للكاتب و الصحفي الكبير الراحل نبيل خوري من كتابه {المرافئ القديمة}
كُتب هذا المقال سنة
1979
قد يكون آن الأوان للعودة إلى {تبسيط}، أو
بكلام آخر لوضع النقاط على الحروف.
ونبدأ بسؤال بسيط :
ما هو سر الخلاف بين الولايات المتحدة الأميركيّة والعالم العربي ؟
والجواب الأبسط :
سر الخلاف هو وقوف الولايات المتحدة الأميركيّة
المطلق بجانب إسرائيل.
ومحاولتها الدائمة والمستمرة {لتركيع} العرب،
وفرض الوجود الصهيوني الجغرافي والسياسي والإقتصادي على العالم العربي.
وقد وصلت الولايات المتحدة الأميركيّة في موقفها هذا إلى حد تغليب
المصالح
الإسرائيليّة على المصالح الأميركيّة.
والسؤال الذي يبدو ساذجاً هو :
لماذا تقف الولايات المتحدة الأميركيّة هذا الموقف ؟
منذ ثلاثين عاماً { كُتب هذا المقال سنة
1979}
ونحن نسأل هذا السؤال، ومنذ ثلاثين عاماً ونحن نتلقى جواباً واحداً لا
يتغير، وهو :
إن النفوذ الصهيوني، أو {اللوبي} الصهيوني داخل الولايات المتحدة
الأميركيّة هو الذي يفرض هذا الموقف، لأن هذا {اللوبي} هو الذي يملك
القدرة
على الضغط على الإدارة الأميركيّة، وأي إدارة أميركيّة أو رئيس أميركي
يحاول أن يقف في وجه هذا النفوذ ... يسقط.
.... وقرأنا عشرات الكتب، ومئات المقالات، وآلاف الأخبار عن القوة
الهائلة
لهذا {اللوبي}، حتى أصبحت لدينا قناعة شبه أكيدة، بأن هذا {اللوبي} هو
كالقدر الذي لا مرد له، وأن علينا أن .... نستسلم له ونخضع بدون نقاش.
وكلمنا نادينا وطالبنا بإنشاء {لوبي} عربي داخل الولايات المتحدة
الأميركيّة لمقاومة هذا {اللوبي} الصهيوني، كنا نصطدم {بخبير !!} في شؤون
أميركا ينصح بعدم جدوى المحاولة ، {فالعين لا تقاوم المخرز !} ... ثم
يسترسل الخبير ليشرح لنا مدى إنتشار هذا الأخطبوط الصهيوني وإمتلاكه
الكامل
لوسائل الإعلام وكل وسائل الضغط إبتداءً من دور البورصة إلى البنوك إلى
المؤسسات .... وإلى الكونغرس بأغلبية أعضائه.
ونسأل عن الحل ...
ونطلب الحل ...
وما أكثر الأجوبة، وما أكثر الحلول ...
حتى الآن لقد فشلت جميعها ...
وحتى الآن ان أميركا تقف بعناد وراء إسرائيل، وبقاء إسرائيل، وغطرسة
إسرائيل، وإحتلال إسرائيل ...
سؤال أخير : لماذا نكتب هذا الكلام ؟
وللجواب قصة :
سجّل مراسل {مجلة المستقبل} في دمشق حديثاً مع الرئيس الليبي معمّر
القذافي
أعلن فيه أنه يفكر جدياً بقطع النفط عن العالم كله لمدة تتراوح بسنتين
وأربع سنوات، إلى أن قال بالحرف الواحد {إنني سأقر وقف إنتاج النفط
الليبي
سنتين أو ثلاث سنوات أو أربع سنوات، لأنه ذلك أفضل لنا}.
وتناقلت جميع وكالات الأنباء العالميّة الحديث.
ودب الرعب في بورصات العالم فقفز سعر الذهب والفضة، وإنخفض سعر الدولار
...
وإلخ.
في الثامنة مساءً كانت المقابلة مع الرئيس الليبي حديث العالم، وإضطر
الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجيّة الأميركيّة إلى التعليق عليها، وكذلك
شركات النفط العالميّة.
في صباح اليوم التالي لتصريح القذافي تصدّر الحديث الصفحات الأولى من
صفحات
العالم، ولتخفيف وقعه كتبت {النيويورك تاميز} إفتتاحية قالت فيها إن
الحديث
محرّف وأن التحريف هو الذي أثار الرعب في بورصات العالم.
ليس هذا المهم ...
المهم، والمهم جداً :
1.
إن حديثاً صحفيّاً من رئيس عربي .. عن وقف النفط أقام الدنيا كلها.
2.
إن قرارات الأوبيك برفع سعر النفط جعلت رئيس الولايات المتحدة الأميركيّة
يخرج عن إتزانه، ويهاجم دول الأوبيك بطريقة لا تليق برؤساء الدول.
3.
بعد ذلك جاء حديث وزير النفط السعودي إلى {النيوزويك} ليعتبره العالم
تهديداً مباشراً من العرب، تهديداً بدمار كامل إذا لم يعط الشعب
الفلسطيني
حقوقه الكاملة ... وليقيم الدنيا من جديد ولا يقعدها.
خلاصة الكلام : إننا قادرون على إقامة الدنيا، وقادرون على التهديد،
وبكلام
أصرح : نحن، بنفطنا، أقوى من {اللوبي} الصهيوني، ومن أي لوبي آخر في
أميركا.
وأكثر من الصراحة، إذا لم نستطع الآن، ونحن في قمة قوتنا النفطيّة من
الضغط
على أميركا والعالم كله، لأخذ ما نعتبره حقاً من حقوقنا الوطنيّة، فنحن
حتماً عاجزون عن ذلك عندما يستطيع العالم إيجاد بديل عن النفط، وهذا ما
يمكن حصوله خلال سنوات قليلة، وهناك ما يؤكد بأنها أقل مما أعلن حتى الآن
!.
هناك كلام خطير الآن حول إمكانية قيام الولايات المتحدة الأميركيّة
بإحتلال
منابع النفط العربيّة، للتخلص مما سموه {بالتهديد !!} العربي لمستقبل
الغرب
الصناعي ... والحضاري !.
والعرب الآن يقفون، أو على الأصح أوقفهم العالم أمام :
·
إما أن يقبلوا {بشروط} العالم فيما يتعلّق
بنفطهم، أي بإستمرار تدفق النفط، بالكميات المفروضة وبالسعر المطلوب.
· عدم ربط النفط بأية قضية سياسيّة وخاصة القضية الفلسطينيّة.
· الإنتظار بصبر حتى ينتهي دور النفط، وبالتالي حتى ينتهي النفط
العربي.
· ... وإما فستجتاح جيوش أميركا وغيرها
من الدول منابع النفط، لتعيد العرب
إلى {حجمهم} أو الحجم المفصّل لهم.
وإما ...
·
أن يقرر العرب أن الوقت قد حان ليضعوا العالم كله أمام الخيار الذي لا بد
منه :
· إما الوقوف بجانب العدل {أي : بجانب العرب} وإعادة حقوق الشعب
الفلسطيني
المغتصبة، وبالتالي إعادة أرض العرب المحتلّة، وبالتالي إعادة إسرائيل
{وليس العرب} إلى حجمها الطبيعي ...
· وإما ... لا نفط.
وسنرى من سيركع في النهاية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق