سن - - الحمد بعد الأكل والشرب وقال عند انقضاء
السفر آيبون تائبون عابدون
لربنا حامدون ثم انظر لكونه - عليه السلام - خاتم الأنبياء ومؤذنا بانقضاء الرسالة
وارتفاع الوحي ونذيرا بقرب الساعة وتمام الدنيا مع أن الحمد كما قدمنا مقرون بانقضاء
الأمور مشروع عنده - تجد معاني اسميه جميعا ، وما خص به من الحمد والمحامد مشاكلا
لمعناه مطابقا لصفته وفي ذلك برهان عظيم وعلم واضح على نبوته وتخصيص
الله له بكرامته وأنه قدم له هذه المقدمات قبل وجوده تكرمة له وتصديقا لأمره - - وشرف وكرم .
رضاعه
أرضعته أولا ثويبة مولاة أبي لهب بلبن ابنها مسروح أياما
قبل أن تقدم حليمة و كانت أرضعت قبله عمه حمزة.فكان رسول الله
يكرمها و تكرمها زوجته خديجة أم المؤمنين و
أعتقها أبو لهب بعد الهجرة فكان
يبعث إليها من المدينة بكسوة و صلة حتى ماتت
فسأل عن ابنها مسروح فقيل مات
فسأل عن قرابتها فقيل ماتوا.
ثم أرضعته حتى شب حليمة بنت أبي ذؤيب عبد الله السعدية
من بني سعد بن بكر و كان أهل مكة يسترضعون لأولادهم نساء أهل البادية
طلبا للفصاحة و لذلك قال أنا أفصح من نطق بالضاد، بيد أني من قريش و
استرضعت في بني سعد.فجاء عشر
نسوة من بني سعد بن بكر يطلبن الرضاع و فيهن حليمة فأصبن الرضاع كلهن إلا حليمة و كان
معها زوجها الحارث المكني أبا ذؤيب و ولدها منه عبد الله فعرض عليها رسول الله
فقالت يتيم و لا مال له و ما عست أمه إن تفعل
فخرج النسوة و خلفنها فقالت
لزوجها ما ترى قد خرج صواحبي و ليس بمكة غلام يسترضع إلا هذا الغلام اليتيم فلو أنا أخذناه
فإني أكره أن أرجع بغير شيء فقال لها خذيه عسى الله أن يجعل لنا فيه خيرا فأخذته
فوضعته في حجرها فدر ثدياها حتى روي و روي أخوه و كان أخوه لا ينام من الجوع
فبقي عندها سنتين حتى فطم فقدموا به على أمه زائرين لها و أخبرتها حليمة
ما رأت من بركته فردته معها ثم ردته على أمه و هو ابن »خمس سنين و
يومين«.
و قدمت حليمة على رسول الله بعد ما تزوج فبسط لها رداءه و أعطتها خديجة
أربعين شاة و أعطتها بعيرا.و
جاءت إليه يوم حنين فقام إليها و بسط لها رداءه فجلست عليه.
و جاءه وفد هوازن يوم حنين و فيهم أبو ثروان أو أبو
برقان عمه من الرضاعة و قد سبي منهم و غنم و طلبوا أن يمن عليهم
فخيرهم بين السبي و الأموال فقالوا خيرتنا بين أحسابنا و أموالنا و ما كنا
لنعدل بالأحساب شيئا فقال أما ما لي و لبني عبد المطلب فهو لكم و سأسأل لكم
الناس فقال المهاجرون و الأنصار ما كان لنا فهو لرسول الله و أبى
بعض المؤلفة قلوبهم من قبائل العرب و قبائلهم فأعطاهم إبلا عوضا من ذلك و يأتي
تفصيله في وقعة حنين و جاءوا يوم حنين بأخته من الرضاعة و هي الشيماء بنت الحارث فقالت يا
رسول الله إني أختك من الرضاعة
فبسط لها رداءه فأجلسها عليه و قال إن أحببت فعندي محببة مكرمة و إن أحببت أن أعطيك
و ترجعي إلى قومك فقالت بل تعطيني و تردني إلى قومي.
كفل النبي بعد أبيه جده عبد المطلب و قام بتربيته و
حفظه أحسن قيام و رق عليه رقة
لم يرقها على ولده و كان يقربه منه و يدنيه و لا يأكل طعاما إلا أحضره و كان يدخل عليه إذا
خلا و إذا نام و يجلس على فراشه فيقول دعوه. و لما صار عمره »ست سنين« و
ذلك بعد مجيئه من عند حليمة بسنة أخرجته أمه إلى أخواله بني عدي بن النجار بالمدينة
تزورهم به و معه أم أيمن تحضنه فبقيت عندهم شهرا ثم رجعت به أمه إلى مكة
فتوفيت بالأبواء بين المدينة و مكة فعادت به أم أيمن إلى مكة إلى جده عبد
المطلب و بقيت تحضنه فبقي في كفالة عبد المطلب من حين وفاة أبيه ثمان سنين.و
توفي عبد المطلب و عمره »ثمانون سنة« فلما حضرته الوفاة أوصى
ولده أبا طالب بحفظ رسول الله و حياطته و كفالته و لم يكن أبو طالب أكبر
إخوته سنا و لا أكثرهم مالا فقد
كان الحارث أسن منه و العباس أكثرهم مالا لكن عبد المطلب اختار لكفالته أبا طالب لما
توسمه فيه من الرعاية الكافية لرسول الله و لأنه كان على فقره أنبل إخوته و أكرمهم و
أعظمهم مكانة في قريش و أجلهم
قدرا فكفله أبو طالب و قام برعايته أحسن قيام، و كان يحبه حبا شديدا لا يحبه ولده و
كان لا ينام إلا إلى جنبه و يخرج فيخرج معه و صب به أبو طالب صبابة لم يصب مثلها
بشيء قط و كان يخصه بالطعام و كان أولاده يصبحون رمصا شعثا و يصبح رسول الله
كحيلا دهبنا] دهينا[ و كان أبو طالب توضع له
وسادة بالبطحاء يتكئ عليها أو
يجلس عليها فجاء النبي فجلس عليها فقال أبو طالب إن ابن أخي هذا
ليحس بنعيم و خرج به معه إلى
الشام و هو ابن »اثنتي عشرة سنة« بعد ما عزم على إبقائه بمكة لكنه أبى إلا أن يصحبه فأخذه
معه حتى بلغ به بصري فرآه بحيرا الراهب، و لم يزل أبو طالب يكرمه و يحميه و ينصره
بيده و لسانه طول حياته.و حكى ابن أبي الحديد في شرح النهج عن أمالي أبي
جعفر محمد بن حبيب إن أبا طالب كان كثيرا ما يخاف على رسول الله
البيات فكان يقيمه ليلا من منامه و يضجع ابنه
عليا مكانه فقال له علي ليلة يا
أبة إني مقتول فقال له أبو طالب: إصبرن يا بني فالصبر أحجى كل حي مصيره لشعوب قد
بذلناك و البلاء شديد لفداء الحبيب و ابن الحبيب لفداء الأغر ذي الحسب الثاقب و الباع و
الكريم النجيب إن تصبك المنون فالنبل تبرى فمصيب منها و غير مصيب كل حي و
إن تملى بعمر آخذ من مذاقها بنصيب و استسقى به أبو طالب و هو صغير. أخرج
ابن عساكر إن أهل مكة قحطوا فخرج أبو طالب و معه غلام كأنه شمس دجن تجلت
عنها سحابة قتماء فأخذه أبو طالب فألصق ظهره بالكعبة و لاذ الغلام بأصبعه
و ما في السماء قزعة فأقبل السحاب من هاهنا و هاهنا و أغدق و اخصبت
الأرض و في ذلك يقول أبو طالب: و أبيض يستسقي الغمام بوجهه ثمال اليتامى عصمة
للأرامل تلوذ به الهلاك من آل هاشم فهم عنده في نعمة و فواضل و شهد
الفجار و هو ابن »عشرين سنة« -و الفجار- من حروب العرب المشهورة كانت بين
قيس و بين قريش و كنانة فكانت الدبرة أول النهار لقيس على قريش و كنانة ثم صارت
لقريش و كنانة على قيس قال رسول الله حضرته مع عمومتي و رميت فيه بأسهم و ما أحب
أني لم أكن فعلت.و سميت الفجار
لأنها وقعت في الأشهر الحرم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق