الاثنين، 21 مايو 2012

لا مجد الا للخالق



تكفي الثورات لتغيير الناس والقيادات، ام اننا بحاجة الى ثورات
داخلية كمواطنين نصيغها ضمن قوانين، كي نستطيع القول اننا تغيرنا،
المشكلة في الشخصية العربية التي تربت خطأ على تمجيد الشخصية
المسؤولة، باعتبار ان الشك والخطأ لا يمكن ان يمسها، وباعتبار انها فوق
النقد او المحاسبة!
العرب بحاجة ماسة الى قوانين تنال من تصرفات المسؤول مهما علا شأنه
حينما يخطئ او ينفرد بقرارات جماعية، ونحن الان في لجة اصدار قوانين
في معظم دول الربيع العربي لكنها لم تصل الى المطلوب للتتغير الحقيقي.
غريب امر العرب، عندما صدر قانون اجتثاث البعث في العراق هاج اكثر
العرب ضد العراق وهاهي مصر تصدر قانون منع ترشح الفلول ممن خدم
نظام مبارك. كذلك هاج معظم العرب عندما اصدر العراق قانون منع تمجيد
معمر « يمجد » اركان النظام السابق وهاهي ليبيا تصدر قانون تجريم كل من
القذافي او ابناءه او نظامه.
اصدار مثل هذا القانون يمنع عودة الفكر التسلطي الى اﻟﻤﺠتمع، فالحاكم
هو موظف ادى واجبه وحصل مقابل ذلك على المال والشهرة وكل ما يحلم به
باسم الشعب، فلا يجب ان نظل نمجده فلا مجد الا للخالق، وواجب الحاكم
القيام بواجبه، فاذا اصاب نكرمه، واذا اخطأ فيحاسب ويحاكم على خطئه،
بكل بساطة مثل اي مسؤول، كما ان هذا الاجراء يمنع ظاهرة الصنمية في
اﻟﻤﺠتمع فلا تقديس الا لمقدسات الدين.
ولا ارى ان هذا القانون فيه تقييد لحرية التعبير بل العكس هو التقييد،
فلماذا نظل نقدس الحاكم وهو انسان مثلنا يخطئ ويصيب. من المؤكد ان
القانون يساعد على الاستقرار في البلاد العربية لانه يمنع اتباع الطغاة من
اثارة مشاعر ضحاياهم وابناء الضحايا. فاغلب العرب يعانون من متلازمة
الخوف الذي يقود لتقديس الجاني.
هكذا نعمل في الدول العربية، وهي سياسة الاسلوب الأحادي الذي ينفرد
بالسلطة ويمنع، بل ويحرم أي مفاهيم أخرى تتعارض معه، على الجميع أن
يقول سمعاً وطاعة للوالي والرقيب الجديد خليفة الله على الأرض، وهذا
خطأ عانينا منه وضحينا بشلالت من الدماء لتغييره، ويجب ان يتوقف.
فاذا كانت قامت الثورات وقتل في سبيلها الكثيرون، فهل كان الهدف
منها إزالة حاكم مستبد لنضع حاكما مستبدا آخر مكان الأول. للاسف هذا ما
اعتدناه على مدار قرون ماضية وما زلنا نعمل به حتى بعد الثورات، بينما
تغير العالم كله.
إصدار مثل هذه القوانين دليل قاطع على خوف الأنظمة الحالية رؤساء
وملوكا وامراء من الشعب، لأنهم يشعرون إذا قام الشعب بعمل مقارنة بينهم
وبين الأنظمة السابقة سينقلب الشعب ضدهم وسيقوم في الحال بالسخرية
منهم في كثير من المواقف، وهذا سيسبب لهذه الأنظمة مزيدا من الإحراج
السياسي والتعرية لمستوياتهم العقلية ولادارتهم للبلاد والعباد.
ليس من حق أي نظام أن يفرض وصايته على شعبه بقانون أو بغير
قانون فمن حق أي فرد أو جماعة أن تقدر أو ترفض الزعماء السابقين أو
الحاليين بالوسائل التي لا تخرج عن القانون وعن الأعراف المعروفة!
من الواضح ان الحكومات العربية المولودة حديثا ترث امراضا وراثية من
الأنظمة السابقة، لذلك فانها تحتاج الى اعادة تأهيل بالكامل من حيث تطوير
المفاهيم التي تتعلق بحرية التعبير عن الرأي.
ان محاسبة رؤساء سابقين وحاليين قانونيا قد اخطأوا اثناء فترة حكمهم
يعتبر حقا مشروعا للمواطن. وان كانت الحكومات الجديدة واثقة من نفسها
فلماذا هي خائفة من حرية التعبير.
مريم عبدالرحيم__

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق