الجمعة، 25 مايو 2012

تساقط الديكتاتوريات في شمال إفريقيا، الدور على من؟للسلطان قابوس بن سعيد

   يحكم السلطان قابوس بن سعيد سلطنة عمان المطلة على أحد أنشط الممرات الملاحية في العالم في ظل نظام ملكي مطلق لا يخضع لرقابة من البرلمان او القضاء.
وعلى الرغم من أنه الآن في الحادية والسبعين من عمره فإنه لم يحدد خليفة له وفي ظل الاضطرابات التي تسود العالم العربي فإن عدم التيقن المحيط بمستقبل قيادة هذه الدولة ذات الموقع الاستراتيجي يصبح سببا للقلق.
وبعد نحو 42 عاما من الإطاحة بوالده السلطان تيمور بدعم بريطاني يعزى الى السلطان قابوس الفضل في تحويل عمان من دولة منعزلة تعاني من الفقر والتمرد الى دولة مستقرة بها صناعة لتصدير النفط وبنية تحتية حديثة.
وفي حين حرم السلطان تيمور العمانيين من حرية الحركة والتعليم فإن السلطان قابوس كان اكثر قربا من شعبه وداعميه الغربيين مثل الولايات المتحدة وبريطانيا القوة الاستعمارية السابقة.
ولكن في غياب خليفة واضح يخشى محللون ودبلوماسيون من اقتتال داخل الأسرة الحاكمة وخصومات قبلية وانعدام استقرار سياسي حين يتحتم اختيار حاكم جديد.
وقال اكاديمي عماني طلب عدم نشر اسمه 'هناك خطر من انقسام وشجار داخل الأسرة الحاكمة. يمكن أن يدعم الجيش مجموعة وأجهزة الأمن مجموعة أخرى وهنا يمكن أن يظهر تحد للخليفة. الاحتمال قائم'.
وأضاف 'إنه موقف صعب والعمانيون يشعرون أنهم يمشون الى المستقبل دون أن يعرفوا قائدهم'.
والاستقرار السياسي في عمان التي هي الآن واحدة من أهدأ الدول العربية مهم لأنها تطل على مضيق هرمز الذي يمر عبره نحو خمس تجارة النفط العالمية وتقع ايران على الجانب الآخر. وهددت ايران بإغلاق المضيق اذا هاجمتها الولايات المتحدة واسرائيل.
وبعد أن أثارت انتفاضات الربيع العربي موجة نادرة من التعبير عن الرأي السياسي واستياء اقتصاديا في الشوارع تحدث السلطان قابوس مع مجلسيه الاستشاريين - مجلس الدولة ومجلس الشورى- وهما كيانان شبه برلمانيين لهما صلاحيات تشريعية محدودة بشأن أهمية توفير الوظائف للشبان.
وقال في تشرين الثاني (نوفمبر) إنه يجب اعطاء الاولوية لتوفير فرص العمل. ودعا القطاعين العام والخاص الى توظيف اكبر عدد من الشبان لخدمة تنمية البلاد.
وتم احتواء احتجاجات من خلال وعود بتوفير وظائف وزيادة المعاشات والرواتب علاوة على الحديث عن زيادة صلاحيات المجلسين الاستشاريين. ولايزال دورهما الاستشاري كما هو غير أنه تم توفير 44 الف وظيفة جديدة العام الماضي.
ولا توجد أحزاب سياسية في عمان كما أن التشكيك في حق عائلة آل سعيد في الحكم من المحرمات. ولا يشكل تمرد لليساريين في جنوب عمان في السبعينات بعد ان نجح السلطان قابوس في اشراك العديد من زعمائه في النظام سوى مجرد ذكرى بعيدة.
وليس للسلطان قابوس خريج أكاديمية ساند هيرست العسكرية الذي خدم في الجيش البريطاني اخ او ابناء وقد طلق زوجته بعد زواج لم يدم طويلا. ويعتبر في صحة جيدة.
وتشمل الأسرة الحاكمة ما بين 50 و60 ذكرا مؤهلا لتولي منصب السلطان ولكن لا يوجد مرشح واضح ولم تجر مناقشات رسمية.
وفي اختلاف عن المملكة العربية السعودية لا يوجد اقتسام للعمل مع أعضاء آخرين بالأسرة فالسلطان قابوس هو رئيس الوزراء ويتولى حقائب مهمة في الحكومة منها الخارجية والدفاع.
وقال عضو بارز بالأسرة طلب عدم نشر اسمه لرويترز 'إنه اتفاق غير معلن الا نتحدث عن الأمر (الخلافة) لأننا متى تحدثنا سيحدث انقسام فوري وسيبدأ صراع على السلطة مباشرة'.
ويخشى كثيرون في البلاد التي يبلغ عدد سكانها 2.8 مليون نسمة من اندلاع صراع داخل الأسرة او بين جماعات رئيسية داخل النظام حين لا تعود السيطرة في قبضة السلطان قابوس.
وقال شيخ قبيلة من وسط عمان 'قابوس وحد القبائل المتناحرة وأجرى مصالحة للخلافات الطائفية وتغلب على تمرد في الجنوب وبنى الدولة الحديثة خلال بضعة عقود'.
وأضاف 'يحظى بقبول كامل لكننا نخشى من الا يتم الاعتراف بالسلطان القادم وأن تعود أشباح الماضي'.
وتقول القواعد المنصوص عليها في النظام الأساسي إن على الأسرة الحاكمة أن تختار سلطانا جديدا خلال ثلاثة ايام من خلو المنصب. واذا لم تستطع الأسرة الحاكمة الاتفاق يجب فتح وصية تحتوي على اسم حدده السلطان قابوس.
ويشمل المسموح لهم بحضور فتح الرسالة والتصديق على محتوياتها مجلس دفاع يضم مسؤولين عسكريين وامنيين ورؤساء المحكمة العليا ورئيسي المجلسين الاستشاريين.
ويرى محللون أن القواعد وسيلة لتأمين اختيار قابوس للخليفة دون إثارة مشاكل من خلال إعلان اسمه في حياته.
وقال وزير الخارجية يوسف بن علوي لرويترز إن العمانيين ليسوا كغيرهم يعلنون خليفة للأمة.
وأضاف أن ما هو منصوص عليه في النظام الأساسي هو ما تقبله تقاليد البلاد وأن هذه هي رؤية عمان للتعامل مع الخلافة.
ويقول منتقدون إن العملية محفوفة بالمخاطر وإن افرادا من الأسرة الحاكمة يمكن أن يستغلوها ليحفظوا العرش لفرع العائلة الذي ينتمون اليه مما سيثير خلافات داخلية لانهم يدركون أن هذه قد تكون فرصتهم الأخيرة للفوز بالخلافة.
وقال الأكاديمي العماني 'إن آجلا او عاجلا ستتغير فكرة أن اي فرد في الأسرة الحاكمة (له فرصة في الحكم).. ستتغير الى (انتقالها) من الاب الى الابن واذا خسروها الآن فإنهم سيخسرونها الى الأبد'.
ويقول مراقبون للشأن العماني إن ابناء عمومة السلطان قابوس الثلاثة وهم اسعد وشهاب وهيثم بن طارق آل سعيد لديهم افضل فرصة لتولي الحكم.
ومن المرجح الا يغير اي من الأشقاء الثلاثة سياسة السلطان قابوس التي تنطوي على الموازنة بين مصالح ايران والسعودية ومصالح الدول الغربية بتوفير منشآت عسكرية للولايات المتحدة وبريطانيا. وقال جيه.إي بيترسون الذي عمل مؤرخا بالقوات المسلحة الملكية في مسقط حتى عام 1999 وهو الآن خبير في الشأن الخليجي 'الكل في عمان يعرفونهم لكنهم لا يعرفون كيف سيعملون'.
وأضاف 'إنهم لا يعرفون الكثير عن شخصياتهم وقدراتهم. وبالتالي يشعرون بنوع من القلق'.
ويرى بعض الخبراء أن أسعد (62 عاما) هو المرشح الأقوى ويرجع هذا جزئيا الى أنه ربما يتمتع بدعم الجيش. وهو ايضا خريج اكاديمية ساند هيرست وقاد القوات المسلحة العمانية لعدة سنوات ويشغل الآن منصب الممثل الشخصي للسلطان قابوس.
اما شهاب (57 عاما) فهو قائد متقاعد بالبحرية وهيثم (55 عاما) وزير مخضرم للتراث القومي والثقافة عمل سابقا في وزارة الخارجية.
لكن مصالحهم التجارية المتنوعة يمكن الا تكون في صالحهم وترجح كفة مرشح آخر هو فهد بن محمود آل سعيد (66 عاما) نائب رئيس الوزراء منذ عام 1983 الذي تلقى تعليمه في جامعة السوربون بباريس وهو متزوج من فرنسية.
وقال الأكاديمي 'ما يؤثر على الاخوة الثلاثة سلبا هو أن جميعهم لهم أعمال تجارية. وحين تكون لك مصالح تجارية يكون لك اعداء'. وأضاف أن المصالح التجارية للاخوة الثلاثة متنوعة بدءا من العقارات وانتهاء بالسياحة.
وقال 'فهد ليست له اي مصالح تجارية... إنه يتصرف كفرد من عائلة ملكية'. (رويترز)

 

*****************************************************************

روح البوعزيزي التي انطلقت من جنوب تونس حصدت ثلاثة أنظمة ديكتاتورية. جميع هذه الأنظمة حكَمَ في دول شمال إفريقيا. بدأ الحصاد في تونس. عرّج على مصر ثم عاد إلى ليبيا. من الحدود الليبية المصرية تساقطت البلدات والقرى كالدومينو وعادت إلى حكم الشعب. هي مسألة وقت فقط، قبل أن ينتهي حكم البهلوان.

روح البوعزيزي الثائرة، تبدو وكأنها إعصار مُدمّر لا يُبقي ولا يذر. إلى أين يتجه الإعصار الآن؟ الجزائر أو المغرب؟ اليمن أو البحرين؟ لا أحد يدري! لكن الأكيد أنه لن يهدأ قبل أن يدمر تلك الديكتاتوريات القروسطيّة.
بدأت الأنظمة في اتخاذ إجراءات وقائية لتجنبه. أطلقتْ وعودا سخية بإغداق المليارات على مشاريع الشباب. وعلى المستشفيات والخدمات. بل وعدت بتقديم القروض دون فوائد وبتوزيع أراضي الفلاحة مجانا.
الجواب جاء من أحد الشبان الذين فروا من هول المجازر في الدار البيضاء الليبية إلى القاهرة: ( نحن لا نطلب سوى الحياة الكريمة). التقط الرئيس أوباما هذا المطلب، وردده في خطابه: ( الشعب الليبي يريد أن يعيش مثل البشر). كيف يريد أن يعيش البشر؟ في كنف الحرية والكرامة… إنها معادلة بسيطة لكنها عصيّة على فهم الأنظمة المُتعفّنة في منطقتنا.
في الجزائر، تحتفل صحف البلاط التي تكنز مليارات الشعب من الخزينة العامة: (سقوط فرعون مصر، عرش طاغية ليبيا يتزعزع) عناوين مثيرة ومُدغدغة للمشاعر. في اليوم التالي يخرج صحافيوها للتظاهر أمام سفارة ليبيا بالعاصمة الجزائرية. يقولون إنهم يتظاهرون من أجل كرامة الشعب الليبي!
ماذا عن الكرامة المفقودة التي أخرجت آلاف الشبان والشابات من السواحل الجزائرية نحو المجهول على متن قوارب هشّة. إذا كان البوعزيزي الشاب الوحيد الذي أحرق نفسه في تونس، فإن عدد الجزائريين الذين كرروا التجربة قد وصل إلى أربعة عشر. نفس الصحافة التي تتحدث عن عائلة الطرابلسي والسرقات والتجاوزات تُغطي على سرقات النظام الجزائري وانتهاكاته لحقوق الإنسان.
تكرّم المذعورون الملتصقون بالكراسي برفع حال الطوارئ، فأسالوا دماء طلبة الجامعات الذين تظاهروا سلميا أمام وزارة التعليم العالي. وأرسلوا البلطجية إلى ساحة الأول من مايو لضرب المتظاهرين وشتم المتظاهرات. في أروقة وزارة المالية، يصطف ضباط الشرطة وفي أيديهم طلبات لتمويل صفقات استيراد الغاز المُسيل للدموع وعتاد قمع الشعب، هكذا يقول موظفٌ في الوزارة وصل لتوه إلى أوروبا.

كانت أبواق النظام تردّد مقولة، إن الجزائر ليست تونس. ثم ليست مصر. والآن الجزائر ليست ليبيا. وقريبا ستتحدث عن الجرذان ومتعاطي الحبوب وعملاء الخارج. نفس السيناريو يتكرر منذ بداية العام ولا أحد يتعظ. إنه التورّط والتوريط.
قوة الانتفاضات الأخيرة تكمن في قوة الفكرة، لو لم تكن فكرة الاحتجاج والرفض قوية لما استطاعت المعارضة ولا الشبكات الاجتماعية في الانترنت أن تحرك هذه الملايين. هذه الفكرة أصبحت أكثر صلابة وقوة في أذهان الشباب الجزائري وهو يتابع لأيام كيف أصبح صوت الشباب قويا في إعلام ما بعد بن علي ومبارك والقذافي. شبابٌ كسر حاجز الخوف وبدأ يحدد مستقبله بيده. وبالمقابل اكتشف هشاشة الأنظمة التي تحكمه وأنها مجرد عصابات لا يهمها من شيء سوى السلطة والنهب ولو على حساب جماجم شعوبها.
مقال نُشر في جريدة إيلاف الإلكترونية:


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق