الثلاثاء، 15 مايو 2012

الجهاديون وصلوا الى الشام فهل سيشكلون الضلع الثالث في الازمة ام سيرفضهم السنة؟





بات الحديث عن دور للقاعدة في الازمة السورية امرا واقعا، خاصة بعد ظهور جماعة النصرة لاهل الشام التي اعلنت مسؤوليتها عن تنفيذ تفجيري دمشق الاسبوع الماضي.
وفي الوقت الذي تنكر فيه المعارضة علاقتها بالتفجيرات وتتهم الحكومة العناصر 'الارهابية' بالوقوف وراءها، يواصل الطرفان القاء اللوم على بعضهما البعض. ووسط الاتهامات المتبادلة هناك علامات عن دخول القاعدة كطرف ثالث في النزاع، وهو ما يثير قلق حكومات الدول المجاورة لسورية والمهتمة بدرجة معينة بسقوط النظام لكنها تخشى من وصول فوضى ما بعد بشار الاسد والحرب الاهلية الى اراضيها.
ومن هنا عبرت هذه الدول عن قلق من تصاعد العامل الاسلامي في الثورة خاصة الاخوان المسلمين ومحاولتهم لتسيد الثورة الشعبية. مع ان الاخوان المسلمين السوريين الذين عانوا من التهميش والقمع طوال العقود الماضية اكدوا على عدم تأييدهم العنف وان لديهم شبكة واسعة داخل سورية تراقب توزيع السلاح المشترى بأموال خليجية والتأكد من عدم وقوعه بأيدي جماعات متشددة.
ويطرح ثالوث الازمة السورية، النظام وقواته الامنية، المعارضة وجيش سورية الحر، والقاعدة التي استغلت الفوضى الحالية، اسئلة حول مصير الدولة في مرحلة ما بعد الاسد، ومآل البلاد والخوف من التقسيم والحل على الطريقة العراقية اي الحرب الطائفية.
جماعة مجهولة

وجماعة النصرة لاهل الشام، ظل وجودها حتى الاسبوع الماضي على الانترنت فقط، حيث وضعت الجماعة قبل اشهر اشرطة لابو احمد الجولاني، الزعيم المفترض لها، وقالت ان لديها امتدادات داخل دمشق والغوطة وحمص، واظهرت اشرطتها تدريبات ومعسكرات في اماكن جبلية على طريقة القاعدة.
ويقول المشككون بوجود هذه الجماعة انها من اختراع النظام فهي في بيان اعلانها استخدمت التوقيت الميلادي وهو ما تعتبر القاعدة استخدامه كفرا بواحا. ولا يعرف ان كان اعضاء الجماعة هم من السوريين، ام من المقاتلين الاجانب، مع ان اسم الجولاني يقترح انها جماعة محلية. ومع ذلك اشارت تقديرات امنية العام الماضي بوجود عناصر من القاعدة، كما ان مقتل زعيم فتح الاسلام عبدالغني جوهر، اما اثناء تحضيره لتفجير او اثناء مشاركته في معارك اشارة اخرى، اضافة الى ذلك فموقع دولة العراق الاسلامية عبر عن سروره من دخول عدد من مقاتليه لسورية لنصرة 'اخوانهم' السوريين. ومن هنا يقول محللون ان جبهة النصرة قد تكون تابعة لدولة العراق الاسلامية.
وتشير خطابات زعيم القاعدة ايمن الظواهري ان سورية اصبحت ساحة قتال محتملة لتنظيمه. ولهذا تمثل سورية ارضا خصبة له، فمن ناحية تعاني من عدم استقرار، وكلما طال امد الحرب كلما تحولت البلاد الى دولة فاشلة على غرار الصومال. وهذا يسهل دخول المقاتلين والمهربين وتدفق السلاح سواء عبر السواحل او لبنان او عبر الصحراء السورية الواسعة الممتدة حتى العراق.
وهناك تقارير قالت ان مقاتلين من ليبيا وتونس انضموا للمقاتلين في سورية على الرغم من تأكيد المعارضة المسلحة انها ليست بحاجة الى دعم من الخارج وان ما تحتاج اليه هو السلاح والذخيرة، ولكن المعارضة في المقابل لا تعارض تدخلا دوليا على غرار تدخل الناتو في ليبيا.

من وكيف؟

ويتساءل تحليل في مجلة 'تايم' الامريكية عن كيفية وصول سيارتين محملتين بألف كيلو من المتفجرات الى دمشق وكيف استطاعتا المرور على نقاط التفتيش الكثيرة بدون ان يتم اعتراضهما. هل هذا يعني ان السنة وهم الغالبية في سورية اصبحوا اكثر ميلا لدعم الجهاديين. قد يبدو هذا السؤال اشكاليا، فالمراقبون في المنطقة اكدوا ان الثورة السورية لا تزال علمانية وان ظهرت العناصر الاسلامية فيها بقوة ويقولون ان وجدت عناصر للقاعدة فهي عناصر هامشية، وتنقل المجلة عن اندرو تابلر، الباحث في معهد واشنطن والخبير في سورية قوله انه وان لم يكن قادرا وزملاءه على تحديد الفاعل الا ان الحكومة السورية تعاونت عبر اجهزتها الامنية مع الجهاديين اثناء غزو العراق، مضيفا ان الـ18 جهازا امنيا او اكثر معروف عنها تنفيذ عمليات بطريقة فردية وبدون تفويض. وعليه تحاول المعارضة تأكيد صلة الاجهزة الامنية بالجهاديين او انها تحاول نشر الفكرة عن وجود الجهاديين في سورية، وقامت يوم الاحد بوضع شريط على يوتيوب اظهر جنديا انشق عن الحرس الجمهوري وزعم انه وعددا من زملائه اعطوا ملابس سوداء من تلك التي يرتديها عناصر القاعدة. وعلى الرغم من الحديث عن اهمية العامل الجهادي في سورية الا ان باحثين اخرين يقللون من اهميته مشيرين الى ان القاعدة لم تنجح في دول المركز العربي بلاد الشام ومصر والعراق بسبب وجود حركات اسلامية متجذرة اضافة للتأثير الايراني في سورية ولبنان والعراق، ومع ذلك فان هناك احتمالا ان يقوم السنة في وجه شراسة النظام بالتحالف مع القاعدة للاطاحة بالحكومة على غرار المقاومة في العراق، ويظل الخيار هذا بعيدا في الوقت الحالي نظرا لان الصراع في سورية لا يزال سياسيا حسب محلل نقلت عنه 'تايم' اضافة الى ان الشعب السوري متدين وتدينه يتسم بالمحافظة والميل للتصوف، اكثر من كونه تدينا له علاقة بنشاطات الاسلام السياسي، وظل التيار الصوفي مهيمنا في سورية خاصة ان مفتي سورية في عهد الاسد الاب كان الشيخ احمد كفتارو والذي كان شيخ الطريقة النقشبندية.
ويفهم من هذا ما يقال ان مظاهر التدين بدأت تشيع في المجتمع السوري، وان هناك فرقا قتالية تحمل اسماء المجاهدين والصحابة، ومع ذلك فان هذا لا يمكن اخذه على انه ميل نحو التطرف بل قد يكون محاولة من المقاتلين ربط قضيتهم بالتاريخ الاسلامي ورموزه. ولا يمنع من وجود مقاتلين سلفيي النزعة حيث سجلت تقارير صحافية بريطانية لقاءات مع بعضهم لكن سلفية هؤلاء ليست جهادية.
لكن الاسئلة تظل مطروحة حول هوية جبهة النصرة، التي كما اظهرت اوراق ابوت اباد لاسامة بن لادن والتي نشرتها الادارة الامريكية انها وغيرها مستعدة للقتل او ما يعرف باستراتيجية الترس والتي يبيح الجهاديون استخدامها، ويقتل فيها الابرياء او المدنيون الذين يتمترس بهم العدو. وهي استراتيجية عبر بن لادن عن معارضته لها.
شبكة لمساعدة المشردين

وفي الوقت الحالي لا تلوح في الافق بوادر لانفراج الازمة، وفيما يواصل المراقبون الدوليون مهامهم تستمر العمليات وتنشر المعارضة السورية يوميا ارقاما عن استمرار سقوط القتلى بالعشرات كما تتحدث عن معارك بين قوات الجيش ومقاتليها. وفي وسط هذه الازمة علق الالاف اما في مدنهم المحاصرة او الذين هربوا من جحيم القصف المستمر على مدنهم وبلداتهم، ومن هنا قام عدد من المتطوعين بانشاء شبكة لتوصيل المساعدات لهؤلاء المشردين بعيدا عن اعين السلطات التي تتعامل معها كاهانة لها وقامت باعتقال من ثبت انه يعمل فيها او القت القبض عليه وهو يقوم بتوزيع الاعانات. وقادت المخاطر هذه العاملين فيها الى العمل من تحت الارض خاصة ان اعداد المشردين تزداد كل يوم والاحتياجات الطبية والغذائية تتضاعف. ونقلت صحيفة 'نيويورك تايم' عن احد الناشطين قوله ان السوريين تربوا منذ صغرهم على الخوف، ولكن الانسان يكتشف في لحظة انه قوي وقادر على الكلام والمواجهة.
ويرى العاملون في الشبكة ان جهودهم تمنع سياسة الحكومة القائمة على 'فرق تسد' سواء من خلال التعامل مع الاقليات او الطبقات او المناطق الريفية وتفضيل منطقة على اخرى، خاصة ان الحكومة تقوم منذ اكثر من عام باللعب على مخاوف السوريين بالمبالغة بالحديث عن العامل الاسلامي المتطرف كوسيلة للحصول على دعمهم. وتضيف الصحيفة ان الحكومة استغلت الانقسامات الجغرافية من ناحية زيادة حنق المدن المحاصرة وتفضيل المدن الكبرى التي لم تنضم للانتفاضة مثل حلب ودمشق. ويشير الناشطون الى المخاطر التي يتعرضون لها حيث يتحدثون عن اعتقالات في وضح النهار الشهر الماضي لمتطوعين، واعتقل نجل طبيب هذا الشهر كان يساعد في تخزين الادوية لنقلها للمدن المحاصرة.
ونقلت الصحيفة عن باحث في العلوم الاجتماعية قوله ان النظام يريد اقتلاع فكرة قيام المواطنين بمساعدة بعضهم البعض، فهو لا يريد ان يكون هناك تضامن بين السوريين حسبما قال. ويقول المتطوعون انهم قرروا اخذ زمام المبادرة بعد ان ايقنوا ان الحكومة ليست لديها نية للتصدي للكارثة الانسانية والتي ادت لنزوح مئات الالاف عن بيوتهم، فمن كان منهم محظوظا سافرالى اقاربه في المدن البعيدة عن الازمة، فيما وجد الاغنياء اماكن في فنادق جيدة. ولان الحكومة تتشدد في توزيع الادوية وتستهدف من يحاولون جمعها، فقد اقتصر الناشطون على المواد الغذائية. ونظم الناشطون شبكتهم بطريقة يصعب فيها على الاجهزة الامنية اكتشافها حيث لا يعرف المتطوع الا هوية من يتصل به فقط، ويقولون ان هناك المئات ممن يعملون فيها في دمشق وحدها وان هناك الالاف ممن يتبرعون بالمال والمواد الغذائية في المناطق الاخرى من سورية. وكان ناشطون قد حاولوا في شهر اذار (مارس) تنظيم قافلة مساعدات لحمص لكن الشرطة اوقفتهم بعد تحركهم من دمشق بدقائق وبعد يوم من المناقشات والجدل تم الاتفاق على تسليم القافلة الى الهلال الاحمر السوري ومنع المتطوعون من الوصول الى حمص، ويعتقد المتطوعون ان جهود الحكومة لملاحقة الجهود الفردية لتنظيم الاغاثة للمدن المحاصرة ينبع من محاولتها اعطاء انطباع انها وحدها هي القادرة على مساعدة المواطنين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق