بعد أن فتح المسلمون مكة ، انزعجت القبائل المجاورة لقريش من انتصار 
   المسلمين على قريش.
   وفزعت هوازن و ثقيف من أن تكون الضربة القادمة من نصيبهم . وقالوا لنغز 
   محمداً قبل أن يغزونا . واستعانت هاتان القبيلتان بالقبائل المجاورة ، 
   وقرروا أن يكون مالك بن عوف سيد بني هوازن قائد جيوش هذه القبائل التي 
   ستحارب المسلمين . وأمر رجاله أن يصطحبوا معهم النساء والأطفال 
   والمواشي والأموال ويجعلوهم في آخر الجيش ، حتى يستميت الرجال في 
   الدفاع عن أموالهم وأولادهم ونسائهم .
   لما علم الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك خرج إليهم مع أصحابه وكان ذلك 
   في شهر شوال من العام الثامن للهجرة . وكان عدد المسلمين اثني عشر 
   ألفاً من المجاهدين . عشرة آلف من الذين شهدوا فتح مكة ، وألفان ممن 
   أسلموا بعد الفتح من قريش . 
   ونظر المسلمون إلى جيشهم الكبير فاغتروا بالكثرة وقالوا لن نغلب اليوم 
   من قلة .
   وبلغ العدو خبر خروج المسلمين إليهم فأقاموا كميناً للمسلمين عند مدخل 
   وادي أوطاس ( قرب الطائف ) وكان عددهم عشرين ألفاً .
   وأقبل الرسول صلى الله عليه وسلم في أصحابه حتى نزلوا بالوادي . وكان 
   الوقت قبيل الفجر ، والظلام يخيم على وادي حنين السحيق . وفوجئ 
   المسلمون بوابل من السهام تنهال عليهم من كل مكان . فطاش صوابها ، 
   واهتزت صفوفهم ، وفر عددٌ منهم .
   ولما رأى الرسول صلى الله عليه وسلم هزيمة المسلمين نادى فيهم يقول :
أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب
   وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم العباس أن ينادي في الناس ، فقال : يا 
   معشر الأنصار، ويا معشر المهاجرين ، يا أصحاب الشجرة . فحركت هذه 
   الكلمات مشاعر الإيمان والشجاعة في نفوس المسلمين ، فأجابوه : لبيك يا 
   رسول الله لبيك .
   وانتظم الجيش مرةً أخرى ، واشتد القتال . وأشرف الرسول صلى الله عليه 
   وسلم على المعركة . وما هي إلا ساعة حتى انهزم المشركون ، وولوا 
   الأدبار تاركين النساء والأموال والأولاد . وأخذ المسلمون ينهمكون في 
   تكثيف الأسرى وجمع الغنائم . وبلغ عدد الأسرى من الكفار في ذلك اليوم 
   ستة آلاف أسير .
   وهكذا تحولت الهزيمة إلى نصر بإذن الله تعالى .
   وكانت حنين درساً استفاد منه المسلمون . فتعلم المسلمون أن النصر ليس 
   بكثرة العدد والعدة . وأن الاعتزاز بذلك ليس من أخلاق المسلمين . ومرت 
   الأيام فإذا بوفد من هوازن يأتي إلى الرسول صلى الله عليه وسلم يعلن 
   ولاءه للإسلام ، وجاء وفد من ثقيف أيضاً يعلن إسلامه . وأصبح الذين 
   اقتتلوا بالأمس إخواناً في دين الله ...

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق