لا يمكن القول بان التغيير الذي اسقط النظام المصري قد قاد مصر الى فوضى 
اجتماعية و عرقية و ان بقاءه كان سيضمن إستتاب الامور و استقرارها على غرار
 المشهد العراقي ... فالتغيير الايجابي من واقع محكوم الى واقع حاكم  ليس 
بالشيْ السيْ و هو في قمة الوعي الفكري و الاجتماعي , و لكن التغيير من حال
 لحال لا يكون ايجابيا بالمعنى الحقيقي الا اذا سبقه تخطيط  لماهية المرحلة
 التالية لما بعد إجراء التغيير .
و عندما يكون التغيير بدون تخطيط مسبق و عفوي الحدوث فان ما ينتج عن 
التغيير سيكون مؤكداً فوضى و عدم استقرار للمجتمع و لأركان الدولة الوليدة 
حديثاً ... فالعراقيين و المصريين و التونسيين و أي مجتمع عربي سيلحق بركب 
المغييّرين  ... إتحدوا مع إرادة التغيير و لكنهم لم يملكوا الوقت للتخطيط 
لرسم سياسة دولة المستقبل و لم ينطلقوا من استراتيجية بناء الدولة 
الديمقراطية الحديثة , باستثناء الاتفاق على حلم جامع ممثلاً برؤية دولة 
حديثة يعيش الشعب فيها بكرامة و حرية .
و هذا ما جعل شعوب تلك الدول تتارجح ما بين احتفال طويل بنشوة النصر و ما 
بين فوضى عارمة تجتاح دولهم من عدم استقرار سياسي و اجتماعي .
و لنا في العراق و مصر شهادة حية على انتشار الفوضى العارمة من عدم استقرار
 سياسي و اجتماعي بات يظهر من خلال ولادة نزعات دينية جارفة بعضها دعا الى 
سيادة المرجعية الدينية على شئون الدولة كما في العراق . و بعضها - و هنا 
مكمن الخطر - من الممكن ان يدعو الى حكم ذاتي  كما في مشروع حلم الدولة 
القبطية في مصر , و الذي لم يعلن عنه رسمياً و لكن كل المؤشرات تقول بان 
الحلم بدأ ينضج في تفكير الكنيسة و في عقول الشباب القبطي .
برأي الشخصي أن الدولة القبطية قادمة لا محالة و إن كنت انا شخصياً ضد ذلك 
المشروع تعاطفاً مع الشعب المصري ذو الغالبية المسلمة و لكن التعاطي مع 
الموقف لا يكون عاطفياً في مثل هذه المواقف للأسف  .
فالغرب بدأ بإضعاف قوة مصر حتى بوجود الحاكم الموالي لها  , عندما زرع جسم 
غريب في جنوب السودان ليقلص حصة مصر من شريان الحياة ( النيل ) و التمهيد 
الى اعادة محاصصة النيل لاستعمال الماء كسلاح ضد مصر و كلنا يعلم ان النيل 
بالنسبة لمصر هو كالماء بالنسبة ,  و هذا يضعف بدوره مستقبل مصر لا قدر 
الله .
و  كذلك بدأ بتبني حلم الاقباط  أمام المحافل الدولية كاقلية دينية منتهكة 
الحقوق تسعى للحياة بسكينة و اطمئنان و ان هذا الحلم لن يكون ( من المؤكد 
ان الأقباط سينطقون بها علناً ) الا بحكم ذاتي او استقلال نهائي ربما يكون 
في صعيد مصر او في شمال مصر .
سيعتقد البعض ان المجلس العسكري المصري و الحكومة المصرية و من خلفهما 
الشعب المصري العظيم  سيأد هذه المؤامرة في مهدها و انه سيتصدى لهذا 
المشروع ان قدر له الظهور و ان الامور ستكون على الدوام لمصلحة استقرار مصر
 و علو مكانتها و شانها , و ان ما نذهب اليه من تحليلات و تكنهات ليس الا 
من باب ضرب الخيال و ما الى ذلك من وصف ... خصوصا بعد أن تحررت مصر من قبضة
 فرعون العصر الحالي و أن شباب مصر اكثر وعياً لاي مشروع صهيوني – غربي 
يحاك ضد مصر و مستقبلها .... نقدر انه رد غيور على مصر و تاريخها و شعبها 
.... و لكن :
مع املنا بأن شيئا من ذلك لن يحصل , و أن ما نذهب اليه ليس الا مجرد تكهنات
 .
الا انني اقف كثيرا عند المشهد العراقي و أرى كيف نشأت كينونات الحكم 
الذاتي ... و لم يكن حلم العراقيين قد تخطى حاجز الحياة بكرامة في عهد جديد
 .
أقف مرتعباً عند مشروع الحلم الصهيوني لبناء دولته من الفرات الى النيل ...
 فأجد ان مصر العزيزة هي الشوكة الجارحة في حلق الصهيونية و ان إضعاف مصر و
 قوتها من خلال إستغلال الازمات سيضعف مصر و مستقبلها .
افكر كثيرا حول هاذين الموقفين لأجد أن الفوضى السياسية و الاجتماعية التي 
تعقب اي تغيير داخل المجتمع  تمهد الطريق لايقاظ أحلام كثيرة لدى البعض .

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق