جون فيلبي والسعودية ايام الملك عبد العزيز في كتاب جديد
يروي
الباحث العراقي صبري فالح الحمدي في كتاب جديد له قصة البريطاني جون فيلبي
الذي عمل مستشارا للملك السعودي عبد العزيز بن سعود ووسيطا بين السعودية
وشركات النفط الامريكية وصانع سلام يوفق بين زعماء المنطقة المتخاصمين.
حمل الكتاب عنوانا طويلا هو (جون فيلبي والبلاد العربية
السعودية في عهد الملك عبد العزيز بن سعود 1915ـ1953) وجاء الكتاب في 295
صفحة كبيرة القطع وتألف قسم كبير منه من وثائق تتعلق بمادة البحث. وقد صدر
الكتاب عن (الدار العربية للعلوم ناشرون) في بيروت.
وفي
الحديث عن فيلبي تحدث الباحث عن نشأة الرجل وتبلور شخصيته التي تميزت
“ونبوغه الفكري وصولا الى تخرجه من كلية ترينيتي في جامعة كيمبردج
البريطانية الشهيرة.
وقال الدكتور صبري فالح الحمدي إن
رغبة جون فيلبي في تولي وظائف ادارية تحققت عقب سفره الى الهند عام 1908
ونجاحه في دورة تدريب في اللغات الشرقية والقانون الهندي والتاريخ وتعلمه
الهندوسية والفارسية والبعض من مباديء اللغة ا لعربية.
وجرى
تكليف جون فيلبي بالمشاركة في حكومة الهند البريطانية في ادارة مدن لاهور
وجيروم ثم رئيسا لقسم الصحافة بدائرة التحقيقات الجنائية في البنجاب.
وبعد نجاحاته اصدر نائب الملك في الهند امرا بسفر فيلبي الى
العراق على اثر اندلاع الحرب العالمية الاولى عام 1914 للمشاركة في الحملة
البريطانية لاحتلال العراق تحت امرة برسي كوكس رئيس الحكام السياسيين. وقد
اسند الى فيلبي الاشراف على القسم المالي في ادارة شؤون العراق.
وقال الناشر مقدما الكتاب انه يضم في ثناياه معلومات وافرة عن
دور جون فيلبي في التطورات التي شهدتها الجزيرة العربية عقب انتهاء الحرب
العالمية الاولى وحتى منتصف الخمسينات من القرن العشرين.
وتابعت
فصوله نشاط فيلبي في المجال السياسي مندوبا عن الحكومة البريطانية في جهود
اقامة صلات طيبة بين بلاده وامراء المنطقة لا سيما مع ملك نجد والاحساء
عبد العزيز بن سعود وشريف الحجاز الملك حسين.
وسعت
بريطانيا الى اتباع سياسة من شأنها تهدئة حالة التوتر التي غلبت على علاقات
البلدين فضلا عن وساطة فيلبي في محاولة حل الخلافات النجديةـ الكويتية
خلال سنوات الحرب العالمية الاولى وما بعدها.
وسلط
الكتاب الضوء على دور فيلبي التجاري وسيطا بين الحكومة السعودية والشركات
الاوروبية والامريكية في عدة مجالات لاسيما قطاع النفط ورحلاته الاستكشافية
في الجزيرة العربية المتضمنة ملاحظاته القيمة عن جغرافية المنطقة
وتضاريسها ونباتها التي افادت السلطات السعودية والشركات العاملة في البلاد
في اعمال التنقيب عن النفط واقامة المشاريع المختلفة بهدف احداث التطور
المنشود في البلاد.
وتحدث المؤلف عن اهمية الدور
البريطاني في الاوضاع السياسية التي مرت بها منطقة الجزيرة العربية ولا
سيما بعد تصاعد نزاعها مع الدولة العثمانية “واتضح اثر نشاط فيلبي الذي
اوفدته الحكومة البريطانية الى الجزيرة العربية للالتقاء بابن سعود والعمل
على توطيد العلاقة معه بعد اندلاع الحرب العالمية الاولى لاهمية نجد في سير
الاحداث التي وقعت هناك مع وجود زعماء آخرين يسعون للهيمنة على شؤون
الجزيرة…
“ويمكن القول بنجاح فيلبي في تجسيد سياسة
الموازنة التي حرصت بريطانيا على اشاعتها بين امير نجد والاحساء وشريف
الحجاز حتى نهاية الحرب الاولى بغية احتلال العراق واخراج العثمانيين من
المنطقة وهي من اولويات اهدافها في الخليج والجزيرة العربية.”
وقال الباحث في فصل آخر “أدت الحروب التي خاضها ابن سعود طيلة
العقدين الاولين من القرن العشرين الى تدهور اوضاع البلاد الاقتصادية وشيوع
حالة عدم الاستقرار في ربوعها جراء العمليات العسكرية التي استنفدت الكثير
من امكاناتها المعتمدة على عوائد الحج وبعض الموارد الاقتصادية الاخرى.
“فما ان تم ضم الحجاز الى نجد عام 1926 فضلا عن حائل حتى راح
ابن سعود يتخذ الخطوات الضرورية لاقامة دولته التي امتدت الى مناطق جديدة
من الجزيرة العربية وهو ما تطلب حصوله على دعم دولي لتسريع تلك الخطوات
والعمل على انجاحها ونيل الاعتراف الدولي بمملكة نجد والحجاز وملحقاتهما
ولا سيما من الدول الكبرى ومنها الولايات المتحدة الامريكية…
“على الرغم من حالة الاحباط التي واجهت مسعى ابن سعود في الحصول
على اعتراف الولايات المتحدة في دولته لكن محاولاته استمرت معتمدا على
وسائل كثيرة وهنا برز دور فيلبي احد اولئك الوسطاء الذين اسهموا عبر
تحركاتهم السياسية وحضور المفاوضات ونقلهم آراء الاطراف المختلفة… وساطته
استمرت وحققت نتائج ايجابية…
“لقد تصاعد نشاط فيلبي في
محاولاته احداث تطور في العلاقات السعودية ـ الامريكية بالمجال الاقتصادي
لقناعته بوجود مصلحة مشتركة تجمع الجانبين على توثيق صلاتهما على اثر
اكتشاف النفط في الاحساء فالمملكة بحاجة الى اموال لتوفير مستلزمات اقامة
دولتها الحديثة فيما كانت الشركات النفطية الامريكية تستعجل الخطى لوضع
اقدامها في الاراضي السعودية مع وجود الشركات البريطانية المنافسة لها.
“وقد اوضحت صفحات البحث الجهود التي بذلها فيلبي في تجاوز
العراقيل التي وقفت امام عمليات استثمار النفط ونجاحه بالتالي في تحقيق ذلك
من خلال حصوله على ثقة الجانب السعودي وتعويل الشركات الامريكية على
وساطته التي اثمرت بعقد الاتفاق عام 1933 بين الحكومة السعودية وشركة
ستاندار اويل اوف كاليفورنيا.”
اضاف الباحث يقول انه مع
الاقرار بكل النجاحات والعلاقات الطيبة “يلاحظ حدوث افتراق بين فيلبي
والحكومة السعودية لا سيما بعد التطورات التي حصلت في البلاد الداعية الى
ادخال اصلاحات في شتى مجالات الحياة عبر عنها فيلبي بصراحة بشكل محاضرات
القاها او مقالات نشرت في مجلات عالمية مما كان سببا مباشرا فضلا عن عوامل
اخرى يمكن ملاحظتها برصدها من احاديث فيلبي نفسه في اتخاذ السلطات السعودية
قرارا بتركه البلاد… وبذلك اسدل الستار على هذه الشخصية البريطانية التي
كان لها نصيب في تاريخ الجزيرة العربية عامة والمملكة العربية السعودية
بخاصة.”
وختم الفصل قائلا “يعد فيلبي رحالة والعالم
الجغرافي الذي زود المكتبة الانسانية بأنفس المراجع عن الجزيرة العربية في
حاضرها الجغرافي والحياتي والعلمي وعلى الجهات الرسمية السعودية ان تستفيد
من هذه الملاحظات والمعلومات التي ذكرها فيلبي…”
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق