الجمعة، 18 مايو 2012

تعثر خطة إنشاء اتحاد خليجي بسبب مخاوف بعض الزعماء من فقدان السيادة وآلاف المتظاهرين في طهران ضد الاتحاد بين البحرين والسعودية

تعثر خطة إنشاء اتحاد خليجي بسبب مخاوف بعض الزعماء من فقدان السيادة وآلاف المتظاهرين في طهران ضد الاتحاد بين البحرين والسعودية
دبلوماسيون عبروا عن دهشتهم من ان الرياض عرضت نفسها لانتكاسة علنية... والامارات تتجادل معها بشأن مقر القيادة المركزية للدرع الصاروخية الخليجية
2012-05-18


عواصم ـ وكالات: تعثرت جهود السعودية لإقامة اتحاد خليجي والتي تحركها مخاوف من الانتفاضات التي اجتاحت العالم العربي وانتشار النفوذ الإيراني بسبب قلق جيران أصغر حجما من فقدان السيادة وازدياد هيمنة الرياض.
وعبر دبلوماسيون ومسؤولون ومحللون بالخليج عن دهشتهم من أن السعودية عرضت نفسها لهذه الانتكاسة العلنية.
وفاجأ اقتراح إنشاء الاتحاد الذي كان هدفه في البداية احتواء معارضة الشيعة في البحرين ومواجهة النفوذ الإيراني المتزايد زعماء خليجيين حين كشف الملك عبد الله بن عبد العزيز العاهل السعودي النقاب عنه للمرة الأولى خلال قمة عقدت في كانون الأول (ديسمبر). ولم تخب الفكرة وإنما اكتسبت زخما الشهر الماضي حين طرح وزير سعودي خططا لوضع سياسات خارجية ودفاعية مشتركة.
غير أنه حين انتهت اجتماعات قمة يوم الاثنين الماضي كان واضحا أن بعض الزعماء في مجلس التعاون الخليجي كبحوا جماح المشروع إن لم يكونوا قضوا عليه تماما.
وقال غانم النجار استاذ العلوم السياسية بجامعة الكويت 'يجب بحث هذه الأمور بعمق'.
وأضاف 'لا يمكن اتخاذ قرار بشأن إقامة وحدة من خلال محاولة إنشاء كيان موحد ما في مواجهة ايران وللتعامل مع التطورات التي نجمت عن انتفاضات الربيع العربي' مشيرا الى الانتفاضات التي أطاحت بعدة حكام شموليين منذ أوائل 2011 وهزت مملكة البحرين عضو مجلس التعاون.
وقال الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي للصحافيين عقب قمة مجلس التعاون الخليجي يوم الاثنين إن إقناع كل دول الخليج 'سيستغرق وقتا' مشيرا الى أن زعماء الخليج يريدون أن يعرفوا 'التفاصيل وتفاصيل التفاصيل' عن رؤية السعودية 'لاتحاد' يزيد درجة التقارب بينهم عما هي عليه الآن.
بل أنه أعلن صراحة أنه ليس هناك تحرك لإقامة علاقة ذات طابع خاص بين البحرين والسعودية على الرغم من الجلبة التي ثارت في وسائل الإعلام البحرينية الموالية للحكومة وتقول عكس ذلك.
وقال محلل مقيم في قطر مطلع على المحادثات 'لم تكن لديهم فكرة فعلا عن الشكل الذي يريدونه للاتحاد ثم جاءوا يوم الأحد ليحاولوا إنجاح الأمر ولم يستطيعوا الاتفاق. لكن ليل الأحد كانت هناك شائعات قوية بأن الأمر لا يسير على ما يرام'. وأضاف أن المسؤولين السعوديين كانوا غاضبين ومحبطين.
وتحدث اشخاص تسنى لهم دخول القاعة التي اجتمع بها الزعماء عن القليل من الوجوه الباسمة على النقيض مما تتسم به معظم المناسبات المماثلة بل إنهم شعروا بغضب بين بعضهم.
وفي لمحة كاشفة لم يحضر زعيما سلطنة عمان ودولة الإمارات العربية المتحدة القمة التي جمعت بين زعماء من ثلاث دول أعضاء أخرى هي قطر والبحرين والكويت بالاضافة الى السعودية.
وتقوم الرؤية السعودية على تعاون اقتصادي وسياسي وعسكري وثيق وإنشاء كيان جديد لاتخاذ القرار يكون مقره الرياض يحل محل أمانة مجلس التعاون الخليجي التي يبلغ عمرها 31 عاما.
وتشير تقارير من مسؤولين ودبلوماسيين ووسائل إعلام الى أن أقوى الاعتراضات على اقتراح إنشاء الاتحاد وردت من عمان والكويت والإمارات خشية أن يسيطر عليه السعوديون فضلا عن وجود صعوبات في دمج أنظمة اجتماعية وسياسية متباينة. ولم يتسن الاتصال بمتحدث سعودي للتعقيب.
وقال مسؤول إماراتي لرويترز 'لن تقبل دولة الإمارات العربية المتحدة سيطرة دولة واحدة على الاتحاد لذا يجب أن تكون هذه المسألة واضحة' مشيرا الى انسحاب بلاده عام 2009 من اتحاد نقدي بسبب إصرار الرياض على أن تستضيف مقر البنك المركزي.
ولدى سؤاله إن كان يعتقد أن الاتحاد سينشأ في نهاية المطاف أجاب 'لنقل إن الأمر سيحتاج مزيدا من الوقت'. والسعودية هي أقوى دول مجلس التعاون.
وعلى الرغم من أن الدول الست تبدو متشابهة على السطح فإن هناك اختلافات كبيرة على صعيد القبائل والتاريخ والطوائف والجغرافيا بينها خاصة في البحرين التي تسكنها اغلبية شيعية وكذلك في درجة انفتاحها على الثقافة الغربية.
وقالت عمان التي سعت طويلا الى حماية هويتها المستمدة جزئيا من سواحلها المطلة على المحيط الهندي وتراثها البحري في عام 2006 إنها لن تنضم الى مشروع العملة الموحدة الذي لم ينفذ حتى الان. وقال دبلوماسي غربي 'ربما لا تكون الإمارات حريصة على اتحاد أقوى لأنها قد تخشى من هيمنة السعودية عليه'.
وعبر محلل شؤون الدفاع المقيم في دبي تيودور كاراسيك عن قلقه من أن يعرض التسرع في إنشاء الاتحاد الخليجي التقدم الذي أحرز في مفاوضات دفاعية حساسة للخطر.
وتتجادل الإمارات والسعودية بشأن مقر القيادة المركزية للدرع الصاروخية الخليجية التي دفعتهما الولايات المتحدة الى إقامتها بوصفها الوسيلة المثلى للدفاع ضد ايران لكنهما تحجمان عن تبادل المعلومات.
وقال كاراسيك 'تعمل لجنة عسكرية فنية من مجلس التعاون الخليجي على خطة مشتركة مضادة للصواريخ الباليستية منذ بضع سنوات وهناك جدل الآن بشأن المقر هل الإمارات ام السعودية'.
وقال رئيس البرلمان الكويتي احمد السعدون إنه يجب أن تكون مستويات الانفتاح السياسي في كل دولة متساوية قبل إقامة اتحاد سياسي اوثق. ولا يوجد لدى السعودية برلمان منتخب بينما توجد في الكويت اكثر ثقافات الخليج السياسية حيوية.
وقال السعدون على 'تويتر'، 'الاتحاد بين دول الخليج لن يتحقق إلا في ظل أنظمة متشابهة منفتحة على شعوبها خاصة ما يتعلق باحترام حقوق الانسان والحريات العامة بما في ذلك حرية التعبير عن الرأي وحق المشاركة الشعبية في صنع القرار في ظل المتغيرات المتسارعة اقليميا ودوليا'.
وعلقت صحيفة 'القبس' الكويتية قائلة إن زعماء الكويت وقطر والإمارات وعمان عبروا عن قلقهم بشأن فقدان هوية كل دولة وأشاروا الى اختلافات في قوانين الدول.
ولم ينجح صعود ايران على مدى العقد المنصرم وانتفاضات الربيع العربي في وضع دول مجلس التعاون الست على نفس الموجة بينما شابت النزاعات الحدودية الممتدة منذ زمن العلاقات بين الدول حيث حكم الأسر المشخصن هو العرف.
وفي حين تريد السعودية والكويت والإمارات سياسة قوية لاجتثاث النفوذ الإيراني بالمنطقة فإن قطر وعمان تراهنان على إقامة علاقات جيدة مع طهران.
ويبدو أن الدولة الوحيدة التي رحبت قلبا وقالبا بإقامة اتحاد خليجي هي البحرين اذ يعتبر كثيرون أن الاقتراح وسيلة لسحق انتفاضة قادتها الأغلبية الشيعية التي يعتقدون أنها تحصل على دعم من ايران.
وقال انور عشقي المحلل السعودي والمستشار السابق للحكومة 'اعتقد أن الاتحاد بين السعودية والبحرين سيتم بنسبة 100 في المئة وربما ينضم لهم الآخرون بعد ذلك'.
وسمحت البحرين التي يعتمد اقتصادها على بئر نفطية تتشاركها مع السعودية بأن ترسل الرياض قواتها في محاولة اولية لإخماد الاحتجاجات التي اندلعت العام الماضي.
لكن الاضطرابات تكررت وانخفض النمو الاقتصادي الى النصف ويخيم شعور بالأزمة على المملكة التي تعاني انقساما طائفيا.
واعترضت ايران بشدة على اتجاه السعودية لإضفاء صبغة رسمية على نفوذها على البحرين اذ يقول برلمانيون إن هذا سيعمق الانقسامات بالبلاد بل قال علي لاريجاني رئيس البرلمان إن ايران هي التي يجب أن تندمج معها البحرين.
وحاول نبيل الحمر المستشار الإعلامي لملك البحرين الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة طمأنة مؤيدي فكرة الاتحاد فيما بعد ووعد بعقد قمة في الرياض في الأشهر القادمة لتوقيع ميثاق للوحدة يشمل قطر. ورفضت حركة المعارضة بالبحرين المشروع برمته باعتباره أحدث مناورة يقوم بها الحكام لإرجاء اليوم الذي سيسلمون فيه صلاحياتهم لحكومة منتخبة. وقال الناشط السياسي عبد النبي العكري 'هذه محاولة للهروب من حل سياسي من خلال وضع البحرين تحت هيمنة السعودية التي تريد أن تظهر أنها قوة كبرى بالمنطقة'. وأضاف 'أعتقد أن هذا سيمنى بالفشل'.
الى ذلك تظاهر آلاف الايرانيين في طهران الجمعة للاحتجاج على مشروع الاتحاد بين البحرين والسعودية الذي وصفه امام الصلاة في العاصمة الايرانية بانه 'مؤامرة اميركية صهيونية' كما ظهر في لقطات بثها التلفزيون الحكومي.
وتجمع المتظاهرون الذين رفعوا الاعلام البحرينية بعد صلاة الجمعة امام جامعة طهران وهم يهتفون 'الموت للخائن آل سعود' و'الموت لامريكا' و'الموت لاسرائيل'.
وكانت السلطات الايرانية دعت الى تظاهرات شعبية في البلاد لادانة 'الخطة الاميركية لضم البحرين من قبل السعودية' و'التعبير عن غضبهم على نظامي آل خليفة وآل سعود'.
وكان الناطق باسم الخارجية الايرانية صرح الخميس ان مشروع الاتحاد السعودي البحريني يعني زوال البحرين ذات الاكثرية الشيعية ناصحا السلطة في المملكة 'بتغيير نهجها'.
وقال رامين مهمانبرست 'يبدو ان المشاكل الداخلية وقمع قادة البحرين لتظاهرات الشعب السلمية والتدخل العسكري السعودي ادت الى وضع غير مناسب'.
وصرح آية الله كاظم صديقي في خطبة الجمعة انها 'مؤامرة لضم البحرين الى السعودية'. واضاف ان القادة السعوديين والبحرينيين 'يسمونه اتحادا لكنهم يريدون ان تفقد البحرين هويتها بدلا من تلبية سكان شعبها'.
واضاف ان 'الايرانيين والشعوب المسلمة في العالم لن يسمحوا بهذه المؤامرة الاميركية الصهيونية'، معتبرا ان نتيجتها الوحيدة هي 'جلب العار للسعودية'.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق