السبت، 26 مايو 2012

بر الوالدين خطبة لفضيلة الشيخ/حمد بن إبراهيم الحريقي


الخطبة الأولى 
الحمد لله ذي الفضل والإنعام أنعم الله على عبادة بالنعم والجسام وأمرهم ببر الوالدين وصلة الأرحام أحمده سبحانه على آلائه وأشكره على نعمائه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه
أما بعد : فاتقوا الله عباد الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون وقوموا بما أوجب الله عليكم من حقه وحقوق عباده ألا وإن أعظم حقوق العباد عليكم حق الوالدين فقد جعل الله ذلك في المرتبة التي تلي حق الله المتضمن لحقه وحق رسوله فقال سبحانه ((اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا)) وقال جل وعلا ((ووصينا الإنسان بوالديه)) ولقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم بر الوالدين مقدما عن الجهاد في سبيل الله ففي الصحيحين عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم أي العمل أحب إلى الله قال الصلاة على وقتها قلت ثم أي قال بر الوالدين قلت ثم أي قال الجهاد في سبيل الله .
أيها المسلمون إن بر الوالدين يكون ببذل المعروف والإحسان إليهما بالقول والفعل والمال أما الإحسان بالقول فأن تخاطبهما باللين واللطف وأما الإحسان بالفعل فإن تخدمهما ببدنك وما استطعت من قضاء الحوائج والمساعدة على شؤونهما وتيسير أمورهما وطاعتهما في غير ما يفرك في دينك أو دنياك وأما الإحسان بالمال فأن تبذل لهما من مالك كل ما يحتاجان إليه طيبة به نفسك منشرحاً به صدرك غير متبع له بمنة أو أذى بل تبذله وأنت ترى أن المنة لها في ذلك في قبوله والانتفاع به .
أيها المسلمون إنه لا يليق بعاقل مؤمن أن يعلم فضل بر الوالدين وآثاره الحميدة في الدنيا والآخرة ثم يعرض عنه ولا يقوم به أو يقوم بالعقوق والقطيعة والعياذ بالله
وقد لا تصدقون إذا قلت لكم بأن هناك أبناء يعقون والديهم لدرجه أن أحدهم يرمي والدته المسنة بجوار القمامة فكيف يحدث هذا وممن ؟ إنه لأمر يثير الشعور ويحير العقول فأي قلب ذلك القلب وأي ضمير ذلك ضمير إنها لمأساة تبكي القلوب قبل أن تبكي العيون فإلى كل منصف ليكون شاهدا على تلك المآسي اللتي تسبب فيها أناس نزعت من قلوبهم أدنى درجة الرحمة وإلى كل بار بوالديه ليزداد برا بهما وإلى كل عاق لوالديه يراجع نفسه ويحسن لوالديه قبل أن يعض أصابع الندم وإلى كل زوجة أين لتعلم علم اليقين بأنها إن تسببت في عقوق زوجها لوالديه فستكتوي بنار العقوق من أبنائها يوما ما وإلى كل شاب بلغ سن الرشد ليتذكر قبل أن يعق والدية بأن هذا دين عليه وسيأتي أبناؤه بعد زواجه ليردوا إليه هذا الدين ويذيقونه مثل ذلك العقوق .
يقول أحدهم صليت في أحد المساجد صلاة العصر وعند خروجي من المسجد خرج معنا رجل طاعن في السن فقلت له : تفضل معي لأوصلك بالسيارة فركب معي وفي الطريق أخذت أسأل عن حاله وحال الأولاد والأهل وعند إذ بكى الرجل


العجوز وانسكبت الدموع من عينه وقال يا ولدي تسألني عن حال أولادي هذه منطقه أحد أبنائي وأشار إلى منطقة مقابلة لها ثم قال هل تصدق أنه لم يرني منذ سبع سنين ؟ ومن عق والديه أو أغضبهما فلينتظر العقوبة العاجلة له من الله تعالى
 يقول أحد الشباب وكان لا يستطيع الجلوس  أبدا قالت لي أمي أريدك أن تذهب بي إلى منزل أحد الأقرباء فضجرت منها وتكلمت عليها فقالت الأم أرجوك يا ابني أن تذهب بي إلى هؤلاء الناس فلهم حق علي وأريد أن أزورهم فقلت لها بشرط أذهب إلى هناك وسأعود بعد نصف ساعة بالتمام وأستعمل منبه السيارة لمرة واحدة فإن لم تخرجي سأذهب وأدعك فركبة الأم وذهبت إلى هؤلاء الأقارب معه وبعد نصف ساعة جاء الابن واستعمل منبه السيارة لمرة واحدة فلما لم تخرج الأم ذهب وتركها فلما ذهب كان مسرعا بسيارته فحدث له حادث مروري وكانت نتيجة هذا الحادث أنه لا يستطيع أن يجلس أبدا بل يضل على ظهره أو بطنه ولا يستطيع أن يحرك أي عضو من جسمه إلا رأسه فقط ولقد حصد هذا الابن العاق ما جنت يداه وندعوا الله له بالشفاء والرحمة ولنعلم جميعا عباد الله أن عجلة العقوق تدور يقول أحد المسئولين عن إحدى المستشفيات جاءنا قبل مده طويلة رجل يبلغ من العمر 40 عاما وكان معه أبوه عمره 80 عاما فقال الرجل خذوا أبي عندكم "وكان أبوه مصابا" وهذا هاتف المكتب وإذا أردتم أي شيء اتصلوا علي فخرج من عندنا هذا الرجل وأخذنا أباه وبعد مده قصيرة أتانا هذا الابن وبنفس المرض الذي كان عند أبية وقد أتى بهذا الابن ابنه الذي يبلغ من العمر 18 عاما وهكذا تدور عجلة العقوق فكلما عق ابن أباه يأتي ابنه من بعده فيعقه بمثل عقوقه .
وانظروا إلى قسوة قلوب بعض الأبناء والعياذ بالله يقول أحد المشايخ وقد ذكر القصة له أحد باعة الذهب يقول بايع الذهب  جاءني في أحد الأيام الأخيرة من شهر رمضان رجل وزوجته وأمه وابنه وكانت الأم على حياء ومعها ابن ابنها فوقفت به في الجانب وجاءت الزوجة وأخذت من الذهب ما يعادل العشرون ألف ريال ثم تقدمت الأم وأخذت خاتما واحدا من الذهب قيمته مائة ريال وعندما جاء الابن ليدفع الحساب دفع العشرين ألف فقلت باقي مائة ريال فقال الابن لأي شيء فقلت لهذا الخاتم الذي أخذته أمك فقال الابن العجائز ليس لهن ذهب وأخذ الخاتم من يدها ورماه على الطاولة فما كان من الأم إلا أن تجرعت غصصها وأخذت ابنه بين يديها وخرجت إلى السيارة فأنبته زوجته قائلة لماذا فعلت ذلك ستخرج أمك من عندنا ومن سيمسك ابننا بعد ذلك فأخذ الخاتم وذهب به إلى أمه فقالت الأم والله لن ألبس ذهبا ما حييت أبدا ما كنت أريد سوى هذا الخاتم لأفرح به يوم العيد مع الناس فقتلت هذه الفرحة في نفسي فسامحك الله ...
                                            نعوذ بالله من العقوق ....... نفعني الله وإياكم
الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه والشكر لله على توفيقه وامتنانه وأشهد أن لا اله إلا الله وحدة لا شريك له وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله له الداعي إلى رضوانه و بعد :
عباد الله أيها الابن أليس الوالدان سبب وجودك في هذه الحياة وهما اللذان يسهران على راحتك وهما اللذان يبذلان كل غال ورخيص في سبيل راحتك فكم ليلة سهرا من أجلك وكم تمنيا أن ما أصابك يحل بهما عنك تنام قرير العين وهما يحرسانك وأنت لا تشعر بشيء من ذلك حتى إذا كبرت وبلغت الغاية التي كانا يتمنيان لك وبلغ بهما السرور ما بلغ

بصحتك وعافيتك وانتظرا منك رد الجميل والمعاملة ولو بالمثيل تنكرت لهما ونسيت برهما بك وتجاهلت حقهما عليك  وكأنهما عندك من سائر الأقارب أو من سائر الناس فيا خيبة الأمل ويا خسارة ما حصل كأنهما لم يرعياك طويلاً ولم يخدماك أمداً مديداً جعلت جزاءهما غلظة واحتقاراً كأنك أنت المنعم المتفضل أما تتذكر إحسانهما عليك ؟ وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان أما تخشى عقوبة الله تعالى روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ( كل الذنوب يؤخر الله منها ما شاء إلى يوم القيامة إلا عقوق الوالدين فإن الله يجعله لصاحبه في الحياة قبل الممات ) نعوذ بالله من العقوق ونسأل الله أن يجعلنا من البارين بآبائنا وأمهاتنا وجميع المسلمين ..
عباد الله : صلوا وسلموا ....

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق