السبت، 26 مايو 2012

الهجرة وصيام عاشوراء خطبة لفضيلة الشيخ/حمد بن إبراهيم الحريقي



الخطبة الأولى
}الحمد لله الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاء بُرُوجاً وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجاً وَقَمَراً مُّنِيراً }الفرقان61   {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً }الفرقان62 أحمده سبحانه وأشكره وأثني عليه الخير كله وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له لا يظلم مثقال ذرة وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وأمينه على وحيه صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين                 أما بعد:
فاتقوا الله أيها المسلمون اتقوا الله حق التقوى وراقبوه في السر والنجوى فبتقوى الله عز وجل تجتمع الكلمة وتتم النعمة وتتجلى الحكمة.
عباد الله:إن من الأحداث التي أثرت في مسار الدعوة الإسلامية وغيرت من وجهة التاريخ هجرة النبي r من مكة إلى المدينة وقد كان النبي r يطلب من الناس أن يمكنوه من أن يعرض عليهم ما عنده ثم يفكروا فيه كما أمر الله بذلك {قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ أَن تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُم مِّن جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلا نَذِيرٌ لَّكُم بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ }سبأ46 إلا أن خصوم الإسلام لجئوا إلى وسائل رخيصة في النيل من الدعوة وصاحبها عليه الصلاة والسلام حيث لجئوا إلى التشويش على القرآن {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ }فصلت26 ثم لجئوا إلى السخرية والإستهزاء من المسلمين {إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُواْ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ }المطففين29 واستمر الكيد من الأعداء فكانت خاتمة الصراع بين جبابرة الوثنية وبين رمز الحنيفية السمحة أن يدبروا مؤامرة لإطفاء نور الله بإغتيال هذا النبي الكريم ولكن الله غالب على أمره حيث حفظ الله هذا الحبيب من حقدهم وكيدهم {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ }الأنفال30 ويخرج الرسول r من بيته الذي كان الكفار يحاصرونه فيه ليقتلوه فيخرج ويضع التراب على رؤوسهم وهو يتلو قوله تعالى {وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدّاً وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدّاً فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ }يس9 {وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْراً) الأحزاب25 ووصل رسول الله r وصاحبه إلى المدينة في حفظ الله ورعايته ويستقبله أهلها أكرم إستقبال فهذا أسد التوحيد يدخل المدينة سالماً فتهتز لقدومه طرباً وتتم هجرته المباركة كما قيل:
أشهدت أحمدَ يوم هاجر أحمدُ           يطوي الضلال وينشر الإسلاما
إذا جاء يحمل باليمين هداية            للعالمين وفي الشمال حساما
فغزا بشرعته الضمائر قبلما            يغزو بحد حسامه الأجساما
ويستقر الرسول r في المدينة ويكون المجتمع الصالح ويجمع فيه بين المهاجرين والأنصار ويصهرهم جميعاً لإعزاز هذا الدين.
عباد الله:إن سلفنا الصالح حينما أرادوا أن يجعلوا لأمتهم تاريخاً استعرضوا أعظم ذكرياتهم حادثة فلم يجدوا إلا الهجرة بداءً للتاريخ الإسلامي ومفتتحاً لكل عام جديد ومظهراً رائعاً من مظاهر الجهاد والتضحية فلذا اتخذوا منها تاريخاً يؤرخون به الحوادث فعلينا جميعاً أيها المسلمون أن نأخذ بالتاريخ الهجري فأعداء الله حريصون على أن يمسخوا الأمة المسلمة في كل شؤونها حتى في تسمية الشهور والأعوام وإن استبدال تاريخ الكفار بالتاريخ الهجري عدول عن الطريق المستقيم والمسلك القويم وتشبه بالكفرة والمشركين
عباد الله إن ذكريات الهجرة تطل على المسلمين وتهيب بهم في قوة وشدة أن أثبتوا على دينكم وكافحوا أعداءكم وحرروا أوطانكم وأزيلوا آثار العدوان عن أرضكم وتعلموا صناعة التضحية والوفاء والإيثار واذكروا ذكرى الهجرة هجرتكم إلى الله بأن تعبدوه وحده وتنيبوا إليه وتتقوه وتحبوه وترجوا رحمته وثوابه وتخافوا نقمته وعذابه
إنا لنـــــفرح بالأيــــــام نقطعـــها  *وكل يوم مضى يدني من الأجل
فاعمل لنفسك قبل الموت مجتهداً * فإنما الربح والخسران في العمل
اذكروا في ذكرى الهجرة رسول الله r بأن تحبوه وتتبعوا سنته وتصدقوه فيما أخبر به وتنهضوا بأعباء دعوته وتعملوا بأحكام شريعته وتؤثروا أمره على أمر غيره
أقول ما تسمعون
بارك الله لي ولكم بما في القرآن

الخطبة الثانية
الحمد لله وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله r وعلى آله وصحبه           أما بعد:
فيا عباد الله إنكم في شهر عظيم عظم الله قدره ونسبه إلى نفسه فعظموا ما عظم الله وأكثروا فيه من الصيام والبر والقيام ففي الحديث عن أبي هريرةt قال سئل رسول الله r :أي الصلاة أفضل بعد المكتوبة؟ قال: الصلاة في جوف الليل قيل: ثم أي الصيام أفضل بعد رمضان؟ قال: شهر الله الذي تدعونه المحرم" رواه مسلم وخصوا صيام اليوم العاشر من هذا الشهر أو يوماً قبله أو بعده ويكره أن يصوم يوم العاشر وحده بل يضيف إليه يوماً قبله أو يوماً بعده وإضافة التاسع إليه أفضل من الحادي عشر وقد صامه r وأمر أصحابه بصيامه ففي الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قدم النبي المدينة فوجد اليهود صياماً يوم عاشوراء فقال لهم رسول الله: ما هذا اليوم الذي تصومونه؟ قالوا: هذا يوم عظيم أنجى الله فيه موسى وقومه وأغرق به فرعون وقومه فصامه موسى شكراً فنحن نصومه فقال رسول الله r: فنحن أحق وأولى بموسى منكم" وسئل عليه الصلاة والسلام عن فضل صيامه فقال احتسب عند الله أن يكفر السنة التي قبله"
وفقني الله وإياكم لشكر نعمته وحسن عبادته وحمانا شرور أنفسنا برعايته إنه جوادٌ كريم
وصلوا وسلموا عباد الله

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق