السبت، 26 مايو 2012

فضل العلماء خطبة لفضيلة الشيخ/حمد بن إبراهيم الحريقي



الخطبة الأولى
الحمد لله ذي النعم الكثيرة والآلاء الغني الكريم الواسع العطاء وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ذو الأسماء الحسنى والصفات الكاملة العليا وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المصطفى وخليله المجتبى صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الكرام النجباء وعلى أتباعهم في هديهم القويم إلى يوم الميعاد والمأوى وسلم تسليماً           أما بعد:
أيها الناس اتقوا الله حق التقوى واستمسكوا بالعروة الوثقى واعلموا أن أجسامكم على النار لا تقوى عباد الله الكل يعلم ما للعلماء من مكانة حيث رفع الله من شأنهم وأعلى في درجاتهم وإننا بحاجة ماسة إلى معرفة فضل العلم ومكانتهم عند الله سبحانه وتعالى ونظراً لتهاون كثيراً من الناس في هذا الأمر وتساهلهم فيه استبيحت لحوم العلماء والعياذ بالله وقلما تدخل مجلساً فتجده منزهاً عن الوقيعة في عالم من العلماء يقول ابن عساكر رحمه الله :اعلم يا أخي وفقني الله وإياك لمرضاته وجعلني وإياك ممن يخشاه ويتقيه حق تقاته أن لحوم العلماء مسمومة وعادة الله في هتك أستار منتقصهم معلومة وأن من أطلق لسانه في العلماء بالثلب بلاه الله قبل موته بموت القلب يقول الله تعالى مبينا مكانة العلماء ورفعة منزلتهم (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) الزمر9 ويقول سبحانه (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ }فاطر28 ويقول سبحانه {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ) النساء59 وألوا الأمر كما يقول أهل العلم هم العلماء وقال بعضهم الأمراء والعلماء روى أبو الدرداء عن النبي r أنه قال: فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب ليلة البدر العلماء هم ورثة الأنبياء أن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً إنما ورثوا العلم فمن أخذ به فقد أخذ بحظ وافر"
ومن عقيدة أهل السنة والجماعة"إنهم يدينون الله باحترام العلماء الهداة" يقول الحسن كانوا يقولون موت العالم ثلمة في الإسلام لا يسدها شيء ما اختلف الليل والنهار"
ويقول سفيان الثوري"لو أن فقيها على رأس جبل لكان هو الجماعة"
يقول الشاعر:
الناس من جهة التمثال أكفاء * أبوهم آدم والأم حواء
فإن يكن لهم في أصلهم نسب * يفاخرون به فالطين والماء
ما الفضل إلا لأهل العلم إنهم * على الهدى لمن اهتدى أدلاء
وقدر كل امرئ ما كان يحسنه * والجاهلون لأهل العلم أعداء
فتتبين لنا المكانة العظيمة والدرجة العالية التي يتمتع بها علماء الأمة ومن هنا وجب أن يوفيهم الناس حقهم من التعظيم والتقدير والإجلال وحفظ الحرمات (وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ) الحج30 إذاً فالنيل من العلماء وإيذائهم يعد إعراضاً أو تقصيراً في تعظيم شعيرة من شعائر الله وإن مما يدل على خطورة إيذاء مصابيح الأمة ما رواه البخاري عن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r قال الله عز وجل في الحديث القدسي "من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب" عباد الله كلنا يدرك أن من أكل الربا فقد آذنه الله بالحرب إن لم ينته ويتب عن ذلك الجرم العظيم ولكن هل نحن ندرك أيضاً أن من آذى أولياء الله فقد حارب الله نسأل الله السلامة والعافية عباد الله يقول r "من يضمن لي مابين لحييه وما بين فخذيه أضمن له الجنة" وإن كثيراً من الناس يضمنون مابين الفخذين وهذه نعمة عظيمة ولكن هل نحن نضمن مابين اللحيين هل يمر علينا يوم بدون أن نقع في عرض مسلم عالماً كان أو غير عالم ليحاسب كل امرئ نفسه وليناقشها في ذلك الأمر الخطير ولنأخذ بقول الرسول r :المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده"
احفظ لسانك أيها الإنسان            لا يلدغنك إنه ثعبان
كم في المقابر من قتيل لسانه       كانت تهاب لقاءه الشجعان
يقول ابن القيم رحمه الله"وكم ترى من رجل متورع عن الفواحش والظلم ولسانه يفري في أعراض الأحياء والأموات لا يبالي ما يقول"
أما عن أسباب أكل لحوم العلماء والدعاة فهي كثيرة منها:الغيرة والحسد بغية الحصول على مال أو جاه أو سلطان وكذلك الهوى والتقليد والتعصب والتعالم والنفاق قال الله عن المنافقين {فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً)البقرة 10وقال {وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكْمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ }البقرة14
وتمرير مخططات الأعداء وذلك بالنيل من العلماء وسبهم وتشويه صورتهم لدى عامة الناس نعوذ بالله من ذلك ..
بارك الله لي ولكم



الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين ولا عدوان إلا على الظالمين وأشهد أن لا إله إلا الله ولي المؤمنين وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله إمام المتقين      أما بعد:
عباد الله أن هناك عواقب وخيمة ونتائج خطيرة وآثاراً سلبية تترتب على أكل لحوم العلماء والوقوع في أعراضهم يدرك تلك الآثار من تأمل الواقع وأبعد نظره منها: أن جرح العالم سبب في رد ما يقوله من الحق وجرح للعلم الذي معه وجرح العلماء سيؤدي إلى بعد طلاب العلم عن علماء الأمة وأن تجريح العلماء تقليل لهم في نظر العامة وأيضا تمرير مخططات الأعداء ومن الأمثلة الواقعية على ذلك الطعن في رجال الحسبة والطعن في القضاة والدعاة أما رجال الحسبة فكثير منهم طلاب علم أصبحت أعراضهم مستباحة فتجد العامة وغيرهم يستطيلون في أعراضهم فتجلس في بعض المجالس فتسمع الكلام السيئ في هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أخطاء رجال الهيئة فعل رجال الهيئة فسبحان الله أما يخطئ إلا رجال الهيئات فلماذا لا تذكر أخطاء غيرهم إننا لو ذهبنا نحصي أخطاء الآخرين من غير رجال الهيئات لوجدنا أخطاءهم أضعاف أضعاف أخطاء رجال الهيئات ولكنها قاله السوء روج لها الحاقدون وساعدهم عليها المغفلون وأما القضاة فكذلك يتعرضون للطعن وأكل لحومهم فإنك تجد كثيراً من الناس يرددون أن القاضي الفلاني فيه كذا وذاك فيه كذا وهكذا فسبحان الله وهل الخطاء خاص بالقضاة وغيرهم ملائكة وكذلك الكلام في الدعاة والله المستعان
وختاماً إلى من يقعون في أعراض العلماء والدعاة اتقوا الله وتوبوا إليه وأنيبوا له وأثنوا على العلماء بمقدار غيبتكم لهم وإلا فأنتم الخاسرون والعاقبة للمتقين وما مثلكم إلا كما قال الأول:
كناطح صخرة يوماً ليوهنها            فلم يفدها وأوهى قرنه الوعل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق