تكشف عن حقيقة معاناة المرأة التونسية المأساوية، داعين إلى ضرورة إحداث تغيير حقيقي وجوهري بغية إنصاف المرأة واعطائها حقوقها .

ما هي أهداف المؤتمر وأهم فعالياته ؟

يهدف المؤتمر إلى إبراز الحلول العملية التي تقدمها الخلافة لكثير من المشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تعاني منها النساء في العالم الإسلامي وغيره، وكذلك يسعى إلى تفنيد الادعاءات والافتراءات حول اضطهاد الإسلام للمرأة. وقد تضمن المؤتمر كلمات عديدة لمتحدثات من مختلف أنحاء العالم من تونس وليبيا ومصر واليمن وتركيا والسودان ولبنان واندونيسيا وأوروبا. أيضاً تضمن بث فيديوهات وكلمة لأمير حزب التحرير حفظه الله، هذا بالاضافة إلى إقامة معرض لنشر وبيع الكتب .


ما هو رد فعل السلطات قبل وبعد وأثناء انعقاد المؤتمر مع ملاحظة أن الحزب محظور في تونس؟

كما عودتنا السلطة في تونس دوماً من محاربة لكل من سلاحه الفكر وكلمة الحق، قامت السفارة التونسية في كل من السودان واليمن بالمماطلة في اعطاء التأشيرات للوفود التي كان من المقرر قدومها للمشاركة في فعاليات المؤتمر من هذين البلدين. أيضاً منعت التأشيرات عن شابة من الأردن وأخريات من فلسطين، كما تمّ إيقاف الدكتورة نسرين نواز وشابات مرافقات لها مدة ساعتين في المطار بحجة أنها على لائحة الممنوعين من الدخول إلى تونس منذ العهد البائد. ولكن ولله وحده الحمد رغم هذه العراقيل انعقد المؤتمر وبلغ غايته بإذن الله، وإن شاء الله سيؤتي أكله كل حين.

ما هو رد فعل القوى المختلفة في المجتمع التونسي من انعقاد المؤتمر ؟

شكل المؤتمر ضربة قاضية للأفكار العلمانية التي يحمل لواء الدعوة إليها كل الأحزاب والمفكرين والشخصيات البارزة على الساحة، وكان هذا الحدث الذي لم يسبق له مثيل في تونس فاجعة لحاملي الأفكار المضادة، فاجتماع نساء من كل أنحاء العالم ليعبرن عن رغبتهن العارمة بالعيش في ظل حكم الخلافة دحض الأقاويل الغربية التي عفا عليها الزمن والتي تدعي أن المرأة المسلمة ترفض أحكام دينها وقيود شرع ربها وتريد التحرر وفصل الدين عن الحياة.

ما هو رد فعل عامة الناس من المؤتمر وفعالياته؟

الحقيقة أن الحضور الذي شهد فعاليات المؤتمر كانت النسبة الكبيرة فيه من عامة الناس ولله الحمد، وكان التفاعل إيجابياً جداً مع ما طرح من أفكار وحلول عملية للمشاكل المعاشة اليوم، فتعالت الأصوات بالتكبير والتهليل والدعاء، وأقبلت العديد من النسوة بهمّة وعزم طالباتٍ الانضمام للعمل مع حزب التحرير.

كيف تعاملت وسائل الإعلام مع المؤتمر؟

أكدت وسائل الاعلام المحلية التونسية كما جرت العادة بأنها وسائل عوراء صمّاء لا ترى إلا ما تريد أن تراه ولا تسلط الضوء الا على ما يروق لها، فهي أمام فعاليات شباب حزب التحرير وشاباته لا ترى ولا تسمع أيضاً؛ لذلك كانت تغطية المؤتمر متواضعة جداً، خاصة بالنسبة للوسائل المرئية والمسموعة، بل معدومة تقريباً. أما الصحف والمواقع الإلكترونية فقد اكتفت بذكر الخبر.

ما هي أهم القضايا المطروحة في المؤتمر؟

أهم القضايا المطروحة في المؤتمر العالمي للنساء كانت قضية انصاف المرأة في كل العالم؛ لأنها من القضايا المختطفة والتي تستعمل في المزايدات السياسية تحت عنوان تحرير المرأة، ثم لا تلبث أن تجدها في الواقع تكبيلاً للمرأة واستغلالاً لها ولكرامتها. أيضاً القضية المصيرية التي طرحت في المؤتمر هي قضية تبني رؤية سياسية مخالفة للسائد وقادرة على تحقيق المأمول، وهي كما بُيِّن في المحاضرات تتجسد في نظام الخلافة، والذي عندما طبّق عاشت المرأة في ظله متمتعة بحقوقها ومستظلة بالأمان والرفاه والعيش الرغيد.

من الشائع أن تونس كانت تعتبر بلد تحرر المرأة في المشرق الإسلامي .. فكيف هو حالها بعد الثورة مقارنة بما كان قبلها؟

الأغلبية الساحقة من النساء التونسيات مسلمات، وحب الإسلام كامن في قلوبهن وصدورهنّ رغم ما مورس عليهنّ من إبعاد عن أفكار وأحكام دينهنّ، ومحاولة لتغريبهنّ وجعل قدوتهن النساء الأوروبيات والأميركيات، وقد فاجأت المرأة التونسية الجميع بعد الثورة بإقبالها المتزايد على الالتزام بالخمار واللباس الشرعي، والمشاركة في المسيرات العارمة التي طالبت بإقامة الدولة الإسلامية، وما الحضور الحاشد في مؤتمرنا من عامة النساء إلا دليل على تعطشهنّ لكل ما فيه نفس من الإسلام .


هناك من يعتبر أن الدستور التونسي قد أمَّن للمرأة حقوقاً ومكتسبات ينبغي على المرأة التونسية التمسك بها، كالمساواة مع الرجل وعدم تعدد الزوجات إلخ ... كيف تنظر المرأة التونسية بشكل عام إلى هذه المكتسبات ؟

عن أي حقوق ومكتسبات تتمتع بها المرأة التونسية اليوم؟ نتحدث أن المرأة التونسية اليوم تعاني من الفقر المدقع وارتفاع نسب الأمية والجهل والبطالة، ولائحة ما تعانيه فعلاً تطول، مما لا يترك لها مجالاً أو ووقتاً حقيقة للمناداة بالمساواة بالرجل أو بغيرها من الدعاوى. فهذه قضايا لا تشغل هماً ولا حيزاً هاماً في حياتها، فهي تعاني بشكل جدي يصل في كثير من الأحيان إلى درجه أنها تتضور جوعاً، وهي غير مشغولة أصلاً برفض تعدد الزوجات أو المساواة في الإرث أو غيره؛ إذ إنها مشغولة بإيجاد الحاجات الأساسية التي تغطي احتياجاتها من كساء وطعام ومأوى، أما من يحمل لواء هذه الدعوات تجد أغلبهن من النساء المتغربات اللواتي لا يعشن معاناة بقية التونسيات .

ما هي أهم التحديات التي تواجه المرأة المسلمة في العالم ؟

ان المرأة المسلمة اليوم تواجه أعظم تحدٍّ؛ لأن العالم يعيش مرحلة مفصلية وتاريخية سنشهد بإذن الله فيها سقوطاً ذريعاً للأنظمة الرأسمالية التي فشلت فشلاً ذريعاً في رعاية شؤون الناس عموماً والمرأة خصوصاً، وما خروج النساء في وول ستريت مناديات بإسقاط النظام عنا ببعيد. مما يستوجب على الجميع التسلح بالوعي والحزم والعزم؛ ليكون لهم دور في إيجاد البديل ووضعه موضع التطبيق في مكان أنظمة ندرك جميعاً أن مكانها مزابل التاريخ، فهي أذاقتنا جميعاً صنوفاً من أنواع العذاب، من جوع وتشريد وخصاصة وامتهان للمرأة وغيرها .والتسلح برؤية سياسية تخالف ما هو سائد وتحقق المنشود من الرعاية والكفاية والرفاه .والمسلمة أكثر من غيرها تدرك أن إسلامها قد ضمن لها كل ذلك؛ لذا فهي مطالبة بالعمل بجد لوضع نظامه موضع التطبيق.


ما هي مقترحات المؤتمر العملية لمجابهة التحديات ولمعالجة المشاكل الناتجة عنها؟

تضمن المؤتمر طرح الخلافة كرؤية سياسية قديمة-جديدة مختلفة عما هو موجود، وقادرة على إحداث التغيير الحقيقي بضمان مستقبل كريم وعادل ومزدهر للجميع نساءً ورجالاً، مسلمين وغير مسلمين. طرحاً مفصلاً مؤصلاًن يقنع العقل ويملأ القلب طمأنينة، طرحاً عملياً يعالج حقيقة المشاكل المعاشة اليوم .

ما هي أهم المشاريع أو الأنشطة التي تقمن بها كحاملات دعوة في تونس وفي العالم؟

شابات حزب التحرير في تونس وفي كل مكان ولله الحمد مشمرات عن سواعدهنّ متلبسات بكل ما من شأنه أن يوّلد الوعي والبصيرة والسعي الجاد لإحداث التغيير الحقيقي في العالم. فهنّ يعقدن الندوات، ويُقمن المسيرات، ويتصلن بالنساء لتبليغ الأفكار. أيضاً يصدرن المنشورات، ويصورن الفيديوهات، ويعتمدن كل الأساليب التي من شأنها اأن توصلنا لغايتنا.

ما هي رسالة المؤتمر للمسلمين بعامة وللمسلمات بخاصة؟

«إننا ندعو جميع المسلمين أن يقفوا وقفة رجل واحد، وأن يكونوا جديرين بقول الله عز وجل (كنتم خير امة أخرجت للناس ) فيحملوا أمانة الإسلام المعلقة في أعناقهم إلى العالم أجمع ،إلى العالم الذي يتخبط اليوم شقاءً وضنكاً ليعيش الرحمة والسعادة والنعيم بإذن الله؛ فيخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن جور الأديان والعقائد الفاسدة إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة. وإننا ندعو جميع المسلمات أن لا يستبدلن الذي هو أدنى بالذي هو خير. فالخلافة منارة شامخة لحفظ وتأمين حقوق المرأة في العالم، وبها وحدها تصان كرامة المرأة ويكون لها دور فعال في المجتمع.»

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق