هناك من ينظر إلى دعوة وأفكار الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله نظرة
تصل إلى حدود التقديس . وهناك بالمقابل من ينظر إليها نظرة استخفاف وعداء
شديدين . وفي تقديرنا فإن هذه المواقف الحدية المتطرفة من دعوة وأفكار
الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله وإن كانت تحدث غالباً مع كل صاحب دعوة
جديدة وصاحب أفكار تدعو إلى التغيير ، إلا أن دعوة وأفكار الشيخ تميزت بأنه
كان لها أداة سياسية سمحت بنشرها وفرضها والتمكين لها وكثرة أعدائها (
الدول السعودية الثلاث ) فضلاً عن أن دعوة الشيخ وأفكاره تشتمل بالفعل على
جوانب إيجابية عميقة وواسعة وعلى جوانب غلو حقيقية ومؤكدة وخطرة .
الجوانب الإيجابية في دعوة وفي جهود الشيخ تدور حول إحياء قضية الإيمان بالله وإخلاص العبادة له وتجنب التوسل بالأولياء والصالحين والبعد عن أي قول أو فعل يجافي ما ينبغي أن يكون عليه اعتقاد وسلوك المسلم من إفراد الله بالعبادة .
هذه الجوانب هي بالفعل جوانب إصلاحية عميقة وواسعة ، وكان لها في زمنها أولوية وأهمية قصوى . كما أنها نجحت بالفعل في ملامسة مكامن الخلل في الطروحات الصوفية والشيعية ونجحت في الحد من امتدادهما وانتشارهما .
أما جوانب الغلو في أفكار وجهود الشيخ فتدور حول مسائل التكفير والجهاد ضد المسلمين . وهذه الجوانب هي بالفعل جوانب حقيقية ومؤكدة . ورغم ذلك فقد كانت سلبياتها وآثارها الخطرة محدودة في الماضي ، إلا أن تطورات العصر الحديث جعلتها تمتد إلى زمن غير مناسب لها .
أولى المؤشرات الكبرى على هذا الصعيد بدأت مع فكر الإخوان الذين كانوا جنود إقامة الدولة السعودية الحديثة تحت راية ( الجهاد ) و ( الفتوحات ) ثم اصطدموا بالدولة حين أصروا على مواصلة " الجهاد " لفتح المناطق المجاورة ، بينما كانت الدولة حريصة على مصالحها ، خصوصاً في مواجهة الدول الغربية النافذة في المنطقة .
هذا الفكر . فكر التكفير والجهاد ضد المسلمين ظل يستلهم بين الحين والآخر ويفرز إفرازاته التدميرية ، خصوصاً مع حركة التحديث والتطوير المادي التي شهدها المجتمع السعودي الحديث ، بدءاً من المجموعة التبديعية التي حاول أتباعها احتلال مبنى التلفزيون في منتصف الثمانينات الهجرية من القرن الماضي فواجهتهم الدولة وتم القضاء على بعضهم ، وقد استمرت ذيول هذه الأحداث إلى أن قام أحد إخوة أولئك الأشخاص ( وهو من الأسرة الحاكمة ) بقتل الملك فيصل .
بعد ذلك برزت مجموعة جهيمان في مستهل القرن الهجري الحالي ، وهي المجموعة التي احتلت الحرم وادعت أن أحد المنتمين لها هو المهدي المنتظر . ثم تنامت أفكار التكفير وأعمال العنف وانتشرت خارج الحدود وبدأت تتخذ صبغة عالمية وتسهم في إفراز جماعات مسلحة على امتداد العالم الإسلامي ، وذلك مـع بدء تصدير أفكار التكفير والعنف المنسوبة إلى مدرسة الشيخ محمد بن عبدالوهاب ، وخصوصاً خلال مرحلة الجهاد المشروع ضد الاحتلال السوفيتي لأفغانستان وبدعم من بعض أهل السياسة في الشرق وفي الغرب .
لقد وفرت الساحة الحربية في أفغانستان مناخاً ملائماً لنمو وشيوع أفكار التكفير وأعمال العنف . ودون الخلط بين أعمال الجهاد ضد المحتلين والغزاة والمعتدين وبين تكفير المسلمين واللجوء إلى العنف ضدهم فإننا نعتقد أن أفكار مدرسة الشيخ محمد بن عبدالوهاب كانت أهم عامل ثقافي أسهم في تعميق ذلك الخلط وتعزيز مواقع الجماعات التكفيرية المسلحة ونشر عدواها في أكثر من بلد عربي وإسلامي .
الآن ، ومع تقديرنا لجوانب الإصلاح في دعوة وجهود الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله ، ومع احترامنا لوجهات النظر التي تحاول نسبة أفكار التكفير والعنف لدينا إلى خارج الحدود ، فإننا نعتقد أن أهم مصدر لتلك الأفكار هو كتابات الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله . فلم لا نحاول تلمس ذلك من خلال تلك الكتابات ؟!
لعل مما يسهل الأمر أن الشيخ ليس له كتب ومؤلفات كثيرة ، ، بل إن شئنا استخدام مصطلحات عصرنا فليس له كتاب واحد .
الشيخ ألف بعض الكتيبات المعدودة المحدودة الصفحات وكتب الكثير من الرسائل المختصرة . وقيمة الشيخ وأثره نبعا من التبني السياسي لدعوته والمظلة السياسية التي حظيت بها أفكاره وجهوده .
الأهم من ذلك هو أن كل الكتيبات والرسائل ذات موضوعات محددة ، فالشيخ ليس له طرح فقهي أو سياسي أو اقتصادي . وكل كتاباته ليس لها موضوع سوى التأكيد على إخلاص العبادة لله وتجنب التوسل بالأنبياء والأولياء وغيرهم ، ثم تضع نظرية في التكفير والعنف قوامها القول بتماثل أوضاع مشركي عصر البعثة مع أهل البدع في زمان الشيخ ، ووجوب تكفيرهم وقتالهم تبعاً لذلك .
وفي ضوء ذلك فإن أية دراسة نقدية لأي كتاب من الكتب التي ألفها الشيخ تكاد تكون بمثابة دراسة نقدية لكل ما تضمنته كتب الشيخ ورسائله .
كتاب " كشف الشبهات " الذي ألفه الشيخ يعد في تقديرنا الكتاب المثالي الذي يستحسن الانطلاق منه في تقديم دراسة نقدية حول مجمل أفكار الشيخ بشأن موضوع التكفير والعنف ، فهو يلخص أهم التوجهات والأفكار التي أسست ولا زالت تؤسس لهذا الموضوع .
قريباً بمشيئة الله سيكون لنا جولة مع الأفكار التي تضمنها هذا الكتاب بشأن موضوع التكفير والعنف ،،،،
الجوانب الإيجابية في دعوة وفي جهود الشيخ تدور حول إحياء قضية الإيمان بالله وإخلاص العبادة له وتجنب التوسل بالأولياء والصالحين والبعد عن أي قول أو فعل يجافي ما ينبغي أن يكون عليه اعتقاد وسلوك المسلم من إفراد الله بالعبادة .
هذه الجوانب هي بالفعل جوانب إصلاحية عميقة وواسعة ، وكان لها في زمنها أولوية وأهمية قصوى . كما أنها نجحت بالفعل في ملامسة مكامن الخلل في الطروحات الصوفية والشيعية ونجحت في الحد من امتدادهما وانتشارهما .
أما جوانب الغلو في أفكار وجهود الشيخ فتدور حول مسائل التكفير والجهاد ضد المسلمين . وهذه الجوانب هي بالفعل جوانب حقيقية ومؤكدة . ورغم ذلك فقد كانت سلبياتها وآثارها الخطرة محدودة في الماضي ، إلا أن تطورات العصر الحديث جعلتها تمتد إلى زمن غير مناسب لها .
أولى المؤشرات الكبرى على هذا الصعيد بدأت مع فكر الإخوان الذين كانوا جنود إقامة الدولة السعودية الحديثة تحت راية ( الجهاد ) و ( الفتوحات ) ثم اصطدموا بالدولة حين أصروا على مواصلة " الجهاد " لفتح المناطق المجاورة ، بينما كانت الدولة حريصة على مصالحها ، خصوصاً في مواجهة الدول الغربية النافذة في المنطقة .
هذا الفكر . فكر التكفير والجهاد ضد المسلمين ظل يستلهم بين الحين والآخر ويفرز إفرازاته التدميرية ، خصوصاً مع حركة التحديث والتطوير المادي التي شهدها المجتمع السعودي الحديث ، بدءاً من المجموعة التبديعية التي حاول أتباعها احتلال مبنى التلفزيون في منتصف الثمانينات الهجرية من القرن الماضي فواجهتهم الدولة وتم القضاء على بعضهم ، وقد استمرت ذيول هذه الأحداث إلى أن قام أحد إخوة أولئك الأشخاص ( وهو من الأسرة الحاكمة ) بقتل الملك فيصل .
بعد ذلك برزت مجموعة جهيمان في مستهل القرن الهجري الحالي ، وهي المجموعة التي احتلت الحرم وادعت أن أحد المنتمين لها هو المهدي المنتظر . ثم تنامت أفكار التكفير وأعمال العنف وانتشرت خارج الحدود وبدأت تتخذ صبغة عالمية وتسهم في إفراز جماعات مسلحة على امتداد العالم الإسلامي ، وذلك مـع بدء تصدير أفكار التكفير والعنف المنسوبة إلى مدرسة الشيخ محمد بن عبدالوهاب ، وخصوصاً خلال مرحلة الجهاد المشروع ضد الاحتلال السوفيتي لأفغانستان وبدعم من بعض أهل السياسة في الشرق وفي الغرب .
لقد وفرت الساحة الحربية في أفغانستان مناخاً ملائماً لنمو وشيوع أفكار التكفير وأعمال العنف . ودون الخلط بين أعمال الجهاد ضد المحتلين والغزاة والمعتدين وبين تكفير المسلمين واللجوء إلى العنف ضدهم فإننا نعتقد أن أفكار مدرسة الشيخ محمد بن عبدالوهاب كانت أهم عامل ثقافي أسهم في تعميق ذلك الخلط وتعزيز مواقع الجماعات التكفيرية المسلحة ونشر عدواها في أكثر من بلد عربي وإسلامي .
الآن ، ومع تقديرنا لجوانب الإصلاح في دعوة وجهود الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله ، ومع احترامنا لوجهات النظر التي تحاول نسبة أفكار التكفير والعنف لدينا إلى خارج الحدود ، فإننا نعتقد أن أهم مصدر لتلك الأفكار هو كتابات الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله . فلم لا نحاول تلمس ذلك من خلال تلك الكتابات ؟!
لعل مما يسهل الأمر أن الشيخ ليس له كتب ومؤلفات كثيرة ، ، بل إن شئنا استخدام مصطلحات عصرنا فليس له كتاب واحد .
الشيخ ألف بعض الكتيبات المعدودة المحدودة الصفحات وكتب الكثير من الرسائل المختصرة . وقيمة الشيخ وأثره نبعا من التبني السياسي لدعوته والمظلة السياسية التي حظيت بها أفكاره وجهوده .
الأهم من ذلك هو أن كل الكتيبات والرسائل ذات موضوعات محددة ، فالشيخ ليس له طرح فقهي أو سياسي أو اقتصادي . وكل كتاباته ليس لها موضوع سوى التأكيد على إخلاص العبادة لله وتجنب التوسل بالأنبياء والأولياء وغيرهم ، ثم تضع نظرية في التكفير والعنف قوامها القول بتماثل أوضاع مشركي عصر البعثة مع أهل البدع في زمان الشيخ ، ووجوب تكفيرهم وقتالهم تبعاً لذلك .
وفي ضوء ذلك فإن أية دراسة نقدية لأي كتاب من الكتب التي ألفها الشيخ تكاد تكون بمثابة دراسة نقدية لكل ما تضمنته كتب الشيخ ورسائله .
كتاب " كشف الشبهات " الذي ألفه الشيخ يعد في تقديرنا الكتاب المثالي الذي يستحسن الانطلاق منه في تقديم دراسة نقدية حول مجمل أفكار الشيخ بشأن موضوع التكفير والعنف ، فهو يلخص أهم التوجهات والأفكار التي أسست ولا زالت تؤسس لهذا الموضوع .
قريباً بمشيئة الله سيكون لنا جولة مع الأفكار التي تضمنها هذا الكتاب بشأن موضوع التكفير والعنف ،،،،
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق