الأحد، 13 مايو 2012

حبيبتي .. أكبر منّي




حبيبتي .. أكبر منّي
   لست أدري أن كان ما أعرضه مشكلة تبحث عن حلّ أم مجرد محاولة يائسة للبوح بمكنون نفسي .. فأنا أبحث عن مخرج من أزمتي وورطتي ولا أجده .. فأنا شاب في الرابعة والعشرين من عمري .. لست مندفعا ولا متهوّرا ولا اتصرّف انطلاقا من انفع الي .. فأنا في كامل قواي العقلية .. كما أنني لست فاشلا فأنا أحمل مؤهلا عاليا واشغل وظيفة محترمة وميسور الحال .. كما أنني على درجة الوسامة ولست دميما ولا منفرا .

   لا يوجد سبب يدعو إلى لومي وتقريعي لأنني أحببت من كل قلبي .. أحببت بصدق ولا غرض.. ان حبّي حقيقي وعاقل ورزين لكن أهلي ومجتمعي وكلّ المحيطين بي لا يرحمونني ولا يقدرون مشاعري ولا أجد منهم سوى السخريّة والهمز واللمز والضحك مني..
   مشكلتي يا سيدتي في رأي كلّ المحيطين بي أن حبيبتي التي اختارها قلبي بارادته وبمنتهى الإخلاص اكبر منّي.. نعم.. هي تكبرني بحوالي خمس سنوات ولم أجد في ذلك حرجا أو غضاضة أو مانعا يحول بين قلبي والتعلّق بها .

   حتى هي تلومني وتنصحني بالتروي وعدم التعجل وتقول أنّني مدفوع فقط بعواطفي نحوها لكنني بعد الإرتباط بها وهدوء العاصفة والعاطفة سوف اكتشف فارق السن بيننا وسوف أندم ندما شديدا وسوف اشعر بأنني تسرّعت واندفعت بلا حساب ولا عقل .
   انها تقول نفس الكلام الذي تقوله أسرتي وأصدقائي والمحيطون بي.. اهلي يقولون ان أي فتاة تتمناني زوجا لها فأنا في رأيهم فارس أحلام أجمل الفتيات .. واصدقائي يقولون أنّني مجنون أو أن هذه الفتاة التي تكبرني سحرتني وعملت لي عملا

لأتعلّق بها .. وقلبي وحده يسبح ضد تيار الجميع ولا يرضى عنها بديلا لأنها النموذج المحترم الهادىء العاقل الذي اتمناه.. كما أنها تتمتّع بجمال هادىء ورقة وعذوبة وأدب جم يقاوم .. وهي على علم وفكر ووعي .. وإنه لمن الحماقة والجنون في رأي قلبي أن اترك فتاة كهذه لمجرد وهم كاذب يقول أنها أكبر منّي .
   المشكلة يا سيدتي أن احدا لا يشجعني على الإرتباط بها .. حتى هي .. وحين اسألها هل تحبينني ؟ تقول : نعم .. ولأني احبّك فإنني أخاف عليك من الندم والتعاسة .. إنني يا سيدتي فشلت في اقناع

اسرتي بان اتزوّج هذه الفتاة .. فشلت في اقناع اصدقائي ومجتمعي المحيط بي ..
   هل زواجي من هذه الفتاة جريمة ؟ .. أحيانا يكاد الإجماع حولي ضد حبّي لهذه الفتاة يزلزل قناعاتي ويخيفني فعلا .. فما سرّ هذا الحماس الشديد ضد فكرة زواجي بفتاة أكبر منّي ؟
   أخيرا وبعد أخذ ورد اقنعتني حبيبتي بأنّ أرسل اليك يا سيدتي طالبا منك النصح والمشورة .. وقد اكّدت لي فتاتي إنها ستعمل بنصيحتك وتأخذ برأيك .. فهذه رسالة مني ومنها في نفس الوقت بعد أن اطلعنا على


ردودك ونصائحك الغالية والمنطقية لكل من ارسلوا اليك يطلبون العون .
   انّني حائر في أمري وامر المجتمع من حولي.. ما هذا الذي يحدث وكيف يربط الناس مصائرهم بأمور وهمية ويخترعون حواجز لا وجود لها ؟..
   هل هم فعلا مخطئون أم أنا المخطىء فافتيني في أمري يا سيدتي لأستريح وأعدك بأن رأيك سيكون له كلّ الإعتبار المرسل .

  
المجيب الناصح
   في أول ردي على هذه الرسالة .. اشكرك كلّ الشكر على ثقتك واتمنى دائما أن أكون عند حسن ظن الجميع وأن يصادق رأيي الصواب والحقّ في كل ما يعرض عليّ من مشكلات .
   إنّ ما تعانيه وتشكو منه ليس في رأيي مشكلة ولكنه كما قلت وهم اخترعه الناس

وصدقوه .. والرافضون لارتباطك بالفتاة التي تكبرك لا يعتد برأيهم لأنه مبني على غير أساس .. فلا توجد موانع تحول دون ارتباط الإنسان بمن يحبّ سوى انعدام الكفاءة أو التكافؤ والأطماع الخاصة التي تكون احيانا هدف الزواج من شخص معين .. أما مسألة فارق السنّ فلا أظن مع توفر كلّ المقومات الأخلاقية والدينية والشكليّة والفكرية انها تحول دون الزواج .
   ولا أدري لماذا تقوم الدنيا ولا تقعد عندما يقرر شاب الزواج من فتاة تكبره ببضع سنوات بينما يرى الناس أنّ زواج رجل في الثمانين من فتاة في العشرين امر لا غبار فيه ولا يدعو للدهشة والعجب والاستنكار .
   إن بعض الأحكام الإجتماعية مختلّة وظالمة ولا ينبغي الأخذ بها والتعويل عليها لأنها

هوائية مزاجية .. ولو أن فارق السن مانع من الزواج ما تزوّج رسول الله صلى الله عليه وآله من السّدة خديجة عليها السلام رغم ان فارق السن بينهما كان خمس عشرة سنة .. فقد كان صلى الله عليه وآله في الخامسة والعشرين وكانت هي في الأربعين .. وقد ظلّ وفيّا لذكراها بعد موتها وكان حبّا شديدا حتى أدى ذلك لبروز الحد من بعض نسائه .
   وانّني لاشهد بأن فتاتك هذه عاقلة ورزينة ومخلصة ودليلي على ذلك انها تنصحك بالتروي والتمهل وعدم التسرّع في الإرتباط بها .. فهي اذن ليست من اللاتي اصابهنّ قلق تقدم السن فأردن الإيقاع بأي عريس والسلام للفرار من عريس والسلام للفرار من العنوسة .
   إنّني لا أجد أي مبرر لذبح هذه المشاعر الصادقة والجميلة لمجرّد وهم مبرّرات واهية .. وانني على ثقة .

بأنّ زواجكما بإذن الله سيكون مباركا وناجحا لأنه مبني على اخلاص وحبّ وليس فيه غرض أو خداع أو مصلحة أو طمع .
   ورسالتي الآن ينبغي ان تكون لأسرتك التي ارجو ان يتحكّم العقل والمنطق في رأيها بعيدا عن الإنفعالات والأوهام .
   فالفتاة بحق نموذج مشرف ولا أظن انّك ستجد خيرا منها خصوصا وانك كما فهمت من عرضك لمشكلتك تتمتّع برجاحة عقل وكياسة وهدوء ومنطق متزن .. ومن الصعب ان تناسبك فتاة اخرى غير فتاتك العاقلة هذه .
   امض في طريقك ودافع عن اختيارك الحرّ الرشيد وحاول اقناع الآخرين به ..
   وأقول لفتاتك : لا تتردّدي ولا تخافي فإنّ فتاك عاقل وخلوق ويحبك ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق