الثلاثاء، 22 مايو 2012

يحدث في سورية: الثورة باقية وكذلك النظام!


 
صور يومية للدمار والخراب، قتلى وجرحى وجنازات، قذائف تسقط هنا وهناك، مسلحون ملثمون يسمونهم الثوار، آليات عسكرية ودبابات ومدرعات محملة بالجند يسمونها الجيش النظامي واحيانا قوات الاسد أو الشبيحة، انه المشهد اليومي في سورية منذ اكثر من عام.
النظام السوري الى أين؟ هل سيسقط؟ إلى أين تتجه الامور؟ الثورة السورية المطالبة بالحرية والديمقراطية لم تحقق بعد ما تصبو إليه. النظام السوري ما زال صامدا والجيش السوري متماسكا يدافع عن الرئيس السوري. الانتخابات البرلمانية في سوريا مرت مرور الكرام وقاطعها نصف المسجلين في لوائح الشطب. رسالة سياسية واضحة لا لبس فيها للحكومة السورية.
العنف مستمر والحرب الأهلية ليست ببعيدة، فشل المراقبون الدوليون بوضع حد للعنف وآلة القتل. لماذا؟
لقد أضافت الاحداث الاخيرة مصطلحات جديدة فصار حديث عن حل يمني او حل ليبي او حل عراقي، ولكن لم يحن الأوان بعد للتعريف بماهية الحل السوري ضمن هذه المنظومة.
مؤتمر توحيد المعارضة السورية الذي دعت إليه الجامعة العربية مضحك مبكٍ لاننا لم نعرف الغاية منه. والمفارقة أن المجلس الوطني نفسه رفض المشاركة فيه. والأغرب أيضا في الجامعة العربية و'نبيلها العربي'، انهم لم يفهموا بعد ما هو الشيء الأهم: أهو توحيد المعارضة أم حل الأزمة؟ التي من شانها وقف إراقة الدماء وإبعاد شبح الحرب الأهلية عن سوريا وعن لبنان على حد سواء. مشكلة الجامعة العربية هي تبعيتها لما تقرره الدول الغربية، وهذا ليس باستنتاج جديد. وفي الحالة السورية، عوضاً عن حث النظام السوري على التراجع عن الحل الأمني منذ بداية الأزمة، انشغلت بالمشاركة في المؤتمرات الدولية لتصبح بذلك طرفا وليس وسيطا.
كيف للنظام السوري حينئذ أن يخفف من قمعه للمظاهرات وقصفه للمناطق عندما يكون الخطاب المقابل من المعارضة، المدعومة من الغرب وبعض البلدان العربية، هو إسقاط النظام السوري؟ منالمؤكد ان مثل تلك التصريحات لن تزيد النظام السوري الا شراسة وضراوة 'لمواجهة المؤامرة' التي تحاك ضده من الغرب والعرب على حد سواء.
لكن بالتأكيد لا يمكن تحميل المسؤولية للمعارضة السورية لما آلت اليه الاوضاع الامنية والاقتصادية والمعيشية في هذا البلد. فالنظام السوري بدأ بقمع الإحتجاجات بدون أي رحمة ما أدى إلى حدوث بعض الانشقاقات في الجيش وانضوائها في جماعات مسلحة ولجأت بعض المعارضة للخارج طلبا للعون ولكن الى الآن دون جدوى مع الأسف او ربما لحسن الحظ. فالتدخل الغربي العسكري في سورية سيجلب عواقب وخيمة على سورية ولبنان والمنطقة ككل.
اذا السؤال المطروح هل الحوار بين النظام السوري وأطياف المعارضة السورية ممكن؟ هلالتفاوض نافع ومجد؟
ولماذا ترفض المعارضة السورية التفاوض مع النظام السوري مع علمها علم اليقين بانه لن يسقط، على الاقل في المستقبل القريب، في ظل دعم روسي وصيني واضحين اضافة الى دعم لا يستهان به من الحليف الإيراني والجارين العراقي واللبناني (الرسمي). الدول الغربية لو أرادت إسقاط النظام لفعلت، كما فعلت في العراق الولايات المتحدة التي لم تتطلب الاذن من الاممالمتحدة لتجتاحه.
ربما استمرارية الفوضى وديمومة المشاهد المسلحة يوميا على الشاشة تروق لبعض الدول وعلى رأسها إسرائيل. للتذكير فقد مرت ذكرى النكبة بدون ضجيج على الكثير من الفضائيات العربية ولم يلق إصابة اكثر من ثلاثمئة فلسطيني بجروح في المواجهات مع الجيش الاسرائيلي ولو أدنى التعامل الإخباري.
هل انحرفت الثورة الشعبية السورية عن مسارها الطبيعي؟ على أي حال، انحرفت أم لا، فعسكرتها وشوائبها تنعكس يوميا على لبنان. الثورة السورية في زمن الربيع العربي أخرجت الأعلام السوداء والفلتان الأمني في لبنان. الإحتقان في لبنان وصل إلى ذروته في الشارع وعلى شاشات التلفزة والتلاسن مستمر بين الطبقة السياسية. ما جرى في طرابلس ما هو إلا الجزء المرئي من جبل الجليد. كل شيء مؤجل كما العادة في بلد الأرز. التعيينات الادارية، الموازنة العامة وقانونالانتخابات النيابية كلها مؤجلة بانتظار ما ستؤول إليه الأمور في البلد المجاور.. وفي الإنتظار يخرج السلاح إلى العيان ويؤدي بعضا من الرقص والاستعراض امام الكاميرات. من المؤكد ان التركيبة اللبنانية الهشة، هي عرضة لما يحدث في سوريا. لكن الحكومة اللبنانية تتحمل المسؤولية الكبرى، فوجود السلاح بين ايدي اللبنانيين هو شأن داخلي ينتظر القرار السياسي لحله. كما تنتظر الأزمة السورية الحوار!
في لبنان، يقول العارفون بان لا طائل من الحوار مع سورية البعث والأسد لانه نظام امني ومخابراتي. اما بسمة قضماني فقالت ذات مرة لاحدى القنوات التلفزيونية الفرنسية بان التفاوض بين الحكم السوري القادم وإسرائيل امراً ممكناً، إذا يفترض بنا فهم ذلك بان التفاوض مع العدو أيا تكن هويته امر ممكن.
جاد عويدات 
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق