الخميس، 10 مايو 2012

خطوة أخرى نحو المستقبل؟


خطوة أخرى نحو المستقبل؟
يطل برلمان جديد اليوم ليستمر البناء الديمقراطي التعددي في ظل تطلع الشعب لمرحلة أخرى على مسار التنمية دون العبث بالاستقرار الذي حققته الجزائر بفاتورة مكلفة على أكثر من جانب.
بعيدا عن البحث في الخلفيات والأبعاد فان المهم أن يخضع النواب للإرادة الشعبية بعيدا عن أي نزعة للانحراف بها في اتجاهات لا تخدم المصلحة الوطنية أو تدفع إلى مغامرات لا يمكن قبولها برفع شعار الأغلبية وغيرها من الشعارات التي ترفع حقا ليراد بها باطل.
هذه الانتخابات مثل غيرها موعد دستوري فصل فيه الشعب في الخيارات من اجل أن يتقدم خطوة أخرى للمستقبل كمجموعة وطنية منسجمة ومتكاملة وليس للزج بالمجتمع في متاهات هو في غنى عنها.
مسؤولية النواب الجدد كبيرة وخطيرة تقتضي منهم حدا أدنى من الالتزام بالقواسم المشتركة واحترام الشعب الجزائري بتداول خطاب أعلى من مجرد التراشق بالمواقف الحزبية الضيقة والهلامية التي تستنزف الوقت والجهد وإنما الظهور بحد أدنى من الالتزام بروح المسؤولية الوطنية وتفادي الخلط بين الرغبة الحزبية والطموح الفردي الذي يجب أن يكبح بالقيم السياسية الراقية والتفتح على المحيط الوطني بكل مكوناته.
إن التغيير الذي لا يختلف حوله اثنان يجب أن يشمل الذهنيات والممارسات والسلوكيات بالعمل نحو تعزيز ما هو طيب وإصلاح ما هو معوج دون السقوط في مساحة أقرب لتصفية حسابات وصراع على مواقع ومراكز نفوذ من أجل تحقيق رغبة شخصية أو فئوية.
الرسالة التي ينبغي للنواب الجدد أن يوجهوها للرأي العام الداخلي إعلان القبول بقرار الصندوق الانتخابي والخضوع للقضاء في ترسيم النتائج، وللرأي العام الخارجي أن الجزائر تعرف كيف تعالج أمورها وأصبحت تجيد اللعبة الديمقراطية ومن ثمة لا تقبل أن تتلقى دروسا من الغير فأهل مكة أدرى بشعابها كما يقول المثل العربي.
مهما تكن طبيعة الأغلبية في برلمان متعدد التمثيل وواسع التشكيل ينتظر من صاحب القوة البرلمانية أن يعمل لتعزيز المسيرة الوطنية بالحرص على حماية التماسك وتنمية مناخ الانسجام ورفض أي لعبة من أي كان قد يخدع البعض ببريقها، ذلك أن الشعب الجزائري يرفض أن تعود عجلة التاريخ للوراء، أو يزج في جدال عقيم لا يسمن ولا يغني من جوع بينما الأزمة المالية العالمية لا تزال تتهدد البلدان التي تتأخر عن ركب التنمية ورد الاعتبار للعمل وحماية الثروات الوطنية بحسن استثمارها لفائدة المجموعة الوطنية وفق برامج للتنمية المستدامة مع مضاعفة إجراءات مكافحة الفساد بكل أشكاله.
ابتداء من اليوم تفتح المنظومة التشريعية صفحة أخرى لتضاف لتاريخ التشريع الوطني ولا مجال للطعن في الحصيلة التي حققتها الجزائر بالدم والعرق والمعاناة، ومن ثمة لا مجال على الإطلاق لثقافة الإقصاء أو التهميش أو تصفية حسابات فالعدو هو الجهل والتخلف والبطالة وما يتربص بالبلاد من حولها في عالم انزلق إلى قانون الغاب يأكل فيه القوي الضعيف وأحيانا بالقانون الدولي.
إن مصلحة الجزائر وشعبها فقط هي المعيار لأي خيارات تشريعية دون المساس بما يهز أركان معادلة الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي ولذلك من المغامرة أن يتسرع البعض تحت أي شعار كان لاستباق الأحداث وركوب موجة غرور محتملة لبلوغ أهداف وغايات في نفس يعقوب.
وأمام هذه المصلحة التي يتم ضبطها وتحديدها بإشراك كافة المؤسسات الدستورية والهيئات الوطنية تسقط الأحلام الحزبية الضيقة ومشاريع الزعامات الوهمية فلا زعيم غير الشعب مهما كانت أغلبية نواب هذا الطرف وذاك والزعيم الأصح من ينصت جيدا لنبضات الشعب الجزائري عبر كافة إرجاء البلاد ويحسن صياغتها في لحمة واحدة تمام كما عرف جيل نوفمبر كيف يمزج التناقضات والتطلعات ليصنع معجزة تحرير البلاد والعباد من براثين استعمار فرنسي يصنف في خانة أقسى وأخبث استعمار في تاريخ الأنظمة الاستعمارية كونه أول ما يستهدفه هو الهوية الوطني للشعوب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق