الجمعة، 18 مايو 2012

وقفة مع سيد الاستغفار



عن شدّاد بن أوس - رضي الله عنه - عن النبي



صلى الله عليه وسلم قال: "سيد الاستغفار أن يقول العبد: اللهم أنت ربي لا إله إلى أنت خلقتني، وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت ،أبوء([14]) لك

بنعمتك علي، وأبوء بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت ،من قالها في أول النهار موقناً بها فمات من يومه قبل يمسي فهو من أهل الجنة ،ومن قالها من الليل وهو موقن بها فمات قبل أن يصبح ؛فهو من أهل الجنة"([15]).
سمى النبي
صلى الله عليه وسلم هذا الدعاء بسيد الاستغفار، وكما سبق فإن للاستغفار صيغاً أخرى لكنّ النبي صلى الله عليه وسلم خصّه بهذه المنقبة "سيد الاستغفار" وبالتأمل في ألفاظ هذا الاستغفار ما يحويه من معانِ نجد أنه اشتمل على ما يلي:


- اللهم أنت ربي: إقرار الله عز وجل بتوحيد الربوبية.
- لا إله إلا أنت: إقرار بتوحيد الألوهية.

- خلقتني وأنا عبدك: إقرار من العبد بالعبودية والتذلل والخضوع لله عز وجل.
- وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت: إقرار من العبد بالتزام الطريق المستقيم، ومنهج رب العالمين قدر استطاعته، واستفراغ الجهد في ذلك.
- أعوذ بك من شر ما صنعت: لجؤ العبد وتحصنه بالله من جميع الشرور، والآثام ،والمعاصي التي ارتكبها.
- وأبؤ لك بنعمتك عليَّ: إقرار العبد واعترافه بنعم الله عليه، وتفضله وتكرمه على عبده بشتّى أنواع النعم التي لا تعد ولا تحصى.
- وأبوء بذنبي: اعتراف وإقرار العبد بالذنب سواءً كان هذا الذنب ذنباً معيناً أو الذنوب بصفة عامة.
- فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت: طلب المغفرة من الله عز وجل والتذلل بين يديه.
فبالنظر إلى ما اشتمله هذا الاستغفار من المعاني العظيمة سماه النبي صلى الله عليه وسلم سيد الاستغفار



هدأت الزوجة والسبب الاستغفار

يروي قصته فيقول: في يوم من الأيام عدت إلى منزلي بعد يوم حافل بالتعب والإرهاق؛ فتحت الباب وإذا بالزوجة تنتظرني، وعليها علامات الغضب و الانفعال، وأخذت تبادرني بالأسئلة لم أتمالك نفسي بادرتها نفس الانفعال والغضب، كان الوقت متأخراً من الليل استمرت المناقشة والغضب إلى قبيل الفجر، وأخيراً قررت الزوجة أن تترك البيت وتذهب لبيت أبيها، حاولت أن أثنيها عن عزمها فلم أفلح، ذهبت إلى غرفتنا، وقامت بإعداد حقيبتها للخروج، تركتها، وخرجت من البيت لا أدري إلى أين أذهب؟ كنت في شدة الانفعال والغضب.
كان بجوار بيتي مسجد وكان أذان الفجر قد أوشك، دخلت المسجد وتوضأت وصليت ركعتين، ثم أذن الفجر صليت الفجر في جماعة، ثم مكثت في المسجد وأخذت استغفر الله عز وجل، استمر هذا الحال قرابة ساعة ثم قمت منصرفاً إلى بيتي، وفتحت الباب؛ وإذا بزوجتي تجلس تنتظرني وعلى وجهها ابتسامة عريضة ألقيت السلام، وقلت لها أما زلت مصممة على الذهاب؟ قالت: لا أنا آسفة على ما صدر مني.. قلت في نفسي الأمر غريب؟ ما الذي حدث؟ ثم سألتها عن سر هذا التحول قالت: والله لا أدري.. ولكني منذ ساعة هدأت نفسي وعرفت أني مخطئة وهداني الله، تذكرت أن ذلك الوقت هو نفسه الذي جلست استغفر الله فيه، وتذكرت قول النبي عليه الصلاة والسلام :


"من أكثر الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجاً، ومن كل ضيق مخرجا،ً ورزقه من حيث لا يحتسب" صدق رسول الله }وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى{([16]).



خالد بن سليمان بن علي الربعي



([1]) سورة نوح: 10-12.


([2]) سورة مريم، الآية: 46.


([3]) سورة مريم، الآية: 47.


([4]سورة التوبة، الآية: 14.


([5]) سورة التوبة، الآية: 113.


([6]) صحيح مسلم، كتاب الجنائز باب استئذان r برقم: 1621.


([7]) سورة التوبة، الآية: 113.


([8]) سورة القصص، الآية: 56.


([9]) صحيح البخاري –كتاب المناقب، باب قصة أبي طالب رقم: 3595


([10]) سورة التوبة، الآية: 80.


([11]) سورة التوبة، الآية: 84.


([12]) البخاري، كتاب الجنائز، باب الصلاة على الجنائز بالمصلى والمسجدة، رقم: 412.


([13]) سنن الإمام أحمد، رقم: 15661.


([14]) أبوء: أقر وأعترف.


([15]) رواه البخاري.
([16]) سورة النجم، الآيتان: 4،3.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق