الجمعة، 18 مايو 2012

الثورة المصرية والمعدة السعودية!





الهجوم الأخير من الإعلام المصري على المملكة العربية السعودية بخصوص إعتقال أحد المحامين المصريين بشكل غامض لم يكن الأول من نوعه والأهم من ذلك أنه لم يكن الأشد في حدته ، ولو عدت للذاكرة قليلاً سأتذكر أيام أن قدم الأمير ـ وقتها ـ عبدالله المبادرة الشهيرة في مؤتمر القمة العربي بلبنان ، وقتها شنت بعض الصحف المصرية حملة شرسه على السعودية ، وبدأت تلك الصحف تكشف عمن قام بصياغة نصوص تلك المبادرة وخلفيات كتابتها ولا تستطيع أي صحيفة الحصول على تلك المعلومات إلا عن طريق واحد ووحيد وهو أجهزة المخابرات ، ولا ندري سبباً واضحا لهذا الهجوم الشرس فبعده بأيام تبنت مصر وكافة الدول العربية تلك المبادرة التي أتلفها الهوى!
وفي صيف عام 2007 حدث هجوم حاد من الإعلام المصري كرد فعل على خبر تم نشره في صحيفة سعودية وكان بخصوص تسفير خادمات ليعملن في السعودية ، ويومها كتبت في جريدة الميدان المصرية مُتسائلاً عن تلك الزوابع التي تطل علينا بين الحين والآخر فكتبت تحت عنوان ( مصر والسعودية وتنازع الأدوار .. اللي أخدته القرعة تاخده أم الشعور!) وقتها كانت تلك الحوادث تثير بعضها الصحف فجأة وبدون توجيه، والبعض الآخر يقوم نظام مبارك بإعطاء الإشارة لبعض الصحف بالبدء بشن حملة على السعودية مع حدوث خلاف في وجهات النظر بين المملكة ونظام مبارك، وبحسرة تساءلت وقتها وكنت في صف المملكة العربية السعودية وقلت 'هل غضبنا لأن المطلوب خادمات حاصلات على مؤهلات عليا ويجدن اللغة الإنجليزية ؟! هل لو كان المطلوب خادمات ذوات مؤهل متوسط أو غير متعلمات كانت ستقل درجة غضبنا؟! هل غضبنا لأن المطلوب خادمات صغيرات السن ـ وظاويظ ـ فهل لو كان المطلوب خادمات كبيرات السن كان الوضع سيختلف؟! هل غضبنا لأن الأجر قليل؟! فلو كان يصل لبضعة آلاف من الريالات كان غضبنا سيتلاشى؟! هل غضبنا لأن المثل يقول خادم القوم سيدهم ولم يقل خادمة القوم سيدتهم؟!
لماذا نُحِّمل الشعب السعودي بعضاً من تبعات هذا الموضوع مع أننا نعلم أنه 'بين البائع والشاري يفتح الله' والعيب ليس في السعوديين فالعيب في مسؤولينا؟! ومتى تم توقيع برتوكول تسفير الخادمات ولماذا تم الإعلان عنه في هذا التوقيت بالذات؟! وهل هذا الموضوع مرتبط بموضوع الجسر الذي يربط بين المملكة ومصر والذي رفضناه وهو في صالحنا بعد أن قيل ان العاهل السعودي إفتتحه من ناحية السعودية؟! هل يعتبر موضوع الجسر والخادمات من أنواع الضرب تحت الحزام؟! فالضرب تحت الحزام من صفات الموظفين ضعاف النفوس حتى يقوموا بإرضاء رؤسائهم في العمل، وأيضاً هناك ضرب تحت الحزام بين الدول وبعضها البعض وبخاصة الدول الضعيفة مثل البلاد العربية، التي تدعي أن لها دوراً مع أننا لو جمعنا أدوار الدول العربية جمعاء فيما يدور على أراضيهم لن يصل إلى دور الكومبارس!
لذلك أضحك كثيراً عندما يتحدثون عن أن السعودية تريد أن تأخذ دور مصر القيادي (!!) في المنطقة، وأُريد أن أُذكركم بالمثل الشعبي المصري 'اللي أخذته القرعة تاخده أم الشعور!' والأمثلة على الضرب تحت الحزام كثيرة ومتنوعة فمثلاً عندما تم إتفاق مكة بين فتح وحماس أعلن رئيس تحرير جريدة لقيطة لمجلة كانت عريقة وفجر موضوع أن الإتفاق تم عن طريق دفع أموال للطرفين.. ولذلك يجب أن نعلم جميعاً أن قبلتنا نحن العرب واحدة ونركب مركب واحدة فلن يضير أحد منا أن يقوم الآخر بالتجديف طالما يستطيع ذلك لأن المحصلة النهائية ستكون لصالح الجميع لذلك لا نريد ضرباً تحت الحزام ولا ركلاً في البطون'.
والآن إتخذت السعودية قراراً خطيراً لم تتخذه من قبل رغم ما كان يحدث أيام مبارك اشنع مما حدث في المرة الأخيرة رغم زيادة أعداد القنوات الفضائية والصحف بعد الثورة ، فعندما يقول الدكتور سمير رضوان وزير المالية بعد الثورة أن 'العائلة المالكة في السعودية إكتفت بالقول 'يا أهل الخير يعني هو الراجل ده ماعملش حاجة كويسة تفتكروهاله' عندما تطرق الحديث إلى مبارك ، وأضافت 'تقالدينا تخلينا نقولكم بس ما تهنوش أسرته'. وفيما يتعلق بمشاكل المستثمرين، فإن المسئولين السعوديين كانوا رافضين رفضا تاما أن يلجأ مستثمروهم إلى التحكيم الدولي ضد مصر، فوالد الأمير بن طلال، على سبيل المثال، قال له 'إذا قاضيت مصر دوليا لا انت ابني ولا أنا أعرفك'، وهذه المواقف محترمة والمواقف الإنسانية طبيعية جداً ولكن علينا أن نتساءل ماذا حدث لكي تتخذ السعودية قرارها الخطير الغير طبيعي بسحب السفير؟! فالمثل المصري 'حبيبك يبلعلك الزلط' ينطبق على ما كان يحدث بين السعودية وبين نظام مبارك، وعلى ما يبدو فالمشكلة الوحيدة هي أن الرياض لم تستطع حتى الآن بلع الثورة المصرية مع أن تل أبيب وواشنطن بلعوا الثورة المصرية وهضموها وبدأوا يتعاملون معها كأمر واقع!
هشام رفعت صالح الشرقاوي
مصر ـ الشرقية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق