السبت، 26 مايو 2012

معاني الحج والمبادرة إليه خطبة لفضيلة الشيخ/حمد بن إبراهيم الحريقي



الخطبة الأولى
الحمد لله الذي جعل الحج كفارة للذنوب , أحمده سبحانه وأشكره وأتوب إليه وأستغفره , وأسأله ذكراً تطمئن به القلوب وأشهد أن لا إله ألا الله وحده لا شريك له علام الغيوب وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداَ عبده ورسوله بكل كمال منعوت والى كل قلب محبوب , اللهم فصلِ وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه ما تعاقب الشروق والغروب والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد :
فاتقوا الله عباد الله يقول ربنا تبارك وتعالى: ( وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأتين من كل فجٍ عميق ليشهدوا منافع لهم ) فهذا هو النداء الرباني من الواحد الأحد إلى البشرية جمعا , لتؤدي هذا النسك العظيم ألا وهو حج بيت الله الحرام .
أيها الأخوة في الله إن الحج معان ومقاصد ينبغي أن نتعرف عليها وأن نعيها فغالب العبادات يطلب من المسلم أن يتجمل لها وأن يتزين لها ألا الحج فأفضل الحجاج الشعث الغبر والحفاة والجائعون الظمئا .
وفي إحرام العبد في ردائيين أبيضين تذكرين له بأدراجه في كفنه فهذا سفر إلى عرفات وذاك سفر إلى الموقف العظيم فإذا لبست الإحرام ذكرك أنك لن تخرج من الدنيا إلا لهذا الكفن الأبيض ,,

خذ القناعة من دنياك وأرضى بها ,, لو لم يكن لك إلا راحة البدن
وأنظر لمن ملك الدنيا بأجمعها ,, هل سار منها بغير الطيب والكفنِ
وفي لبس الإحرام المساواة وهذه من القضايا التي يحرص الإسلام على تقريرها فلا يلبس الملوك إلا لباس الإحرام ولا الرؤساء ولا الأغنياء ولا الوجهاء ولا العلماء إلا لباس الإحرام فكل الناس محشورون في صعيدِ واحد ليبقى العز والملك والجبروت لله وحده ( لمن الملك اليوم لله الواحد القهار ) أما الوقوف بعرفه فهذا المؤتمر العالمي للإسلام فالناس بذلك الموقف يفترشون الأرض في الشمس المحرقة ويلتحفون السماء ثم يفيض الله تعالى من رحماته على أهل الموقف فيتجلى للناس يوم عرفه فينزل سبحانه وتعالى إلى السماء الدنيا ويجمع ملائكته فيقول يا ملائكتي ( أنظروا لعبادي أتوني شعثاً غبراً ضاحين أشهدكم أني قد غفرت لهم ) وقف رسولنا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم في عرفه وأرسى قضايا ثلاث القضية الأولى : القضاء على التميز العنصري فلقد ألغى كل ألوان التمييز  وداس عليه بقدميه ففي الإسلام لا أبيض ولا أسود ولا أحمر ولا نسب ولا مال ولا جاه ( إن أكرمكم عن الله أتقاكم )
أما القضية الثانية: فقد أعلن فيها صلى الله عليه وسلم حقوق المرأة وأنها إنسانه لها شأنها في المجتمع وأعطاها حقها كاملاً أما الذين يدعون إلى ما يسمى بحرية المرأة فقد خابوا وخسرا أخزاهم الله ورد كيدهم في نحورهم .
أما القضية الثالثة : فهي قضية الإنسان وحقوقه وأن الإنسان لابد أن يكون محترماً له مكانته بين الناس لا أن يعامل كما يعامل الحيوان وإذا كان هذا الإنسان مسلما ازدادت حرمته وتأكدت حقوقه ( إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا وينظر صلى الله عليه وسلم إلى الكعبة ويقول: ما أعظمك وما أشد حرمتك والذي نفسي بيده للمؤمن أشد حرمة عند الله منك ) فأين  من يدعون حقوق الإنسان ..
وكم من مسلم أمسى سليباً .. ومسلمة لها حرمُ سليِبُ
وكم من مسجد جعلوه ديراً .. على محرابه نصب الصليبُ
أمور لو تأملهن طفل ,, لطفّل في مفارقه المشيبُ
أتسبى المسلمات بكل ثغر .. وعيش المسلمين إذً يطيب
عباد الله: قال صلى الله عليه وسلم ( من ذهب لحج ولم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه ) تماما كيوم ولدته أمه مبرءاً من الذنوب والمعاصي ..
وفي الحديث عن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال : ( فلما جعل الله الإسلام في قلبي أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت أبسط يمينك.......... فبسط يمينه قال فقبضت يدي قال مالك يا عمرو ؟ قال : أردت أن اشترط قال تشترط ماذا ؟ قلت أن يغفر لي قال : أما علمت إن الإسلام ليهدم ما كان قبله وأن الهجرة تهدم ما كان فبلها وأن الحج يهدم ما كان قبله )   رواه مسلم
أما والذي حج المحبون بيته .. ولبسوا له عند المهل وأحرموا
وقد كشفوا تلك الرؤوس تواضعاً .. لعزة من تعنوا الوجوه وتسلم
يهلون بالبيداء لبيك ربنا لك .. الملك والحمد الذي أنت لكم ....
دعاهم فلوا رضا ومحبة .. فلما دعوه كان أقرب منهم
تراهم على الانضاء شعثاً رؤوسهم .. وغبراً وهم فيها أسروا وأنعموا
وقد فارقوا الأوطان والأهل رغبة .. ولم تثنيهم لذاتهم والتنعم
يسيرون من أقطارها وفجاجها .. رجالاً وركباناً ولله أسلموا
ولما رأت أبصارهم بيت الذي .. قلوب الورى شوقاً إليه تضرم
كأنهم لم ينصبوا قط قبله .. لأن شقاهم قد ترحل عنهم
فالله كم عبرة مهراقة .. وأخرى على أثارها لا تقدموا
وقد شرقت عين المحب بدمعها .. فينظر من بين الدموع ويسجم
تقبل الله من الجميع حجهم وشكر سعيهم وغفر ذنبهم . بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ..
الخطبة الثانية
الحمد لله حمداً كثيراً كما أمر وأشكره وقد تأذن بالزيادة عن شكر وأشهد أن لا إله ألا الله وحده لا شريك له إرغاماً عن من جحد به وكفر وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله سيد البشر اللهم صلِ وسلم على عبدك ورسولك محمد وآله وصحبه أجمعين , أما بعد :
عباد الله من المعلوم للجميع أن الحج أحد أركان الإسلام الخمسة والحج يجب على الفور فمتى أستطاع الإنسان وتوفرت فيه الشروط وجب عليه الحج يقول صلى الله عليه وسلم ( إن الله فرض عليكم الحج فحجوا ) وقال عليه الصلاة والسلام
( من أراد الحج فليتعجل فأنه قد يمرض المريض وتضل الضالة وتعرض الحاجة )
فبادر أخي الحبيب وعجل لحج هذا العام ولا تتأخر ولا تسوف إن كنت ممن لم يحج سابقاً واستغفر ربك على التأخير وتذكر قول الله تعالى ( فإن الله غني عن العالمين ) وقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه ( لقد هممت أن ابعث رجالاً في الأمصار فينظروا من كان عنده جده _ أي مالا واستطاعة _ فلم يحج فليضربوا عليهم الجزية ما هم بمسلمين ما هم بمسلمين )
فيا أخي المسلم:
كيف لا تبادر إلى الحج وأنت تعلم فريضته وأنه من أركان الإسلام وأنه من الأعمال الفاضلة وأنه مكفر للذنوب ماحق للخطايا بل هو نوع من أنواع الجهاد , ألا تدفعك هذه الفضائل مع علمك بوجوبه على الفور إلى المسارعة إلى الحج ألا يحدوك الشوق إلى بيت الله الحرام وعليك أن تتذكر إخلاص النية في حجك وتطهير كسبك من الحرام فإن الله طيب لا يقبل إلا الحلال الطيب
إذا حججت بمال كله سحت .. فما حججت ولكن ..........
لا يقبل الله إلا كل طيبة .. ما كل من حج بيت الله مبرور
وأجعل رفقتك من الصالحين الطيبين واستغل هذا الموسم العظيم بطاعة رب العالمين تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال ..
عباد الله صلوا وسلموا على خير خلق الله

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق