الأربعاء، 16 مايو 2012

الشاعرة آمال عوّاد رضوان شاعرة الرقة الآسرة




الشاعرة آمال عوّاد رضوان شاعرة الرقة الآسرة والصورة الساحرة في ديوانها الأخير - رحلة إلى عنوان مفقود/ ناظم حسون





آمال عوّاد رضوان شاعرة الرقة الآسرة والصورة الساحرة التي فرضت وجودها وبجدارة فائقة على المشهد الثقافي المحلي، تنطلق بجناحي فراشة عاليًا عاليًا، لتغزو العالم بشعر إبداعي حداثي مكثف ترجم جله للغة الفرنسية، وتناقلته الصحف الثقافية لبنيته المتراصة المتينة وصوره المبتكرة البديعة.  جاء ديوانها الشعري "رحلة إلى عنوان مفقود" ليتوج أعمالها السابقة، فرسمته بسحر كلماتها وإيحاءاتها المرتبطة بأحاسيسها ووجدانها، ومشاعرها الرقيقة التي تسمو بالحب الى افاق الإنسانية الرحبة، ليخرج للنور إبداعا متسربلاً بجمال الألفاظ، وانسياب الأنغام الهادئة العذبة، والصــــور  الشفافة المبتكرة التي أرستها في مرافئ الإبداع.


"رحلة إلى عنوان مفقود" كتاب شعري مفرط بالانفعالات، وعميق في المعانى بلغة رومانسية شفيفة وشاعرية ساحرة وخيال جامح، وما يدهش القارئ هو ذلك النسج بين المفردات باقامة علاقات هجينة مذهلة بين المفردات والتراكيب، بانزياحات لفظية ومعنوية تشكل من خلالها صورًا وتشبيهات ومجازات مغلقة عامرة بالإيحاءات والإيماءات التي تولد عند المتلقي حالة من الانبهار مما  يدهشك ويشدك، فيأخذك بمتعة لتعيد القراءة مرات ومرات، لما يفوح من عطر الغواية من بين كلمات هي أشبه ما تكون بالدرر تنبض بالحياة والمشاعر، وتدهشــنا بغوامض توقظ بداخلنا شحنات خامدة وكـــــوامن مكبوتة.


وفي جلال هذه اللحظات، وكما يقول الناقد السويسري جان ستاروبنسكي في كتابه "العلاقة النقدية":


(عندما أقرأ نصًّا ما يثير فيّ مشاعر قوية، فإنني أشعر بالفرح والاستمتاع الشديد، وبعد أن تمر مرحلة الاهتزاز الأوليّ، فإنني أعود الى النص، لكي أعرف السبب الذي ولد فيّ كل هذا الطرب، وعندئذ وبدون أن ألغي مشاعري، ينبغي أن أعامل النص كشيء من الأشياء، لكي أستطيع أن ادرسه بشكل موضوعي، فالكاتب الكبير لا يوظف أيه كلمة أو أي حرف جر، إلا من أجل خدمة المعنى وصياغته بطريقة جذابة ساحرة).  


وبين خفاء الرؤية العميقة وتجليات الكلمات التي تذوب حنانا وتقطر عشقًا، تحلّق بنا شاعرتنا بخيالها المرهف نحو الملأ الأعلى، لتفجأنا، فتقتحم عوالمنا بخيالها الجامح برسم صور مبتكرة مشحونة ومسكونة بالدهشة وبلغة صاغتها على نحو غير عادي لم يسبقها إليها شاعر من قبل، فتستفزنا للخروج من شرنقة المألوف بجرأة كبيرة، لنستنطق القصيدة بما فيها من تجديد في الشكل والمضمون، إنها ظاهرة جديدة جديرة بالدراسة والاهتمام. ولتذوق جماليات الكتابة لدى شاعرتنا نقرأ ص45:


هَا ثَمِلَةً.. تَغْفُو قَنَادِيلُ الرُّعَاةِ عَلَى حُفُوفِ مَرَاعِيكِ


هَا مُنْهَكَةً.. تَسْهُو تَرَانِيمُ الدُّعَاةِ عَلَى كُفُوفِ يَرَاعِكِ


وَسُجُودًا مَشْطُورًا تَنُوسُ مَلكَاتُ الْكَلِمَاتِ الْعَذْرَاءِ


تَتَوَسَّدُ ابْتِهَالاَتِ خُشُوعٍ!


أَتُضِيئِينَنِي مُسْتَحِيلاً شَهِيًّا فِي طَوَابِينِ الْوَرَق؟


أَلاَ يَتَبَرْعَمُ بِكِ غَدِي.. وَأَتَوَرَّق وَطَنا؟!


رَبَوَاتُ مَلاَئِكَةٍ تَجْثُو مُتَلَعْثِمَةً فِي خِبَائِكِ السَّمَاوِيِّ


وَعَلَى أَفْنانِ لِسَانِ سَلْمٍ يَتَلَجْلَجُ بِثِمَارِ الصَّلَواتِ


تَنْدَلِعُ فَاكِهَةُ سَمَائِكِ


تَسْتَفِيقُ فِي نَدَاهَا عَرَائِسُ جَنَّتِي تَبْتَهِلُ:


الْمَجْدُ لِطُولِ أَنَاتِك يَا ثَدْيًا أَرْضَعَنِي أَنَاك.


لقد استطاعت شاعرتنا وبمقدرة تعبيرية ناضجة، وببراعة خارقة من حشد ألفاظ مموسقة مسرفة بعاطفة صادقة برزت بوضوح في جل قصائد الديوان.


لقد كتبت بصدق وأصالة مما منحها الشجاعة لتكتب عن ذاتها:


"آمال ليست سوى طفلةٍ خضراءَ انبثقتْ مِن رمادِ وطن مسفوكٍ في عشٍّ فينيقيٍّ منذ أمدٍ بعيد!"


وتهدي الديوان "إليك يا الأسطورة " قائلةً: "يَا مَنْ تُهْتَ مَسَرَّةً بِجَغْرَافِيَّةِ الأَعْمَاقِ، تُعِدُّك طَرِيقُ الْوَجَعِ قَوَارِيرَ مِنْ بَتْلاَتٍ، مَغْمُوسَةٌ أَفْوَاهُهَا فِي الْوَلاَئِمِ، لِمَ اسْتَعْصَى عَلَيْك فَضَّ صَمْتِي، وَإِعَادَتِي إِلَى سِيرَتِي الْعَذْرَاء! .......


اليكَ يا الأسطورةُ.. إليكَ يا الوطنُ."              


لقد استطاعت شاعرتنا أن تطلق الدهشة في قلوب ووجوه قرائها.
  

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق