لا يستطيع النظام السوري التنصل من المسؤولية عن اﻟﻤﺠزرة التي
وقعت في بلدة الحولة قرب مدينة حمص، يوم امس الاول، وراح
ضحيتها اكثر من مئة شخص، من بينهم اثنان وثلاثون طفلا دون
سن العاشرة، فهؤلاء مواطنون سوريون، والاطفال القتلى سوريون
ايضا، ولا يمكن ان يكونوا اعضاء مقاتلين في الجماعات المسلحة
التي يتحدث عنها هذا النظام.
حماية ابناء سورية، جميع ابناء سورية، بغض النظر عن مذهبهم
او دينهم او انتمائهم الايديولوجي من مسؤولية النظام اولا واخيرا،
لأنه من المفترض ان يمثل كل الشعب السوري، ويقدم سلوكا
وممارسة مغايرين كليا للجماعات المسلحة التي يتهمها بأعمال القتل
والتدمير.
النظام السوري، وعلى لسان الدكتور جهاد مقدسي المتحدث باسم
الخارجية السورية، نفى نفيا قاطعا اقدام النظام على هذه اﻟﻤﺠزرة،
وادانها بأقوى العبارات كعمل ارهابي اجرامي واضح المعالم، واعلن
تشكيل لجنة عسكرية عدلية للتحقيق بكل اﻟﻤﺠريات، على ان تصدر
نتائج تحقيقاتها خلال ثلاثة ايام.
فإذا كان النظام على هذه الدرجة من الثقة بأقواله، فلماذا لا
يشرك معه فريقا من المراقبين الدوليين في هذه التحقيقات، حتى
تأتي النتائج منزهة من اي شبهات، وتملك المصداقية التي تدحض
اتهامات الجهات التي تريد استهداف سورية، واستحضار التدخل
العسكري الاجنبي لهذا البلد.
لا نجادل في وجود جماعات مسلحة تعمل على الارض السورية
لتقويض قاعدة النظام الامنية والسياسية معا، واجمع مراقبون
دوليون على اقدامها على اعمال قتل وانتهاكات لحقوق الانسان،
ولكن لماذا لا يقبل النظام في الوقت نفسه الاعتراف بوجود جماعات
ارهابية متطرفة تنفذ اعمالا انتقامية مضادة مماثلة محسوبة عليه،
او تعمل بمعزل عنه، وخارج الاطر القانونية في البلاد؟
٭ ٭ ٭
نحن لا نبرئ احدا، وندين اعمال القتل الارهابية التي تستهدف
اطفالا ومدنيين ابرياء أيا كانت هويتهم او انتماؤهم السياسي،
ولكن عندما يقول قائد فريق المراقبين الدوليين ان مجزرة الحولة
جاءت نتيجة قصف بالدبابات والمدفعية الثقيلة غير المتوفرة للجيش
السوري الحر فإن هذا يدفع الكثيرين للتشكيك في الرواية الرسمية
السورية التي وردت على لسان الدكتور مقدسي.
نتمنى ان تحقق السلطات السورية فعلا في هذه اﻟﻤﺠزرة، وتعطينا
النتائج كاملة مثبتة بالوقائع الدامغة، وان تدين الجماعات المسلحة
المحسوبة عليها المعروفة باسم الشبيحة، اذا كانت فعلا هي من
نفذت اﻟﻤﺠزرة، مثلما تؤكد معظم المصادر على الارض، وسنكون اول
المنوهين بمثل هذا التصرف الموضوعي النزيه.
الوقائع التي تجري على الارض السورية تؤكد ان هناك اعمال قتل
وقتل مضاد، مثلما تتحدث عن اعمال خطف يروح ضحيتها ابرياء،
وسط فلتان امني وغياب سيطرة الدولة في مناطق عديدة من البلاد،
ولكن اذا كنا نتفهم تورط بعض الجماعات المسلحة والمتطرفة لأنها
جماعات غير منضبطة، فإننا لا يمكن ان نتفهم اعمالا انتقامية يقدم
عليها بعض المحسوبين على النظام، لأنها تعطي الذريعة، بشكل
مباشر او غير مباشر، للقوى التي تطالب بالتدخل العسكري الدولي
الذي يحذر منه، بل ويخشاه النظام. فأنصار النظام يجب ان يكونوا
الاكثر انضباطا واكثر مسؤولية، واكثر وعيا في الابتعاد عن كل ما
يفتح الابواب للتدخل العسكري الاجنبي.
كنا من اوائل المحذرين من خطر الحرب الاهلية الطائفية الزاحفة
الى سورية، ووجود طرف ثالث خارج سيطرة النظام والمعارضة معا،
يصب الزيت على نار هذه الحرب للتعجيل بتوسيع دائرة انفجارها،
ومن المؤسف اننا لا نرى اي جهود حقيقية لتطويقها ومنعها، سواء
من النظام او المعارضة او اﻟﻤﺠتمع الدولي، بما يؤدي الى توفير فرص
النجاح للحل السياسي الذي تتطلع الى انجازه مبادرة كوفي عنان
مبعوث الامم المتحدة والجامعة العربية.
الحرب الاهلية اللبنانية انفجرت عام 1975 عندما هاجمت قوات
الكتائب حافلة فلسطينية وقتلت 33 من ركابها، ونخشى ان تكون
مجزرة الحولة هي الشرارة التي تفجر الحرب الاهلية الطائفية
السورية، او تعطي الذريعة لتدخل قوات حلف الناتو، على غرار ما
حدث في ليبيا وقبلها العراق وافغانستان.
شخصيا اصبت بصدمة وانا أرى جثامين الاطفال الصغار وقد
رصّت امام العدسات، لتقدم ابشع منظر يمكن ان نتصوره في هذا
البلد او غيره من البلدان العربية والاسلامية، والصورة لا تكذب،
خاصة انها ليست مأخوذة او موزعة من قبل شهود العيان الذين
يتهمهم النظام بالكذب والتضليل. كل مواطن سوري.. كل طفل
سوري، وايا كانت هويته او الخندق الذي يقف فيه هو من اهلنا،
وسفك دمائه محرم.
٭ ٭ ٭
ثلاثة عشر الف سوري قتلوا حتى الآن، معظمهم برصاص النظام،
وربما سيتضاعف هذا الرقم اكثر من مرة، اذا استمرت دوامة القتل
والدمار التي نراها حاليا، والنظام هو الذي يتحمل المسؤولية الاكبر
لأنه بالغ في تطبيقه لحلوله الامنية، ورفض التنازل لشعبه
في وقت مبكر من اندلاع الانتفاضة المطالبة بالحريات والتغيير
الديمقراطي.
سورية بحاجة الى تدخل العقلاء، مثلما هي بحاجة ايضا الى
تبصّر النظام والمعارضة معا، فيما ينتظرها من محطات دموية
مرعبة، وحرب اهلية طائفية ربما لن تبقي دولة لكي يحكمها هذا
الطرف او ذاك، فإذا كانت الحرب الاهلية اللبنانية استمرت اكثر من
15 عاما، والجزائرية عشرة اعوام، ترى كم ستستمر الحرب الاهلية
الطائفية السورية؟ ثم كيف ستكون فرص التعايش بين فسيفساء
اﻟﻤﺠتمع السوري في ظل اعمال الانتقام والانتقام المضاد.
نكتب بعاطفية؟.. نعم، ولكن بأي منطق يمكن ان نحلل وضعا
مثل الذي نراه في سورية حاليا، لقد غاب المنطق وانحرف العقل،
واتسعت، بل وتتسع الفجوة، ولم يبق لنا الا ان نترحم على شهداء
مجزرة الحولة، وكل اﻟﻤﺠازر السابقة واللاحقة التي ربما تكون اكثر
فظاعة.
وقعت في بلدة الحولة قرب مدينة حمص، يوم امس الاول، وراح
ضحيتها اكثر من مئة شخص، من بينهم اثنان وثلاثون طفلا دون
سن العاشرة، فهؤلاء مواطنون سوريون، والاطفال القتلى سوريون
ايضا، ولا يمكن ان يكونوا اعضاء مقاتلين في الجماعات المسلحة
التي يتحدث عنها هذا النظام.
حماية ابناء سورية، جميع ابناء سورية، بغض النظر عن مذهبهم
او دينهم او انتمائهم الايديولوجي من مسؤولية النظام اولا واخيرا،
لأنه من المفترض ان يمثل كل الشعب السوري، ويقدم سلوكا
وممارسة مغايرين كليا للجماعات المسلحة التي يتهمها بأعمال القتل
والتدمير.
النظام السوري، وعلى لسان الدكتور جهاد مقدسي المتحدث باسم
الخارجية السورية، نفى نفيا قاطعا اقدام النظام على هذه اﻟﻤﺠزرة،
وادانها بأقوى العبارات كعمل ارهابي اجرامي واضح المعالم، واعلن
تشكيل لجنة عسكرية عدلية للتحقيق بكل اﻟﻤﺠريات، على ان تصدر
نتائج تحقيقاتها خلال ثلاثة ايام.
فإذا كان النظام على هذه الدرجة من الثقة بأقواله، فلماذا لا
يشرك معه فريقا من المراقبين الدوليين في هذه التحقيقات، حتى
تأتي النتائج منزهة من اي شبهات، وتملك المصداقية التي تدحض
اتهامات الجهات التي تريد استهداف سورية، واستحضار التدخل
العسكري الاجنبي لهذا البلد.
لا نجادل في وجود جماعات مسلحة تعمل على الارض السورية
لتقويض قاعدة النظام الامنية والسياسية معا، واجمع مراقبون
دوليون على اقدامها على اعمال قتل وانتهاكات لحقوق الانسان،
ولكن لماذا لا يقبل النظام في الوقت نفسه الاعتراف بوجود جماعات
ارهابية متطرفة تنفذ اعمالا انتقامية مضادة مماثلة محسوبة عليه،
او تعمل بمعزل عنه، وخارج الاطر القانونية في البلاد؟
٭ ٭ ٭
نحن لا نبرئ احدا، وندين اعمال القتل الارهابية التي تستهدف
اطفالا ومدنيين ابرياء أيا كانت هويتهم او انتماؤهم السياسي،
ولكن عندما يقول قائد فريق المراقبين الدوليين ان مجزرة الحولة
جاءت نتيجة قصف بالدبابات والمدفعية الثقيلة غير المتوفرة للجيش
السوري الحر فإن هذا يدفع الكثيرين للتشكيك في الرواية الرسمية
السورية التي وردت على لسان الدكتور مقدسي.
نتمنى ان تحقق السلطات السورية فعلا في هذه اﻟﻤﺠزرة، وتعطينا
النتائج كاملة مثبتة بالوقائع الدامغة، وان تدين الجماعات المسلحة
المحسوبة عليها المعروفة باسم الشبيحة، اذا كانت فعلا هي من
نفذت اﻟﻤﺠزرة، مثلما تؤكد معظم المصادر على الارض، وسنكون اول
المنوهين بمثل هذا التصرف الموضوعي النزيه.
الوقائع التي تجري على الارض السورية تؤكد ان هناك اعمال قتل
وقتل مضاد، مثلما تتحدث عن اعمال خطف يروح ضحيتها ابرياء،
وسط فلتان امني وغياب سيطرة الدولة في مناطق عديدة من البلاد،
ولكن اذا كنا نتفهم تورط بعض الجماعات المسلحة والمتطرفة لأنها
جماعات غير منضبطة، فإننا لا يمكن ان نتفهم اعمالا انتقامية يقدم
عليها بعض المحسوبين على النظام، لأنها تعطي الذريعة، بشكل
مباشر او غير مباشر، للقوى التي تطالب بالتدخل العسكري الدولي
الذي يحذر منه، بل ويخشاه النظام. فأنصار النظام يجب ان يكونوا
الاكثر انضباطا واكثر مسؤولية، واكثر وعيا في الابتعاد عن كل ما
يفتح الابواب للتدخل العسكري الاجنبي.
كنا من اوائل المحذرين من خطر الحرب الاهلية الطائفية الزاحفة
الى سورية، ووجود طرف ثالث خارج سيطرة النظام والمعارضة معا،
يصب الزيت على نار هذه الحرب للتعجيل بتوسيع دائرة انفجارها،
ومن المؤسف اننا لا نرى اي جهود حقيقية لتطويقها ومنعها، سواء
من النظام او المعارضة او اﻟﻤﺠتمع الدولي، بما يؤدي الى توفير فرص
النجاح للحل السياسي الذي تتطلع الى انجازه مبادرة كوفي عنان
مبعوث الامم المتحدة والجامعة العربية.
الحرب الاهلية اللبنانية انفجرت عام 1975 عندما هاجمت قوات
الكتائب حافلة فلسطينية وقتلت 33 من ركابها، ونخشى ان تكون
مجزرة الحولة هي الشرارة التي تفجر الحرب الاهلية الطائفية
السورية، او تعطي الذريعة لتدخل قوات حلف الناتو، على غرار ما
حدث في ليبيا وقبلها العراق وافغانستان.
شخصيا اصبت بصدمة وانا أرى جثامين الاطفال الصغار وقد
رصّت امام العدسات، لتقدم ابشع منظر يمكن ان نتصوره في هذا
البلد او غيره من البلدان العربية والاسلامية، والصورة لا تكذب،
خاصة انها ليست مأخوذة او موزعة من قبل شهود العيان الذين
يتهمهم النظام بالكذب والتضليل. كل مواطن سوري.. كل طفل
سوري، وايا كانت هويته او الخندق الذي يقف فيه هو من اهلنا،
وسفك دمائه محرم.
٭ ٭ ٭
ثلاثة عشر الف سوري قتلوا حتى الآن، معظمهم برصاص النظام،
وربما سيتضاعف هذا الرقم اكثر من مرة، اذا استمرت دوامة القتل
والدمار التي نراها حاليا، والنظام هو الذي يتحمل المسؤولية الاكبر
لأنه بالغ في تطبيقه لحلوله الامنية، ورفض التنازل لشعبه
في وقت مبكر من اندلاع الانتفاضة المطالبة بالحريات والتغيير
الديمقراطي.
سورية بحاجة الى تدخل العقلاء، مثلما هي بحاجة ايضا الى
تبصّر النظام والمعارضة معا، فيما ينتظرها من محطات دموية
مرعبة، وحرب اهلية طائفية ربما لن تبقي دولة لكي يحكمها هذا
الطرف او ذاك، فإذا كانت الحرب الاهلية اللبنانية استمرت اكثر من
15 عاما، والجزائرية عشرة اعوام، ترى كم ستستمر الحرب الاهلية
الطائفية السورية؟ ثم كيف ستكون فرص التعايش بين فسيفساء
اﻟﻤﺠتمع السوري في ظل اعمال الانتقام والانتقام المضاد.
نكتب بعاطفية؟.. نعم، ولكن بأي منطق يمكن ان نحلل وضعا
مثل الذي نراه في سورية حاليا، لقد غاب المنطق وانحرف العقل،
واتسعت، بل وتتسع الفجوة، ولم يبق لنا الا ان نترحم على شهداء
مجزرة الحولة، وكل اﻟﻤﺠازر السابقة واللاحقة التي ربما تكون اكثر
فظاعة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق