الاثنين، 21 مايو 2012

مصراتة مثل دولة مستقلة.. ونقاط التفتيش في كل مكان ولا وجود للجيش الوطني


فيلم وثائقي: ليبيا تسيطر عليها ديكتاتوريات محلية والميليشيات تمارس التعذيب بشكل روتيني
بعد اكثر عام من نهاية الثورة وستة اشهر من مقتل
الزعيم الليبي السابق معمر القذافي لا زالت مدن ليبيا
وقراها تعج بالاسلحة، حيث ينتشر السلاح في كل
مكان فمن لا يملك دبابة لديه رشاش ومن لا يملكه
لديه بندقية، ويكاد لا يخلو اي بيت من السلاح ايا
كان نوعه، فيما تعبر شوارع المدن الليبية السيارات
المدججة بالاسلحة والمقاتلين الذين ينتمون الى
الميليشيات المتقاتلة واﻟﻤﺠالس العسكرية التي تدير
مناطق سيادة وسجونا خاصة.
هذا كله جزء من الصورة التي سيوضحها فيلم
وثائقي ستعرضه القناة الرابعة في التلفزيون
البريطاني في الاول من شهر حزيران (يونيو) المقبل،
ويشير الى ان ليبيا لا تزال تحكمها الميليشيات. ويقول
اعده كل من بيتر « ديلي تلغراف » تقرير نشرته صحيفة
اوزبورن وريتشارد كوكسن شاركا في اعداد الفيلم،
انه وبعد ستة اشهر من نهاية الحرب كانا شاهدين على
معركة صغيرة، حيث وجدا نفسيهما وسط مجموعة من
الرجال المسلحين، والمصفحات والعربات المدمرة، فيما
كان صوت اطلاق النار يلعلع في الجو وبشكل مستمر.
ليست » ومع ان الاشتباكات الدائرة بين الميليشيات
مهمة لكي تهتم بها الصحافة البريطانية لكن الجثث
تتراكم حيث سقط ستة مقاتلين وجرح مئة اثناء معركة
.« بين بلدتين
وعلى الرغم من ان عدد السكان لا يتجاوز العشرين
الفا في كل مدينة، الا انهما والمناطق المحيطة بهما تمتلئ
بالسلاح، مع غياب النظام القضائي ووجود ضعيف
جدا للحكومة المركزية في طرابلس الغرب، مما يعني
ان اي نزاع بسيط يمكن ان يتطور الى حرب واسعة.
وقيل لفريق القناة ان السبب الذي يدعو الى المناوشات
واستخدام السلاح يرتبط بالاتهامات المتبادلة بين
الميليشيات فكل يتهم الآخر بأنه موال للنظام القديم،
ولكن التقرير يقول ان النزاع له جذور اعمق من الولاء
لنظام القذافي البائد، ويرتبط بالاصول العرقية لسكان
البلدتين فزوارة سكانها من البربر في غالبيتهم اما
ريقالدين فغالبيتها عرب، والنزاع بين البلدتين يدور
حول السيطرة على الاراضي.
وتقول تقارير دبلوماسية ان النزاع المسلح جاء
بسبب الخلافات حول تجارة التهريب التي ازدهرت
بعد سقوط النظام. وبحسب مقاتل كان حتى بداية
الثورة يدرس اللغة الانكليزية في الجامعة وانضم
الى الثوار وترك الدراسة فانهم لم يعودوا يخافون،
واضاف ان اصوات اطلاق النار تتعالى وانهم تعبوا
نقاتل من اجل تحرير » من العيش في ظل الخوف و »
وتحدث عن اﻟﻤﺠلس الوطني الانتقالي الذي ،« ارضنا
اعلن عنه بداية الثورة من مجموعة من الاعضاء
المعينين لا قدرة له على وقف القتال فهو اضعف من
ان يحاول التدخل. وكان اﻟﻤﺠلس الانتقالي قد تعرض
لانتقادات شديدة من المواطنين لغياب الشفافية
واضطر رئيسه مصطفى عبدالجليل للخروج من الباب
الخلفي للفندق الذي عقد فيه اجتماع بعد الهجوم عليه
اثناء مؤتمر صحافي.
ميليشيات وعصابات
ويضيف التقرير ان ليبيا تدار الآن من خلال شبكة
من الميليشيات بعضها اجرامية وانتهازية لكن غالبيتها
تابعة للقبائل الليبية الكبيرة. ولان الحكومة في
طرابلس ضعيفة فالميليشيات تتصرف بدون خوف
من المساءلة. ويقول الصحافيان انهما اكتشفا في رحلة
مخيفة لهما في شمال ليبيا، من اجل تصوير الفيلم
عددا من « عالم لا تغطيه الصحافة » او « عالم منسي »
الميليشيات التي تسيء استخدام سلطاتها بارهاب
السكان وتقوم بممارسات انتقامية ضد من تعتبرهم
اعداءها.
ويشير التقرير الى ان ديفيد كاميرون - رئيس
الوزراء البريطاني يرى ان بريطانيا تدخلت في ليبيا
للتخلص من الديكتاتورية وبناء ديمقراطية بدلا منها،
وهذا الهدف لم يتحقق منه الا جزء بسيط. كما ان
الديكتاتور الكبير- القذافي حلت محله مجموعة من
الديكتاتوريات المحلية، وهذا لا يصدق فقط على المدن
البعيدة عن العاصمة، فطربلس تعيش تحت رحمة
مجموعة كبيرة من الميليشيات واﻟﻤﺠالس العسكرية
التي قالت تقارير ان عددها يتجاوز المئة، ولن يحدث
اي تحول في الوضع قبل الاتفاق على توزيع عائدات
الثروة النفطية للبلاد. ويرى التقرير ان المهمة بدأت
حيث ستشهد البلاد امتحانا كبيرا عندما ستعقد
الانتخابات لانتخاب مجلس نواب يضم 200 نائب
ستكون مهمتهم اعداد دستور للبلاد. وسيتبع هذه
الانتخابات انتخابات عامة اخرى ستقوم بتشريع
وجود الحكومة مما يعني انشاء جيش وطني قادر
على مواجهة ودمج الميليشيات فيه. وحتى يتحقق هذا
فليبيا يحكمها شخصيات ذات وجود رمزي فيما تسيطر
العصابات على الارض.
المطار وكتائب الزنتان
وعلى الرغم من محاولة الحكومة الانتقالية شراء
ولاء الميليشيات وتشجيع المقاتلين كي ينضموا للجيش
واغرائهم برواتب شهرية تصل الى الف جنيه استرليني
الا ان البرنامج نفسه يعاني من فساد. ويصف
الصحافيان كيف اوقفا على نقطة تفتيش يسيطر عليها
مسلحون ببنادق اي كي  47 في حالة من الفرح، حيث
احرقوا اثاثا فيما نزل احدهم على ركبتيه وصوب
بندقيته على الكاميرا، وكانت هذه النقطة بمثابة
الترحيب لهم حيث سيتوفقون امام نقاط التفتيش
وتصوب البنادق عليهم. وتعرض الفريق للتحقيق
نحن ثوريون، نحن من انقذ ليبيا » حيث قال المقاتلون
ونريد رواتبنا حيث زعموا ان الحكومة استبعدتهم
من الاموال. ولم تكن نقطة التفتيش هذه خطيرة مثل
تلك التي اوقفوا عليها بعد يومين، حيث واجهتهم فرقة
من المقاتلين عددهم 200 تقريبا ومدججون بالاسلحة،
واخبروهم انهم من مقاتلي كتيبة الزنتان وانهم هم من
يسيطرون على مطار طرابلس الدولي.
ويمضي التقرير بالقول ان نقطة التفتيش التي
يديرها مقاتلون هي مثال اخر عن ضعف اﻟﻤﺠلس
الانتقالي الذي يبدو عاجزا عن استعادة المطار من
وعرف الفريق الصحافي ان .« حرروه » المقاتلين الذين
سبب تجمع المقاتلين جاء بعد سماعهم شائعات تقول ان
ميليشيا منافسة لهم تخطط للسيطرة على المطار، ونقل
عن المقاتل عبدالرزاق ذي المظهر الوحشي والذي قيل
لهم انه قاتل بشراسة ضد القذافي انه لا يثق باﻟﻤﺠلس
الوطني. ووجه المقاتل كلامه للمجلس الانتقالي قائلا
لا نريد ميليشيا » لا تحاولوا استفزاز ثوار الزنتان
اخرى ان تسيطر على المطار كي تقوم بتهريب اﻟﻤﺨدرات
والاسلحة. ويعتقد عبدالرزاق مثل غيره من المقاتلين
ان اﻟﻤﺠلس الانتقالي ضعيف ولا يستطيع ارسال قوات
لمواجهة الميليشيات.
يعبر « الصراع على مطار طرابلس » ويرى التقرير ان
وبشكل رمزي عن ليبيا فيما بعد الثورة. فقبل عام تجمع
الثوار من كل انحاء ليبيا لاسقاط النظام في طرابلس
ولكن الفراغ الذي تركه خلق وضعا لم تظهر فيه قيادة
واضحة لادارة البلاد، وحتى تظهر هذه القيادة فهناك
مخاطر من ان تنزلق البلاد الى دوامة الحرب الاهلية
خاصة ان كل بلدة ومدينة تسيطر عليها ميليشيات
مختلفة.
نموذج مصراتة
فمخاطر قيام الميليشيات القوية بالسيطرة على
القرار تظهر مثلا في مدينة مصراتة، ثالث مدن ليبيا
والتي تعرضت لحصار من كتائب القذافي مدة 3 اشهر
وكانت مقر الثورة، فقد قامت في شهر شباط (فبراير)
بعقد انتخابات حيث تدار اليوم بمجلس مكون من 28
عضوا. ويقول التقرير ان الدخول الى مدينة مصراتة
مثل دخول بلد اخر، طوابير طويلة حيث يقوم مقاتلين
بفحص دقيق لاوراق الداخلين اليها والخارجين منها.
ولا تزال اثار الدمار واضحة على معالمها بعد اشهر
من حرب الشوارع بين قوات القذافي وكتيبة
مصراتة.
ويشير التقرير الى الاثار النفسية التي تركتها الحرب
على سكانها واكدت لديهم حس الانتقام والذي برز من
معاملتهم لاهالي القرى المحيطة بهم والتي يقولون انها
ساعدت النظام في حصاره لهم مثل مدينة تاورغاء
التي دمرت بالكامل وشرد الاهالي ولم يبق فيها الا
الصمت واصوات القطط والكلاب الشاردة. وقد زار
فريق التصوير البلدة وساروا في شوارعها التي كانت
قبل عام بلدة تعج بالحياة بيوتها جميلة وتركت الان
مدمرة ومحروقة. ومع ان هناك ادلة عن مشاركة بعض
سكانها القذافي في حصاره للمدينة الا ان المصراتيين
منذ ذلك الوقت ارتكبوا اعمالا شنيعة لدرجة انه لم
يبق من سكان البلدة الذين كان عددهم اكثر من 30 الف
نسمة احد، وعوقبوا ايضا نظرا لبشرتهم السوداء،
فمنهم من قتل ومنهم من اختفى او سجن او رحل الى
الخارج ومنهم من يعيش في مخيمات مؤقتة اقيمت
لهم خارج طرابلس. والتقى الفريق مع شخص اسمه
وليد، والذي تعرض للتعذيب على يد مقاتلي مصراتة
وانه ضرب واستخدم عليه العصي الكهربائية، ووصل
التعذيب لدرجة اصبح يبصق دما وقد اشفق عليه احد
المقاتلين فنقله الى المستشفى وبعدها افرج عنه. وينفي
وليد الذي لا تزال عائلته معتقلة لدى المصراتيين ان
يكون قاتلا الى جانب القذافي ويقول ان السبب وراء
تعذيبه واعتقاله هي ان المقاتلين يريدون السيطرة على
مزرعته.
التعذيب روتيني
ويشير التقرير ان التعذيب اصبح امرا عاديا في
ليبيا ما بعد القذافي وينقل عن مسؤولة في منظمة
مراقبة حقوق الانسان في ليبيا ان الثوار لم يستخدموا
التعذيب اثناء الثورة بسبب انشغالهم بالاطاحة
بالقذافي لكن الامر تغير الآن واصبح التعذيب جزءا من
ممارساتهم، واصبح له هدف وهو تصفية الحسابات،
الملاحقة السياسية والسيطرة على ممتلكات. ويقول
المسؤول هذا انه لا يوجد اي مجال لتحقيق العدالة
على الرغم من تقديمه للنائب العام الكثير
من الحالات الصادمة الا انه اي النائب العام
لم يكن قادرا على فعل شيء. ومع ان انشاء الجيش
الوطني قد يكون الحل للمشاكل الفصائلية لكن هناك
مخاوف حول من سيسطر عليه والتحكم به خاصة
ان هناك ذكريات اربعين عاما من سيطرة الامن على
البلاد.
الفدرالية
ومن هنا يرى الكثيرون ان الحل الفدرالي هو
الاحسن، فيما يشيرون الى امكانية الابقاء على فصائل
كما هي مثل مصراتة التي ستكون كمثال الا ان هناك
امكانية لتجدد الصراع خاصة ان مشكلة من سيسطر
على النفط ستظل مفتوحة. ويشير التقرير الى محاولات
اﻟﻤﺠلس الانتقالي انشاء حرس جمهوري تتخذ مركزها
في كلية الضباط القديمة، وقد رافق الفريق واحد من
افرادها في اثناء حراسة الشوارع، حيث لم يتلق احد
منهم راتبه منذ ستة اشهر، لكن المسؤول قال ان الوضع
سيتغير بعد ان يتم الافراج عن الاموال الليبية اﻟﻤﺠمدة
في الخارج.
وترى فصائل منافسة ان الحرس الوطني ما هو
الا غطاء ﻟﻤﺠلس طرابلس العسكري الذي كان يتزعمه
عبدالكريم بلحاج قبل استقالته الاسبوع الماضي
لانشاء حزب سياسي. واكد بلحاج انه لا يقود ميليشيا
خاصة به، مؤكدا ان الحرس الوطني بشكل فعال يقع
تحت امرة وزارة الدفاع ووزارة الداخلية.__

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق